عاد اسم شادي المولوي، اللبناني الجنسية، ليحتل صدارة المشهد في الشمال السوري نتيجة الدور المحوريّ الذي يقوم به في التحقيق في قضية العملاء التي هزّت “هيئة تحرير الشام” ولا تزال تداعياتها متواصلة حتى الآن. وتدلّ المعلومات المسربة من كواليس الهيئة إلى أن المولوي ليس اللبناني الوحيد الذي يعمل في هذه القضية، بل هناك فريق كامل من “الجهاديين” اللبنانيين يقف إلى جانب زعيم الهيئة أبي محمد الجولاني، وينفذون أوامره بخصوص القضية متغاضين عن كل العلاقات السابقة التي كانت تربط بعضهم بقياديين جرى اعتقالهم بتهمة العمالة أو غيرها.
وتذكر مصادر مناهضة لـ”هيئة تحرير الشام” أن المولوي المعروف أيضاً باسم حسين اللبناني، وله ألقاب أخرى كذلك، يتولى مهمة أمير التحقيق في سجون الهيئة وهو المشرف العام على التحقيق في قضية العملاء التي هزّت أوساط هيئة تحرير الشام منذ الصيف الماضي، ويحاول الجولاني حالياً التخفيف من تداعياتها السلبية عبر إطلاق سراح المتهمين بعد ما تبيّن أن القضية شملت عدداً كبيراً من قادة الصف الأول والثاني في الهيئة، أمثال أبو ماريا القحطاني وأبو أحمد زكور، وعدد من القادة العسكريين والأمنيين.
وتقول المصادر إن المولوي هو المؤسس الفعلي لجهاز القمع في الهيئة حيث شكّل خلية لتدريب محققين في الهيئة على فنون التعذيب وأشكاله، وتطور الأمر حتى أصبحت الخلية أشبه بأكاديمية متخصصة في تخريج المحققين الأمنيين.
وبعد إطلاق سراح العشرات من المتهمين في قضية العملاء خلال الأسبوعين المنصرمين، أدلى عدد من هؤلاء بمعلومات صادمة عن دور شادي المولوي في تعذيبهم بأقسى الأساليب والأشكال، وذكر بعضهم أن من يُعرف داخل فرع التحقيق باسم “أبو الجماجم” لا يتوانى عن اللجوء إلى أي أسلوب يمكنه من استخراج المعلومات من الخاضعين للاستجواب حتى لو تطلب الأمر تهديدهم بأعراضهم وشرفهم والمس بنسائهم ونساء عائلاتهم.
وكان المولوي قد وصل إلى إدلب عام 2017 قادماً من مخيم عين الحلوة في لبنان. وذكرت المعلومات حينها أن خروجه كان بموجب صفقة تبادل لإطلاق سراح عدد من المخطوفين الدروز في الشمال السوري، غير أن طريقة خروجه ما زالت تشكل لغزاً يجري التكتم عليه من الجهات التي انخرطت في الصفقة، ولم تتضح حقيقة كيفية مغادرته مخيم عين الحلوة رغم مضيّ ما يقارب سبع سنوات.
والمفارقة أن أبا مالك التلي، أمير “جبهة النصرة” في القلمون سابقاً، لعب دوراً كبيراً في هذه الصفقة وأصرّ على وضع اسم شادي المولوي ضمن قائمة التبادل، لكن الأخير سرعان ما انقلب على صديقه الذي أنقذه وسارع إلى تنفيذ أوامر الجولاني باعتقال التلي عندما اندلع الخلاف بينهما بعد ذلك بفترة قصيرة.
وقد شغل المولوي مهمة الإشراف على سجن الشيخ بحر الذي يعتبر من أكبر سجون “هيئة تحرير الشام”، وقد ساعده ولاؤه المطلق للجولاني في الترقي في المهمات حتى أصبح مسؤول التحقيق في سجون الهيئة كافة والمدرّب والمؤسس لجهاز التحقيق وجهاز التعذيب المرادف له.
كما ربطت المولوي علاقة قوية بأبي ماريا القحطاني الذي يعتبر الرأس المدبّر في قضية العملاء، حتى أن بعض التقارير ذكرت في عام 2022 أن القحطاني طلب من المولوي تصفية عدد من قيادات “الجيش الوطني” السوري الممول من تركيا، وبعض الشخصيات المناهضة لـ”هيئة تحرير الشام”. وكان من بين الأسماء المطلوب تصفيتها العميد أحمد رحال، المقدم أبو عبدو فيلق، المقدم أبو حمزة القناطري.
ولكن، كذلك لم تشفع هذه العلاقة للقحطاني في التملص من قبضة المولوي الحديدية التي يطبقها على كل من يؤشر نحوه الجولاني.
وإلى جانب المولوي يعتمد أبو محمد الجولاني على عدد من اللبنانيين الآخرين لإدارة بعض الملفات الحساسة، سواء داخل إدلب أم في تركيا. ويبرز في هذا السياق اسم مازن مرعبي باعتباره ذراع التجسس الأولى للجولاني في المنطقة عبر توليه إدارة شركة اتصالات تابعة لـ”هيئة تحرير الشام” وتعمل من داخل الأراضي التركية.
وظهرت شركة “سيريا كونيكت” وفرضت على جميع أصحاب شبكات الإنترنت الانضواء تحت اسمها لتكون الشركة الوحيدة المصدرة للإنترنت ضمن مناطق حكومة الإنقاذ في إدلب ومحيطها الخاضع لسيطرة الجولاني.
وأدّى ظهور “سيريا كونيكت” المفاجئ إلى تشكيل تكتل إنترنت إدلب، وهو عبارة عن تجمع لأصحاب جميع شركات تزويد الإنترنت العاملة في المنطقة.
وفي 23 تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 أصدرت حكومة الإنقاذ قراراً رسمياً حمل الرقم 303 نص على كون شركة “سيريا كونيكت” هي المزود الوحيد لخدمات الإنترنت في الشمال السوري.
ووفق تكتل إنترنت إدلب، تقود الشركة مجموعة من الأشخاص وبمسميات مختلفة، تدعمها شركة “Hat net” (المزود الحصري لسيريا كونيكت)، مديرها لبناني الجنسية من مدينة طرابلس اسمه مازن مرعبي، وهو يسعى للسيطرة على احتكار الإنترنت في الشمال السوري.
وتبرز ألقاب لجهاديين لبنانيين آخرين يقفون مع الجولاني ويتولون إدارة شؤونه وملفاته، ولكن لا تعرف هوياتهم الحقيقية مثل أبي عمر اللبناني وأبي أسامة اللبناني وآخرين.