AFP

اتفقت إسرائيل و”حماس” بوساطة أميركية– مصرية– قطرية، على أول صفقة تبادل للأسرى والسجناء بين الطرفين منذ الحرب بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وكانت “حماس” وفصائل فلسطينية أخرى قد احتجزت نحو 250 شخصا في هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول بينهم نحو 70 طفلا وامرأة، منهم 53 لدى “حماس”، والبقية لدى أطراف أخرى في غزة.

وعقدت جولات عدة من المفاوضات في القاهرة، وتل أبيب، والدوحة، في الأسابيع الماضية، تناولت إبرام صفقة تبادل الى حين الاعلان مساء الثلثاء عن اتفاق.

المعايير والمواقيت

تناولت الجولات الأولى تحديد معايير ومواقيت الصفقة، بحيث تشمل: الأطفال والنساء والعسكريين، نسبة المقايضة (إسرائيلي واحد مقابل كل 3 فلسطينيين؟)، والمساعدات الإنسانية، والوقود، والهدنة، والطلعات الجوية، والقصف، والمدة، والتسلسل.

 

وقد شكّل اتفاق خروج الأجانب ومزدوجي الجنسية من قطاع غزة (بين 5 و7 آلاف شخص) مقابل دخول مساعدات إنسانية ووقود وإخراج جرحى للمعالجة في مصر، اختبارا لإمكانية عقد صفقة أخرى تتعلق بالأسرى.

 

 

وحتى اليوم، لم تفرج “حماس” سوى عن أربعة محتجزين فقط، هم: الأميركيتان جوديث رعنا (59 عاما) وابنتها ناتالي رعنا (17 عاما) يوم 20 أكتوبر “لأسباب إنسانية”، والإسرائيليتان نوريت كوبر (79 عاما) ويوشيفيد ليفشيتز (85 عاما) في 23 أكتوبر. وقالت “سرايا القدس”، الجناح العسكري لـ”حركة الجهاد الإسلامي”، التي شاركت في هجوم 7 أكتوبر، في وقت متأخر من الثلاثاء إن إسرائيلية تم احتجازها في الهجوم توفيت.

 

وسيشكل اتفاق التبادل الأول، أطفالا ونساء مقابل أطفال ونساء، اختبارا للمرحلة الثانية التي تشمل مقايضة خروج الأسرى العسكريين لدى “حماس” مقابل خروج آلاف الفلسطينيين من سجون إسرائيل.
وأعلنت هيئة شؤون الأسرى في السلطة الفلسطينية، إن من بين أكثر من 7800 أسير فلسطيني في سجون إسرائيل هناك نحو 85 امرأة و350 قاصرا.

أرقام الصفقة

استمرت المفاوضات إلى آخر لحظة يوم الثلاثاء، ليتم الإعلان عن بنودها، وتشمل إخراج “حماس” 50 طفلا وامرأة مقابل إخراج إسرائيل لـ150 فلسطينيا، أي واحد مقابل ثلاثة.
وتم الاتفاق على أن تكون مدة الهدنة أربعة أيام، تتوقف خلالها الطلعات الجوية والقصف والاستطلاع لست ساعات يوميا، وتقوم “حماس” بتسليم قوائم الأسرى إلى مصر عبر رفح، ثم ترسل لإسرائيل التي ترسل بدورها قوائم السجناء الفلسطينيين لتجرى عملية التبادل.
تدخل إسرائيل خلال هذه الفترة بين 200 و300 سيارة مساعدات بينها 8 شاحنات وقود وغاز، إضافة إلى ضمان حرية تحرك الفلسطينيين من شمال غزة إلى جنوبه عبر ممر آمن.

 

بموجب الاتفاق، تبحث “حماس” خلال فترة الهدنة، عن 20-23 طفلا وامرأة مع جهات أخرى في غزة، وهذا ما يفتح المجال أمام تمديد الهدنة لستة أيام.
وستعمل اللجنة الدولية للصليب الأحمر داخل غزة لتسهيل إطلاق سراح المحتجزين، مع وعود بزيارات لاسرى اسرائيليين.

مواقف الأطراف

قال بيان صادر عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه سيجري إطلاق سراح 50 امرأة وطفلا على مدى أربعة أيام سيتم خلالها وقف القتال. وأضاف أنه مقابل كل عشرة محتجزين إضافيين يجري إطلاق سراحهم، سيتم تمديد الهدنة ليوم آخر، وذلك دون الإشارة إلى إطلاق سراح أسرى فلسطينيين في المقابل. وقالت الحكومة الإسرائيلية إنه بالإضافة إلى المواطنين الإسرائيليين، فإن أكثر من نصف المحتجزين يحملون جنسيات أجنبية ومزدوجة من حوالي 40 دولة بما في ذلك الولايات المتحدة وتايلند وبريطانيا وفرنسا والأرجنتين وألمانيا وتشيلي وإسبانيا والبرتغال.

 

من جهتها، قالت “حماس” إن الاتفاق ينص على إطلاق سراح المحتجزين الخمسين مقابل 150 امرأة وطفلا فلسطينيا في السجون الإسرائيلية.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن إنه يرحب بالاتفاق. وأضاف في بيان له: “اتفاق اليوم يجب أن يعيد المزيد من الرهائن الأميركيين إلى الوطن، ولن أتوقف حتى يتم إطلاق سراحهم جميعا”.
وقالت الحكومة القطرية إنه سيجري إطلاق سراح 50 امرأة وطفلا مدنيا محتجزين في غزة مقابل إطلاق سراح عدد من النساء والأطفال الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية.

 

وقال مسؤول أميركي كبير إنه من المتوقع أن يكون من بين المحتجزين الذين سيفرج عنهم ثلاثة أميركيين، بينهم طفلة تبلغ من العمر ثلاث سنوات كان والداها من بين القتلى خلال هجوم “حماس” يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.

أبعاد الاتفاق

الاتفاق هو أول هدنة في الحرب التي تسبب القصف الإسرائيلي خلالها في تسوية مساحات شاسعة من قطاع غزة الذي تديره “حماس” بالأرض. وتقول السلطات في غزة إن الحرب أسفرت عن مقتل 13300 مدني في القطاع الصغير المكتظ بالسكان وتركت حوالي ثلثي سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة بلا مأوى.
لكن نتنياهو قال إن مهمة إسرائيل الأشمل لم تتغير. وقال في رسالة مسجلة بداية اجتماع للحكومة “نحن في حالة حرب وسنواصل الحرب حتى نحقق كل أهدافنا؛ وهي تدمير حماس وإعادة جميع الرهائن وضمان عدم تمكن أي كيان في غزة من تهديد إسرائيل”.
من جهتها، قالت “حماس” في بيانها: “إننا في الوقت الذي نعلن فيه التوصل لاتفاق الهدنة، فإننا نؤكد أن أيدينا ستبقى على الزناد، وكتائبنا المظفرة ستبقى بالمرصاد للدفاع عن شعبنا ودحر الاحتلال والعدوان”.
وستعمل “حماس” على تمديد ساعات الهدنة من خلال العمليات اللوجستية، بينما ستعمل إسرائيل على استمرار القصف والعمليات في هذه “التوقفات”. ستحاول “حماس” تحويل الهدن الى وقف للنار، وستضغط دول عدة الى اسرائيل في هذا الاتجاه، فيما يسعى نتيناهو الى استمرار العمل العسكري أو الاستعداد له في سياق الهدن.

هذه ليست التحديات الوحيدة. ولا شك أن الصفقة قد تدخل حرب غزة في مرحلة جديدة، في حال تم تنفيذها وتجاوز عقبات التزام بنودها، وتشمل: التزام اسرائيل بوقف الطلعات الجوية الاستطلاعية ووقف القصف وعدم اعاقة تدفق مساعدات ووقود، والتزام “حماس” بوصول “الصليب الأحمر” الى اسرى وتسليم اخرين.