في عام 1947 وبعد حرب أهليّة ذهب ضحيّتها أكثر من مليون إنسان، انقسمت الهند إلى دولتين، هما الهند وباكستان، ثمّ انقسمت باكستان إلى دولتين أيضاً هما بنغلادش وباكستان. بقيت ولاية كشمير في الشمال معلّقة بين الدولتين الجديدتين، وهي لا تزال حتّى اليوم قنبلة موقوتة يُخشى أن تفجّر حرباً جديدة بينهما، لكنّ الحرب هذه المرّة إذا انفجرت يُخشى أن تكون حرباً نووية. ذلك أنّ الدولتين التوأم تملك كلّ منهما قوّة نووية وقوّة صاروخية بعيدة المدى.
هناك فتيل جاهز لإشعال الحرب من أجل كشمير والصراع عليها. فالولاية التي تقع في سفوح جبال الهمالايا على مفترق الطرق الاستراتيجية بين الصين والهند وباكستان، مقدّسة لدى الهندوس، لكنّ الأكثرية الساحقة من سكّانها هم من المسلمين.
كانت كشمير إسلامية بأكثريّتها الساحقة. فاستناداً إلى إحصاء بريطاني للسكّان جرى في عام 1941، كان عدد المسلمين أكثر من 3 ملايين نسمة. أمّا عدد الهندوس فبلغ 708 آلاف نسمة فقط، إضافة إلى 3 آلاف مسيحي، و29 ألف قبليّ وثنيّ، و108 آلاف من عقائد بدائية مختلفة. بموجب ذلك كان يفترض أن تنضمّ كشمير تلقائياً إلى باكستان. غير أنّ حاكمها “المهراجا الهندوسيّ” ووريث “المهراجا راج بوت” الذي اشترى المقاطعة من بريطانيا، عارض الانضمام إلى باكستان. وعزّز هذا الرفض الطموح الشخصيّ لرئيس حكومتها المحلّية في ذلك الوقت الشيخ محمّد عبدالله، ورئيس حزب المؤتمر الوطني الذي انضمّ إلى “المهراجا الهندوسي” خلافاً لإرادة المواطنين المسلمين الانضمام إلى باكستان .
في عام 1947 وبعد حرب أهليّة ذهب ضحيّتها أكثر من مليون إنسان، انقسمت الهند إلى دولتين، هما الهند وباكستان، ثمّ انقسمت باكستان إلى دولتين أيضاً هما بنغلادش وباكستان
إلغاء من جانب واحد
أدّى ذلك إلى وقوع اضطرابات دمويّة في الشوارع، فتراجع الشيخ عبدالله عن موقفه، وهو ما حمل السلطات الهندية على اعتقاله. وفي السادس من كانون الثاني 1948 رفعت الهند المشكلة إلى مجلس الأمن الدولي بحجّة أنّ باكستان تحرّض على الفتنة والانقسام، وأنّها تدعم القبائل التي تهاجم كشمير من الشمال الغربي. وفي العاشر منه أصدر مجلس الأمن الدولي قراراً بوقف إطلاق النارمن دون أن يقدّم حلّاً. فبادرت الهند إلى ضمّ كشمير إليها بعد شهرين من الانفصال (الهندي الباكستاني). ومراعاة للوضع الخاصّ في كشمير، تضمّن الدستور الهندي في المادّة 370 منه تعهّداً بمنح كشمير حكماً ذاتيّاً. وهو التعهّد الذي تفرّدت الحكومة الهندية الآن بإلغائه من جانب واحد. وبهذا فُتح مسرح الصراع من جديد.
في الأساس حصلت كشمير على اسمها من الشعوب الأولى التي سكنتها، وهم قبائل الكاسا والناغا (الثعبان). وتقول الأساطير إنّها كانت بحيرة قام بتجفيفها بمعجزة المعلّم كاسيا بن ماريشي بن براهما .
تروي أربعة كتب سنسكريتية الحقب التاريخية لكشمير. كتاب راجاتارينجي يروي الحقبة الأولى حتّى عام 1006، وفي كتاب “جواناراجا” تفاصيل واسعة عن الحكم الإسلامي حتّى عهد زين العابدين في عام 1420، ويتضمّن وقائع عن محاولات الملك الهندي أشوكا تحويل كشمير إلى البوذيّة دون جدوى. وقد استمرّ الحكم الهندوسي فيها حتّى عام 1346 عندما أُعدِم حاكمها أودجاناديغا على يد أميرشاه. أمّا كتاب سريغارا فيروي تفاصيل الحكم الإسلامي حتّى فتح شاه في عام 1489. ويروي كتاب راجانا ليباتاكا مرحلة العهد المغولي الإسلامي حتّى عهد الإمبراطور أكبر في عام 1586. ومن خلال ذلك يبرز السلطان الإسكندر بصفته أحد أبرز الحكّام المسلمين في كشمير. فقد لقِّب بوطشيكان، وهي كلمة سنسكريتية تعني محطِّم الأصنام، وذلك بسبب تدميره المعابد الوثنية. وفي عهده غزا تيمور الهند فخضع له الإسكندر، ومنذ ذلك الوقت انتقلت كشمير إلى يد المغول .
في الأساس حصلت كشمير على اسمها من الشعوب الأولى التي سكنتها، وهم قبائل الكاسا والناغا (الثعبان)
حرب الفقراء
بعد ذلك سيطر عليها الأفغان، ثمّ سيطر عليها السيخ في عهد الملك رانجي سينغ في عام 1819. وتوالى عليها ثمانية حكّام سيخ وهندوس وحاكمان مسلمان، كان ثانيهما الشيخ إمام الدين الذي حدثت في عهده حرب السيخ الأولى في عام 1846، وهو ما مكّن بريطانيا من التغلغل في المنطقة تحت مظلّة مساعدة أحد طرفَي الصراع (المهراجا دوليب سينغ) في معركة سوبراون في شباط 1846.
بانتصار دوليب وُقّعت معاهدة لاهور في آذار 1846 التي حصلت بريطانيا بموجبها على مساحة من الأرض ومبلغ من المال قدِّر في حينه بمليون ونصف مليون جنيه مقابل مساعداتها. ولكنّ المهراجا لم يستطع أن يدفع المال، فقايض الحكومة البريطانية باستبدال المال بالمرتفعات الجبلية المجاورة للأرض التي حصلت عليها بما فيها كشمير. وهكذا أصبحت هذه المنطقة تابعة للتاج البريطاني إلى أن باعتها بريطانيا بنصف مليون جنيه فقط في عام 1846 للمهراجا الهندوسي راج بوت.
اقتربت حرب الأغنياء في أوكرانيا من السلاح النووي عندما هدّدت روسيا باللجوء إليه، فهل تؤدّي حرب الفقراء في كشمير إلى السلاح الذي لا يُبقي ولا يذر؟