وبعدما بدأ الإثنين في السعودية جولته الخامسة في المنطقة منذ اندلاع الحرب، يصل بلينكن صباح الثلثاء إلى مصر قبل التوجه مساء إلى قطر، الدولتين اللتين تقومان مع واشنطن بجهود وساطة من أجل الهدنة، على أن يتوجه بعد ذلك إلى إسرائيل والضفة الغربية.
وواصل بلينكن وبن سلمان المناقشات بشأن التنسيق الإقليمي للتوصل إلى نهاية مستدامة للأزمة في غزة، بما يحقق السلام والأمن المستدام للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء.
وناقشا أيضا أهمية تحقيق المزيد من التكامل والازدهار في المنطقة وأعادا التأكيد على الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والسعودية.
وتطرق بلينكن وبن سلمان أيضا إلى الضرورة الملحة المتمثلة بالتخفيف من التوترات الإقليمية، بما في ذلك من خلال وضع حد لهجمات الحوثيين التي تقوض حرية الملاحة في البحر الأحمر وتعرقل إحراز التقدم في عملية السلام في اليمن.
وقبل الزيارة، شدّد بلينكن على ضرورة “الاستجابة بشكل عاجل إلى الاحتياجات الإنسانية في غزة”، بعدما دقّت مجموعات الإغاثة مراراً ناقوس الخطر حيال التداعيات المدمّرة على الجيب المحاصر للحرب التي تقترب من دخول شهرها الخامس.
ورفح التي أعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق من انفجار الوضع فيها بسبب تفاقم “اليأس” باتت تؤوي أكثر من نصف سكان غزة البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة بعدما نزحوا جراء العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وتقدّم الجيش الإسرائيلي نهاية الأسبوع الماضي جنوباً باتّجاه المدينة الحدودية، محذّراً من أنّ قواته البرية قد تدخل رفح في إطار العملية الرامية “للقضاء” على “حماس”.
والإثنين أكّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنّ “النصر الكامل سيوجه ضربة قاضية لمحور الشرّ المؤلف من إيران وحزب الله والحوثيّين وبالطبع حماس”.
أمّا وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت فقال إنّ رئيس المكتب السياسي لحركة “حماس” في قطاع غزة يحيى السنوار “ينتقل من مخبأ إلى آخر” وهو “غير قادر على التواصل” مع أوساطه.
وأوضح غالانت في مؤتمر صحافي أنّ السنوار “أصبح الآن إرهابياً فارّاً بعدما كان زعيماً لحماس” في قطاع غزة، من دون تقديم مزيد من التفاصيل.
وصباح الإثنين، أفادت مصادر وكالة فرانس برس بسماع دويّ قصف مدفعي في مناطق شرق رفح وخان يونس، المدينة الكبرى في جنوب القطاع.
وتقول إسرائيل إنّ عناصر “حماس” أعدّوا في خان يونس لهجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر)، وبأنّ كبار المسؤولين في حماس يختبئون في المدينة.
ويناقش بلينكن خلال جولته الجديدة في المنطقة مقترح هدنة أعدّ خلال اجتماع في أواخر كانون الثاني (يناير) في باريس بين رئيس الاستخبارات الأميركية المركزية وليام برنز ومسؤولين مصريين وإسرائيليين وقطريين، ولم توافق عليه بعد لا إسرائيل ولا حركة “حماس”.
وأفاد مصدر في الحركة بأن الاقتراح يشمل ثلاث مراحل وينصّ في المرحلة الأولى على هدنة تمتدّ على ستة أسابيع تطلق خلالها إسرائيل سراح ما بين 200 إلى 300 أسير فلسطيني، في مقابل الإفراج عن 35 إلى 40 رهينة محتجزين في غزة، على أن يتسنّى دخول ما بين 200 إلى 300 شاحنة مساعدات يوميا إلى غزة.
إلا أن حركة “حماس” التي تحكم غزة منذ 2007، أعلنت أنها لم تتخذ أي قرار بشأن المقترح، وهي تطالب بوقف إطلاق نار وليس هدنة جديدة.
وتشدّد إسرائيل في المقابل على أنها لن توقف نهائيا حربها على غزة إلا بعد “القضاء” على حركة “حماس” وتحرير كلّ الرهائن وتلقّي ضمانات بشأن الأمن في أراضيها.
وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الإثنين أن “حماس لديها مطالب لن نقبل بها”.
وسيشدد بلينكن في إسرائيل على ضرورة “الاستجابة بشكل عاجل إلى الاحتياجات الإنسانية” في القطاع المحاصر الذي يواجه أزمة إنسانية كبرى.
ويزداد الوضع الإنساني شدة في منطقة رفح حيث بات يتكدس نصف سكان القطاع، فيما ينضم إليهم آلاف النازحين الجدد يوميا.
وأعلنت الأمم المتحدة أن الوافدين الجدد إلى رفح لا يحصلون إلا على ليتر ونصف إلى ليترين من الماء يوميا لكل شخص للشرب والطهي وللنظافة الشخصية، محذرة من أن حالات الإسهال المزمن لدى الأطفال تزداد بشكل سريع.
وما يزيد الوضع مأساوية تعليق أكثر من عشر دول على رأسها الولايات المتحدة تمويلها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) إثر اتهامات إسرائيلية بضلوع 12 من موظفيها في هجوم السابع من تشرين الأول (أكتوبر).
ويركز التحرك الدبلوماسي أيضا على منع توسع التصعيد في المنطقة، مع ازدياد الهجمات التي تشنّها مجموعات مدعومة من إيران تضامناً مع “حماس” ضد إسرائيل وحلفائها، ما دفع الولايات المتحدة لتنفيذ ضربات مضادّة.
ونفّذت الولايات المتّحدة الأسبوع الماضي ضربات على 85 هدفاً في أربعة مواقع في سوريا وثلاثة مواقع أخرى في العراق استهدفت بحسب واشنطن مواقع للحرس الثوري الإيراني ولفصائل مسلّحة موالية لطهران.
وتوعّدت واشنطن بشنّ ضربات إضافية ردّاً على الهجوم الذي استهدف في 28 كانون الثاني (يناير) قاعدة عسكرية أميركية في الأردن قرب الحدود مع سوريا والعراق.
ودعت نائبة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية روزماري ديكارلو خلال اجتماع لمجلس الأمن الإثنين للنظر في هذه الضربات، إلى “مواصلة التعاون الحثيث مع جميع الأطراف لمنع مزيد من التصعيد”.