في خطوة توضح استراتيجياتها المستقبلية، أعلنت شركة “أبل” أنها لا تخطط للدخول في مجال تطوير محركات البحث، مفضلة الالتزام بما تجيده من مجالات أخرى. جاء ذلك في وثائق قضائية قدمتها الشركة هذا الأسبوع في واشنطن العاصمة، حيث استعرض إيدي كيو، نائب الرئيس الأول للخدمات في “أبل”، أسباب عدم توجه الشركة لتطوير محرك بحث خاص بها.
السياق القانوني والاتفاق مع “غوغل”
التصريح جاء على خلفية قضية الاحتكار التي رفعتها وزارة العدل الأميركية ضد “غوغل”، والتي تزعم أن “غوغل” تمتلك احتكاراً غير قانوني في سوق محركات البحث. أحد الأدلة الرئيسية في القضية هو اتفاق مشاركة الأرباح بين “غوغل” و”أبل”، الذي يمنح “غوغل” صفة محرك البحث الافتراضي على متصفح سفاري الخاص بأجهزة آبل. وتدفع “غوغل” لـ”أبل” مقابل هذا الاتفاق منذ عام 2002، حيث ارتفعت قيمة المدفوعات بشكل ملحوظ على مر السنين، لتصل إلى نحو 20 مليار دولار في عام 2022.
وقد طلبت “أبل” المشاركة في المحاكمة للدفاع عن شراكتها مع “غوغل”. وفي الوثائق المقدمة هذا الأسبوع، شرح إيدي كيو دوافع هذا الاتفاق، مشيراً إلى الأسباب التي تجعل “أبل” تفضل استخدام محرك بحث “غوغل” بدلاً من إنشاء محرك خاص بها.
أسباب رفض تطوير محرك بحث خاص
ذكر كيو ثلاثة أسباب رئيسية لعدم رغبة “أبل” في تطوير محرك بحث خاص بها:
1. التكلفة العالية والوقت الطويل
أشار كيو إلى أن تطوير محرك بحث سيكلف مليارات الدولارات ويستغرق سنوات عديدة، ما سيؤدي إلى تحويل الموظفين واستثمارات رأس المال بعيداً عن المجالات الأخرى التي تحقق النمو للشركة.
2. التطور السريع لمحركات البحث والذكاء الاصطناعي
أكد كيو أن محركات البحث تتطور بسرعة مع التقدم في تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يجعل الاستثمار في هذا المجال حالياً محفوفاً بالمخاطر الاقتصادية.
3. التعارض مع سياسات الخصوصية والبنية التحتية غير المناسبة
يتطلب تطوير محرك بحث ناجح إنشاء منصة إعلانات موجهة، وهو مجال ليس جزءاً من عمل “أبل” الأساسي. كما أن الشركة تفتقر إلى الكوادر والبنية التشغيلية اللازمة لتطوير هذا النوع من الأعمال. علاوة على ذلك، قد يتعارض هذا مع التزامات “أبل” طويلة الأمد بحماية خصوصية المستخدمين.
العلاقة مع “غوغل” ومحركات بحث أخرى
أكد كيو أن افتراض وزارة العدل أن “أبل” ستطور محرك بحث خاصاً بها في حال انتهاء الاتفاق مع “غوغل” هو افتراض غير صحيح. وأوضح أن منع اتفاق مشاركة الأرباح مع “غوغل” سيؤثر سلباَ على قدرة “أبل” على تقديم منتجات تخدم احتياجات مستخدميها بشكل أفضل.
كما أشار كيو إلى أن “أبل” لديها اتفاقيات مشاركة أرباح مع محركات بحث أخرى مثل “ياهو”، “مايكروسوفت بينغ”، DuckDuckGo، وEcosia وذكر تقرير لـ CNBC أن “أبل” فكرت في عام 2018 في شراء محرك “بينغ” من “مايكروسوفت” أو الاستثمار في صفقة بمليارات الدولارات لتقليل هيمنة “غوغل” على أجهزتها. لكن هذه الصفقة لم تكتمل، لتجنب التأثير السلبي المحتمل على العلاقة مع “غوغل”.
تؤكد “أبل” أن تطوير محرك بحث خاص بها ليس ضمن خططها، حيث إن التكلفة العالية والمخاطر الاقتصادية والسياسات المتعلقة بالخصوصية تجعل هذه الفكرة غير مجدية للشركة. بدلاً من ذلك، تعتمد “أبل” على شراكاتها الاستراتيجية مع محركات البحث الأخرى لتلبية احتياجات مستخدميها دون التضحية بالتزاماتها الأساسية تجاه خصوصية العملاء واستراتيجيات النمو.