تلعب الإدارة الدور الرئيس في بناء الدول، وللإدارة الأهمية القصوى في تحديد الأهداف وإنجاحها، وتوفير القوى الفاعلة لتحقيقها، وبدون الإدارة الكفوءة لا تتحقق الأهداف المرجوة والمنظورة في محور زمني قصير أو متوسط أو طويل، حتى مع توفر الإمكانات المادية (المواد الأولية والقدرة على التمويل للخطط). بعيدا من الاستغراق في دراسة النظريات الإدارية التي تملأ الكتب، لا بد من المعرفة الإدارية وعلم الإدارة، لكن القضية الحاسمة تكمن في التطبيق والممارسة بعيدا من التنظير واستحضار نظريات فقهاء الإدارة في العديد من المدارس الإدارية، التي كان لها حظ من النجاح عند التطبيق في بلاد، وعدم النجاح في بلاد أخرى.
الإدارة هي سلوك اجتماعي، وتأهيل، وشغف بتحقيق الأهداف المتوخاة، ويستطيع المجتمع من خلال الممارسة الجيدة تحقيق ذلك. والإدارة – كما نعلم – تتناول كل جوانب الحياة من إدارة الأسرة، وهي اللبنة الأولى في المجتمع، إلى المدرسة، وهي الخطوة الأولى في مدارج العلم، إلى العمل الوظيفي سواء كان عاما أو خاصا، الذي هو مجال التطبيق العملي بعيدا مما سبق من قراءة.
مراتب الإدارة متعددة، وفق توجهات النظام السياسي الاجتماعي والثقافي المتبع في دولة ما، ولأغراض تختلف باختلاف المنهاج المتبع. وعليه، يظل مفهوم الإدارة قائما في كل هذه المسارات، لأن أول شيء يحدث ودائما، هو مقولة “فتش عن الإدارة”، إذا كانت النتائج جيدة أو متباطئة أو سلبية. لذلك نستطيع أن نعرف من خلال تحقيق الأهداف، أن هذه إدارة أنجزت وحققت المرجو منها، وتلك فشلت ولم تحقق ولم تنجز.
دور الإدارة في الارتقاء الاجتماعي والاقتصادي
إدارة المدرسة مهمة جدا، ولها الأولوية في سلم التعليم العام والخاص والفني. فالمدرسة وتعزيزها بالإدارة الملتزمة والمتعلمة، تعطي الأجيال المتتابعة أدوارها في البناء وخدمة المجتمع وصيرورته. وقد رأينا أن من حسن الطالع أن تهتم الدولة بالتعليم أولا وعاشرا، وتعطيه أهمية، فإدارة المدرسة الابتدائية والحلقة الأولى في التعليم مهمة، وخاصة من حيث دور الإدارة وتطبيق المنهاج، وسلوكية المدير والمعلم مع التلاميذ، الذي ينعكس بشكل إيجابي على إنجاح المسار العلمي والتربوي بلا عسف ولا تسيّب.
هدف الوظيفة في القطاع العام تحقيق المنفعة العامة من وجودها، هي ليست منحة متاحة تعطى كل من هبَّ ودب ملئا للفراغات في المؤسسات والهياكل الوظيفية
وإذا ما انتقلنا إلى الجهاز الوظيفي في الدولة، أو الشركة أو المؤسسة، في القطاعات العامة والخاصة والتعاونية، تكون المحصلة إما نتائج إيجابية وإما سلبية. فالأهداف العليا للإدارة تكمن في تطوير وتحقيق معدلات ونتائج تخدم الارتقاء بالمجتمع اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وثقافيا.
ولذلك يتم التنظيم من العناصر المشتركة، وأهمها كما يلي وفقا لما ورد في “أهمية التنظيم الإداري لغرب آسيا”:
القيادة والمشاركة والمسؤولية، اختيار الموظفين ووضعهم في المكان المناسب، مشاركة القوى العاملة في الأنشطة اليومية، وجود قنوات اتصال ثابتة، داخلية وخارجية، التوثيق وإدارة المعرفة والسجلات، مراقبة المشروع، تصميم المعايير والممارسات، الإبلاغ عن الحوادث والتحقيق فيها والتدقيق.
الإدارة في الدولة: من القاعدة إلى القمة
الإدارة على مستوى الدولة هي البناء الهرمي لآلاف العاملين بل الملايين في القطاعات الحكومية والمعتمدة. فلكل مفصل إدارة، تصنّف على أسس تخضع لطبيعة العمل ومستوياته، من إدارة صغيرة تتناول الشركات الصغيرة والمؤسسات المتناهية الصغر، إلى قيادة إدارية وسطى هي الحامل الوظيفي لجميع الأعباء الإدارية للدولة لأنها تلتصق بشكل وثيق بالعمل، نجاحا وفشلا، وهي ذات امتداد أفقي على مساحة العمل الوظيفي للدولة في كل المحافظات، وامتداد عامودي يتصل بإدارتها العليا.
أ.ف.ب.أ.ف.ب.
وثائق في غرفة بإحدى قواعد “الفرقة الرابعة” سيئة السمعة التابعة للنظام السابق، دمشق، 21 ديسمبر/كانون الأول 2024
وهذا هو هدف كل دولة جادة. ويقود الى البحث في ماهية الإدارة من القاعدة إلى القمة، ويصل بنا إلى تبيان “التوصيف والتصنيف الوظيفي”، ويحتاج إلى القوننة حتى لا يظل مفهوما متسيّباً ومزاجيا.
هذان التوصيف والتصنيف يتناولان البحث العميق في ماهية الوظيفة العمومية وضبطها تحقيقا للمنفعة العامة. فهي ليست منحة متاحة تعطى ملئا للفراغات في المؤسسات والهياكل الوظيفية، بل يجب تحديد أهلية من يشغل الوظيفة توصيفا وتصنيفا، سواء على مستوى الوحدة الإنتاجية الصغيرة والكبيرة، أو الخدمية الصغيرة والكبيرة أو على مستوى الإدارة الوسيطة (المتوسطة) أو على مستوى الإدارات العليا، وصولا الى أعضاء مجلس الوزراء ومعاونيهم ورؤساء الهيئات الملحقة بالمجلس أو بالجهات العاملة في السلك الديبلوماسي، والعاملين المكلفين مهمات خارج الوطن.
لكل مرتبة إدارية توصيف وتصنيف، وهذا يجب أن يكون ضمن قوانين الخدمة العامة، سواء في قانون الموظفين الأساسي أو في قانون العمل والتأمينات الاجتماعية
لذلك، فلكل مرتبة إدارية توصيف وتصنيف، وهذا يجب أن يكون ضمن قوانين الخدمة العامة، سواء في قانون الموظفين الأساسي أو في قانون العمل والتأمينات الاجتماعية أو غيره. ويجب أن يتناول مستوى الضبط والربط بعيدا من التسلط والمحاباة، بعدم تفضيل هذا على ذاك، لصلة قرابة أو صداقة أو لاعتبارات مجتمعية معروفة، وقد عانينا منها طويلا.
“فتش عن الإدارة”
عندما نقول بالفم الملآن “فتش عن الإدارة”، فلأنها تعمل على إحداث توازنات بين المهم والأهم، بين المتكامل وغير المتكامل، بين المتناغم وظهور حالات تضخم في جانب واضمحلال في جانب آخر، ومن هنا تأتي فكرة الدولة التي تتناول: تنشئة الدولة، بناء الدولة، تولي السلطة وسيادة الدولة.
ولكي يكتمل ذلك كله، لا بد أن تتوحد المفاهيم العامة للإدارة على جميع المستويات من خلال قوننة مرنة غير جامدة، تتناول كل ما تمت الإشارة إليه، ويأتي في المقدمة مبدأ التصنيف الوظيفي وتوصيف متطلبات العمل. لقد تسبب الدخول الى الإدارة بطرق ملتوية بنتائج بالغة السوء في الماضي، حيث تم الاعتماد على الولاء قبل كل شيء، وإهمال الخبرة والتعلم، وعدم وضع الإنسان المناسب في مكانه المناسب.
أ.ف.ب./ ساناأ.ف.ب./ سانا
في سوريا الجديدة، لا بد أن يبدأ التنظيم الإداري أولا من منطلقات كانت قائمة في سوريا لآجال طويلة، وأجري عليها الكثير من التعديلات، حتى أصبح الأصل في القانون منسيا، وهي بحاجة لإعادة صياغة قانونية متطورة تلائم الانطلاقة الجديدة وأهمها:
– قانون الموظفين الأساسي الذي أنجز في الخمسينات من القرن الماضي، وربما قبل ذلك، وكان مستوعبا للمرحلة إياها، ومع التوسع في التوظيف والتخصص، والتوصيف والتصنيف الوظيفي، ظهر أن مراجعة هذا القانون وتعديلاته الكثيرة باتت واجبة، وكذلك العمل على إصدار قانون جديد يتماشى مع تطورات العصر.
مجتمعنا الوظيفي مبني على الولاء ومنح المراكز بلا أية خبرة أو مجهود، وهذا أحد الأسباب المهمة لتأخرنا، في حين يجب اعتماد العلم والخبرة وليس المحاباة وترقية غير المؤهلين
ويجب التصنيف الحصيف للمهمات الوظيفية الملقاة على عاتق الموظف من الدرجات الدنيا إلى العليا، فلا وظيفة بغير ذلك يمكن الاعتماد عليها، لأن هذا الهيكل الإداري يستند على الكل بلا تحيز إلا للاختصاص والكفاءة.
ديوان الخدمة المدنية
أقترح أن يستبدل قانون الموظفين الأساسي بتأسيس ديوان أو هيئة للخدمة المدنية في جهاز الدولة المدني، يراعي خصوصية ما أشرتُ إليه، وما تضمنه القانون السابق الأساسي. ديوان الخدمة المدنية هذا، هو جهاز إداري ينظم العمل حسب القانون من أصغر وظيفة إلى أعلاها، ويهتم بتوزيع المسؤوليات لكل جهة، ويشرف على الترفيع والتنقل في استحداث الملاكات، وفق متطلبات التوسع العملاني والتوزع الوظيفي. وهذا يتطلب وضع قانون شامل يحدد مهماته الأساسية، وشؤون الخدمة المدنية في الدولة، يشمل جميع الوزارات وموظفيها، ويختص بكل الشؤون المتعلقة بالوظيفة العمومية وتفرعاتها، واستحداث الملاكات لكل جهة في الدولة، والترفيع على أساس الوظيفة الشاغرة التي لها اعتماد في الموازنة.
.أ.ف.ب.أ.ف.ب
الرئيس السوري أحمد الشرع مترئسا أول اجتماع للحكومة الجديدة بدمشق، 7 أبريل2025
كان في سوريا قديما، ديوان للمحاسبة العامة، شبيه بما هو موجود في دول أخرى وتحت تسميته، هو ديوان الخدمة المدنية، وهو صاحب الاختصاص العام في التوظيف بموافقة الجهات التي تطلب التوظيف وتوسيع الملاك، والتوصيف والتصنيف الوظيفي وفقا للدرجات العلمية والخبرات المطلوبة، وتخضع كلها للتقويم من خلال ديوان الخدمة المدنية، أو ديوان المحاسبة العام، وهذا يخفف العبء على الجهات الحكومية لملء الشواغر، ويحد من الواسطة وتوابعها، التي ساهمت كثيرا في التضخم الوظيفي والبطالة المقنعة، خلال العقود السابقة، حتى أصبحت الوظيفة العمومية ملجأ لمن له واسطة، بدون أخذ عنصر الكفاءة في الاعتبار.
كفاءات بعيدا عن الولاءات
أمامنا في سوريا الجديدة ضرورة لإعداد قوانين جديدة منها:
1- إعداد قانون جديد للقانون الأساسي للتوظيف والعمل في الحكومة، ومراعاة التراتبية حسب الشهادة العليا والاختصاص والخبرة، ووضع خطة تدريبية في كل مؤسسة لتأهيل الموظف الجديد وإطلاعه على مهام عمله الجديد بدون عبارة “يوضع تحت الاختبار لمدة ثلاثة أشهر”، التي لا تحترم الموظف الإنسان، بل تخضعه لمزاج رئيسه الذي قد يتركه لأشهر أو سنوات بدون عمل محدد. ويجب مراعاة التراتبية، فالموظف القديم يكون قد اكتسب خبرة، إذا ما تسلم عمله وحرص على خدمته، فلا يجوز أن نأتي بمتخرج جديد يكون مسؤولا عن موظفين قدامى، بعدما أدخل الخدمة بواسطة، وبتجاوز التراتبية، استهانة بالوظيفة العمومية.
قانون العمل المعمول به حالياً، تجاوزه الزمن، ولا بد من تعديله بشكل كامل، أو وضع قانون جديد للعمل، وآخر للتأمينات الاجتماعية
فمجتمعنا الوظيفي مبني على الولاء ومنح المراكز بلا أية خبرة أو مجهود، وهذا أحد الأسباب المهمة لتأخرنا، في حين يجب اعتماد الخبرة والعلم بالشيء والتراتبية، وليس المحاباة وترقية غير المؤهلين، لقهر من يستحق وسحق خبراته وإهانته. ويجب أن يثبت هذا المعيار في القانون فلا ينبغي تجاوزه أو عدم الأخذ به. ولا بد من العودة الى إعداد قانون الخدمة المدنية العامة، بشروط ما سبقت الإشارة إليه في القانون الأساسي، مع مراعاة أن لقانون الخدمة المدنية جهة مستقلة عن الدولة مهمتها تطبيق نصوص القانون بدون وصاية من أية جهة، وخاصة الحكومة التي هي السلطة التنفيذية، ولا تتدخل في عمل ديوان الخدمة المدنية، لأنه هو وسيلتها لملء الجهاز الوظيفي للدولة وفقا لمتطلبات الكادر في الوزارات والمؤسسات والشركات.
قانون العمل والتأمينات الاجتماعية
وأقترح أن تكون تبعية ديوان الخدمة المدنية للسلطة التشريعية وليس لسلطة أخرى، ويكون ذا استقلال مالي وإداري، من أجل أن يضع الرجل المناسب في مكانه المناسب، إن أردنا أن تكون الوظيفة العمومية والإدارية في خدمة العمل الحكومي وفقط.
2- قانون العمل المعمول به حالياً، فقد تجاوزه الزمن، ولا بد من تعديله بشكل كامل، أو وضع قانون جديد للعمل، يخدم المرحلة الحالية بحيث تتجلى في بنوده المراعاة الحقيقية لأجور العمال، ومواقعهم، وترفيعهم وتقاعدهم، وللعاملين في القطاع الخاص، وإصابات العمل والتأمينات الاجتماعية للعاملين، ولصاحب العمل الذي له حقوق وعليه واجبات. على أن تتم قوننة ذلك بشفافية ووضوح فلا يتم غبن العامل والتمادي بساعات عمل إجبارية، وعدم فصله وتسريحه تعسفيا، وإعطاء حقوقه في مقابل الأعمال التي يقوم بها.
رويترزرويترز
فصل لطلاب سوريون، في منطقة القامشلي، 16 ديسمبر 2024
3- لا بد من إصدار قانون جديد للتأمينات الاجتماعية ومؤسسة الضمان الاجتماعي، والبحث المجدي عن أموال التأمينات الاجتماعية التي هي حق للعمال، لأن نسبة تقتطع من راتب العامل ونسبة من صاحب العمل، وهذه النسبة تذهب بشكل تلقائي لصالح العمال، ومؤسسة التأمينات الاجتماعية لديها أموال كانت الدولة تستلفها سابقا أو تأخذها بدون وجه حق، ولأن هذه الأموال تستطيع المؤسسة استثمارها في مشاريع إنتاجية لصالح العمال. ولا بد من الحفاظ على حق العامل في المعالجة الصحية، أو حق تسريحه بسبب إصابته خلال العمل، وهذه تحددها الطبابة التابعة للمؤسسة، فلا تغمط حقوقه فيها كلها.
في كثير من الوزارات يكون لمعاون الوزير دور أهم من الوزير نفسه، لأنه معتمد من جهات عليا، كما كان يسمى سابقا
أما عن المسميات الوظيفية فهي محددة وواضحة، ويجب أن تكون في قانون الموظفين الأساسي أو الخدمة المدنية وفي قانون العمل.
وأود الإشارة هنا بشيء من التفصيل، حيث كان في الدولة السورية “بعد الجلاء” (انسحاب فرنسا) وقبله 1946، وظيفة مهمة في كل الوزارات المتعاقبة، وهو منصب الأمين العام للوزارة، ولم تكن معاونين الوزراء واردة. ومنصب الأمين العام لأية وزارة، كان يشغله موظف كبير في الخدمة العمومية وعلى اطلاع واسع بشؤون الوزارة التي هو أمينها العام، وكان يطلق عليه عبارة الوزير الدائم، لأن الوزارات سابقاً في العهود البرلمانية لها تستمر ربما لأشهر وأحياناً لسنة أو سنتين، وكان الأمين العام بعلمه ومركزه قادراً على إدارة شؤون الوزارة، وهو بالتالي رئيس جهاز الموظفين بالوزارة، وهو يعفي الوزير من مسؤوليات متابعة الجهاز الوظيفي، لأن أمامه الأمين العام الذي ينوب في إدارة شؤون الوزارة، ويترك الوزير لإدارة شؤون وزارته العملية سواء في التوسع في متابعة الإنتاج أو الخدمة العامة.
أ.ف.ب.أ.ف.ب.
حفل افتتاح سوق دمشق للأوراق المالية (DSE) في منطقة يعفور قرب دمشق، 2 يونيو/حزيران 2025
كل ما ظهر أخيراً، وخاصة في فترة الستينات، منصب أو مناصب معاون للوزير أو معاونين للوزير بحسب الاختصاص وهذا الاستحداث لم يكن موفقاً لأسباب يعرفها كل من عاصر تلك الفترة. ففي الكثير من الوزارات يكون لمعاون الوزير دور أهم من الوزير نفسه، لأنه معتمد من جهات عليا، كما كان يسمى سابقاً. أو أن شخصية الوزير العلمية والإدارية غير مؤهلة، وبالتالي يلجأ لمعاونه أو معاونيه، وبالتالي يصبح هذا المعاون ذو شأن، وأكثر قوة من السيد الوزير لأسباب غير مفهومة، لكنها مطبقة.
المهمات الإدارية الملقاة على من يعمل في القطاع العام ثقيلة، والمسؤوليات المنوطة بهم كبيرة، والعمل الميداني هو ما سيؤكد سلامة العمل وتوجهاته
وقد درجت العادة أن يسمى مجموعة من اثنين إلى أربعة معاونين وليس لهم عمل محدد، لأن من يحدد عملهم السيد الوزير وفقط، وهؤلاء الأربعة لهم معاونين لكل واحد على الأقل بين ثلاثة إلى خمسة، وهؤلاء لا عمل لهم، وهذا تضخيم غير مبرر للجهاز الإداري على حساب الأعمال الإنتاجية، وقد سلكت الدولة فيما سبق، أن يكون الجهاز الإداري كبير إلى الدرجة أنه يكون أضخم وأكبر من العاملين في الإنتاج أو الخدمات.
المؤسسات بين الفساد والمحاسبة
والإدارة في موقع هي مسؤولية يجب الاعتناء بها من خلال التوجهات التنموية الشاملة في سوريا، والعناية بكل مسؤول بالإدارة العامة على مستوى الوزارات، وضرورة أن يكون عنصر الخبرة والكفاءة هو المعيار في تسلم الإدارات الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، كما يجب أن يفعّل دور الوزارات في الجهات التابعة لها، وأن لا تخرج عن الإطار العام للأعمال الحكومية، وقد فشلت سابقاً في تشكيل شركات ومؤسسات ذات موازنات مستقلة وهيكلية إدارية، وكان عددها 19 شركة ومؤسسة، مما أفقد الكثير من الوزارات ذات الاختصاص أهميتها وحسن عملها، وراحت هذه الشركات والمؤسسات تسبح في بحر من الفساد والإفساد. وعندما لمست الجهات العليا أن هذه الـ19 شركة أو مؤسسة أوقعت البلد في كوارث، قلصوها إلى 3 شركات، وهي الأكثر حظوة عند الجهات العليا، ومن هنا نركز على أن تكون الهيئات والمؤسسات تابعة للوزارات، وليست بؤرة للفساد والإفساد، لأنها تقع خارج نطاق المحاسبة، لأن السلطة التشريعية تستدعي الوزراء ورئيس الوزراء لسماع ما يريدون الاستفسار عنه، وليس رئيس الهيئة أو المؤسسة إذا لم تكن تابعة للوزارة بحسب الاختصاص.
.أ.ف.ب.أ.ف.ب
عمال ينقلون صناديق رمان في بستان بمدينة سلقين شمال غرب إدلب، 21 أكتوبر 2024
ومن المستغرب أن يقبل أي وزير أن توجد جهة من مسؤولياته خارج اختصاصه مهما كانت الجهة الداعمة لها، وهذه مدعاة للتذمر بحيث يتصور نفسه هذا المسؤول أنه أكبر من أية جهة وزارية، ومن هنا يبدأ العبث، وخاصة إذا كانت تلك الجهة غير مؤهلة علماً وخبرة وسلوكاً.
الإدارة أولا ثم الاختصاص
ومع هذا ندعو الجميع أن يتم الاستماع لمنطق الدولة التي تقوم على الإصلاح والسير في سبيله نحو تحقيق آمال الأمة، ولا نزيد في تبرير أهمية الإدارة ومكانتها، فهي الجهة التي تسير بالبلد نحو بلورة الأهداف الكبرى التي ناضل شعبنا طويلاً لتحقيقها. وتحت قيادة حكيمة وجهاز موظفين كفوء ومتعلم، فالوزير التكنوقراطي يجب أن يكون إدارياً ناجحاً، لأن مداخل ومخارج عمله الوزاري بحاجة إلى إدارة حصينة والاعتماد على من يملكون الكفاءة والخبرة. فالمهندس إداري والموظف الكبير إداري، ورئيس الدائرة إداري، والمدير العام إداري، وهكذا. وليست الوزارة فقط عمل بالاختصاص العلمي، ولكن بالإدارة أولاً وثانياً والاختصاص ثالثاً ورابعاً.
إن المهمات الإدارية الملقاة على من يعمل بالعمل العام ثقيلة، والمسؤولية المنوطة بهم كبيرة، لذلك لنقل جميعنا أعطوا للإدارة الدور الحاسم في إنجاز المهام، وأن العمل الميداني هو ما سيؤكد سلامة العمل وتوجهاته، وليس من وراء المكاتب.”فتش عن الإدارة” دائماً. كما يقال فتش عن المرأة لأنها مديرة البيت.
+ / –
font change
حفظ
شارك