توجه المصريون هذا الأسبوع إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية لعام 2023. وعندما يتم إعلان النتائج في 18 كانون الأول/ديسمبر، من المتوقع إلى حد كبير أن يحصل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على ولاية ثالثة في منصبه. جرت الانتخابات في وقت من  التي استمرت على مدار العامين الماضيين، وتسارعت في أوائل عام 2023 نتيجة للارتفاع الهائل في جاءت هذه الأزمة على رأس  التي أثرت بالفعل بشدة على البلاد خلال ذروة جائحة كوفيد-19 في عام 2020.

جادل كثر بأن انتخابات 2023 كانت جزءًا من تحرك السيسي  قبل الشروع في حزمة جديدة من إجراءات التقشف. لكن هذا يعني ضمناً أن السيسي حصل بالفعل على تفويض اجتماعي/شعبي للحكم في الانتخابات السابقة وجدده. للشرعية السياسية تفسيرات عديدة، ولكن في أبسط صورها تعني أنها “تفويض اجتماعي” للحكم، وهي تنطوي على التعددية السياسية – وهو شرط مسبق لا يوجد في أي مكان في مصر. وبدلاً من ذلك، ينبغي فهم انتخابات 2023 عبر عدسة السياسة داخل النخبة المصرية، والتي تتشابك بشكل وثيق مع برنامج الحكومة وهو جزء من رؤية مصر 2030.

 مجموعة من التعديلات على قانون العقوبات التي تم إدخالها بين عامي 2014 و2017 بالمجتمع المدني، ووأدن إلى إغلاق مساحات النقاش السياسي والتعددية. خلال السنوات الثماني الماضية، قامت حكومة السيسي المعارضة السياسية – الدينية والعلمانية على حد سواء –  ما أجبر كثر على الفرار  من البلاد. لقد طغى النظام على الأحزاب السياسية، لدرجة أن حزب الوفد، الأقدم والأكثر نفوذا في مصر، في انتخابات 2018.

خلال الجولة الحالية من الانتخابات الرئاسية، تعرض مرشح المعارضة الصريح وعضو البرلمان المصري السابق أحمد الطنطاوي لمضايقات من قبل الجيش  ترشحه للرئاسة في أكتوبر/تشرين الأول. والآن يواجه الطنطاوي المحاكمة بتهمة “تعميم نماذج تأييد غير مرخصة”، ويكشف ترشحه عن العلاقة المعقدة بين السيسي والقوات المسلحة والمعارضة الصامتة. وكما أناقش في كتابي المقبل، فإن المؤسسة العسكرية المصرية ليست جهة فاعلة موحدة، ويعتمد تماسك النخبة العسكرية على مجموعة متنوعة من العوامل الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. وحتى لو كان من غير المرجح أن يفوز الطنطاوي في الانتخابات، فإن ترشيحه كان من الممكن أن يجذب  ويحشد معارضة كبيرة، وإن كانت غير منظمة إلى حد كبير. وبشكل غير مباشر، كان من الممكن أن يؤدي ذلك إلى حدوث انقسامات داخل المؤسسة العسكرية، وبالتالي تعريض السلطة السياسية للمخاطر.

أما المعارضون الثلاثة الباقون فهم عبد السند اليمامة من حزب الوفد، وعمر حازم من حزب الشعب الجمهوري، وفريد زهران من الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي. حازم، وهو رئيس سابق للجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ المصري، ويشرف أيضًا على شركة مصرية للتنمية السياحية، بينما زهران بعلاقات مع عباس كامل، مدير المخابرات العامة المصرية. ولا يتمتع اليمامة بعلاقات محددة مع شبكة النخب السياسية أو التجارية في مصر، لكنه لم ينتقد السيسي أبدًا بسبب إصلاحاته السياسية أو الاقتصادية.

وفي حين أن الهيكل القانوني الذي يضمن غياب أي معارضة حقيقية ظل دون تغيير منذ انتخابات 2018، عندما فاز السيسي بنسبة 97 في المئة من الأصوات، فإن التحول إلى هؤلاء المرشحين “الرمزيين” الثلاثة يكشف عن تغيير في الاستراتيجية السياسية للنظام. كان الهدف من الانتخابات هو منع أي انقسامات داخل النخبة يمكن أن يقوض : فبدلاً من إثبات الشرعية السياسية، تحتاج السلطة الرئاسية إلى تعهد بالولاء من النخبة، لا سيما وسط الانتقادات المتزايدة حول النموذج المتصور “للإصلاح السياسي” و “التنمية الخضراء”. ويعتمد بقاء السيسي بشكل أساس على نجاح رؤية مصر 2030، وبالتالي فقد لعب مرشحو المعارضة، على الرغم من نتائج الانتخابات، دوراً سياسياً حاسماً بالنسبة للنظام.

الدكتورة ماريا غلوريا بوليمينو هي زميلة باحثة في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن ومؤلفة كتاب مصر وصعود الاستبداد المائع: البيئة السياسية والسلطة وأزمة الشرعية، الصادر عن مطبعة جامعة مانشستر. وهي أيضًا زميلة الجمعية الملكية للفنون.