آلاف السوريين/ات نشروا على صفحات التواصل تهانيهم للكرد بمناسبة عيد النوروز، والآلاف احتفلوا ورقصوا في حلقات الدبكة مع الكرد، وما يزيد على مئة تهنئة على البريد الخاص ..ظاهرة تبدو جديدة فاجأت فقط من لم يعرف سوريا الحقيقية، من يصر أن ينظر اليها من خلال نخب الحرب والتأزيم.
تأتي التهاني من كل مكان، من ادلب وحلب، الى الساحل الجريح والمكلوم، الى حمص، الى درعا الابيّة وهي تقول لاللطغاة والغزاة، الى ابناء جبل الريان ومن صدحوا يوماً زينوا المرجة والمرجة لنا، الى الرقة وديرالزور الى جنوب الرد في القامشلي، الى دمشق وفرح وتمايل شباب الأمن العام مع رقصات النوروزييّن… هذه هي سوريا وهذا هو السوري، هذه هي الروح السورية التي تقتنص أية فرصة لتؤكد انها عصيّة على دجل اللصوص في ثوب الساسة، وأمراء الحرب، وتتطهّر من رجس العصبيّات المصنّعة، أوالوافدة والمستوردة، سوريا صيدنايا /الدّير/ وليس صيدنايا المعتقل – المسلخ، هذه هي سوريا سعيد حورانية وعبد السلام العجيلي وحنا مينة وجكرخوين ونزار قباني، وممدوح عدوان، وحيدر حيدر، وسعد الله ونوس، ورياض الصالح الحسين، هذه هي سوريا التي ارادها يوسف العظمة وسلطان الاطرش، وصالح العلي، وفارس الخوري ومحمد الاشمر، وابراهيم هنانو، ورمضان شلاش، وسعيد اغا الدقوري، وعدنان المالكي، وصولاً الى شهداء الحركة الاحتجاجية السلمية بعد 2011 سوريا الواحدة الموحدة التعددية، سياسياً وسياسياً وسياسياً.. و من ثم قومياً ودينياً.
أربعون عاماً في العمل السياسي، وثمانية سنوات في العمل الصحفي، وقراءات تاريخية من مذكرات وسِيَر اكرم الحوراني الى خالد العظم وشكري القوتلي، وامينة عارف الجراح وآخرون وأخريات.. خمسة وعشرون عاماً في مهنة التدريس، وثمانية اعوام في العمل الصحفي، جمعتني هذه المحطات بسوريين وسوريات، أكدت لي على الدوام بأن هناك سوريا أخرى، سوريا حقيقية غير تلك الصورة النمطية والمزيفة التي خلقتها وعممتها وسائل الاعلام وهي تقصف الوعي الاجتماعي على مدار الساعة، سوريا التي تصر على أن تعبر عن نفسها في كل فرصة ممكنة، كما كان الحال مع تفاعل السوريين/ات مع ذكرى واحتفالات نوروز… أجمل ما في هذا التفاعل هو إنه جاء صفعة جديدة، على وجوه الفسابكة ومثقفي الـ قطعة بعشرة الذين لايعرفون سوريا والسوريين إلا من خلال آخر نشرة انباء استمعوا اليها، العميان، وذوو العقول المتكلسة الذين لايرون أبعد من محيطهم الاجتماعي الضيق الديني والطائفي والقومي.
مرة أخرى لو كان لي أن اعانقكم/ نّ ايها السوريين والسوريات……