1- عندما غُيِّر العلم السوري الرسمي إلى علم الاستقلال في التظاهرات ضد نظام الأسد بدءًا من عام 2012 بطريقة غير قانونية وغير مسؤولة من قبل بعض الأفراد والتيارات المعارضة، كُنت ضد هذا التغيير (مع أنني كنت مع إبداع رمز آخر خاص بالثورة) لأنه سيفتح باب الاستهانة بأي رمز وطني، وكتبت مقالة عن ذلك في اليوم نفسه الذي غُيِّر فيه العلم. وهذا ما حصل للأسف؛ فقد رأينا علم الاستقلال وقد كُتبت عليه عبارات مختلفة في مراحل لاحقة، ثم تكاثرت الأعلام بعد ذلك لتصل إلى حمل أعلام طائفية ومناطقية وقومية ما زالت مستمرة حتى اليوم.
2- عندما أمعن النظام السابق في العنف وقتل السوريين واعتقالهم وتعذيبهم، بعد الثورة السورية، طالب كثيرون بالتدخل الخارجي، حتى إن إحدى الجمع سُمِّيت بجمعة “الناتو”، وطالب كثير من المعارضين على الأقنية الفضائية الدول الغربية بالتدخل، وكنت من بين المعترضين على ذلك لأسباب كثيرة، من بينها أن ذلك سيفتح الطريق أمام أي مجموعة سورية مستقبلًا في فترات أخرى لتطلب تدخلًا خارجيًا لأسباب تخصها (اليوم هناك جهات عديدة تطالب بتدخل خارجي وحماية دولية).
3- عندما هاجمت إسرائيــــل حزب الله في لبنان وسورية، وهاجمت “الجيش السوري الرسمي” عدة مرات، استنكرتُ مباركة هذا الهجوم، على الرغم من موقفي الواضح ضد النظام السابق وحزب الله وجرائمهما ضد السوريين منذ ما قبل الثورة بعقد من الزمن على الأقل، وطالبت بالصمت على أقل تقدير لأسباب عديدة، منها ألا نضع أنفسنا في أي لحظة في صفِّ المحتل الإسرائيــــلي، ولأن هذا الفعل سيسمح لسوريين وعرب آخرين مستقبلًا بأن يباركوا عدوانًا إسرائيـــليًا ضد أطراف سورية أخرى (اليوم: الجهات والشخصيات التي كانت تؤيد الهجوم الإسرائيلي على الجيش السابق أصبحت تدين العدوان الإسرائيـــلي، والعكس بالعكس).
الخلاصة:
1. في الحقيقة، لا يُعتد بمواقف كثير من السوريين في هذه المسائل، طوال 15 عامًا، لأنها لحظية وانفعالية ولا تأخذ المستقبل وتغيراته في الحسبان.
2. هناك حالة سائدة بين السوريين، خلال الـ 15 عامًا الماضية، يمكن تسميتها بـ “تشظي الوعي”، حيث لا توجد وجهات نظر متماسكة ومنسجمة من الألف إلى الياء لدى كثير منهم، فما لديهم هو مجرد ضجيج من المواقف المتناقضة وغير المبدئية تجاه عدد من المسائل الوطنية الجوهرية.
3. الكيل بألف مكيال هو الظاهرة الأبرز في معظم المحطات بين السوريين، وإن جدالاتهم ضد بعضهم بعضًا تكشف درجة متفاقمة من البؤس وعدم القدرة على رؤية عيوب الذات في مقابل البراعة في رؤية عيوب الآخر.
4. إن إعادة بناء الثوابت والمقدسات الوطنية على أسس جديدة هي إحدى المهمات الملحة، ولا سيما على مستوى الدولة والقوى السياسية والنخب الثقافية.