مئات الضحايا في غزّة. افتتاح نهاية الهدنة واستئناف الحرب بمجازر أخرى مروّعة. بنيامين نتنياهو يمدّد عمر حكومته. البيت الأبيض يبرّر ويبارك، فهذا يدعم مخطط دونالد ترامب لتهجير أهل القطاع. الذريعة أن مفاوضات الدوحة تعثّرت لأن “حماس” لم تقبل العرض الأميركي الأخير لتبادل الأسرى وأرادت تعديله ليلحظ نهايةً للحرب. جاء الردّ الإسرائيلي بخطة معدّلة لا تتضمن تحركاً برّياً، بل قصفاً جوياً لا هدف له سوى قتل المدنيين لمجرد القتل، وللضغط على “حماس”. لم يعد التفاوض “ترفاً ديبلوماسياً” ولا وسيلةً لإثبات الوجود والحفاظ على السيطرة والسلطة، ففي الجولة التالية من التفاوض قد تكون الخيارات أقلّ وأكثر سوءاً.

 

من المؤكّد أن قرار الهجمات الأميركية المستمرّة على مواقع الحوثيين في اليمن مرتبط بقرار إسرائيل وواشنطن استئناف الحرب على غزّة، كذلك بالتحضير لضرب إيران. كان الحوثيون حددوا مهلة لإدخال المساعدات إلى غزة، وإلا فإنهم سيعاودون هجماتهم على إسرائيل وعلى السفن في البحر الأحمر. دونالد ترامب حذر إيران وطلب أن تُوقف دعمها للحوثيين، أي بمعنى آخر أن تأمرهم بالانكفاء، وهي لن تفعل لأنهم ينفّذون سياسة إيرانية، كذلك لأن قرصنة السفن أتاحت لهم مصادر تمويل عبر ابتزاز شركات النقل. لكن ترامب انتقل من تحذير إيران إلى اعتبارها “مسؤولة” عن أي هجمات حوثية جديدة، وقال إنه يخيّرها فيها بين “اتفاق جديد” و”ضربة عسكرية” لمنشآتها النووية.

WERBUNG

يُراد لاشتباكات الحدود اللبنانية – السورية أن تُفهم، أو بالأحرى يريدها “حزب إيران/ حزب الله” أن تُفهم على أنها مسألة أبناء عشائر يدافعون عن خطوط التهريب التي كانت سالكة بأمان أيام شريكهم النظام السوري السابق، لكن الأحوال تغيّرت مع السلطات الجديدة التي تريد قطع مورد رزقهم الوحيد. ينفي “الحزب” أي علاقة له بإشعال الحدود، لكنه لا يمانع في القول إن منطقة الاشتباكات كانت ولا تزال “تحت سيطرته”، كما أن أبواقه السياسية والإعلامية تكثّف مطالبة الجيش اللبناني بالتدخّل لحسم التوتّر، ولا شك في أن لـ”الحزب” مصلحة في افتعال إشكالٍ يفجّر الوضع بين الجانبين اللبناني والسوري. هذه المصلحة هي إيرانية أولاً وأخيراً.

 

من غزّة إلى اليمن إلى لبنان، تحافظ إسرائيل والولايات المتحدة على التصعيد ضد أذرع إيران، لكنهما تركّزان أيضاً على تقييد الحكم الجديد في سوريا لاستدراجه إلى تنازلات لا يملك شرعية كافية لتقديمها، فيما تضاعف واشنطن ضغوطها على الحكومة العراقية لتضبط الميليشيات من جهة وتخفّض مستوى ارتباطها بإيران سياسياً واقتصادياً وأمنياً من جهة أخرى. هذا يعني أن إدارة ترامب لا تمارس في المنطقة “سياسة إنهاء الحروب”، وأنها أزالت أي فوارق تميّزها عن أجندة اليمين المتطرّف في إسرائيل، وبات هذان الحليفان يتشدّدان في استفزاز إيران وإحكام الحصار عليها، بل لم يعودا يخفيان أن مهاجمتها مباشرةً ستكون خطوتهما التالية. وإذ تحاول الأذرع الإيرانية الإيحاء بأنها لم تفقد قوّتها ويمكنها مؤازرة إيران إذا هوجمت، إلا أن قدراتها لا تسمح لها بـ “إشعال” المنطقة تطبيقاً للتهديدات الإيرانية السابقة.

 

 

العلامات الدالة
ايران ، غزة ، ترامب ، سوريا ، حوثي