ملخص
كشف التقرير عن أنه “في التسجيل الصوتي لقمرة القيادة يُسمع أحد الطيارين وهو يسأل الآخر لماذا أوقف مفتاح الوقود، فيجيبه الآخر بأنه لم يفعل ذلك”، قبل أن تبدأ الطائرة بالهبوط بسرعة.
أفاد تقرير أولي اليوم السبت بأن حالة من الارتباك سادت قمرة القيادة قبيل لحظات من حادثة تحطم طائرة تابعة للخطوط الجوية الهندية الشهر الماضي، والتي راح ضحيتها 260 شخصاً.
وكشف التقرير عن أن مفاتيح التحكم في ضخ الوقود إلى محركي الطائرة انتقلت من وضع التشغيل إلى الإيقاف قبل لحظات من تحطمها بعيد إقلاعها، مما أدى إلى توقف المحركات عن العمل نتيجة انقطاع إمداد الوقود.
وأوضح التقرير الذي أصدره المحققون في أسوأ كارثة طيران يشهدها العالم منذ 10 سنوات أن الطائرة وهي من طراز “بوينغ دريملاينر” سقطت بعدما بدأت تفقد القوة الدافعة فور إقلاعها في رحلة من مدينة أحمد آباد إلى لندن.
ويثير التقرير عن الحادثة التي وقعت في الـ12 من يونيو (حزيران) الماضي تساؤلات جديدة حول موضع مفاتيح التحكم في تدفق الوقود، كما يشير إلى عدم وجود مسؤولية على الأرجح على شركة “بوينغ” وشركة “جنرال إلكتريك” المصنعة للمحركات.
وبعد لحظات قليلة من إقلاع الطائرة كشفت كاميرات المراقبة عن ظهور “التوربين الهوائي الدافع”، وهو جهاز صغير يعمل تلقائياً لتوفير الطاقة للطائرة في حالة توقف المحركات، مما يدل على فقدان الطاقة من المحركات.
أشخاص يقفون بجوار لافتة تعزية وهم ينتظرون تسليم جثمان قائد الطائرة هو سميت سابهروال (رويترز)
صوت أحد الطيارين
في اللحظات الأخيرة من الرحلة سُمع صوت أحد الطيارين في مسجل صوت قمرة القيادة وهو يسأل الآخر عن سبب قطعه للوقود. وجاء في التقرير “أجاب الطيار الآخر بأنه لم يفعل ذلك”.
ولم يحدد التقرير أي تعليقات صدرت من قائد الطائرة وأيها عن المساعد ولا من هو الطيار الذي أرسل نداء الاستغاثة قبل الحادثة مباشرة.
وكان قائد الطائرة هو سميت سابهروال (56 سنة) الذي يمتلك خبرة طيران إجمالية تبلغ 15638 ساعة وفقاً للحكومة الهندية، وكان مدرباً أيضاً في شركة الخطوط الجوية الهندية. أما مساعده كلايف كندر (32 سنة) فلديه خبرة إجمالية تبلغ 3403 ساعات.
وتحولت مفاتيح التحكم في تدفق الوقود في نفس اللحظة تقريباً من وضع التشغيل إلى وضع الإيقاف بعد الإقلاع مباشرة. ولم يوضح التقرير الأولي كيف تحولت المفاتيح إلى وضع الإيقاف في أثناء الرحلة.
ذكر مكتب التحقيق الهندي في تقريره المكون من 15 صفحة أنه بمجرد أن وصلت الطائرة إلى أقصى سرعة مسجلة لها، “انتقل مفتاحا الوقود للمحرك 1 والمحرك 2 من وضع تشغيل إلى إيقاف واحداً تلو الآخر بفارق زمني قدره ثانية واحدة”.
وأضاف التقرير “في التسجيل الصوتي لقمرة القيادة يُسمع أحد الطيارين وهو يسأل الآخر لماذا أوقف مفتاح الوقود. فيجيبه الآخر بأنه لم يفعل ذلك”، قبل أن تبدأ الطائرة بالهبوط بسرعة.
ثم عادت مفاتيح الوقود إلى وضع التشغيل وبدأ المحركان باستعادة طاقتيهما، لكن “أحد الطيارين أرسل نداء استغاثة، مايداي مايداي مايداي”.
وسأل مراقبو الحركة الجوية الطيارين عن المشكلة، لكنهم سرعان ما شاهدوا الطائرة تهوي وتتحطم، حيث استدعوا فرق الطوارئ إلى موقع الحادثة. وأكد المكتب أن التحقيق جارٍ، وأنه تم “طلب أدلة ومعلومات إضافية من الجهات المعنية”.
ويقول خبراء سلامة الطيران في الولايات المتحدة إنه لا يمكن للطيار أن يحرك مفاتيح الوقود بالخطأ. وقال خبير أميركي في مجال السلامة الجوية يدعى أنتوني بيركهاوس “إذا كان الطيار هو من حركها، فلماذا؟”.
وأشار خبير الطيران الأميركي جون نانس إلى أن كل مفتاح تحول إلى وضع الإيقاف بفارق ثانية عن الآخر، وهو الوقت التقريبي الذي يستغرقه تحويل أحدهما ثم الآخر. وأضاف أن الطيار لا يقوم عادةً بإيقاف المفاتيح في أثناء الطيران، خصوصاً في بداية الصعود.
ويؤدي التحويل إلى وضع الإيقاف إلى توقف المحركات بشكل شبه فوري. ولا يستخدم هذا الوضع غالباً إلا لإيقاف المحركات بعد وصول الطائرة إلى بوابة المطار أو في بعض حالات الطوارئ مثل نشوب حريق في المحرك. ولم يشر التقرير إلى وجود أي طارئ كان يتطلب إيقاف المحركات.
ووفقاً للتقرير فقد وُجد في موقع التحطم أن مفتاحي الوقود كانا في وضع التشغيل، وكانت ثمة مؤشرات إلى محاولة إعادة تشغيل المحركين قبل سقوط الطائرة من على ارتفاع منخفض.
تدقيق شديد
وجَّه المجلس الوطني الأميركي لسلامة النقل الشكر للمسؤولين الهنود على تعاونهم، وأشار إلى أن التقرير لم يتضمن أي توصيات باتخاذ إجراءات ضد الجهات المشغلة لطائرات “بوينغ 787” أو لمحركات “جنرال إلكتريك”.
وأكدت إدارة الطيران الاتحادية الأميركية أن أولويتها تتمثل في تتبع الحقائق أينما تتجه، وأنها ملتزمة التعامل سريعاً مع أي أخطار يتم تحديدها خلال العملية.
وقالت “بوينغ” إنها تواصل دعم التحقيق ودعم شركة الخطوط الجوية الهندية. ولم ترد شركة “جنرال إلكتريك” للطيران على طلب للتعليق.
ويتولى مكتب التحقيق في حوادث الطيران، وهو جهة تابعة لوزارة الطيران المدني الهندية، قيادة التحقيق في الحادثة التي أسفرت عن مقتل جميع من كانوا على متن الطائرة وعددهم 242 شخصاً باستثناء شخص واحد، إضافة إلى 19 شخصاً آخرين على الأرض.
وغالباً ما تقع حوادث الطيران نتيجة تداخل عوامل عدة. وبحسب القواعد الدولية يفترض صدور تقرير أولي خلال 30 يوماً من الحادثة مع توقع صدور التقرير النهائي خلال عام.
وتخضع شركة الخطوط الجوية الهندية حالياً لتدقيق شديد منذ وقوع الحادثة. وتعوِّل الهند على ازدهار قطاع الطيران لدعم أهدافها التنموية الأوسع.