أمّا ذروةُ الهجوم، بحسب المعلومات، فكانت فجر اليومِ الأوّل من الحرب: محاولةُ تحريكِ الشارعِ الإيراني. ووفقاً لمصادرَ مقرّبةٍ من أجهزةٍ رسميّة، كانت إسرائيل تراهنُ على “انفجارِ الشارع” عند بدء الضربات. وبالفعل، شهدت بعضُ المدنِ ظهورَ عملاء يقومون بإشعالِ الإطارات على الطّرقات، مترافقاً مع خرقِ الطائرات الإسرائيليّة لجدارِ الصوت، في محاولةٍ يائسةٍ لتحريضِ الناسِ على الخروج.
تخوضُ إيرانُ الآن معركةً داخليّةً هادئةً لكن شرسة: تطهيرُ البلادِ من العملاء، إعادةُ تنظيمِ الأمن، وشدُّ العصبِ القومي حولَ فكرة “الدّولة كخطّ الدفاعِ الأخير”
لكنّ الرّهانَ سقطَ سريعاً. ففي غضونِ بضعةِ أيّامٍ فقط، أوقفت الأجهزةُ الأمنيّة أكثرَ من 700 عميلٍ ميدانيّ شاركوا في التخريب. والمفاجأة جاءت من مكانٍ آخر: المعارضةُ الإيرانيّةُ نفسها أعلنت رفضَها للفوضى، وتضامنَت مع القيادة، خاصّةً بعد انتشارِ صورِ الدمارِ في طهران، وصورةِ طفلٍ إيرانيّ تحت الرّكام قُتِل في الموجةِ الأولى للهجوم.
إعادة توجيه المزاج الشّعبيّ
لحظةٌ كهذه كانت كفيلةً بإعادةِ توجيهِ المزاجِ الشعبي، وتثبيتِ قناعةٍ عامّةٍ بأنّ الإيرانيّين بكلّ أطيافِهم يرفضون أن تتحوّل بلادُهم إلى “غزّة 2″، فوُلِدَ بين الشارعِ والسّلطة شكلٌ جديدٌ من التماسك.
تخوضُ إيرانُ الآن معركةً داخليّةً هادئةً لكن شرسة: تطهيرُ البلادِ من العملاء، إعادةُ تنظيمِ الأمن، وشدُّ العصبِ القومي حولَ فكرة “الدّولة كخطّ الدفاعِ الأخير”. وظهر هذا بوضوحٍ في الخطابِ الأوّل للمرشد الأعلى بعدَ وقفِ العمليّات العسكرية، الذي ركّزَ فيه جلّ كلامِه على الشّعب الإيراني وتماسُكِه في مواجهةِ العدوّ الصهيوني.
إقرأ أيضاً: النّوويّ الإبراهيميّ المستحيل
ربّما لم تنتهِ الحرب، لكنّ إيران بحسب ما يبدو قرّرت أن تبدأ من الداخل.