تشهد مناطق متفرقة من سوريا تصاعداً مقلقاً في نشاط تنظيم “داعش”، وسط تحركات سرية وخطط هجومية باتت أكثر تنسيقاً من ذي قبل، ووفق ما أفادت به مصادر خاصة لـ”963+”، فإن التنظيم يسعى حاليّاً إلى استعادة حضوره الميداني من خلال تجنيد عناصر جدد، وتنفيذ عمليات مفاجئة، والاندساس في صفوف القوات الحكومية، مستفيداً من الفراغات الأمنية وتراجع بعض التشكيلات العسكرية عن مواقعها.
وتتركز تحركات التنظيم في محافظات دير الزور وتدمر وحمص، مع اعتماد واضح على طرق التهريب القديمة والمساحات المفتوحة في البادية السورية، وهو ما يضع تحديات كبيرة أمام القوات المنتشرة في تلك المناطق.
كما تشير المصادر إلى أن “داعش” لم يكتف بإعادة تنشيط خلاياه التقليدية، بل انخرط في عمليات تجنيد ممنهجة تستهدف شباباً سوريين عبر المساجد والتجمعات العامة، إلى جانب ضمّ عناصر سابقين من فصائل عسكرية متباينة.
وفي المقابل، بدأت الجهات الأمنية باتخاذ إجراءات استباقية في محاولة لاحتواء الخطر المتصاعد. ويأتي ذلك في وقت تتزايد فيه التحذيرات من احتمال تنفيذ هجمات واسعة ومنسقة، ما يعيد إلى الأذهان مشاهد سابقة من الفوضى وعدم الاستقرار.
انتشار الخلايا وتجدد عمليات التجنيد
وأكد مصدر عسكري في القوات الحكومية السورية، لـ”963+” أن “عشرات الخلايا التابعة لتنظيم داعش تنتشر حالياً في المناطق المذكورة سابقاً، وتتمثل مهمتها الأساسية في استقطاب الشباب السوري لمبايعة التنظيم، من خلال التغلغل في أماكن التجمعات العامة والمساجد، واستهداف ذوي الميول المتطرفة”.
وقد سُجلت خلال الأسابيع الأخيرة عدة بلاغات عن فقدان شبان من هذه المناطق، وكشفت التحقيقات الأمنية عن انضمام بعضهم رسمياً إلى صفوف التنظيم، بحسب المصدر.
وفي شهادة خاصة لـ”963+”، أفاد أحد الناجين من محاولة تجنيد أنه تعرض لتهديدات مباشرة من عناصر “داعش” قبل أن يتمكن من الفرار، في إشارة إلى الأساليب القسرية التي يعتمدها التنظيم لتجنيد عناصر جدد.
تسلل العناصر عبر ارتداء زي القوات الحكومية
وفي تطور اعتبره المصدر العسكري مقلقاً، أشار إلى أن “بعض عناصر داعش باتوا يرتدون الزي الرسمي للقوات الحكومية، ويتنقلون بحرية بين المناطق السكنية بهدف التمويه”.
وأعلنت القيادات العسكرية عن إطلاق خطة عاجلة تتضمن إصدار بطاقات تعريفية مشفرة لكافة المقاتلين، إلى جانب إنشاء أرشيف مركزي موحد يربط بيانات عناصر الوحدات العسكرية بسجلات إلكترونية لمنع عمليات التسلل.
وأوضح المصدر أن التنظيم تمكن من ضم عشرات العناصر الذين كانوا ينتمون سابقاً إلى “الجيش الوطني السوري”، بعد أن رفضت وزارة الدفاع استمرارهم لأسباب تتعلق بسوء السلوك أو تورطهم في قضايا شخصية. كما انضم إلى صفوف داعش عدد من المقاتلين المنضوين سابقاً في فصائل مدعومة من إيران، مشيراً إلى وجود لوائح اسمية مفصلة بالمتورطين.
البادية السورية مركز التحركات والتمويل
يستخدم “داعش” طرق التهريب التقليدية في البادية السورية للتنقل بين المحافظات، مستفيداً من اتساع رقعة المنطقة وصعوبة مراقبتها أمنياً.
وأكد المصدر أن “التنظيم يجهّز عبوات ناسفة وخططاً هجومية في مواقع سرية مجهّزة مسبقاً بكل محافظة، ويسعى إلى نقل بؤر عملياته من دير الزور إلى مناطق جديدة بهدف تشتيت جهود الجيش السوري وكسر الحصار الذي تفرضه القوات الأمنية”.
صعوبات تواجه “جيش سوريا الحرة“
على الرغم من وجود قوات جيش سوريا الحرة، في بادية تدمر وريف حمص، والتي تركز جهودها على ملاحقة خلايا “داعش”، فإن التنظيم ما زال يتمتع بمرونة كبيرة في التحرك والتنفيذ، ويستخدم أساليب متطورة للتمويه والاختفاء. وأشار المصدر إلى ضرورة تعزيز التنسيق بين الفصائل المسلحة والقوات الحكومية لسد الثغرات الأمنية القائمة.
وكشف مصدر خاص لـ”963+” أن المدعو “أبو قيس الحمصي”، المنحدر من بلدة الرستن بريف حمص، يُعد من أبرز الشخصيات الفاعلة في التنظيم. وقد تم نقله مؤخراً من البادية إلى أرياف حمص، حيث يتولى حالياً مهمة التخطيط لهجمات ضد القوات الحكومية وتوسيع عمليات التجنيد. ووفق المصدر، يتمتع “أبو قيس” بخبرة واسعة في تصنيع العبوات الناسفة، وسبق أن ارتبط اسمه بهجوم على حافلة عسكرية في بادية دير الزور الجنوبية.
تسليح وتمويل التنظيم
يتسلح مقاتلو التنظيم بكميات كبيرة من الأسلحة والذخائر، بعضها استُولي عليه من عناصر سابقين في قوات النظام بعد انهيار وحداتهم. كما يعتمد “داعش” في تمويله الذاتي على فرض “جباية الزكاة” القسرية على التجار والمستثمرين في المناطق التي يسيطر عليها جزئياً.
ووفق ما أفاد مصدر في قوات “سوريا الحرة”، لـ”963+” “يستعد داعش لتنفيذ سلسلة من العمليات المفاجئة والمتزامنة في عدة مناطق سورية، وتهدف هذه العمليات إلى إرباك القوات السورية وإعادة تموضع عناصر التنظيم في نقاط انطلاق جديدة بعيداً عن دير الزور، بالتوازي مع محاولات لتجنيد عناصر جدد في الفترة المقبلة”.
من جهته، حذر مصدر عسكري في “قسد” في تصريحات لـ”963+” من تنامي نشاط “داعش” بشكل واضح، خاصة في شمال شرقي سوريا، عقب انسحاب عدد من القواعد الأميركية من المنطقة.
ووفق المصدر، كشفت المعلومات الاستخباراتية عن مخططات كبيرة للتنظيم، من بينها تفخيخ سيارات في الأسواق المدنية واستهداف شخصيات بارزة من شيوخ ووجهاء العشائر.
وأشار إلى أن “قسد” تمكنت خلال الشهر الماضي من اعتقال أكثر من تسعة عناصر، بينهم قياديون، وإحباط ثلاث هجمات، إضافة إلى مصادرة عدة أنواع من الأسلحة. وبيّن المصدر أن التنظيم يعتمد حالياً على هيكلية سرية يصعب تفكيكها، إذ أن غالبية أفراده لا يعرفون بعضهم البعض، ولا يعلمون مواقع قياداتهم.
وختم المصدر من قسد تصريحه لـ”963+” بالقول إن التحقيقات والمعلومات الواردة من الأجهزة الاستخباراتية تشير إلى أن البلاد قد تكون على موعد مع هجمات كبيرة ينفذها التنظيم، ما يتطلب استنفاراً أمنياً واسعاً وتنسيقاً مكثفاً بين مختلف القوى المنتشرة في الجغرافيا السورية.
تصفح أيضاً