قال المبعوث الأميركي إلى سورية توماس برّاك، لـ”العربي الجديد” إنّ “رؤية الرئيس دونالد ترامب تهدف إلى إعطاء سورية فرصةً، إذ لم تؤدِّ تدخلات الغرب في هذه المنطقة من العالم، منذ 1919، إلى نتائج رائعة إذا نظرنا إلى سايكس بيكو وتقسيم العالم إلى دول قومية وما تلاها، ناهيك عن أنّ بريطانيا وعدت بإعطاء فلسطين ثلاث مرات لثلاثة شعوب وغيرها… رؤية الرئيس ترامب مختلفة وهذا ليس ما يريد القيام به”. وجاءت تصريحات المسؤول الأميركي خلال مؤتمر صحافي عقده في نيويورك مع الصحافيين الأجانب المعتمدين لدى المكتب الإعلامي لوزارة الخارجية الأميركية في نيويورك.
وتابع في أعقاب ردّه على سؤال حول تصوّر الإدارة الأميركية الحالية للوضع في سورية وأهدافها: “إذاً ما الذي يريد الرئيس ترامب القيام به؟ لقد تراكمت العقوبات على النظام الآخر (نظام الأسد). والمذهل أن لا أحد كان يتوقع أن يتمكّن نظام (الرئيس الحالي أحمد) الشرع من الوصول إلى دمشق في ديسمبر/كانون الأول الماضي. لقد قاموا بعمل جيّد في إدلب، لكنّ نظام الأسد كان مسيطراً بشكل كامل (في دمشق)”، وأشار إلى أنّ واحداً من الأمور الأساسية لتصوّر ترامب في ما يخصّ الشرع بداية يتمثل باتخاذ “انتقال بطيء إلى حكومة جديدة. والرسالة الرئيسية من الرئيس ترامب في رفع العقوبات هي أنه لا يمكن منحهم فرصةً إذا كانوا مقيدين. ويمكن دائماً العودة لفرض العقوبات إذا حدث شيء سيّئ جداً”، وأضاف “أعطى ذلك الناس أملاً بعد كل ما مروا به منذ 2011 (…) بعض الدول أرادت أن يكون ذلك تدريجياً حتى نتمكن من مراقبة ورؤية ما يحدث. لكنّ الرئيس قرّر أنه لن يفعل ذلك ببطء لأنهم يحتاجون إلى الموارد لكي يتقدموا بسرعة ويحتاجون دعم العالم”. ورأى برّاك أن التوجه الأميركي في سورية هو “مقاربة وتجربة جديدة لبداية نظيفة” لهذه المنطقة المعقدة من العالم؛ الشرق الأوسط والخليج والشرق الأدنى، و”طَرح سؤال ما إذا كان يمكننا خلق لوحة جديدة؟؛ إنها تجربة ونحن في البداية”.
ورداً على سؤال مراسلة “العربي الجديد” حول المحادثات بين إسرائيل وسورية، قال برّاك “كما تذكرين عندما رفع الرئيس ترامب العقوبات أعلن وزير الخارجية ماركو روبيو عن خمسة شروط رئيسية يريد أن يرى نظام الشرع يلتزم بها، وواحد منها كان اتفاقيات أبراهام (التطبيع)”. وشدّد على “الإشارة إلى اتفاقيات أبراهام وليس توقيعها. والقول هل يمكن تطبيع العلاقات بين سورية وإسرائيل؟ هذا الأمر يتطلب بطبيعته تطبيعاً بين لبنان وإسرائيل، والأردن وإسرائيل، والعراق وإسرائيل، وتركيا في خضمّ هذا كلّه، إنّه هدف كبير. لذا؛ كان الشرع صريحاً في تأكيده أن إسرائيل ليست عدواً، وأنه مستعد للنقاش والتشاور معهم حول كيفية حل المشاكل التي تواجههم، وسيبدأ ذلك بخطوات صغيرة كما هو الحال في كل مكان في المنطقة”.
أحمد الشرع وتوماس برّاك، دمشق 9 يوليو 2025 (بكر القاسم/فرانس برس)
أخبار
برّاك: لا تقدم في مفاوضات دمشق و”قسد” وواشنطن تثق بالحكومة السورية
وحول ما تأمل الإدارة الأميركية في حدوثه، أضاف “أملنا أنه مع الخطوات الجريئة التي اتّخذها الرئيس ترامب واستهداف المفاعلات النووية الإيرانية، ستتشكّل فرصة قد تكون قصيرة الأمد، وهي أنّ إيران وحركة حماس وحزب الله والحوثيين، قد جرى إبطاؤهم حالياً على الأقل. ويمكن لبقية الدول (دول المنطقة) أن تقرّر بنفسها حياةً جديدة ودستوراً جديداً والابتعاد عن (الاستقطابات) الطائفية، ولكن هذا يعود لهم… والآن مع إبعاد داعش وإيران يبقى الأمر بأيدي تلك الدول”.
وحول ما إذا كان مجلس الأمن الدولي سيرفع العقوبات الدولية المفروضة على سورية كما فعلت الولايات المتحدة، أشار إلى أنّ هناك عدداً من الدول ترغب بالانتظار لرؤية ما ستؤول إليه الأوضاع في سورية، بما فيها الدستور وقضايا الأقليات والمقاتلون الأجانب الذين قُدّر عددهم بأكثر من عشرين ألفاً، وشرح أن “القيود المفروضة على هيئة تحرير الشام واثنين من كبار مسؤولي حكومة الشرع قيد الدراسة، ويمكن تفكيكها تدريجياً، (وإلى حينه) يمكن لمجلس الأمن منح إعفاء كلما طُلب ذلك. لكن هناك رؤية بين العديد من الدول الأعضاء بأن رفعها بالكامل خطأ، وأنهم يريدون رؤية المزيد من التقدم في القضايا التي تهمهم، كحقوق الأقليات، والمقاتلين الأجانب”.
وقال إنّ ما تدين به الولايات المتحدة لقوات سوريا الديمقراطية (قسد) لا يشمل دعم تكوين حكومة مستقلة ضمن الحكومة، ما تدين به هو “الحرص على أن يكون هناك منطق لاحتوائهم في حكومة سورية واحدة”، وشدد على أن “دمشق أخذت موقفاً لا يسمح بالفيدرالية ولا بوجود قوات تابعة لمكونات، درزية أو علوية أو كردية، وهكذا سيكون هناك كيان واحد”.
كما شدّد على أن منطلق الولايات المتحدة هو “أنها تعترف بالدول القائمة والمعترف بها قانونياً. أما كل الجماعات الأخرى التي تتنافس للحصول على مكان داخل الدولة، قد نتعاطف معها ونفضل بعضها في أوقات. وبالتأكيد هناك تعاطف داخل الكونغرس مع قسد. ونريد أن يكون هناك طريق لانضمامهم إلى الحكومة. لا توجد أيّ مؤشرات أنه ستكون هناك دولة كردية مستقلة تحت حكمها أو دولة علوية أو درزية”، وأضاف: “في سورية هناك نظام يتشكل، وسيكون هناك دستور وبرلمان ويجب أن يتمكن الجميع من الإدلاء بدلوهم حول كيفية حدوث ذلك”. وأشار إلى أن قوات قسد كانت شريكاً مهماً، وأن الإدارة الأميركية تريد أن يجري التعامل معها على نحوٍ عادل، وأن تكون لديها فرصة. وشدّد على أن النظام السوري الجديد يريد سورية واحدة موحدة. وقال إنّ الاتفاق الذي أُبرم في مارس/آذار الماضي بين الشرع وقائد قوات قسد مظلوم عبدي “لم ينجح لأنه لم يجرِ تحديد التفاصيل، والآن نحاول أن نجمع بينهما ونتوسط ونساعد. لكنّنا لن نفعل ذلك دائماً”، وأضاف أن الولايات المتحدة ملتزمة إزاء قسد لكن “بشرط أن يكونوا عمليين وإلّا فستكون هناك بدائل أخرى”.
google newsتابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News