أعلن الرئيس التركي رجب طيب إردوغان أنه سيلتقي، الخميس، وفد إيمرالي الذي تولى الحوار مع زعيم حزب العمال الكردستاني السجين عبد الله أوجلان، في إطار مبادرة لحل الحزب وجعل تركيا خالية من الإرهاب.
واتهم إردوغان حزب الشعب الجمهوري، أكبر أحزاب المعارضة، بمحاولة عرقلة تحقيق هدف «تركيا خالية من الإرهاب» عبر الاحتجاجات التي نظمها عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، في 19 مارس (آذار) الماضي.
وقال إردوغان: «لدينا قضايا ذات أهمية حيوية لمستقبل بلادنا، مثل هدف تركيا الخالية من الإرهاب، ونحن بصفتنا (تحالف الشعب) (حزبا العدالة والتنمية والحركة القومية) سنختتم هذه العملية التي قمنا بها بعناية وصبر كبيرين، بطريقة تعود بالنفع على بلدنا».
لقاء وفد إيمرالي
أكّد إردوغان، في كلمة خلال اجتماع المجموعة البرلمانية لحزب العدالة والتنمية، الأربعاء، أنه سيستقبل، الخميس، وفد حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، للتأكيد على تحقيق هدف تركيا «خالية من الإرهاب».
وتولّى حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب عملية الحوار والاتصال مع زعيم حزب العمال الكردستاني، في محبسه بسجن جزيرة إيمرالي في بحر مرمرة غرب تركيا، والبرلمان والأحزاب السياسية وقيادات إقليم كردستان شمال العراق، في إطار مبادرة طرحها رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهشلي، في 22 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، بتأييد من إردوغان، أسفرت عن دعوة أطلقها أوجلان في 27 فبراير (شباط) الماضي لحزب العمال الكردستاني لحل نفسه وإلقاء أسلحته.
ومن المتوقع أن يضم الوفد، الرئيسين المشاركين للحزب، تونجر باكيرهان وتولاي حاتم أوغللاري، ونائب الحزب عن مدينة إسطنبول، سري ثريا أوندر، ونائبة مدينة وان (شرق) بروين بولدان، الذين يشكلون جزءاً من وفد إيمرالي للحوار مع أوجلان، بينما يغيب السياسي الكردي المخضرم رئيس بلدية ماردين المعزول، أحمد تورك، لأسباب صحية.
وانتقد باكيرهان، في تصريحات، الثلاثاء، عشية إعلان إردوغان عن اللقاء، الحكومة بسبب عدم اتخاذ أي خطوات حتى الآن عقب دعوة أوجلان لحل حزب العمال الكردستاني. ولطالما وصف إردوغان وحليفه بهشلي، حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، بأنه ذراع سياسية لحزب العمال الكردستاني، المصنف منظمةً إرهابية، لكن الأوساط السياسية في أنقرة تتحدث عن مسعى من جانبهما لحمل الحزب على تأييد مشروع دستور جديد يفتح الطريق أمام إردوغان للترشح مجدداً لرئاسة الجمهورية، عبر مبادرة الحوار مع أوجلان.
وواصل إردوغان، خلال كلمته بالبرلمان، الهجوم على حزب الشعب الجمهوري، قائلاً: «لن نقع في فخ المعارضة، لدينا أجندة أكثر أهمية بكثير، لدينا قضايا ذات أهمية حيوية لمستقبل بلدنا، مثل هدف تركيا الخالية من الإرهاب، وسنواصل العمل من أجل إعادة بناء وإحياء بلدنا ومنطقتنا، دون تفرقة بين الأتراك والأكراد والعرب والعلويين والسنة، وضمان أن يسود السلام في أراضينا».
انتقادات حادة للمعارضة
وفي إشارة مبطنة إلى تصريحات زعيم المعارضة رئيس حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، التي قال فيها إن إردوغان حصل على موافقة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على اعتقال مرشح الحزب للرئاسة رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، قال إردوغان: «لا تزال المعارضة تعتقد أن تركيا هي نفسها كما كانت في عهدها، ولا تزال تتصرف على افتراض أن تركيا تعمل بإذن… في عهد حكومات حزب العدالة والتنمية، أصبحت تركيا دولة يُطلب إذنها، لا دولة تطلب الإذن من أحد».
وأثناء خروجه من اجتماع مجموعة حزبه بالبرلمان، رفض إردوغان الإجابة عن سؤال لأحد الصحافيين حول تعليقه على تصريح أوزيل.
وخلال كلمته انتقد إردوغان أيضاً دعوة أوزيل لمقاطعة بعض الشركات والصحف والقنوات التلفزيونية القريبة من الحكومة، قائلاً: «لا يمكنكم أن تجعلونا (…) ندفع فاتورة خلافاتكم الداخلية التي لا تعنينا على الإطلاق، وطننا لم يعِر اهتماماً لدعوات المقاطعة التي أطلقها أشخاص طموحون غير أكْفاء استهدفوا بلادهم وشعبهم فقط لإخفاء فسادهم».
وعن وصف أوزيل له بأنه تحول من رئيس جمهورية إلى «رئيس مجلس عسكري»، نفذ انقلاباً على الديمقراطية باعتقال منافسه على الرئاسة أكرم إمام أوغلو، قال إردوغان: «أنصح رئيس حزب الشعب الجمهوري بقراءة تاريخ حزبه بعناية، إذا كان لديه الشجاعة أن يواجه ماضيه (…). لم يمنحكم الشعب السلطة منذ عام 1950، وكنت تأمل في الحصول على مساعدة من المجالس العسكرية منذ ذلك الوقت… المعادلة بسيطة للغاية: حزب الشعب الجمهوري يعني المجلس العسكري، والمجلس العسكري يعني حزب الشعب الجمهوري».
وأضاف: «حزب الشعب الجمهوري ألَّف كتاباً ليس فقط عن الفساد، بل أيضاً عن الانقلابات في هذا البلد، وأقول لهم بكل وضوح، لن تستطيعوا تحقيق شيء من خلال تحركات الشوارع، ولا الاستفزازات، ولا التهديدات، ولا قوائم الإعدام التي تسمونها بالمقاطعة. وسيتضح قريباً من خلال تحقيقات الفساد في إسطنبول لماذا حاولوا الاستحواذ على أجندة البلاد للتغطية على قضاياهم الداخلية».
واستقبل إردوغان وفداً من جهاز الشرطة التركية بحضور وزير الداخلية، علي يرلي كايا، بالقصر الرئاسي في أنقرة بمناسبة الذكرى الـ180 لتأسيس جهاز الشرطة. وحيا خلال اللقاء وحدات الأمن التي قال إنها لم تسمح لفرض الفوضى التي يراد نشرها في الشوارع على خلفية التحقيق في الفساد في بلدية إسطنبول، وأنه لن يتم السماح بأن تكون أجهزة الأمن موضعاً لاتهامات غير أخلاقية.
لائحة اتهام أوزداغ
على صعيد آخر، طالبت النيابة العامة في إسطنبول في لائحة الاتهام التي أعدتها ضد رئيس حزب النصر القومي المعارض، أوميت أوزداغ، بعد 77 يوماً من اعتقاله، بحبسه لمدة تتراوح بين سنة و10 أشهر إلى 7 سنوات و10 أشهر و15 يوماً، بتهمة «تحريض الجمهور على الكراهية والعداء».
وتضمنت لائحة الاتهام الموجهة ضد أوزداغ، والمكونة من تسع صفحات، 34 منشوراً مختلفاً لأوزداغ على منصات التواصل الاجتماعي، معظمها عن المهاجرين واللاجئين السوريين، قالت النيابة إنها «تحتوي على تعبيرات تهدف إلى إظهار مواقف وسلوكيات استفزازية»، و«ذات طبيعة تؤدي إلى دفع شريحة من الجمهور إلى الكراهية والعداء والحقد ضد شريحة أخرى».
وتضمنت لائحة الاتهام أيضاً الخطابات التي ألقاها أوزداغ على بعض قنواته على «يوتيوب» وفي مقرّ حزبه بصفتها «أدلة».
وتم فصل ملف التحقيق المفتوح ضد أوميت أوزداغ، الذي أُلقي القبض عليه في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، بتهمة «إهانة الرئيس» بسبب كلماته تجاه إردوغان في اجتماع التشاور مع رؤساء فروع حزبه في أنطاليا في 19 يناير، عن ملف اتهامه بالتحريض على الكراهية والعداء.