تواصل إيران مساعيها الإقليمية في ضوء التهديدات الإسرائيلية بتوجيه ضربة واسعة إليها، قد تشمل استهداف منشآتها النووية. وفي هذا الإطار تحديداً، جاءت جولة وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، والتي شملت إلى جانب بيروت ودمشق، كلّاً من الرياض والدوحة وبغداد ومسقط وعمّان والقاهرة، وأخيراً إسطنبول، التي وصلها الوزير، أمس. وهناك، التقى عراقجي، نظيره التركي حاقان فيدان، وأعربا عن إدانتهما للتهديدات الإسرائيلية، واستمرار حرب الإبادة في غزة والعدوان على لبنان. وقال فيدان إن «إسرائيل تسعى جاهدة إلى توسيع الحرب وفتح جبهات جديدة، وضرب إيران»، معتبراً أن للأخيرة «الحقّ في الدفاع عن نفسها». وأضاف: «على إسرائيل أن تنهي اعتداءاتها على لبنان، وتمتنع عن المزيد من التصعيد، وأن توقف فوراً انتهاكاتها للقانون الدولي»، إذ «لا نريد الحرب في المنطقة ويجب عدم الاستخفاف بمخاطر نشوبها. نحن في حالة توتّر يمكن أن تكون لها انعكاسات على المستوى العالمي».
بدوره، رأى عراقجي أن في إمكان تركيا وإيران أن «تلعبا دوراً مهمّاً في الأمن العالمي. يجب أن تسهِما في الاستقرار والتنمية الاقتصادية في المنطقة»، وأنه «لا توجد أيّ حدود أمام تطوير العلاقات بين البلدين، ولا سيما في مجالات الطاقة والنقل والاستثمارات المشتركة. يجب فتح بوابات عبور جديدة بين البلدين ومضاعفة حجم التجارة». كذلك، لفت الوزير الإيراني إلى أن «إسرائيل هي التهديد الأكبر للسلام العالمي. نحن نريد السلام، ولكننا نتّخذ كل الاحتياطات المناسبة، ومستعدّون لكل السيناريوات»، إلا أن «الولايات المتحدة تشجّع نتنياهو بدعمها له. نحن ندعم وقف النار فوراً في لبنان وغزة، وندين اغتيال السنوار».
في هذا الوقت، أجمعت الصحافة التركية على أن اغتيال زعيم حركة «حماس»، يحيى السنوار، «لن يغيّر من واقع أن المقاومة في غزة مستمرّة، بل إن الاغتيال سيزيدها قوة». وممّا لفت، في ذلك الإطار، عقْد لقاء جمع مسؤولين في «حماس» إلى وزير الخارجية التركي، في أنقرة، شارك فيه أعضاء في المكتب السياسي للحركة. وتناول المجتمعون مسألة وقف إطلاق النار، وتبادل الأسرى، فيما أبلغهم فيدان بأن بلاده تبذل أقصى إمكاناتها الديبلوماسية لدى المجتمع الدولي لمواجهة الكارثة الإنسانية في قطاع غزة. وقال فيدان، في حوار تلفزيوني، إن «إسرائيل تعمل على توسيع الحرب، واحتمال نشوب حرب إيرانية – إسرائيلية، كبير. نقيّم الموقف نحن والدول الإقليمية على أساس أن احتمالات الحرب عالية، وذلك مهمّ لنكون على استعداد لمواجهتها». وأضاف أن «تركيا، بطبيعة الحال، لا تتمنّى توسع الحرب. ولن تدعم أيّ حرب تستهدف إيران. ولكن في حال حدوثها، فإن لإيران حق الدفاع عن النفس».
رأى عراقجي أن في إمكان تركيا وإيران أن تلعبا دوراً مهمّاً في الأمن العالمي
وممّا لفت في الحوار أيضاً، قول فيدان إن «الحساسية التي أظهرتها دول المنطقة في موضوع فلسطين، لم تظهرها في ما يتعلّق بلبنان».
وفي إطار التعليقات على اغتيال السنوار، كتب محمد علي غولر، في صحيفة «جمهورييات»، أن «العملية تكذّب ثلاثة أمور: أن السنوار كان يستخدم الرهائن دروعاً بشرية؛ أن وكالة الأونروا تدعم حماس، وتبين أن أحداً من الوكالة لم يكن بجانب السنوار؛ والكذبة الثالثة أن السنوار يعرقل السلام. وإذا كان هذا صحيحاً، فلتتفضّل أميركا وتعلن وقفاً لإطلاق النار. لكن نتنياهو، لا غيره، هو الذي يعرقل السلام، بل إن بايدن كشف أن الجيش الإسرائيلي قتل السنوار بمساعدة الاستخبارات الأميركية». واعتبر غولر أن اعترافات الأميركيين «تكذّب الزعم بأن إسرائيل متفوّقة، وتقتل هي من تشاء أينما تشاء. فمن دون الأسلحة الأميركية والدفاع الصاروخي الأميركي، فلن تكون هناك اعتداءات إسرائيلية».
ومن جهته، رأى برجان توتار، في صحيفة «صباح» الموالية، أن إسرائيل «حاولت أن تصوّر اغتيال السنوار على أنه إنجاز إستراتيجي، وبدا كما لو أنه مخرج لنتنياهو من مأزقه. لكن شهادة السنوار تحوّلت إلى انقلاب إستراتيجي يفسد مخطّطات الحرب الإقليمية التي يسعى إليها نتنياهو». وقال توتار إن «الحرب البطولية حتى النفس الأخير، والتي قادها السنوار، أظهرت أن النظام الإسرائيلي لن يصل إلى أهدافه القذرة تجاه حماس ولا تجاه فلسطين. نتنياهو لن يصل إلى أهدافه، فلا حماس كُسرت باغتيال السنوار، ولا الرهائن عادوا». وأضاف الكاتب أن «اغتيال السنوار بالنسبة إلى الولايات المتحدة يمكن أن يشكّل إستراتيجية للخروج من غزة. وهذا ما أكدته كامالا هاريس، حين قالت إن مقتل السنوار وكسر حماس يشكلان فرصة للخروج من غزة».