تشيرالتقارير إلى أن شركة الظاهرة العالمية كانت تقدّم المشورة لسلاح البحرية القطري بشأن برنامج للحصول على غواصات هندية الصنع، وأن ضابطًا واحدًا على الأقل من الضباط السابقين في سلاح البحرية عمل سابقًا على مشاريع غوّاصات. وكانت قطر مدفوعة على الأرجح برغبتها في تعزيز قواتها البحرية ومواصلة مشروع الغواصات بعد الحصار الذي فُرِض عليها بقيادة السعودية والبحرين والإمارات ومصر منذ عام 2017 حتى عام 2021، والذي تسبب للإمارة بمخاوف جدّية بشأن أمنها القومي.

ولكن إسرائيل تنظر إلى أي محاولة تقوم بها دول الخليج لتطوير التكنولوجيات العسكرية بأنها تهديد لتفوّقها العسكري النوعي في الشرق الأوسط. وعلى الرغم من أنه ليس هناك تاريخ من النزاع المباشر بين قطر وإسرائيل، فالعلاقات بين الدولتَين ليست ودّية. وقد أبقت السلطات القطرية تفاصيل قضية التجسس طي الكتمان، في ظل احتمال بأن يكون ضباط سلاح البحرية المتهمون قد تصرّفوا بناء على طلب الحكومة الهندية لجمع معلومات استخبارية لصالح إسرائيل. فالدولتان الإسرائيلية والهندية تعملان على توطيد شراكتهما منذ إقامة العلاقات الرسمية بينهما في عام 1992. وقد أصبحت الهند  للمعدات العسكرية الإسرائيلية منذ تسلّم رئيس الوزراء ناريندرا مودي منصبه، وتعمل الدولتان أيضًا على توسيع الروابط بينهما من خلال اتفاقات تتعلق بالأمن السيبراني والإنتاج المشترك للأسلحة.

ولكن إذا كانت قضية التجسس هي على الأرجح نتيجة للتعاون الدفاعي والاستخباري بين الهند وإسرائيل، فالحكم على الضباط الثمانية في سلاح البحرية الهندي بالإعدام سيهدّد العلاقات الهندية مع قطر. العام الماضي، أتمّت العلاقات بين البلدَين عامها الخمسين، وقد بلغت قيمة التجارة الثنائية في الفترة 2021-2022. وفي حين يعيش ما يزيد عن ، معظمهم عمّال غير ماهرين، في قطر ويشكّلون نحو 25 في المئة من سكان البلاد فإن الهند تعتمد أيضًا بشدّة على استيراد المنتجات النفطية من الخليج، وتمنح التحويلات المالية من الجاليات الهندية في بلدان الاغتراب زخمًا كبيرًا للاقتصاد الهندي.

حتى لو تصرّف ضباط سلاح البحرية من تلقاء أنفسهم، فقد تتردد دول الخليج مستقبلًا في التعاون مع الهند في المجالَين الدفاعي والاستخباري، أو في العمل مع شركات توظّف مسؤولين هنودًا متقاعدين. وفي ضوء حكم الإعدام الصادر مؤخرًا، قد تواجه الحكومة الهندية أيضًا ضغوطًا داخلية لبذل جهود دبلوماسية مع قطر من أجل إنقاذ ضباط البحرية السابقين. ولكن تجدر الإشارة إلى أن رد الحكومة الهندية على القرار فور صدوره كان ضعيفًا، لا سيما مقارنةً بالرد على  الأخيرة بضلوع الهند في مقتل مواطنين كنديين على أراضيها. فقد صرّحت وزارة الخارجية الهندية، في 26 تشرين الأول/أكتوبر، أن  وأنها تنوي إثارة المسألة مع السلطات القطرية. في المقابل، لم تكتفِ الهند فقط بإبداء رفضها القاطع لاتهامات رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، بل اعتبرت أيضًا أنها  ثلثَي الدبلوماسيين الكنديين من البلاد.

ختامًا، قد يتسبب النزاع الدائر في غزة بتعقيد الجهود الهندية لممارسة الضغوط لدى قطر وحملها على العودة عن أحكام الإعدام. لقد أعرب مودي، منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، عن  مع إسرائيل، الهند في 27 تشرين الأول/أكتوبر عن التصويت على مشروع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة لإعلان هدنة إنسانية في غزة. من شأن هذه الممارسات أن تتسبب بمزيد من التدهور في العلاقات بين نيودلهي والدوحة التي مسؤولين كبارًا من حركة حماس على أراضيها والتي  في المفاوضات بين حماس وإسرائيل للتوصل إلى هدنة وتمديدها. ولكن إذا لم يتمكن مودي من إعادة ضباط البحرية السابقين إلى ديارهم، فقد يواجه ردود فعل غاضبة في الداخل، مع ما يترتب عن ذلك من تداعيات  على حزبه في الانتخابات العامة المقبلة المزمع إجراؤها في عام 2024.

محمد علي بايج باحث في مركز الدراسات الاستراتيجية الدولية في إسلام أباد. حائز على درجة الماجستير في الدراسات الدفاعية والاستراتيجية، وتشمل اهتماماته البحثية التكنولوجيات الناشئة، والاستقرار الاستراتيجي، والردع والتحديث العسكري. لمتابعته عبر منصة “إكس”: