تقرير حقوقي حول أحداث الساحل السوري – 2025
الصادرعن: اللجنة الكردية لحقوق الإنسان – راصد
تاريخ الإصدار: نيسان 2025
الفترة الزمنية المغطاة: 6 آذار – 10 نيسان
شهادات ناجين ومواطنين من سكان الساحل
فيديوهات موثقة ومتداولة على وسائل التواصل الاجتماعي
تقارير منظمات حقوقية دولية ومحلية مثل المرصد السوري لحقوق الانسان ، الشبكة السورية لحقوق الإنسان، هيومن رايتس ووتش، ومنظمة العفو الدولية
مصادر إعلامية مستقلة
الانتهاكات الموثقة:
– القتل خارج نطاق القانون
كما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بارتفاع حصيلة ضحايا مجازر الساحل السوري إلى 1,676 شخصاً، بينهم 866 في اللاذقية، 525 في طرطوس، و272 في حماة
وقد أضاف المركزي السوري لحرية الاعلام والتعبير إنه وثق بالأسماء مقتل 1169 مدنيا “تتوزع على النحو التالي: 732 في اللاذقية، و276 في طرطوس و161 في حماة”، موضحا أن “من بين الضحايا 103 نساء، و52 طفلا (43 فتى و9 فتيات)
من الواضح أن حصيلة الضحايا غير واضحة لأسباب متعددة منها غياب الشفافية و عدم وجود حقيقي لمؤسسات الدولة بالإضافة الى الخوف والزعر الذي رافق الاحداث وماتزال موجودة .
في حادثة موثّقة عبر مقطع فيديو نُشر في مارس 2025، ظهرت السيدة “أم أيمن” تبكي على جثث أبنائها الثلاثة، بينما يُسمع أحد العناصر المسلحين وهو يهينها بعبارات طائفية مثل: “أنتِ خنزيرة ونصيرية ، ولم تؤكد أي جهة أعتقال ذلك العنصر ”
– الاعتقال التعسفي :
تم اعتقال أفراد من أسر بكاملها دون أوامر قضائية
شملت الاعتقالات: نساء، قاصرين، وكبار سن
لم يُسمح للمحتجزين بالتواصل مع محامٍ أو بعائلاتهم
العديد من المعتقلين احتُجزوا في مراكز غير رسمية أو مواقع احتجاز سرية
-الاختفاء القسري:
رُصدت عشرات الحالات التي اختفى فيها المواطنون بعد اعتقالهم، دون اعتراف رسمي بمكان احتجازهم أو مصيرهم
وفقاً لـ الشبكة السورية لحقوق الإنسان، تم توثيق أكثر من 140 حالة اختفاء قسري خلال آذار فقط.
بعض المعتقلين ظهرت لاحقاً صورهم بين ضحايا الإعدام أو التعذيب في تسريبات مصورة
تم اعتقال مئات المدنيين بتهم غامضة، وغالباً على أساس انتماء طائفي أو صلة مفترضة بالمسلحين
اختفى عشرات الأشخاص قسرياً، دون إبلاغ ذويهم بمكان احتجازهم
شهادات:
في 17 آذار 2025، اعتُقلت عائلة كاملة من قرية “بنجارو” قرب جبلة، بينهم سيدة تبلغ من العمر 70 عاماً، ولم يُعرف مصيرهم حتى لحظة كتابة التقرير
ظهر في فيديو مسرّب، عنصر أمن يقول لأحد المعتقلين
“إنتو كلكن نصيرية خوانة… بدنا نطهر الساحل منكن، بلش العد.”
-التعذيب وسوء المعاملة:
أظهرت مقاطع فيديو قيام عناصر أمن بتعذيب معتقلين باستخدام أساليب مهينة، منها الإذلال اللفظي، الضرب المبرح، والصعق الكهربائي
تم رصد عبارات طائفية وتحريضية ضمن مشاهد التعذيب
توثيق من OSINT
مقطع فيديو نُشر في 12 آذار يُظهر شابين محتجزين عاريين، مع آثار تعذيب واضحة على ظهورهم، ويتحدث المصوّر قائلاً
“هدول اللي بدكن تعملوهن مقاومة؟ نحنا منربيكم!”
وتم توثيق شهادة ناجي ” كنت معتقلاً في ساحة خلفية لمفرزة أمنية شرق جبلة. صعقوني بالكهرباء، وعلقوني من يدي ساعات. قالوا لي: إذا ما بتحكي، أمك ما رح تشوفك مرة تانية”.”
-التهجير القسري وتدمير الممتلكات:
مع تصاعد الحملة العسكرية في الساحل السوري، لجأت القوات الحكومية والميليشيات الموالية لها إلى سياسة تشبه سياسة الأرض المحروقة في بعض المناطق، مستهدفة قرى ومناطق يُشتبه باحتضانها حاضنة اجتماعية للمسلحين. هذا التوجه ترافق مع تهديد مباشر للمدنيين، وقصف عنيف للمناطق السكنية، ما أدى إلى موجة نزوح جماعية وعمليات تهجير قسري ذات طابع طائفي وانتقامي في بعض الحالات.
تم تهجير أكثر من 12,000 مدني قسرياً من قراهم بفعل القصف والتهديد المباشر
تم تدمير أكثر من
92 منزلاً بشكل كامل
123 منزلاً بشكل جزئي
إحراق 14 مدارس ومراكز طبية ومخازن بالإضافة الى العشرات من المحلات خاصة
أنماط التهجير:
تم توثيق 18 حادثة حرق متعمد لمنازل المدنيين في القرى المحاذية لطريق اللاذقية–القرداحة. تضمنت عمليات
نهب محتويات البيوت قبل الحرق، خصوصاً الأجهزة الإلكترونية والذهب وقد ظهر فيديو حرق منزل المعارض السوري ياسر مخلوف في بستان الباشا وقد تم توثيق ذلك ب 6 رمضان موقعا باسم الثلاثي على جدار المنزل المحروق من الشخص الذي قام بالفعل.
دور قوى الأمن الداخلي والجهات المسلحة
شاركت قوات الأمن العام التابعة للإدارة السورية في المداهمات والاعتقالات
وثّقت مشاهد إعدامات ميدانية نفذها عناصر الأمن، مع سخرية من الضحايا باستخدام عبارات عنصرية وطائفية
أعلنت وزارة الدفاع عن اعتقال عنصرين ظهرا في فيديو وهم يرتكبون انتهاكات، لكن مصير محاكمتهما لا يزال غامضاً
مسؤولية الحكومة السورية
تتحمل الحكومة السورية المسؤولية المباشرة عن الانتهاكات في الساحل السوري، نظراً لسيطرتها الأمنية والعسكرية ومشاركتها في العمليات
لجنة التحقيق في الاحداث:
أعلنت الحكومة عن تشكيل “اللجنة الوطنية المستقلة للتحقيق وتقصي الحقائق في أحداث الساحل”، لكن هل تتوافق مع
الشروط القانونية والمعايير الدولية الأساسية التي يجب أن تتوافر في لجنة تحقيق محلية لتكون معتبرة ومقبولة قانونياً وحقوقياً
أولاً: الاستقلالية التامة
يجب أن تكون اللجنة مستقلة عن السلطة التنفيذية والأمنية والعسكرية.
لا يجوز أن تضم في عضويتها أشخاصاً على صلة بالحكومة أو الجهات المتهمة، سواء أمنياً أو سياسياً أو طائفياً
يجب منع تعيين أشخاص من خلفيات قد تثير تضارب مصالح (مثل عناصر سابقين في الأجهزة الأمنية أو من لهم مواقف سياسية منحازة)
ثانياً: الحياد وعدم التحيز:
يجب أن تمثل اللجنة توازنًا في الانتماءات (سياسية، طائفية، إثنية) وأن يُراعى تنوع الخلفيات لضمان الحياد
يُفضَّل أن تشمل أعضاءً من منظمات المجتمع المدني، محامين مستقلين، وقضاة معروفين بنزاهتهم
مكوّنة بالكامل من رجال ينتمون إلى طائفة واحدة، مما يثير الشكوك حول حيادها
•
ثالثاً: الخبرة القانونية والفنية:
يجب أن تضم خبراء في القانون الدولي الإنساني، العدالة الانتقالية، والجرائم الدولية
من المهم إشراك مختصين في الطب الشرعي وتحليل الأدلة الرقمية (صور وفيديوهات)
يمكن الاستعانة بخبراء دوليين أو مراقبين من الأمم المتحدة
رابعاً: الولاية والصلاحيات الواسعة:
يجب أن تُمنح اللجنة صلاحيات حقيقية، تشمل
التحقيق والاستدعاء والاستجواب
الوصول إلى مواقع الجرائم بحرية
حماية الشهود
الوصول إلى الوثائق الرسمية ومراكز الاعتقال
يجب أن تكون قادرة على إحالة المتورطين للقضاء دون تدخل سياسي.
خامساً: الشفافية والمساءلة:
يجب أن تنشر اللجنة تقارير دورية عن أعمالها
أن تقدم تقريراً نهائياً علنياً يتضمن أسماء المسؤولين، الأدلة، والتوصيات القضائية
ضمان رقابة مستقلة (محلية أو دولية) على أعمال اللجنة
لا تنطبق تلك المعايير على اللجنة فأعضاؤها معروفون بانتمائهم السياسي والطائفي للنظام،
•المتحدث الرسمي باسم اللجنة متهم بعلاقات سابقة مع تنظيم القاعدة وجبهة النصرة وهيئة تحرير الشام، مما يشكّل تضارب مصالح خطير.
وقد أُعطيت اللجنة مهلة شهر لإنهاء تحقيقاتها، إلا أن المهلة انتهت دون صدور نتائج. لاحقاً، تم تمديد مهام اللجنة لثلاثة أشهر أخرى، دون إصدار تقرير أولي، مما زاد من الشكوك حول جديتها ومصداقيتها
وقد شككت مصادر مختلفة بمصداقية اللجنة بعضها موالي للحكومة (مثل صحيفة الوطن السورية بتاريخ 28 آذار 2025) أكدت أن اللجنة لم تقم بأي زيارة ميدانية، بل اكتفت بـ”تقارير أمنية جاهزة”
في المقابل، نشرت شبكة “سناك سوري” المستقلة، تقريرًا يشير إلى ضغوط تمارس على الصحفيين لمنعهم من تغطية ما يجري في جبلة والحفة، وتعرض اثنان منهم للاعتقال المؤقت
التحليل القانوني للأحداث:
أولا : التوصيف القانوني وفق القانون الدولي الإنساني (اتفاقيات جنيف)
وفقاً لاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 المتعلقة بحماية المدنيين في وقت النزاع المسلح
القتل المتعمد للمدنيين، كما حدث في المجازر الجماعية، يُعد انتهاكاً جسيماً ويقع تحت المادة 147 من اتفاقية جنيف الرابعة
التهجير القسري، والذي شمل آلاف المدنيين من قراهم، محظور بموجب المادة 49 من نفس الاتفاقية
التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية، تُعد جرائم موثّقة تقع تحت بند الجرائم الجسيمة
هذه الانتهاكات تُصنّف كجرائم حرب متى ما ارتُكبت في سياق نزاع مسلح غير دولي، وهذا هو توصيف النزاع في سوريا منذ عام 2012 حسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر
ثانياً: التوصيف القانوني وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية
رغم أن سوريا ليست طرفاً في نظام روما الأساسي لعام 1998، إلا أن الانتهاكات المرتكبة تنطبق على ما يلي
المادة 7 – الجرائم ضد الإنسانية
القتل العمد بشكل واسع ومنهجي
الاختفاء القسري لأشخاص من مناطق معينة على أساس طائفي
الاضطهاد الطائفي كجزء من سياسة ممنهجة
التهجير القسري للسكان المدنيين
المادة 8 – جرائم الحرب
استهداف المدنيين عمداً في العمليات القتالية
شن هجمات غير متناسبة
ارتكاب إعدامات ميدانية وتعذيب ممنهج بحق الأسرى والمدنيين
وفقاً لما سبق يعزز وصف الجرائم التي حدثت في الساحل السوري بأنها جرائم ضد الإنسانية، تندرج ضمن اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، رغم أن سوريا لم توقع على نظام روما، إلا أنه يمكن إحالة الملف عبر مجلس الأمن الدولي
التوصيات:
– للحكومة السورية:
وقف فوري لكافة العمليات ضد المدنيين
السماح بدخول لجان تحقيق مستقلة ومحايدة وتسهيل مهام المنظمات الحقوقية المحلية
محاسبة جميع المتورطين دون استثناء
– للمجتمع الدولي:
فرض عقوبات على المتورطين بالجرائم
دعم جهود التوثيق وإعداد ملفات قانونية دولية
حماية العاملين في المجال الحقوقي وخاصة في مناطق التوتر
– للمنظمات الحقوقية:
الاستمرار في توثيق الجرائم وجمع الأدلة واحداث مركز وطني لذلك
تقديم الدعم القانوني والنفسي للضحايا وذويهم
خاتمة
كشف أحداث الساحل السوري لعام 2025 عن فصل دموي من العنف الطائفي المنظّم، وسط غياب شبه كامل للعدالة والمحاسبة. ويعكس فشل لجنة التحقيق الحكومية في أداء دورها تعميقاً لحالة الإفلات من العقاب، مما يبرر الدعوات التي أطلقها بعض سكان الساحل لتدويل القضية.
تدعو اللجنة الكردية لحقوق الإنسان – راصد إلى تحرك دولي عاجل، وتشكيل لجنة مستقلة ومحايدة للتحقيق في هذه الجرائم، لضمان العدالة للضحايا ومنع تكرار الانتهاكات
…………………………………………………………………………………………………………..
الملاحق والمصادر
أولاً: المصادر الحقوقية
الشبكة السورية لحقوق الإنسان: (SNHR)
تقرير: مقتل 803 أشخاص خارج نطاق القانون في الساحل السوري بين 6 و10 آذار 2025
تاريخ النشر: 11 آذار 2025
المرصد السوري لحقوق الإنسان (SOHR)
تقرير: ارتفاع حصيلة ضحايا مجازر الساحل السوري إلى 1676 قتيلاً
تاريخ النشر: 10 نيسان 2025
هيومن رايتس ووتش
تقرير: سوريا: أدلة على عمليات إعدام وتهجير قسري في الساحل
تاريخ النشر: 5 نيسان 2025
منظمة العفو الدولية (Amnesty International)
بيان: دعوة لتحقيق دولي محايد في انتهاكات الساحل السوري
تاريخ النشر: 8 نيسان 2025
اللجنة الدولية للصليب الأحمر (ICRC)
إشارة إلى خرق اتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية المدنيين في النزاعات المسلحة.