على الرغم من المطالبات الأمريكية بضرورة وضع خطة حول من سيدير قطاع غزة بعد الحرب، يؤكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو رفضه المستمر لتحديد استراتيجية اليوم التالي للحرب. وفي ظل رفض السلطة الفلسطينية للعودة للقطاع على راس دباية ، وتصريحات نتانياهو حول عدم قبولة لتسليم قطاع غزة للسلطة، من المحتمل أن يحدث أحد السناريوهات التالية:
تشكيل هيئة محلية تحت سيطرة أمنية إسرائيلية
صرح نتانياهو عن رغبته تسليم القطاع لحكومة مدنية تعمل تحت سيطرة أمنية إسرائيلية، ولكن تحقيق ذلك مستبعد، لأنه قد لا يقبل أحد من أعضاء المجتمع المدني من قيادات محلية ورجال أعمال التعاون مع احتلال شن حرب مدمرة على غزة، خوفا من اتهامهم بالخيانة الوطنية. لكن في حال حدوث فوضى أمنية، وتأخر المساعدات الإنسانية، قد يرى سكان غزة مصلحة في تشكيل هيئة محلية تدير الشؤون الانسانية وعمل الطوارئ في القطاع، للحد من الفوضى الأمنية، وهنا قد تستمر سيطرة الجيش الإسرائيلي على حدود القطاع مع توغلات برية محدودة، تتزامن مع عمليات قصف جوي.
تشكيل لجان حماية عشائرية
طرحت وسائل الإعلام الإسرائيلية فكرة التنسيق مع العشائر الفلسطينية بالقطاع لإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة، وردا على ذلك، أصدر مجلس العشائر بيانا رسميا بشأن رفضه التعاون مع إسرائيل بعد الحرب، و لكن في ظل احتمال انتشار الفوضي الأمنية في القطاع بعد مرحلة الحرب ، قد تجبر الغريزة الإنسانية العشائر لحماية أبنائها بشكل جماعي، عبر تشكيل لجان حماية من شباب العائلة للدفاع عن ممتلكات العائلة من السرقة والسطو، والعمل على تسهيل الوصول للمساعدات الإنسانية بالتنسيق مع المؤسسات الدولية وليس مع إسرائيل ، وقد لا يكون لتلك اللجان أي دور سياسي، بل قد يقتصر الأمر على رعاية شؤون العشيرة بشكل عام، مع استمرار الوجود الأمني الإسرائيلي في القطاع بشكل ما.
تشكيل قوات دولية
يبدو أن هذا السناريو هو الأقرب للتطبيق عمليا. فمنعا لإحراج السلطة الفلسطينية من العودة مباشرة إلي القطاع، واتهامها بالتعاون مع إسرائيل، وللحد من احتمل حدوث فوضى أمنية بالقطاع، قد يتم تشكيل قوات دولية بالتعاون مع حلف الناتو أو هيئة دولية أخرى، و ذلك بالتوافق مع تركيا، حيث ليس من المستبعد أن تكون زيارة وزير الخارجية الأمريكية بلنكين لتركيا لها علاقة بهذا الصدد، كون تركيا تُعد من الدول الكبرى المشتركة في حلف الناتو، ومعروفة بعلاقتها الإيجابية مع الفلسطينيين. قد تلقى هذه القوات قبولا عند الشعب الفلسطيني في حال اقتصر دورها على حفظ الأمن، وتسهيل المساعدات الانسانية للسكان، والإشراف على إعادة إعمار القطاع، لحين تسليم إدارته إلى لجنة وطنية قد تكون مهمتها التواصل مع السلطة الفلسطينية لتسليمها القطاع بشكل تدريجي، أو العمل على الإعداد لمرحلة جديدة من الانتخابات البرلمانية والرئاسية.
تَشكُلُ ميليشيات مسلحة عشوائية
في حال تعثرت عودة السلطة الفلسطينية إلى غزة، أو تعثر إرسال قوات دولية للقطاع، قد تتشكل بشكل عشوائي ميليشيات مسلحة مما تبقى من عناصر حماس، والفصائل المسلحة الأخرى. قد تقوم هذه الميليشيات بشكل غير مباشر بإدارة شؤون القطاع لبضع سنوات، مع محاربة من يتعاون مع القوات الإسرائيلية، ما قد يؤدي لحدوث تصفيات داخلية لشخصيات فلسطينية، ومن المتوقع أيضا ضمن هذا السناريو، حدوث صدام بين الجيش الإسرائيلي وهذه الميليشيات عند تنفيذ الجيش عمليات برية وجوية خاصة، من حين لآخر. ضمن هذا السناريو، من المرجح أن يستمر الحصار الإسرائيلي على القطاع، مع إغلاق معبر رفح، وتأخر إعادة إعمار غزة، لحين التوصل لحل يضمن تشكيل حكومة وطنية تُدير بشكل رسمي قطاع غزة.
أخيرا يمكن القول أن الشعب الفلسطيني هو وحده، بدعم من الدول العربية وأعضاء المجتمع الدولي، من يجب أن يقرر من يحكمه، و ليس إسرائيل أو أي قوى خارجية، ولكن، وبما أن الشعب الفلسطيني يخضع لاحتلال، ويقع ضحية لحرب مدمرة، فقد يضطر لقبول أي سيناريو يُطرح عليه، للتخلص سريعا من هذه الحرب الشعواء، و لكي يعود الي دياره التي هُجر منها.
رهام عودة ، كاتبة ومحللة سياسية فلسطينية مستقلة ، مقيمة بقطاع غزة ، وباحثة دكتوراه في العلوم السياسية ، يمكنكم متابعتها عبر منصة “أكس
لا تتّخذ مؤسسة كارنيغي مواقف مؤسّسية بشأن قضايا السياسة العامة؛ تعبّر وجهات النظر المذكورة في هذه الدراسة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر المؤسسة، أو فريق عملها، أو مجلس الأمناء فيها.