يقف لبنان مرة أخرى على خط النار، بين الدولة والسيادة – والسلاح والنار. ففي وقت يعلن فيه رئيس الجمهورية جوزاف عون أن قرار حصر السلاح بيد الدولة “متخذ ويُعالج بهدوء ومسؤولية حفاظاً على السلم الأهلي”، متمسكاً بلغة الحذر وضبط النفس، يرفع “حزب الله” راية المواجهة بلا مواربة، رافضاً أي مساس بمعادلة “الجيش والشعب والمقاومة”، ومعلناً أن زمن التنازلات قد ولى إلى غير رجعة.
في موقف شديد اللهجة، وصف نائب الأمين العام لـ “حزب الله” نعيم قاسم الغارة الاسرائيلية الأخيرة على الضاحية الجنوبية بأنها “اعتداء سياسي سافر”، هدفه قلب موازين الصراع وتطويع لبنان تحت سيف التهديدات. قاسم لم يكتف بالتحذير، بل ذهب أبعد، فأعلن أن المقاومة وشعبها وجيشها “لن يتراجعوا قيد أنملة”، محذراً من أن أي تراجع أو تساهل بحجة تجنب الحرب “هو انتحار سياسي وميداني”.
وإذ اعتبر أن إسرائيل غارقة في مأزق داخلي وأن رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو “على حافة الجنون”، ووضعه صعب، لا يعرف من أين تأتيه الضربات في الداخل، مستشهداً بكلام خادمة نتنياهو المنزلية، أكد قاسم أن اللحظة تستدعي الثبات لا التراجع، المواجهة لا المساومة.
على وقع هذه النذر، تنطلق الانتخابات البلدية، لكن اللبنانيين لا يذهبون إلى صناديق الاقتراع فقط، بل يسيرون أيضاً تحت سماء مشحونة بالخوف والتهديد. الغارة على الضاحية الجنوبية لم تمر كسحابة عابرة؛ بل أعادت إلى الذاكرة شبح الحرب بكل مآسيها، وتجسدت عملياً في مشاهد النزوح وزحمة السير الخانقة نحو خارج مناطق الاستهداف، وكأن البلد كله يتحضر للأسوأ.
الحجار: الاستحقاق البلدي في وقته
وأُطلقت صباح أمس غرفة العمليات المركزية الخاصة بالانتخابات البلدية والاختيارية في وزارة الداخلية والبلديات في حضور رئيس الحكومة نواف سلام ووزير الداخلية أحمد الحجار، الذي أعلن أن وزارة الداخلية جاهزة للاستحقاق البلدي ويجب أن يتم بوقته، مشيراً الى أنّ لدينا قوى أمنية وجيشاً فاعلاً على الأرض .
سلام يدعو الشباب للترشح
أما رئيس الحكومة نواف سلام فأكّد أن الانتخابات البلدية والاختيارية ستتم في موعدها المحدد، مشدداً على أنها استحقاق دستوري وديموقراطي وأن الحكومة قد التزمت بتنظيم هذه الانتخابات. وأوضح أنه تأكد من استعداد وزارة الداخلية التام للإشراف على العملية الانتخابية بعد جولة قام بها في الوزارة.
وأشاد سلام بالتدابير الأمنية واللوجيستية التي تم اتخاذها لضمان أمن سير الانتخابات، مؤكداً أن هذه الخطوة تعزز العملية الديموقراطية في لبنان. كما دعا الشباب اللبناني إلى الترشح والمشاركة في الانتخابات البلدية والاختيارية، معتبراً أن هذه فرصة لهم للتأثير في الحياة السياسية. وأشار إلى أن الانتخابات البلدية تعد خطوة أولى نحو تحقيق اللامركزية الادارية الموسعة في لبنان، وهو ما يعكس التزام الحكومة باستكمال ما لم يتم تطبيقه من اتفاق الطائف.
تحليق مكثف للطيران المسير
ميدانياً، شهدت الأجواء اللبنانية تحليقاً مكثفاً للطيران المعادي، بحيث حلقت مسيرة إسرائيلية على علو منخفض فوق منطقتي عرمون وخلدة. وفي جنوب بلدة شبعا، ألقت مسيرة معادية قنبلة صوتية قرب أحد رعاة الماشية في محيط “بركة النقار”، من دون تسجيل إصابات.
في العاصمة بيروت وضاحيتها الجنوبية، سجل تحليق ثلاث مسيرات إسرائيلية على علو منخفض، وسط استنفار أمني ملحوظ. كذلك، حلق الطيران الحربي المعادي فوق قرى قضاء صور، وأجرى طلعات دائرية فوق المدينة وساحلها.
وظهراً، نفذت طائرة مسيّرة غارة جوية على أرض مفتوحة قرب محطة جميل عواضة في بلدة عيترون، من دون وقوع إصابات. كما واصل الطيران الحربي المعادي تحليقه فوق أجواء مدينة الهرمل شمالي البلاد.
لا أمل بوقف الحرب
رفض رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو مقترحاً لوقف إطلاق النار في قطاع غزة لمدة خمس سنوات، مقابل إطلاق سراح الأسرى الاسرائيليين دفعة واحدة، وفق مصدر سياسي وإعلام إسرائيلي الاثنين.
وأوضح مصدر سياسي إسرائيلي لم يذكر اسمه، في تعميم على وسائل الاعلام الاسرائيلية أن “بعض الدول العربية لديه أفكار، مثل وقف الحرب لمدة خمس سنوات”.
وتابع: “ليس هناك أي أمل في أن نوافق على هدنة مع حركة حماس تسمح لها”، وفق ادعائه، بـ”مواصلة حربها على إسرائيل بكثافة أكبر”.