قالت تقارير إعلامية تابعة للحرس الثوري الإيراني، إن الحالة الصحية لزعيم مجموعة مجاهدي خلق، مسعود رجوي، تدهورت بسبب تفاقم معاناته من مرض السكري وبتر إحدى قدميه وفقد بصره قبل الإعلان عن وفاته.
و”مجاهدي الخلق إحدى أبرز المنظمات المعارضة للنظام الإيراني، وجرى الإعلان عن وفاة زعيمها السابق عام 2020. ونقلت وكالة تسنيم الإيرانية عن مصدر أمني وصفته بالمطلع قوله، إن زعيم المجموعة توفي حينها بنوبة قلبية بعد معاناة من المرض.
وأشار المصدر إلى أن “رجوي” “جرح خلال عملية نفذتها القوات الأميركية في العراق وأصيب في وجهه وقدميه لذلك تجنب الحضور في العلن خلال السنوات الماضية”.
وأضاف “استقر مسعود رجوي في الأردن (بعد الهرب من العراق) وتدهورت حالته الصحية بسبب مرض السكري وعانى من ضغط الدم وكانت هواجس مجاهدي خلق من التعرف على مكان اختفائه ومنع تلقيه العلاج، ومع تدهور حالته الصحية فقد بصره كما اضطر إلى بتر إحدى قدميه بسبب معاناته من المرض”.
وخلال محاولات مجاهدي خلق الخروج من العراق -بعد أن أخذت الهجمات ضد مقرهم في معسكر أشرف منحى تصاعدياً– سعوا بقوة إلى شطب المجموعة من قوائم الإرهاب، وكان أحد شروط الولايات المتحدة عدم مشاركة مسعود رجوي في أي برامج أو لقاءات أو حتى نشر صوره بأي شكل من الأشكال، وفق الوكالة الإيرانية.
وكانت قاعدة أشرف الواقعة في بيجي العراقية تعرضت لعمليات متعددة من قبل الميليشيات التابعة لإيران، كما أعلنت طهران عن أنها استهدفت القاعدة مرات متعددة، الأمر الذي أدى إلى خروج المجموعة من بلاد الرافدين والانتقال إلى ألبانيا.
وقال المصدر الإيراني، إن ممثل الإدارة الأميركية أبلغ “مجاهدي خلق” في لقاء سري بأن جميع برامج وأنشطة التنظيم يجب أن تكون عبر مريم رجوي، مضيفاً أن واشنطن تعهدت حماية مسعود رجوي واشترطت على المجموعة التزامات متعددة.
وكانت مجموعة مجاهدي خلق قبلت شرطاً أميركياً بالانتقال إلى بلد أوروبي بعد دراسة عدد من الشروط منها توزيع أعضاء المجموعة على عدد من البلدان الآسيوية والأفريقية والأوروبية.
وحتى اللحظات الأخيرة من حياته، ظل مسعود رجوي يعيش تحت حماية القوات الأميركية في مكان مجهول، وكشفت بعض المصادر أنه كان يقيم في الولايات المتحدة نفسها، طبقاً لما أوردته وكالة تسنيم.
بدوره، قال المصدر الأمني الإيراني، إن عباس شاكري المعروف بالاسم الحركي الدكتور فاضل تولى في وقت سابق مهمة علاج مسعود رجوي بصفته طبيباً خاصاً له.
وعباس شاكري من مواليد مدينة خرم آباد الواقعة غربي إيران، وكان يعمل طبيباً في منطقة تجريش شمالي العاصمة طهران، وهرب إلى العراق عام 1982 بعد انضمامه إلى “مجاهدي خلق”، ويقطن حالياً في فرنسا تحت اسم ضياء الدين عبدالرزاق.
وتنشر مجموعة “مجاهدي خلق” بيانات بتوقيع مسعود رجوي بين فترة وأخرى بسبب الكاريزما التي يحظى بها بين أنصاره ولم تنشر أي صور حديثة منه.
تنظيم يساري إسلامي
تعد مجموعة مجاهدي خلق من أبرز تنظيمات المعارضة التي حملت السلاح لإطاحة النظام الإيراني واعتقل الأمن الإيراني عديداً من منتسبيها وأصدر أحكاماً بالإعدام بحق كثير من النشطاء السياسيين بتهم الانتماء إلى المجموعة.
وتأسست المجموعة عام 1965 خلال حكم الشاه وعمل على إطاحة الحكم الملكي، وفي عام 1971 اعتقل أمن الشاه (السافاك) قادة المجموعة، وأصدر أحكاماً بالإعدام والسجن ضد عدد منهم.
وتنضوي المجموعة على توجهات إسلامية ويسارية ولها فرع عسكري خاض عمليات متعددة ضد النظام الإيراني. ومنذ عام 2014 لم ترد أنباء عن زعيمها مسعود رجوي وتولت زوجته مريم رجوي إدارة المجموعة التي انتقل غالبية أعضائها من العراق إلى ألبانيا.
وبعد الثورة الإيرانية عام 1979 استمرت المجموعة في نشاطها بقيادة موسى خياباني ومسعود رجوي تحت اسم “الحركة الوطنية للمجاهدين”، وبعد خلافات مع قادة النظام الجديد ورجال الدين أعلنوا معارضتهم لنظام الخميني وبعد إقالة أبو الحسن بني صدر من رئاسة البلاد أعلنت المجموعة عملها لإطاحة نظام رجال الدين.
بعد سنتين من الحرب بين إيران والعراق انتقلت المجموعة إلى بغداد، وحظيت بدعم من النظام العراقي السابق وخاضت من هناك عمليات متعددة ضد النظام في طهران، ومن أبرز عملياتها محاولة توغل داخل الأراضي الإيرانية عرفت تحت عنوان “فروغ جاويدان”.
آنذاك تمكنت المجموعة من السيطرة على مناطق حدودية لكن لم يصمد أعضاؤها كثيراً وقضى غالبيتهم في القتال مع الحرس الثوري، وبدأت بعد تلك العملية حملة إعدامات ضد السجناء السياسيين شملت أكثر من 3 آلاف سجين.
مسعود رجوي رجل الظل
وانضم مسعود رجوي إلى مجاهدي خلق في سن 19 عاماً، وشهد نشاطه نمواً سريعاً في المجموعة واعتقل عام 1970 من قبل جهاز أمن الشاه (السافاك) وقضى سنوات في السجن وأطلق سراحه بعد انتصار الثورة الإيرانية لكنه اعتقل مرة أخرى وأودع السجن.
وحاول أعضاء “مجاهدي خلق” إقامة علاقة تعاون مع النظام الجديد بقيادة الخميني وكانوا يصفونه بـ”الإمام” والتقى مسعود رجوي وموسى خياباني مع الخميني بعد الثورة لكن مواقف التنظيم والانتقاد من الوضع السياسي في البلاد سرعان ما تسبب في تدهور العلاقة بينه والخميني وبعد سنتين خاض التنظيم نشاطاً مسلحاً ضد النظام الإيراني.
واضطر مسعود رجوي إلى الاختفاء في البلاد ومواصلة عمله سراً إلى أن هرب من إيران إلى فرنسا. وكان رجوي في إيران حتى عام 1981 وترشح للانتخابات الرئاسية ورفض النظام ترشيحه بسبب عدم مشاركته في التصويت على الدستور الجديد في البلاد وأعلن التنظيم وقتها دعم ترشيح أبو الحسن بني صدر الذي فاز في أول انتخابات رئاسية بعد إطاحة حكم الشاه.
وبعد إقصاء بني صدر وإصدار حكم باعتقاله استطاع رجوي الهرب من البلاد برفقة بني صدر وكان قائد الطائرة التي نقلتهما إلى خارج البلاد بهزاد معزي وهو ذلك الطيار الذي قاد الطائرة التي أقلت الشاه محمد رضا إلى الخارج قبل تسليمه الحكم إلى النظام الجديد.