إن الطاغية يصنع شعبه على شاكلته عبارة مرعبة أطلقها الكاتب الألباني إسماعيل قدري أحد الكتّاب العالميين الذين شغلهم فكرياً وفنياً معالجة أساليب وطرائق النظم الديكتاتورية وعواقبها الوخيمة وكان المختبر الذي استخدمه وأجرى تجاربه عليه هو بلده (ألبانيا) في ظل ديكتاتورها الراحل (أنور خوجة)الذي كان الزعيم الشيوعي لألبانيا الذي حكمها لمدة أربعين عاماً منذ عام 1945وحتى 1985 حكم بنهج خاص حيث عزل بلاده عن العالم ومنع الأديان وهدم دور العبادة وسجن الآلاف دمر كل القدرات الفكرية والعلمية وحارب العقول النيرة والعلماء وخيرة المثقفين ورغم أن ذلك المختبر الألباني ومعطياته لا يختلفان في المؤشرات العامة عن أي موقع آخر أنهكه نظام حكم ديكتاتوري فإن القول بأن الطاغية يصنع شعباً على شاكلته فيه من المبالغة ما يوحي بالقدرة الكلية للطاغية أي طاغية حتى أن القائل به يكاد يقع في دائرة الخلط المتعمد الذي تصطنعه النظم الديكتاتورية عبر أجهزتها وأدواتها الدعائية لتعميق الإيحاء والإيهام بالقدرة الكلية والأسطورية للديكتاتور وهو ما تقطع بعدم صحته وفساده وبخطئه وقائع التاريخ الإنساني قريبة وبعيدة على حد سواء, والتي تشهد بأن الديكتاتور لحظة تداعيه وانهيار نظامه يكشف عن هشاشة تدعو للرثاء , ومهزلة تستدعي التعجب من قدرة هكذا دمية على إرهاب واستعباد شعوب وأمم لسنين بل عقود طويلة مريرة فليس للطغاة قدرات كلية ولا أسطورية ومن ثم تتقلص قدرتهم على المسخ والتشويه في حدود تحويل قطاعات محدودة من الشعوب إلى ظلال للطاغية وأبواق له وتوابع وجلادين ينكشف خواؤهم وجبنهم جميعاً في لحظات السقوط التي لا تستثني طاغية ما , فمنذ عهد الطاغية حافظ الأسد إلى عصرنا الراهن في عهد الطاغية بشار الأسد الذين طغوا وبغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد من القتل والدمار وتهجير الشعب ففي عهد الطاغية بشار الأسد ثمة أكثر من خمسة عشر مليوناً من الشعب السوري هجروا وشردوا منهم المثقفون والأطباء والمهندسون دفعهم جور وقسوة هذا النظام إلى مغادرة وطنهم والانتشار في بلدان العالم المختلفة يكابدون الأسى والبؤس ولوعة الاغتراب والغرق المعنوي والفعلي , أحيانا زوارق اللاجئين لا تكفّ عن الشهادة بذلك في بحور الشمال والجنوب من الكرة الأرضية , من هذه السطور نستدل على المدى الذي وصلت إليه الحال في (جمهورية الخوف) إذ مدت شبكة شرورها لإلحاق الأذى حتى بمن صاروا وراء الحدود إن استطاعت إلى ذلك سبيلا إذ بات من المؤكد أن هذه الديكتاتورية لا تستطيع الاستمرار إلا في ظل الاستبداد وعبودية الشعوب والحروب والدمار والحرائق حرائق وحطام الوطن والمواطنين في الداخل أولاً ثم حرائق وحطام ما يمكن إحراقه وتحطيمه في الجوار بعد ذلك , فالجوار وجوار الجوار اختاروا الصمت عن هذه الحرب وتعاملوا مع الدمار والخراب الماثل أمامهم وكأنهم لم يروه ولم يسمعوا به لذلك لم يكن ملزماً أن يتحدثوا عنه بل دعوا الدكتاتور الطاغية واستدعوه لكي يخطب ويعظ بهم في جامعتهم العربية وفي قمتهم الإسلامية وأعادوا له السفراء في دولهم إنهم قادة وحكام العرب الذين وقفوا مع طاغية الشام ضد شعب قتل منه أكثر من مليون إنسان واعتقل مثله كذلك وشرد أكثر من خمسة عشر مليوناً والنتيجة بعد كل ما حدث منذ اثني عشر عاماً يرحب وبكل حفاوة وفخر قادة العرب بهذا الدكتاتور وكأنه البطل المنتصر لقد كان التعبير من قبل هؤلاء عن الحرب كمأزق إنساني فقط تطفو على سطح عذاباته أسئلة الوجود الإنساني فقط بل كان مطلوباً منهم ومن غيرهم عدم التهليل والتسويغ للعنف الذي تدور به عجلة الحرب المسعورة والمجنونة بحجة محاربة الإرهاب فقط ومماشاة ومسايرة هوس وجنون العنف والقتل لدى الديكتاتور بشار الأسد ونظامه الدموي وهي تظاهرة تدعو للأسى على المنخرطين فيها باعتبارهم جناة كونهم زجوا بأنفسهم في هذه المغالطة المشينة ومساهماتهم ذاتها بمنطق كذبة خطوة مقابل خطوة ونسوا أن النظام الذي يقتل أبناءه هو النظام الذي يقتل الوطن ومواطنيه على السواء وفي زمن الالتباس الذي يخيّم على كثير من حكام البلاد العربية لابد من تكرار التأكيد على أن مَن يهمه حقاً سورية بلداً وشعباً يتوجب عليه أن يقف مع الكشف عما يحصل بهذا الوطن الجريح منذ اثني عاماً لا التستّر على هذا النظام وهذا الطاغية المجرم تحت أي ذريعة فالخوف يولّد مزيداً من الخوف ولن ينقذ هذا الوطن من ظلمائه إلا شجاعة قول الحق والوقوف العلني ضد كل الجرائم والقتل الوحشي الممنهج وجلب كل الميليشيات الإيرانية الطائفية التي أغرقت سورية في بحور من الدم والوحشية دموع حرى ذرفتها عيون ملايين النساء على مليون قتلوا وعلى ملايين شردوا ووقف العالم كله يريد رحيل الطاغية بالكلام فقط لكنه ظل يحكم وقد أيده كثير من طغاة العالم وحكام العرب الذين ساندوه وساعدوه وظل الطاغية يحكم حتى بلغ عمره في قتل السوريين واعتقالهم وتهجيرهم اثني عشر عاماً وبقي في الحكم وتراجع العرب والغرب كلاهما عن التعهد بالإطاحة به فعلينا هنا أن نقف وقفة أخلاقية وعندما يكون هناك قتل بالجملة ومجازر لا يجوز بأي حال أن نغفل عن الاعتبارات الأخلاقية , فلقد كان النظام السوري مجرماً بحق شعبه وسيظل هذا الوصف ملتصقاً به حتى لو بلغ بشار الأسد الثمانين من عمره وهو يحكم سورية فلا يمكن أن نلوم الضحية بل نلوم القاتل الذي دمر وطنه ويبدو أن بشار الأسد باقٍ في هذه المرحلة وقد حمته روسيا وإيران وحماه حزب الله وميليشيات العراق وعرب الخليج الذين ثبت أنهم قادرون على خوض أزمة هي أشبه شيء بخصومات الأطفال في الحضانة ولكن للأسف حتى الأطفال في المرحلة الابتدائية لا يصنعون ما صنعته بعض دول الخليج في الآونة الأخيرة حيث نقلت صحيفة القدس العربي عن مصادر مقربة من السفارة الروسية في دمشق أن ملك السعودية أبلغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأن الرياض لا ترى مشكلة في بقاء بشار الأسد رئيساً لسوريا لمرحلة انتقالية ووفقا للصحيفة أعلن الملك سلمان استعداد بلاده لدعم مسار سياسي يبقى فيه الأسد رئيساً لسوريا على أن تساعد روسيا في تخفيف العلاقة العميقة بين طهران ودمشق بما يقلص النفوذ الإيراني في كل من سوريا ولبنان وتقول المصادر وفقاً للقدس العربي إن بوتين أبدى نوعاً من الحياد بشأن العلاقة بين دمشق وطهران وأشار إلى أن موسكو لن تقحم نفسها لفسخ علاقة من هذا النوع وذكرت الصحيفة أن هذه المعلومات تتقاطع مع تصريحات سابقة للسفير الروسي في لبنان ألكسندر زاسبيكين التي قال فيها إن مواقف المملكة السعودية باتت واضحة وهي أنها مع اتفاقات أستانا والتراجع عن مطلب إسقاط النظام السوري ورحيل بشار الأسد ولكن لم تحصل السعودية ولا أي دولة عربية على أي وعد أو عهد لبشار الأسد سوى الكذب والخداع والمراوغة الذي ورث الحقد والعار والإجرام عن والده حافظ الأسد الذي كان في عهده التعذيب الجسدي والنفسي والأساليب الحاطة بالكرامة البشرية بشكل منهجي وروتيني ولا سيما في فترة التحقيق التي يخضع لها المعتقل ويمارس التعذيب على المعتقلين بدون أن تفرق سلطات الأمن والمخابرات في ذلك بين البالغين والأحداث وكثير من المعتقلين من يفقد أحد أطرافه أو حواسه أو يصاب بعاهة مستديمة وفي بعض الأحيان يموت تحت التعذيب أو نتيجة له ولم ترد أخبار عن محاسبة العناصر أو الضباط المتورطين في التعذيب بل هناك تشريع يَخليهم من مسؤولياتهم باعتبارهم يقومون بمهام رسمية موكلة إليهم!!. .
– ومن بعض وسائل التعذيب المستخدمة في سجون بشار الأسد :
1- الضرب بالعصي والكابلات المعدنية على القدمين ومختلف أنحاء الجسد .
2- الوضع في الدولاب الذي هو عبارة عن إطار مطاطي خارجي لعجلة سيارة يوضع به المعتقل بحيث يتم ضربه بالعصي أو الكابلات دون أن يتمكن من الحركة.
3- الصعق بالكهرباء .. حيث يتم وصل أسلاك كهربائية بأطراف الجسم أو في بعض الحالات إلى مناطق حساسة منه ويتم وصل الكهرباء إليها.
4- الكرسي الألماني : وهو كرسي من الحديد المتحرك يسبب ضغطاً رهيباً على العمود الفقري مما يسبب ألماً شديداً وشللاً في الأطراف يدوم في بعض الحالات أشهراً .. أو يسبب شللاً دائماً.
5- بساط الريح: وهو جهاز خشبي متحرك يربط إليه السجين من أطرافه الأربعة ويتم ثني هذا الجهاز إلى قسمين أثناء ضرب السجين بالعصي أو الكابلات.
6ـ التعذيب بواسطة الحرق بالسجائر وتشويه جسد ووجه المعتقل .
7- الفلقة: وهي الضرب على أرجل الموقوف ثم إجباره على الجري.
8- التعذيب بالماء: وذلك بإنزال رأس السجين بدلو من المياه.
9- إسماع السجين بصورة واضحة لأصوات التعذيب.
10- الحبس لمدة طويلة في زنزانة انفرادية والتهديد المستمر بالتعذيب .
11ـ التهديد بالتعرض للزوجة أو الأخت أو الأم وتوجيه الإهانات والشتائم بصورة مستمرة.
هذه هي سورية جمهورية الخوف والرعب ثقافة العنف والصمت أسطورة الطاغية حافظ الأسد وبشار الأسد
المقالات المنشورة ضمن موقع المجلس العسكري السوري لا تعبر بالضرورة عن رأي المجلس, انما تعبر عن رأي كاتبها.