ملخص
التهديدات والتهديدات المضادة، رفعت أسعار البترول، وأحدثت توتراً في الأسواق الخليجية وأسواق العالم، وأعادت للأذهان أهمية الحفاظ على منطقة الخليج العربي مستقرة حفاظاً على الاستقرار الاقتصادي العالمي.
التوترات والاستعدادات والأخبار المتضاربة حول إجلاء بعض عائلات الدبلوماسيين الأميركيين بالمنطقة خلال الساعات الماضية، ما هي إلا ضغط نفسي ودبلوماسي على إيران قبل جولة المحادثات المقبلة يوم الأحد المقبل في مسقط. الأخبار الماضية تضاربت بين مناطق السفارات والقواعد الأميركية: قيل بالعراق فقط ثم أضيفت الكويت والبحرين ولاحقاً قال وزير الدفاع الأميركي بيت هيغسيث إن الإجلاء سيشمل منطقة الشرق الأوسط كلها.
الأخبار المتسربة من محادثات المشروع النووي الإيراني بين إيران والولايات المتحدة الأميركية وصلت إلى طريق ضيق جداً، ما لم يتم توسعته الأحد المقبل فإنه قد يغلق تماماً. فالإيرانيون يريدون حصر المحادثات بالمشروع النووي وحق التخصيب واتفاق طويل الأمد، بينما يريد الأميركيون توسيع المحادثات لتشمل التصنيع الصاروخي الباليستي أيضاً – وهو ما يرفضه الإيرانيون تماماً لأنهم يعتبرون ذلك مقدمة لنزع السلاح الإيراني الاستراتيجي الثقيل برمته. كما يطلب الفريق الأميركي توسعة المحادثات لتشمل النشاطات الإيرانية الإقليمية بالمنطقة. وهو الأمر الذي يتمسك به الإيرانيون كورقة من أوراق المساومة لتفاهمات إقليمية أوسع لو تم الاتفاق بين الطرفين. بين فترة وأخرى، يرمي الإيرانيون ما يعتقدون أنه الجزرة بالمحادثات، وبأنه ما سيسيل لعاب الرئيس الأميركي دونالد ترمب: تريليونات من الاستثمارات الأميركية داخل إيران إذا ما توصل الطرفان لاتفاق مرضٍ للطرفين. الإيرانيون يريدون إطالة أمد المفاوضات أملاً في تطورات ومعطيات جديدة قد تحسن من موقعهم التفاوضي، بينما يسابق فريق ترمب الزمن لتحقيق نجاح على جبهة المشروع النووي الإيراني مع تعثر وعوده وفشلها على الجبهات المشتعلة الأخرى: الحرب الروسية- الأوكرانية وحرب الإبادة المستمرة بغزة.
التهديدات الأميركية والأخبار بجاهزية القواعد الأميركية وخروج عائلات الدبلوماسيين من المنطقة، كلها تصب في خانة الضغط على إيران، وتخييرها بين خيار ترمب بالمفاوضات وعقد الاتفاقات، وبين خيار نتنياهو بضربة عسكرية يقول الخبراء العسكريون إنها ستكون ساحقة ماحقة. يعلل الخبراء ذلك بأن إسرائيل هذه المرة لن تكون ضربتها محدودة في حال انهيار المفاوضات بين الجانبين الأميركي والإيراني، فلم يعد لديها- بحسب استراتيجيتها العدوانية- خيار قد تلجأ إليه في حال فشلت الضربة في القضاء المبرم على المفاعلات النووية الإيرانية. يذكّر المفاوضون الأميركيون نظراءهم الإيرانيين دوماً بالخيار “النتنياهوي”- نسبة إلى نتنياهو.
جولة مفاوضات سادسة بعد تقرير “مقلق” حول “نووي إيران”
بدورها، هددت إيران بأن أي نوع من أنواع الاعتداء عليها سوف يواجه بضربات ليست على إسرائيل وحسب، وإنما ستطاول القواعد الأميركية المنتشرة بالكويت والبحرين وقطر والإمارات، وتلك التي في العراق وسوريا. يأمل الإيرانيون في أن تهديد دول الخليج قد يدفعها لاستغلال علاقاتها المتميزة مع إدارة ترمب بأن يطالبوها بممارسة الضغوط على نتنياهو بعدم القيام بضربة عسكرية على إيران.
التهديدات الإيرانية يدرسها الإسرائيليون ويقيسونها بمقياس الرد الإيراني على إسرائيل في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي. تلك الضربات التي قال الإعلام الإسرائيلي إنها لم تقتل أحداً، وإنما أحدثت أضراراً مادية محدودة ببعض القواعد العسكرية. الإعلام الإيراني ومن والاه بالمنطقة هلّل لتلك الضربات وأشاد بنجاعتها وأضرارها الكبيرة على إسرائيل. وللمتابع أن يصدق ويقيم صدقية أي من الإعلامَيْن كما يشاء! لكن ما يجمع المراقبون عليه أن معظم تلك الصواريخ والمسيرات قد جرى إسقاطها قبل وصولها إلى إسرائيل.
التهديدات والتهديدات المضادة، رفعت أسعار البترول، وأحدثت توتراً في الأسواق الخليجية وأسواق العالم، وأعادت للأذهان أهمية الحفاظ على منطقة الخليج العربي مستقرة حفاظاً على الاستقرار الاقتصادي العالمي.
لكن السؤال الكبير هو: ماذا لو لم تنجح تلك التهديدات والحرب النفسية على زحزحة الموقف الإيراني وخضوعه للضغط بالانصياع للمطالب الأميركية بمحادثات الأحد المقبل؟ فهل تدخل منطقة الخليج في دوامة المواجهات العسكرية والعنف والحروب المدمرة التي أنهكتها ودمرتها ولا تزال تدور رحاها في السودان وغزة واليمن وليبيا والعراق وسوريا ولبنان وغيرها؟