تحرك استباقي لسحب الذرائع من يد إسرائيل
بيروت- فرضت الحكومة السورية سيطرتها الكاملة الثلاثاء على محافظة السويداء ذات الغالبية الدرزية منهية بذلك مرحلة طويلة من الخصوصية الضمنية التي تمتعت بها المحافظة في عهد بشار الأسد .
وتزامن هذا التطور مع دعوة أطلقها الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط للحل السياسي وهو ما بدا أنه تحرك استباقي لسحب الذرائع من يد إسرائيل ومنعها من استغلال الوضع لصالحها باستثمار ورقة الدروز للضغط على الرئيس السوري أحمد الشرع ودفعه إلى التطبيع أو القبول بوضع النظام الضعيف الذي لا يتحكم في أيّ شيء داخليا.
وحافظت العلاقة بين الدروز والنظام السابق على توازن هش حيث لم تخرج السويداء عن السيادة الرسمية لكنها كانت تدار فعليا من داخلها بترتيبات محلية شبه مستقلة عن دمشق خاصة بعد اندلاع الثورة في 2011، وهو ما تسعى الحكومة الجديدة للقطع معه واستعادة سلطة الدولة بشكل كامل وفعلي على المحافظة، في خطوة تنهي الاستثناء الدرزي الذي ساد طيلة عقود.
وسعت الحكومة الإسرائيلية لاستثمار هذا الاستثناء للإيحاء بأن تدخلها يهدف إلى حماية الطائفة وليس ورقة ضغط على الشرع لدفعه إلى التطبيع دون شروط، في وقت يحصل فيه الرئيس السوري على دعم سعودي وقطري وتركي.
جنبلاط يقطع الطريق على أيّ محاولة إسرائيلية لاستثمار تحرك السلطات السورية إعلاميا أو أمنيا وأعاد تأكيد موقع الدروز كمكون وطني لا طائفة تحت الحماية
جنبلاط قطع الطريق على أيّ محاولة إسرائيلية لاستثمار تحرك السلطات السورية وأعاد تأكيد موقع الدروز كمكون وطني
ولذلك، قطع جنبلاط الطريق على أيّ محاولة إسرائيلية لاستثمار تحرك السلطات السورية إعلاميا أو أمنيا وأعاد تأكيد موقع الدروز كمكون وطني لا طائفة تحت الحماية.
ودعا جنبلاط، الثلاثاء، إلى حل سياسي في محافظة السويداء برعاية الدولة، محذّرا من “الفخ الإسرائيلي”.
جاء ذلك في تصريحات إعلامية لجنبلاط الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي بينما دخلت قوات من الجيش السوري والأمن إلى السويداء على إثر فض نزاع مسلح أوقع العشرات من القتلى والجرحى.
وقال جنبلاط “يجب الدخول في مصالحات مع البدو، لأن هناك مشاكل تحصل بينهم وبين الدروز”. وأشار إلى أنه يراقب “التصريحات المتنوعة للبعض من الرئاسة الروحية، لأن في جبل العرب 3 رؤساء ووجهاء (حكمت الهجري وحمود الحناوي ويوسف الجربوع).”
ولفت إلى أنه “لا بد من الخروج من هذا التردد والدخول في الحوار الصريح بدل التحريض المستمر أحيانا”. كما أوضح أن “مصلحة السويداء تكمن في الوصول إلى حل سلمي سياسي برعاية الدولة، كي تعود الحياة إلى أمورها الطبيعية ونطوي هذه الصفحة الدامية”.
وأشار إلى أن “إسرائيل لا تحمي أحداً وتريد تأجيج المزيد من القتال في السويداء، ونشر الفوضى في سوريا، وتشويه التاريخ العربي”.
ودعا إلى “أن يتجاوب أهل السويداء مع كل الوجهاء، وأنصح المثقفين والنخب والعناصر المسلحة الانخراط في الأمن العام أو الجيش السوري”. ووصف إعلان وقف إطلاق النار بالسويداء بأنه “أمر ممتاز، وحان الوقت لمقاربة الأمور بالهدوء والحوار، تفاديا للمزيد من القتال”.
لكن القيادي الدرزي السوري حكمت الهجري، قال في بيان، الاثنين، إنهم لن يسمحوا بدخول قوات الجيش والأمن السوريين إلى السويداء، مطالبا بـ”حماية دولية”.
بدورها، قالت وزارة الداخلية السورية في بيان الثلاثاء، إن قوات الأمن والجيش دخلت مركز المدينة، وحذرت من أيّ تجاوزات، بينما أعلن وزير الدفاع السوري مرهف أبوقصرة وقف إطلاق النار في المحافظة. وتزامنا مع دخول الجيش السوري، شنت إسرائيل غارات جوية على مدينة السويداء.
وكثيرا ما تستخدم إسرائيل “حماية الدروز” ذريعة لتبرير تدخلاتها وانتهاكاتها المتكررة للسيادة السورية، لكن غالبية زعماء ووجهاء الطائفة الدرزية في سوريا أكدوا، عبر بيان مشترك في وقت سابق، تمسكهم بسوريا الموحدة، ورفضهم التقسيم أو الانفصال.
حح
ودعا وزير الشتات الإسرائيلي عميحاي شيكلي، إلى تصفية الرئيس السوري، واصفا إياه بأنه “إرهابي وقاتل وحشي”.
جاء ذلك في بيان للوزير وهو من حزب “الليكود” بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بعد دخول قوات من الجيش السوري والأمن إلى مدينة السويداء. وقال الوزير الإسرائيلي ”إذا كان (الشرع) يبدو كحماس، ويتحدث كحماس، ويتصرف كحماس، فهو حماس”.
واعتبر المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا توماس باراك الثلاثاء أن الاشتباكات الأخيرة في جنوب سوريا “مقلقة،” مشيرا في الوقت نفسه إلى أن العمل جار من أجل “التهدئة”.
وقال باراك في منشور على منصة إكس “نحن منخرطون بشكل فعّال مع جميع المكوّنات في سوريا بهدف التوجّه نحو التهدئة،” مضيفا “الاشتباكات الأخيرة في السويداء مقلقة لجميع الأطراف، ونحن نحاول الوصول إلى نتيجة سلمية وشاملة للدروز، والقبائل البدوية، والحكومة السورية، والقوات الإسرائيلية”.
وتحدث سكان احتموا داخل منازلهم، عن انتهاكات رافقت دخول القوات الحكومية والمجموعات الحليفة لها الثلاثاء، شملت “إعدامات ميدانية” وحرائق متعمدة وعمليات نهب للمنازل والمحلات، في وقت وجهت فيه الرئاسة السورية، الثلاثاء، بمحاسبة مرتكبي التجاوزات في السويداء “مهما علت رتبهم“.