جاء يوم الثاني والعشرين من تشرين الثاني ( نوفمبر) بمفاجأةٍ سياسيّة من العيار الثقيل، أو «بزلزالٍ سياسي» سيكون له ارتداداتٌ سياسية واجتماعية كبيرة في قادمات الأيام كما أسمتهُ وسائل الإعلام الهولندية.

منذ العام 2006، وهو العام الذي شكّل فيه السياسي اليميني المتطرف خيرت فليدرز، المعروف بعدائه الشديد للإسلام والمهاجرين حزبَ «من أجل الحريّة»، المعروف اختصاراً باسم PVV، كان يحاول أن يكون الحزب الأكبر في هولندا، وهذا ما تحقق في الساعة التاسعة مساءً من يوم الأربعاء 22 تشرين الثاني، عندما أعلنتْ النتائجُ الأولية (Exitpoll) للانتخابات البرلمانية الهولندية، أو ما يعرف باسم الغرفة الثانية (Tweede Kamer)، حصولَ حزب فليدرز على 35 مقعداً، وهو الأمر الذي لم يصدّقهُ حتى فليدرز نفسه عندما ظهر يقفز فرحاً عند سماع الخبر. ارتفع هذا العدد في اليوم التالي ليصبح 37 مقعداً، بزيادة عشرة مقاعد عمّا حققه الحزب في الانتخابات السابقة.

انتخابات مُبكِّرة

أُجريت هذه الانتخابات قبل سنةٍ ونصف من موعدها المفترض، إذ لم تمضِ أربع سنواتٍ على الانتخابات البرلمانية السابقة في الـ17 من آذار (مارس) 2021، ويرجع ذلك للأزمة السياسية بين أحزاب التحالف الحاكم؛ وهي الحزب الشعبي للحرية المعروف باسم VVD، وهو حزب رئيس الوزراء الحالي مارك روته الأكثر مكوثاً في السلطة في تاريخ هولندا؛ وحزب الديمقراطيين 66 أو D66؛ وحزب النداء المسيحي الديمقراطي CDA؛ وحزب الاتحاد المسيحي CU.

الأزمة السياسية

نشأت هذه الأزمة على خلفية نوايا حزب VVD ورئيس الوزراء مارك روته تخفيف أعداد المهاجرين واللاجئين عن طريق مقترحٍ لاتباع نظام جديد لتخصيص أنواع متعددة للإقامات التي يحصل عليها اللاجئون (twee status-stelsel بالهولندية)، يتمُّ بموجبه منح الأشخاص الفارين-ات من الحرب والعنف وغير المُعرضين-ات لتهديدٍ شخصي وضعاً مؤقتاً، ويتوجب عليهم العودة إلى بلدانهم الأصلية بمجرد استقرار الأوضاع فيها، وبالتالي لا يحقّ لهم لمّ شمل عائلاتهم. ويطرح المقترح أيضاً تحديد عدد القادمين عن طريق لم شمل العائلات بحدود 200 شخص فقط، الأمر الذي رفضه الشريكان الآخران في التحالف، وبالأخص حزب الاتحاد المسيحي CU الذي تشكّل الأسرة قيمةً أساسيةً في أدبياته، في حين كان رفض حزب D66 الليبرالي التقدمي بدرجةٍ أقل.

نتيجة هذا الخلاف، أعلن مارك روته في السابع من تموز (يوليو) استقالته وانسحابه من العمل السياسي بمجرد تشكيل حكومةٍ جديدة، لينهي بذلك الفترة الأطول كرئيس للوزراء في هولندا بعد بقائه في السلطة 13 سنةً مليئةً بالكثير من الجدل والفضائح السياسية.

الانتخابات البرلمانية

أعلنت الهيئة المركزية للانتخابات في هولندا (Kiesraad) النتائج الرسمية في الأول من كانون الأول (ديسمبر)، وبلغت نسبة المشاركة فيها 77 بالمئة من 13 مليون و473 ألف شخص كان يحقُّ لهم الاقتراع في الانتخابات البرلمانية، إذ قام 10 ملايين و475 ألف مواطن ومواطنة بالإدلاء بأصواتهم. وبلغ عدد الأحزاب المشاركة في هذه الانتخابات 27 حزباً، تمكّن 15 حزباً منها حصد مقاعد في مجلس النواب البالغ عددها 150 مقعداً، والذي يُسمّى أيضاً الغرفة الثانية (Tweede Kamer)،.

وتحصّل حزب من أجل الحرية PVV اليميني المتطرف على 37 مقعداً، تلاه التحالف اليساري المكون من حزبي العمل PvdA واليسار الأخضر Groenlinks في المرتبة الثانية بـ25 مقعداً، بينما حصل أكبر أحزاب التحالف الحكومي الحالي؛ الحزب الشعبي للحرية والديمقراطية VVD على 24 مقعداً فقط، ليخسر بذلك عشرة مقاعد دفعةً واحدة. أما أبرز المكاسب، فقد حقّقها الحزب الجديد الناشئ، وهو حزب العقد الاجتماعي الجديد NSC، الذي أسسه السياسي والنائب المعروف بيتر أومزخت في آب (أغسطس) الماضي بوصوله إلى 20 مقعداً. أمّا حزب النداء المسيحي الديمقراطي CDA الذي لعب دوراً مهماً في الحياة السياسية الهولندية وشاركَ في أغلب الحكومات بعد الحرب العالمية الثانية، فقد مُني بهزيمة ساحقة انخفضت بموجبها مقاعده من 15 مقعداً إلى خمسة مقاعد فقط! أمّا حزب الديمقراطيون 66 أو D66 فقد تراجع عدد مقاعده من 24 إلى 9 مقاعد فقط. بينما توزعت باقي المقاعد على الأحزاب الصغيرة التي حافظت على عدد مقاعدها أو تراجعت بشكلٍ طفيف.

من هو خيرت فيلدرز؟

ولد خيرت فيلدرز في 6 أيلول (سبتمبر) 1963 في مدينة فينلو الحدودية مع ألمانيا في مقاطعة ليمبورخ، وبدأ حياته السياسية عام 1990 كموظف في الكتلة النيابية وكاتباً للخطابات في الحزب الشعبي للحرية والديمقراطية VVD. وفي العام 2004 ترك فيلدرز الحزب ليصبح نائباً مستقلاً في البرلمان، وبعدها شكّل حزب من أجل الحريّة PVV عام 2006، والذي لا يزال مذاك رئيسه والعضو الوحيد فيه، إذ يرفض انضمام أو دخول أعضاءٍ للحزب سواه، ويُبقي الباب مفتوحاً أمام الترشح على قائمته الانتخابية.

1.فيلم «فتنة» غير موجود على موقع يوتيوب حالياً، مدته 17 دقيقة، ويحاول إظهار أن القرآن يحفّز أتباعه على كراهية كل مَن يخالف تعاليم الإسلام، ويعرض مقتطفاتٍ مختارة من سورة تتخللها مقاطع إعلامية وقصاصات من الصحف تظهر أو تصف أعمال العنف التي يرتكبها مسلمون في جميع أنحاء العالم.

عاش فيلدرز بين سن الثامنة والتاسعة عشرة من عمره في إسرائيل ويزورها بانتظام، ولذا فهو من أهم المناصرين لها في الساحة السياسية الهولندية، ويُعرف بأنّه أهم أقطاب الإسلاموفوبيا ومعاداة المسلمين والمهاجرين في عموم أوروبا وفي هولندا خاصةً، حيث كان يطالب على الدوام بحظر القرآن ومصادرته بالطريقة التي يُعامل فيها كتاب كفاحي لهتلر، إضافةً لبثّه على الإنترنت فيلم فتنة عام 2008.1 ولخيرت خطابٌ شهير أمام مناصريه في مدينة لاهاي/دنهاخ عام 2014، يسألهم إذا ما كانوا يريدون سكاناً مغاربة أقل في هذه المدينة؟ ليكرّر الحاضرون كلمة «نعم»، ويجيبهم: «سنحرص على فعل ذلك». وبسبب هذا الخطاب قامت المحكمة الهولندية العليا (De Hoge Raad) بإدانته عام 2016 بتهمة «إهانة مجموعة عرقية والتحريض عليهم».

يتميّز فيلدرز بخبرةٍ سياسية طويلة وقوةٍ في المناظرات السياسية، وقد كان «المرشد» السياسي لرئيس الوزراء الحالي مارك روته، وقد خاضا على مدار السنوات الماضية العديد من الجدالات السياسية الحادة سواءً في البرلمان أو أثناء المناظرات الانتخابية، وهو يخضع لحمايةٍ أمنية على مدار الساعة بسبب التهديدات بالقتل التي يتلقّاها.

كيف حقّق فيلدرز وحزب PVV هذا النجاح الساحق؟

اعتمد الحزب تاريخياً على كتلة تصويتية من الهولنديين ذوي الدخل والمستوى التعليمي المتدني، والذين يعزون مشاكلهم إلى وجود المهاجرين واللاجئين والأجانب عامةً، وهي  الكتلة التي استطاعت تأمين حضورٍ دائمٍ له كأكبر الكتل المعارضة في البرلمان، لكنه كان مُقاطَعاً من أغلب الأحزاب السياسية، إذ لا يريد أحدها الدخول في تحالفٍ معه. وقد وجد الحزب في انفراط عقد التحالف الحكومي فرصةً سانحةً للاستفادة بالحد الأقصى من الاحتقان والانقسام السياسي الحاصل في المجتمع الهولندي نتيجة العديد من الأزمات المتلاحقة، وأهمها أزمة السكن الخانقة ومستويات التضخم القياسية وتآكل القدرة الشرائية لقطاعٍ لا يُستَهان به من الهولنديين، فضلاً عن تراجع مستويات الثقة بالحكومة إلى أدنى مستوياتها، وتحميل هذه المشاكل على عاتق اللاجئين والمهاجرين كخطاب جوهري وأصيل. إذ ذكر الحزب في برنامجه الانتخابي بأنّه يريد سحب تصاريح الإقامة المؤقتة من السوريين بحجة وجود مناطق آمنة في بلادهم، وإسقاط الإقامة بشكل تلقائي عن اللاجئين الذين يذهبون لقضاء إجازاتٍ في بلدانهم الأصلية. وفي البرنامج أيضاً أنه ينبغي إغلاق المساجد والمدارس الإسلامية وحظر القرآن ومنع ازدواجية الجنسية، إضافةً لإغلاق الحدود والخروج من الاتحاد الأوروبي. لكنّه على الصعيد الاقتصادي أقرب للطروحات اليسارية، إذ يطالب بخفض فواتير الطاقة وتخفيض إيجارات المساكن الاجتماعية وزيادة المرتجعات الضريبية الممنوحة لذوي الدخل المنخفض. وبخلاف ذلك، فإنه يريد تحويل المبالغ المخصصة لدعم التحول للطاقة النظيفة ومكافحة تغير المناخ (ما يعتبره فيلدرز من «هوايات» الأحزاب اليسارية) نحو دعم المواطنين، ويسعى أيضاً لقطع الدعم المُقدّم لأوكرانيا.

حتى الأسابيع القليلة التي كانت تسبق الانتخابات، كانت استطلاعات الرأي تعطي حزب فيلدرز زيادةً طفيفةً في عدد المقاعد التي يمكنه الحصول عليها، ولكن سلوك أبرز منافسيه قبيل الانتخابات قد خدمه، ومنها تصريحات المرشحة الجديدة للحزب الحاكم VVD ديلان يشيلغوز، وهي من أصول تركية وتحمل أجندةً صارمة في ملف اللجوء، وتلميحها إلى عدم استبعادها العمل مع حزب PVV إذا تخلى عن بعض النقاط الإشكالية. في المقلب ذاته، وبعد تشكيل النائب والسياسي المعروف بيتر أومزخت حزباً جديداً، وهو يحظى بثقة وتقدير الكثير من الهولنديين لكشفه العديد من قضايا الفساد ودعوته لتغيير أسلوب الحكم، أصبح يحتل المرتبة الأولى في استطلاعات الرأي، لكنّ تردده وعدم إجابته عن سؤال إذا ما كان سيترشح لرئاسة الوزراء في حال فوزه أظهرَا للناخبين-ات تردده وعدم جهوزيته للحكم. ما سبق، بالإضافة إلى استغلال فيلدرز لميل الشارع الهولندي للتململ من أعداد اللاجئين المتزايدة، جعلوا حزب الأخير يحقق المفاجأة التي لم يتوقعها أشد المتفائلين والمتشائمين في الساحة السياسية الهولندية. كما قام فيلدرز خلال الحملة الانتخابية بتخفيف اللهجة الشعبوية الحادة في خطابه السياسي، مُعبّراً عن استعداده لتجميد بعض النقاط الإشكالية المتعلّقة بالإسلام والمهاجرين في برنامجه الانتخابي، والتركيز على مشاكل المواطن الحقيقية؛ كأزمة السكن وتراجع القدرة الشرائية ومحاربة الفقر وغلاء أسعار التأمين والخدمات الطبية، وأنّه سيكون رئيس وزراء لكل الهولنديين مهما كان منبتهم أو دينهم أو عرقهم، حتى أسمته وسائل إعلام محلية «ميلدرز» بدلاً من فيلدرز، وذلك كنايةً على الليونة التي أظهرها في خطابه الجديد. غير أنه أكد في الوقت عينه بأنّ العداء للإسلام يبقى في الـDNA الخاص بحزبه، وذلك بحسب كلماته قبيل الانتخابات في البرنامج الإخباري الشهير Nieuwsuur (أخبار الساعة).

تشكيل الحكومة

تُعدّ عملية تشكيل الحكومة المهمة الأصعب للحزب الفائز في الانتخابات البرلمانية، لأنّ هولندا تُحكم على الدوام عبر تشكيل تحالفاتٍ عليها التوفيق بين أهداف الأحزاب المختلفة، وتستغرق هذه العملية وقتاً ليس بالقصير عادةً، إذ استغرق تشكيل الحكومة السابقة 209 أيام. وتتألف هذه العملية من ثلاث مراحل: مرحلة المُستطلِع، ويتم تسميته من رئيس البرلمان غالباً من الحزب ذي عدد المقاعد الأكبر، ليجلس مع رؤوساء الكتل النيابية كلاً على حدة لمعرفة آرائهم وأفكارهم حول تشكيل الحكومة، ويقوم بإعداد تقريرٍ مكتوب يُقدّم لمجلس النواب. ومن بعدها تبدأ مرحلة المُفاوِض الذي يكون غالباً غير فعالٍ في الحياة السياسية ويُعنى بالتفاوض مع الأحزاب التي تنوي تشكيل الحكومة والاتفاق الحكومي. ثم يأتي الدور على مرحلة تشكيل الحكومة، إذ يقوم مُشكِّل الحكومة، وهو الشخص الذي سيصبح رئيس الوزراء بتسمية الوزراء ونوابهم والأحزاب التي ينتمون إليها.

2.لتشكيل تحالف حكومي يجب أن تملك الأحزاب المؤتلِفة نصف عدد مقاعد البرلمان +1، وهو ما كان سيحقّقه تحالف الأحزاب اليمينية: pvv 37 مقعداً+ VVD 24 مقعداً + العقد الاجتماعي الجديد NSC 20 مقعداً+ حركة مواطن فلاح BBB 7 مقاعد، ليصبح المجموع 88 مقعداً، وهو ما يؤمّن أغلبية برلمانية مريحة.

وبالعودة لمفاوضات تشكيل الحكومة الجارية حالياً، فقد تعثّرت منذ بدايتها بعد أن قدّم السيناتور خوم فان سترين الذي أسماه حزب PVV الفائز للقيام بدور الكشّاف استقالته عقب ثلاثة أيام على تسميته بسبب نشر تقرير عن فضيحة فسادٍ اتُّهم بها، ليتم تسمية الوزير السابق رونالد بلاستيرك لمتابعة المهمة، والذي اصطدم برفض الحزب الحاكم الحالي VVD التعاونَ مع فيلدرز، إذ قالت رئيسته منذ اليوم التالي إنّها لن تكون في حكومةٍ مع حزب PVV ولكنها ستكون داعمةً للحكومة التي يشكّلها من البرلمان فقط. وجاء الدور على النائب بيتر أومزخت الذي رفض أيضاً التفاوض مع فيلدرز قبل التشاور مع كافة الأحزاب، علماً أنه بمقدور كتلة برلمانية ائتلافية من أحزاب اليمين تشكيل الحكومة من الناحية النظرية،2 لكنّ هذا الائتلاف غير قابل للتحقّق حتى اللحظة، مما يعقّد عملية مفاوضات تشكيل الحكومة ويفتح الباب أمام العديد من السيناريوهات التي قد يكون منها إعادة الانتخابات.

السلوك الانتخابي للسوريين والأقليات المهاجرة

3.تشير بعض التقديرات إلى وصول عددهم لما يُقارب 60 ألفاً، وهذا العدد يؤمن مقعداً واحداً في مجلس النواب.

من خلال متابعة نقاشات السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي واهتماماتها بالانتخابات البرلمانية الهولندية، يستطيع المُتتبّع ملاحظة وجود طيفٍ متنوّع داخل الكتلة التصويتية للسوريين الحاصلين على حق الاقتراع،3 علماً أنها ملاحظة شخصية لا تعتمد على أرقام إحصائية.

في الانتخابات السابقة التي جرت في العام 2021 توزعت أصوات السوريين بين حزب الديمقراطيين 66 الذي حاول استمالة العديدين منهم، وحزب اليسار الأخضر للمهتمين بالقضايا البيئية واليسارية، وحزب فكّر DENK وهو حزب يقدّم نفسه كمُدافعٍ عن حقوق الأقليات المهاجرة، وكذلك صوّت البعض للحزب الحاكم VVD، في حين صوّت بعض السوريين من المهاجرين القدامى لحزب فيلدرز المتطرف. في هذه الانتخابات كان النقاش بين السوريين الذين يحق لهم التصويت بين التصويت لحزب DENK الذي كان مُناصراً للقضية الفلسطينية بشكلٍ واضح منذ بداية العدوان على غزة، وبين الذين آمنوا بما يُسمّى بالتصويت الاستراتيجي للقائمة اليسارية الموحدة لحزب العمال PvdA وحزب اليسار الأخضر GroenLinks على أمل مجابهة المد والتفوق الذي تحققه أحزاب اليمين واليمين المتطرف. كما قام البعض ممّن «تقلقهم» مواضيع المثلية الجنسية بالتصويت لحزب خيرت فيلدرز. هناك شرائح من السوريين، وخاصةً ضمن الجامعات، صوّتوا لحزب BIJ1، وهو حزب يساري راديكالي يحارب العنصرية المؤسساتية في هولندا ويدعم حقوق المثليين ومجتمع الميم وكان لأعضائه نشاطٌ واضحٌ في أغلب المظاهرات المؤيدة لغزة، لكنّ الحزب خسر الانتخابات وفقد مقعده الوحيد الذي كان يشغله في البرلمان السابق.

وضمن صفوف الجالية المغاربية، كان هناك بعض المصوتين لحزب من أجل الحرية المتطرف وزعيمه فيلدرز كما يُظهر تقريرٌ مصور لجريدة التِليخراف اليمينية، وعزا بعضهم هذا التصويت إلى «أنّهم ضاقوا ذرعاً بأعداد اللاجئين الكبيرة والمشاكل الاقتصادية، ونتيجة اهتمام الأحزاب اليسارية بقضايا المناخ على حساب مشاكل المواطن العادي».

شكّلَ فوز حزب من أجل الحرية المتطرف في الانتخابات البرلمانية صدمةً كبيرةً في الشارع الهولندي، فقيامُ ما يقرب من 2.2 مليون شخص بالتصويت لخيرت فيلدرز سيعمّق من هوة الاستقطاب السياسي والاجتماعي الحاصل في البلاد، وسيلقي بآثاره على الدور الذي تحاول هولندا أن تلعبه ضمن الاتحاد الأوروبي وعلى صعيد السياسة العالمية. يُكمل وصول صديق مارين لوبين الفرنسية وفيكتور أوربان المجري عقدَ زعماء اليمين المتطرّف المعادين للاتحاد الأوروبي والمهاجرين والأجانب، ويظهر كذلك انزياحاً واضحاً في السلوك الانتخابي للناخب الهولندي الذي اختار أكثر أحزاب اليمين تطرفاً لتمثيله بهذه الكثافة في بلدٍ يتغنّى بالتعدديّة والتنوع المجتمعي الذي يعيشهُ منذ مرحلة ما بعد إعادة الإعمار التي أعقبت الحرب العالمية الثانية.