“أودّ أن أشكر أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني المحترم على كل ما بذله من جهد في سبيل السلام بالمنطقة”… بهذا المنشور على منصّته الخاصة “تروث سوشيال”، توجّه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إلى أمير دولة قطر لشكره على كل ما بذله من جهد في سبيل السلام في المنطقة، بعد هجوم إيران الصاروخي على قاعدة العديد الأميركية في قطر، مساء أول من أمس، 23 يونيو/ حزيران الجاري، فيما أعلن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية عدم ورود أي تقارير عن سقوط خسائر بشرية في الهجوم. وكانت وزارة الخارجية القطرية قد دانت الهجوم، ووصفته بأنه انتهاك صارخ لسيادة دولة قطر ومجالها الجوي، وللقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة.
استطاعت قطر لعب دور الوسيط في الدفع بإسرائيل وإيران إلى التوصل لوقف حالة الحرب بينهما، إذ نقلت وكالة رويترز عن مسؤول إيراني كبير أن بلاده توافق على وقف النار مع إسرائيل بوساطة قطرية واقتراح أميركي. وقد ترافق الدور القطري هذا مع استنكارات واسعة من الدول العربية للاعتداءات على سيادة دولة قطر، ما يوضح أهمية الدوحة في القضايا العربية، ودورها الفعال في إرساء السلام، وتقديم لغة المفاوضات على لغة الحرب.
انتهت الحرب بين إسرائيل وإيران كما صرّح الرئيس ترامب، وكان للدوحة الدور الأبرز في فرملة انحرافها نحو حرب كبرى
انتهت الحرب بين إسرائيل وإيران كما صرّح الرئيس ترامب، وكان للدوحة الدور الأبرز في فرملة انحرافها نحو حرب كبرى، حيث برز حضورها العربي في الاهتمام بالشؤون والشجون للدول العربية. ولكن ما برز أيضاً بعد هذه الضربة أن دولة قطر أظهرت قدراتها الدفاعية في مواجهة الصواريخ الإيرانية، ما يؤكّد أن الدوحة التي تعمل على حماية مصالح الدول وتقدم المستحيل من أجل فرض السلام والأمن والاستقرار حاضرة بكل طاقتها لحماية مواطنيها، وحماية كل من يعيش على أرض قطر من أي عدوان أتى، ما يدلّ على حرص الدولة على سلامة أمن مواطنيها وساكنيها، وعن مدى المسؤولية الكبرى التي يوليها الأمير، الذي يضع في أول أولوياته أن تبقى بلاده عظيمة بين الدول.
الأداء الفعّال الذي لعبته الدوحة في استيعاب الضربة والتوصل إلى تسوية في المنطقة أعطى الأميركي ما لم يستطع أخذه بالضربات التي وجهها جيشه إلى منشآت طهران النووية. إذ سعت إدارة ترامب إلى فرض السلام على إيران والمنطقة بالقوة، ولكن هذا ما لم يحدُث، إذ زادت الضربة من رغبة طهران في الانتقام، إلا أنّ التدخل القطري بالطريقة الدبلوماسية هو من فعل التوصل إلى وقف النار.
هذا الموقف دفع ترامب إلى شكر أمير قطر، وتأكيد إعجابه مجدداً بشخصه، لا سيما أن الشيخ تميم لم يعمل فقط من أجل عدم تدحرج الحرب في المنطقة، بل كان له سهمه في وقف أن تتحوّل إلى حرب واسعة على صعد مختلفة، في مقدمها حرب اقتصادية بعد التهديد الإيراني بإغلاق مضيق هرمز، ما كان سينذر بـ”خنقة” اقتصادية على مستوى العالم، لا سيما أن 20% من مسار إمدادات الطاقة تمرّ عبر هذا المضيق.
“شكراً قطر” العبارة الأحب على قلب كل عربي وليس فقط على قلب ترامب
“شكراً قطر” العبارة الأحبّ على قلب كل عربي، وليس فقط على قلب ترامب، لا سيما أهل غزّة الذين يشعرون بوقوف دولة قطر إلى جانب قضيتهم، إذ إن الجهود القطرية تصبّ في خانة إيقاف معاناتهم أمام آلة الحرب الإسرائيلية، فلم تكتف قطر بمدّ يد العون إلى الشعب الفلسطيني عامة وأهل غزّة خصوصاً، بل يدافع إعلامها عن حقوقهم. كما أنها ساندت الثوار في سورية في دفاعهم عن حريتهم أمام الطاغية بشار الأسد، وساندت شعب هذا البلد العربي الذي خرج ليطالب بالحرية والديمقراطية، وناصرته في أصعب الظروف، وبقيت إلى جانبه حتى بعد الانفتاح العربي على النظام الساقط لاحقاً بعد قطيعة دامت سنوات.
“شكراً قطر” العبارة التي ملأت شوارع لبنان من أقصى جنوبه إلى أقصى شماله بعد حرب تموز (2006)، إذ قدّم اللبناني، شعباً وحكومةً، الشكر لهذه الدولة ولدورها الدبلوماسي في وقف العدوان يومها، وفي العمل على تقديم المساعدات وإعادة الإعمار في مرحلة ما بعد الحرب. لم تزل قطر تلعب هذا الدور، وهذا ما دفع الرئيس اللبناني جوزاف عون إلى زيارة الدوحة لتأكيد وقوف لبنان إلى جانب هذه الدولة الشقيقة، التي لم تبخل يوماً في دعم لبنان على كل المستويات.
ما قامت به قطر، ممثلة بأميرها، ينمّ عن إرادة نشر السلام والانفتاح وبسط الاستقرار، عربياً ودولياً. إذ لقطر دور فعّال في التوصل إلى صفقات لتبادل الأسرى بين روسيا وأوكرانيا في الحرب بينهما، وهناك قضايا دولية ساندت فيها شعوب العالم ووقفت إلى جانبهم قدر المستطاع. وهذا ما دفع الرئيس ترامب إلى التعبير في أكثر من مناسبة عن إعجابه بالشيخ تميم، على اعتبار أنه قادر على إنجاز تسويات وإحلال السلام، بينما الرئيس الأميركي يُطلق الشعارات والأمنيات من دون أن يتوصل إلى تحقيقها؛ حرب أوكرانيا نموذجاً.