استقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو الذي يزور إسرائيل، بمزيد من التشدد حيال مستقبل المرحلة الثانية من وقف النار في غزة، وبمنع إدخال البيوت الجاهزة والجرافات المتوقفة على الجانب المصري من معبر رفح، إلى القطاع، على رغم إطلاق “حماس” ثلاثة أسرى إسرائيليين السبت، في إطار بنود وقف النار الهش الساري منذ 19 كانون الثاني/ يناير الفائت.
يضفي نتنياهو غلالة من الشك حول ما إذا كان سينتقل إلى المرحلة الثانية من الاتفاق، التي تعني وقفاً دائماً للنار وتبادلاً لما تبقى من الأسرى. وتدل كل المؤشرات إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي راغب في تمديد المرحلة الأولى التي تنتهي في الأول من آذار/مارس، حتى يتفادى حصول هزات في ائتلافه الحكومي، إذا ما وافق على وقف الحرب.
وعليه، يستخدم نتنياهو مسألة منع إدخال البيوت الجاهزة والخيم ومعدات الإنقاذ الثقيلة إلى القطاع، عامل ضغط على “حماس” للموافقة على تمديد المرحلة الأولى.
وفي المنتصف، يأتي الموقف الأميركي الذي عبّر عنه الرئيس دونالد ترامب ويدعو إلى إطلاق كل الأسرى الإسرائيليين الأحياء دفعة واحدة. ويعمل مبعوثه الخاص ستيف ويتكوف مع الوسطاء على الدفع نحو إطلاق من لا يزال منهم على قيد الحياة قبل انتهاء المرحلة الأولى، ولو كان ذلك يعني المجازفة بتعديل اتفاق وقف النار الذي شارك هو شخصياً في صوغه مع فريق إدارة الرئيس السابق جو بايدن.
أما روبيو فحمل معه إلى إسرائيل ما يتجاوز اتفاق وقف النار. وجوهر زيارته يركز على خطة ترامب لتهجير سكان غزة إلى مصر والأردن، كي تتملك الولايات المتحدة القطاع وتحوله إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”، وسبق وصول روبيو تسلّم إسرائيل شحنة من قنابل زنة ألفي رطل، كانت إدارة بايدن قد أرجأت تسليمها خوفاً من استخدامها في قصف التجمعات السكنية في غزة.
وفي مناورة للالتفاف على الرفض العربي لهذه الخطة، يطرح روبيو مسألة أن ما قاله ترامب هو الخيار المطروح الآن، وبأنه لا مانع لدى واشنطن من مناقشة البديل في حال توافره. ويشكل هذا عامل ضغط على الاجتماع المقرر في الرياض هذا الأسبوع لقادة السعودية ومصر ودولة الإمارات العربية المتحدة وقطر، للبحث في بديل من خطة التهجير، وذلك قبل القمة العربية الطارئة التي تستضيفها مصر في 27 شباط الجاري.
وبين الرفض العربي للتهجير وتمسك ترامب وإسرائيل به، يصير مصير وقف اتفاق النار في غزة مهدداً بالانهيار. وربما هذا سر إلحاح نتنياهو وترامب على تعديل الاتفاق، بحيث يتم الإفراج عن كل ما تبقى من أسرى أحياء، حتى تتحرر الحكومة الإسرائيلية من ضغوط عائلات الأسرى، في حال تجدد الحرب، التي سيكون هدفها هذه المرة التهجير القسري لسكان غزة وتنفيذ خطة ترامب في ظل “الجحيم” الذي يهدد به.
هذا هو الفخ الذي تحاول “حماس” تجنبه من خلال رفضها تسليم أقوى أوراق الضغط التي في حوزتها، من دون أن يعني هذا أن نتنياهو لن يستأنف الحرب حتى ولو بقي أسرى أحياء في غزة.
إن فرص الانتقال إلى المرحلة الثانية تزداد تضاؤلاً، بعدما مضى أكثر من عشرة أيام على الموعد الذي كان يفترض أن تبدأ فيه. وإذا ما جرى تمديد المرحلة الأولى، فمن المؤكد أنه لن تكون هناك مرحلة ثانية، وتصير العودة إلى الحرب هي الأكثر ترجيحاً، وسط أجواء لا توحي الارتياح في ما يتعلق بوقف النار في لبنان، مع رفض إسرائيل الانسحاب في الموعد المحدد غداً وتمسكها ببقاء احتلالها لخمس نقاط على الجانب اللبناني من الحدود، بينما تتوغل القوات الإسرائيلية أكثر في الأراضي السورية.
هذا ما يضع المنطقة بكاملها أمام سيناريوات أكثر خطورة وتعقيداً.