الرابح الأول من فوز ترامب، وعودته إلى رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، هي إسرائيل، وبشكل خاص بنيامين نتنياهو وحكومته اليمينية المتطرفة، التي تجد نفسها، بوجود حليف كترامب، في فرصة تاريخية لتعزيز وجودها ومكانتها من النهر إلى البحر، وفي عموم الشرق الأوسط.
ما سيفعله ترامب لن يخرج عن ثوابت الإدارة الأمريكية في دعم إسرائيل وضمان امنها وتفوقها في المنطقة، وتعزيز مكانتها فيها، سواء عن طريق تطبيع وجودها وعلاقاتها في الإقليم، وهو مسعى يتفق عليه الحزبين الديمقراطي والجمهوري، أو في سعيها للتنكر لحق الفلسطينيين في دولة مستقلة، سيما إنه يرى أن إسرائيل دولة صغيرة وتستحق ان تكون اكبر، وسبق له ان اعترف بالقدس عاصمة موحدة لها، كما اعترف بسيادتها على الجولان السورية، مع سعيه شطب منظمة التحرير الفلسطينية من المعادلات السياسية.
فيما يخص سياسة ترامب المستقبلية إزاء إيران فاستمرارية السياسة الأمريكية هنا، أو عدم استمراريتها، تنبع من متغيرات فرضتها الأحداث، أي إن زمن الاستثمار الأمريكي والإسرائيلي في السياسة الإيرانية في المنطقة انتهى، على الأرجح، بعد أن استكملت مراميها، بالخراب، والتصدع، الدولتي والمجتمعي، الحاصلين في المشرق العربي في العراق وسوريا ولبنان (واليمن)، والذي خدم إسرائيل لعقود قادمة.
أيضا هذا يتعلق بإمكان التحول من الاستثمار فيما تفعله إيران في المنطقة إلى محاولة تحجيمها، وأذرعهما الميلشياوية في الإقليم، التي بدا إنها خرجت عن المسموح به، أو المسكوت عنه، أمريكيا وإسرائيليا، بهذا القدر أو ذاك، وذلك بعد هجوم “طوفان الأقصى”، وما استتبعه من تحريك إيران لتلك الميلشيات فيما عرف بـ “وحدة الساحات”، وضمنه هجمات الحوثيين التي أضرت في الملاحة الدولية.
المعنى هنا أن التغير في السياسة الأمريكية إزاء إيران، من الاستثمار والاستيعاب إلى التحجيم يأتي ضمن الاستمرارية، مع ذلك فإنه لا يمكن التيقن بمدى ذلك، إذ ربما يأتي تحجيم إيران فقط على شكل تقليم أظافر، في أماكن محدودة (ضمنها كسر شوكة حزب الله والحوثيين باليمن) مثلا، أو قد يأتي على شكل إعادة إيران إلى خلف حدودها، أو ربما على شكل قصم ظهرها بتوجيه ضربات في إيران ذاتها ما يسهم في ضعضعة استقرار النظام فيها.