كانت السردية الاتهامية التي تمسكّت بأسمالها المعارضة الإخوانية طوال أكثر من عقد من النزاع السوري، هي القائلة بإن قد SDF عميلة للنظام ومتواطئة معه. كانت ترفع هذه الخرقة البالية في وجه كل من يدعو إلى وحدة المعارضة السورية، وحدة الكرد والعرب في مواجهة بطش النظام واستبداده. الآن بعد أن اهترأت تلك الذريعة الرثة وفقدت جدواها مع اندفاعها في ركب راعيها التركي نحو استجداء رضى نظام الأسد بهدف المصالحة معه، راحت أبواق تلك المعارضة، الإعلامية والسياسية، تخترع سردية جديدة لإيهام الشارع السوري وإشغاله، كي تبرر بها فشلها وسقوطها أخلاقياً وسياسياً ووطنياً. إن هدف هؤلاء من وراء ملء الدنيا وإشغال الناس بهذا الصراخ الزائف والزعيق والتهويل المجاني عن النزعة( الإنفصالية) لقسد ومن ورائها الكرد، هو التغطية على( المساومة القذرة) التي تجري بين الراعي التركي( شايلوك الإسلامانيين) ونظام الأسد على حساب تضحيات ملايين السوريين وأوجاعهم، وصرف الأنظار عن خياناتهم السابقة والخيانات الكبرى، التي سيقدمون عليها مجاناً لمصلحة النظام قريباً، كاستحقاقات حتمية لقبوله المصالحة مع أردوغان والرضى بهم والعفو عنهم. إنهم يثيرون زوابع الغبار عن( النزعة الانفصالية) بغرض إخفاء خيانتهم تلك وتمريرها، كما فعلوا من قبل عندما ساوموا النظام في دمشق والغوطة وحلب حتى وصلوا الآن إلى قاع الإفلاس. الآن يطالبون قسد بإثبات العكس، علماً بأن البيّنة على من ادعى !!، أي عليهم بأن يبرهنوا على صحة ادعائهم بأن قسد انفصالية. مع العلم بأن قسد لم تتبنَ في أيّ وقت من الأوقات، سواء عبر مواقفها أو من خلال أدبياتها، الإعلامية والسياسية، مشروعاً أو خطاباً قومياً من نوع ما، ولا يمكن تأكيد ذلك حتى على مستوى بوست لفيسبوك، على العكس من ذلك تتبنى قسد خطاباً أيديولوجياً ينتمي إلى فضاء الخطاب الكوزموبوليتكي، ماوراء القومي. موقف الغوغاء هذا أشبه مايكون عندما يريد أحدهم أن يتنصل من صفقة شراء الحليب فيتذرع ويطالب بائع الحليب بأن يبرهن على أن حليبه ليس ملوناً.
إن إثارة هذه الضوضاء والجلبة حول( انفصالية) قسد والكرد، هو تسويغ تلك الخيانة وتمريرها ومن ثم التمهيد لحلف مشترك( تركي/ سوري/ إيراني) برعاية روسية للقضاء على الوجود الكردي، وتقويض آخر الحصون لمعارضة محتملة ضد نظام الأسد. ،مع ذلك لن تنتهي ذرائع هذه المعارضة الإخوانية، العميلة والمأجورة، مع إثبات بياض الحليب، إنما ستبتدع أخرى متى ما شعرت بأنها حلمها الإخواني/ العثماني مهدد بالسقوط، وقد سقط مشروعهم بالفعل، ويكلل عار الخيانة والهزيمة رؤوسهم جميعاً الآن. وهكذا كانت ولادة المشروع الإخواني منذ بداياته محكوماًً بخطيئة معاداة الدولة الوطنية والديمقراطية الحديثة، وعلى الدوام كانت أفكار المساواة والمواطنة والحرية تثير حفيظتها وتستيقظ لديها صبواتها نحو تكفير الآخر وتفتيت المجتمعات، ومن هنا نفهم، علاوة على ماسبق، معزى اتهام تلك المعارضة الإخوانية وازدرائها بخطاب انتفاضة السويداء المدنية وشعارات المنتفضين سلمياً باعتبارهم( ثوّار جياع) وكأن الجوع لايضرّ بكرامة الإنسان عند هؤلاء التكفيريين الدوغمائيين !. في الوقت الذي ألصق إعلام النظام بتلك الانتفاضة نعت( الانفصال) بداهة و( العمالة) لإسرائيل. ويلاحظ هنا إن النظام مع عصابة المعارضة المتأخونة تتبادل الأدوار مع الحفاظ على الهدف نفسه، هو ألا يقرر السوريون مصيرهم الديمقراطي والوطني بأنفسهم وبإرادتهم الحرة. هنا ردودس انزل هنا.
(متاحة للنشر للجميع)