Skip to content

السفينة

alsafina.net

Primary Menu
  • الرئيسية
  • الأخبار
  • افتتاحية
  • حوارات
  • أدب وفن
  • مقالات رأي
  • منوعات
  • دراسات وبحوث
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • الأرشيف
  • Home
  • حمص بعد الأبد… تمرض بسرعة وتتعافى بسرعة ملحق سورية الجديدة ندى الأزهري…….…المصدر:العربي الجديد
  • مقالات رأي

حمص بعد الأبد… تمرض بسرعة وتتعافى بسرعة ملحق سورية الجديدة ندى الأزهري…….…المصدر:العربي الجديد

khalil المحرر يوليو 8, 2025

حمص واسطة عقد سورية، ليس فقط لموقعها المتوسط بين المحافظات السورية، بل لطبيعتها الاجتماعية المعقدة والحساسة، فحمص هي خط التماس بين مكونات الشعب السوري، وهي نقطة التقاء البادية بالحضر، ونقطة احتكاك العلويين بالسنة. وهي المدينة التي دفعت الثمن الأكبر من الدمار والتهجير والموت والخراب.

كأنه فيلم طريق، هواء وغبار وأكياس بلاستيك تتطاير وسيّارة تتهادى على وقع صوت مذيعة تنقل أخباراً عن انتخابات ووعود، الصوت نفسه والوعود نفسها دائماً. لافتات على جانبي الطريق لمرشّح يعتبر نفسه “أمل لبنان وبلسم جراحه”، وآخر يدّعي أنه “جاب البحر على البقاع”، فيما تتابع المذيعة إخبارنا أن سورية خرجت من قائمة الدول الداعمة للإرهاب. السائق السوري يسخر من الغرب الذي “صرع رأسنا بالأقليات”، لا يعتبر المسيحيين بينهم، هؤلاء “بحالهم”، لن تكون المرّة الأخيرة التي أسمع فيها تعليقاً كهذا. ونحن نصل إلى الحدود البرّية السورية تطمئننا لوحة كبيرة معلقة “البلد بلدك”. أقف في صفٍّ مخصّصٍ للنساء، يمكن القول من حسن حظي، فصفّ الرجال أكثر عدداً. استقبالٌ لطيفٌ مرحّب من رجال الهجرة والجوازات لا يخلو من ارتباكٍ في مركز الجوسية، يرتدون زياً مدنياً موحداً. ترحيب أيضاً عند الحواجز، حتى هؤلاء الذين يضعون قبّعة كتب عليها “لا إله إلا الله محمد رسول الله”، لا ملاحظات مزعجة أو طلبات سخيفة. كان السائق قد حذرني بأن جلوسي في الأمام قد يلفت أنظارهم. فماذا تفعل غير محجّبة ولا تمتّ له بصلة قرابة قرب السائق والسيارة فارغة؟ لم أسمع غير “أهلاً وسهلاً” و”بالسلامة” عند أيّ من الحواجز السبعة المنتشرة من الحدود السورية وحتى القصير، كما لم أرَ يدّ السائق تمتد خارج النافذة بأوراق مالية لتسهيل مروره. قيل لي إن طريق القصير خطير. فكيف سلكته؟ وبعد العصر؟ خطير؟ ربما، لكن مهجور، بالتأكيد. في طريقٍ تحيطه طبيعة ساحرة وأبنية فارغة واقعة أو مائلة لم يكن هناك سوى حواجز. هنا إذاً شبح مدينة شهدت سيطرة حزب الله وغادرها أهلوها ولم يعودوا بعد.

فرحة الناس ما زالت، تفاؤلهم كذلك. لكن شعوراً طاغياً بخراب كاسح يستقر فيّ حتى قبل زيارة أحياء مدمّرة بالكامل

في مدخل حمص، غاب تمثال الأبّ الضخم، حركة أحياء الزهراء والضاحية والجامعة (أغلبية علوية) باتت أهدأ مساء منذ “التحرير”، وصفٌ يطلقه الجميع على ما حدث منذ سقوط من لا يُسمّى. الكهرباء مقطوعةٌ في حمص مساء، لكن الإضاءة متوفرة في منازل تعتمد الطاقة الشمسية. يتدبّر السوريون أمرهم مع الكهرباء أفضل من المياه التي باتت تُقطع بعد التحرير ثلاثة إلى أربعة أيام في الأسبوع. عتمة جزئية لكنها تسمح بملاحظة أكياس الزبالة حول الحاويات وقذارة الشوارع. لا آليات حديثة لجمع القمامة ولا تنظيماً فعلياً، بخلاف حركة المرور التي بدأت بالانتظام مع وجود عناصر شرطة مختلفة عن قبل. أكثر شباباً وأقلّ استدارة. فأين منهم هؤلاء الذين كانت “كروشهم” تسبقهم وخوذاتهم تغطّي رؤوسهم ودرّاجاتهم النارية توقف المواطنين لطلب “المعلوم” (الرشوة)؟
فرحة الناس ما زالت، تفاؤلهم كذلك. لكن شعوراً طاغياً بخراب كاسح يستقر فيّ حتى قبل زيارة أحياء مدمّرة بالكامل مثل الخالدية وجورة الشياح، لم تخفّفه إلا بهجة عامة وحماسة وآمال. بالتأكيد، لا تشمل الفرحة الجميع. في مدينةٍ ذات وضع خاص في سورية مع “تغلغل الطائفة العلوية في مفاصلها في بداية عهد الأسد” كما تكتب صفحة “الذاكرة السورية”، ويؤكّد أهلها. يمكن أن نلاحظ بعد حديثٍ مع حماصنةٍ ينتمون إلى بيئات اجتماعية ودينية وثقافية متباينة، أن لا اعتراف صريحاً بمسؤولية كل طرفٍ عما ارتكبه خلال عقود قبل الأسد الأبّ (بالنسبة للسنة)، وبعده (بالنسبة للعلويين)، حيث يوضع “الأشرار” في جهة و”المظلومون” في أخرى، وكأنهما كانا يسيران في خطّين متوازيين لم يتبادلا فيه، ولو قليلاً، المسؤوليات والمظلوميات.

حي الزهراء المحرّر
كان محمّد ينظف درج البناية حين سألته عن مكان إقامته: “الزهراء (حي أغلبية علوية) المحررة”. ردّ. وإن كان مسروراً “بالتحرير”؟ قال ضاحكاً “إي، يمكن هيك تفتح السفارات الأجنبية!”. محمّد درس اللغة الفرنسية ولا فرصة له بالعمل إلا بالتنظيف. الهجرة هوس العلويين، خصوصاً هذه الفترة كما يقول باسم الذي يعمل معقّب معاملات “تبلغ حصة حمص من مواعيد حجوزات جواز السفر 500 يومياً، 90% منها لعائلات علوية تريد المغادرة.
كان أمجد، من حي الزهراء أيضاً، قد غادر حمص عند السقوط خوفاً من الانتقام على أساسٍ طائفيٍّ بسبب تراكم ما حصل خلال حكم الأسدين والاحتقان والشعارات الطائفية (حتى من الثوار)، وما تعرّض له أهل حمص من خطفٍ متبادل، ويقول من المفترض أن الطائفة كانت محميّة من النظام، لكنه ضحّى بها لأنه كان يحمي فقط طائفته الأسدية من المنتفعين والأزلام من كل الطوائف. ويرى أن اتهام طائفةٍ بأكملها قصر نظر من السنّة، وأن ثمة تصوّراً خاطئاً حول استحالة وجود العلوي المعارض فيما كان السجناء اليساريون في صيدنايا من العلويين في معظمهم. ويسوق أمثلة على علويين قاوموا النظام، ومنهم وزير الدفاع علي حبيب (2012)، الذي رفض إنزال الجيش إلى الشارع، وأصدقاء له منهم كانوا في اعتصام الساعة. وتشارك آمال، زوجة أمجد، عند الحديث عن اتهاماتٍ بسيطرة العلويين على المؤسّسات في حمص، فتقول إن السنة كانوا أيضا مستفيدين، وأن لكل مؤسّسة توزيعاً طائفياً معيّناً، وكل وزير كان يخدم فريقه والأفضلية لمن يدفع رشوة. وتعلق “قد يكون التوظيف أسهل للعلويين، لكن معظمهم كان يدفع لنيل الوظيفة”. ويتابع أمجد أن موجة التوظيف في الثمانينيات خدمت مناطق وليس طائفة، وأن الاتهام غير دقيق وفيه مبالغة تتجلّى في تكوين مجلس المدينة في حمص. ويشعر أمجد وآمال بقلق شديد ليس من الفصائل، بل من عناصر من خارج المدينة، وأن هناك حالات قتل شبه يومية تتعدّد فيها الأسباب، منها تصفية شخصية واسترداد الحق باليد للانتقام لما حصل للسنة من قتل وتهجير وتشبيح، أو انتقام لمجرّد أن الشخص علوي وكان مع السلطة، أو لغاية الفدية أو السرقة، ويقول إن نزعة الانتقام موجودة لدى الطرف الآخر، ولو أتيحت له الهجرة لفعل. ومع ظنّهم أن الطائفة ستدفع ثمن أفعال الحكم السابق ولو بعد حين، عاد علويون إلى حمص بعدما غادروها مباشرة بعد السقوط. ويؤكّد أمجد أنهم عانوا أيضاً من شبّيحة النظام، وأن حارتهما خضعت لاثنين فرضا سطوتهما على الجميع. وسرد حوادث عن تضامن أهل الحي مع علويٍّ استولى شخصٌ من فصيل أحرار الشام على منزله، ولم تستطع هيئة تحرير الشام، رغم محاولتها، إخراجه. ومع إقراره بتحسّن أمني حالياً، فهو يشعر بانتظار المجهول، ولكنهم يطمئنون لوجود الأمن العام، فلولاه لصارت مجزرة في حمص بحقّ العلويين يوم إحضار شهداء من الساحل. وهو بصفته علوياً يرى في الرئيس أحمد الشرع صمام أمان لهم، ويتمنّى جداً نجاحه، لأنه سيوصل البلد إلى برّ الأمان، وسيعني فشله حرباً طاحنةً، ضحيتها الأقليات خصوصاً. وإذا وقف الشرع على مسافة واحدة من جميع السوريين، وتحقّقت العدالة الانتقالية فسينجح. لكن العدالة اليوم “انتقائية” والرئيس في موقف لا يحسد عليه، فالمسؤول عن مجزرة حي التضامن في دمشق (2013) سني، وتحت حماية الأمن العام. وتمت تسوية لوزير الداخلية في نظام بشار الأسد محمد الشعار، وسلم وزير العدل على رئيس محكمة الإرهاب… مع أن هؤلاء ومعهم رجل الأعمال محمد حمشو هم فلول النظام. ويتفادى أمجد الخروج من البيت إلا للضرورة. وعن المظاهر الجديدة يقول إن جماعاتٍ كسّرت بعد السقوط محلاً لبيع الكحول، ولكنه فتح، وها هي سيارات كثيرة تقف عنده!

لحمص وضعها الخاص نتيجة الطائفية الحساسة وتزايد هجوم الريف العلوي على المدينة الذي يبدو أنه كان مقصوداً من قيادات سابقة

خلفية لا تشبهنا
أسامة، وهو مخرج سينمائي قرّر التخلى عن عمله منذ الحرب والانسحاب جزئياً عن العالم عامة، وعالم الفن خصوصاً، يعلن اليوم أن حقه وصل إليه بعد سقوط آل الأسد من دون أن يعني ذلك أملاً كبيراً في “هؤلاء” (السلطة الحالية)، فخلفيتهم الفكرية “لا تشبهنا”، ولا يقصد الشرع ووزير الخارجية أسعد الشيباني، بل المقاتلين “شو بدّه يقنع ليقنع؟”، ويعتقد أن حرية الكلام مؤقتة، فحين يتحكّمون سيشغّلون مخابراتهم. … يسكن أسامة في حي حمصيّ راق يتجاور فيه مسيحيون ومسلمون. ماذا عن هذا؟ “من كان متحمّساً للانتفاضة أو للثورة كان خارج سورية. هنا، لم تنشرح صدورُهم في البدء لكنهم في النهاية باتوا يتمنون رحيل الأسد إنما لم يخطر ببالهم وصول جبهة النصرة. من حقهم الخوف، كنت لأشعر بالمثل لو كنت منهم”. لكن أسامة يرى أن “ثأر” الناس في حمص مع العلويين. لقد رأوا الويلات وقتل أهاليهم ودمرت بيوتهم وهُجّروا. ولن تكون الأمور سليمة إن لم تتحقق العدالة في نظرهم. ويقول إنه لا يمكنه انتقاد الشرع أمام السنّة من كثرة ما تقرّحت قلوبُهم، وحين يفعل يأتي الرد “وهل الأسد أفضل؟”. ويتوقع تغييراتٍ في الشارع الحمصي على صعيد الملابس مع قدوم الصيف، فالعناصر ستستهجن كل ما لم يعيشوه في إدلب أو يتعلمونه عند الشيخ، وهم بحاجة إلى “بردغة” عدة سنوات. ومحلات بيع الكحول بقيت مغلقة شهرين في المدينة، ثم سمح لهم بالبيع شرط عدم وضع الزجاجات في الواجهة. يعترف أسامة بأنه ليس متفائلا، فهؤلاء مقاتلون وليسوا سياسيين، وهناك حقدٌ على العلويين، ويُوضع كلّ الحق عليهم. تجلى ذلك خلال مجازر الساحل حين توجه الناس إلى أحيائهم، ولكن بفضل إجراءات محافظ حمص “الذكية” جرى تفادي مجزرة. ويرى أسامة أن هذا يحصل بعد الثورات وأنها حركة التاريخ، ولكنه ضدّها أخلاقياً، والأمر يحتاج جهوداً جبّارة.
وحمص في رأي الفنان عمر مناسبة للعيش الهادئ وصاحب الدخل المحدود ولطيبة أهلها مع أنها سلاحٌ ذو حدّين، ويذكّر بدور حمص عاصمة الثورة، وأنها لم تجد النصرة من المحافظات الأخرى حين كانت مشتعلة، ويرى أن الثورة نجحت في حمص بشقّيها المدني والعشائري (حي الوعر والساروت). ومن حمص خرج المفكر الثائر الأول طيب تيزيني. ويصف المدينة عند دخول قوات الثورة “كانت حمص متوتّرة نتيجة وجود أحياء موالية ومن الشبيحة والأمن الذين كانوا يسحبون السنة للقتال بسبب طلب عدد محدد يجب إحضاره كل يوم”. وإن كان الموالون استفادوا، ظل بعضهم فقيراً. وعن تجربته في سيطرة العنصر العلوي في المؤسسات، يقول إن شعبة التجنيد والبلدية والصحة في حمص كانت من لونٍ واحد، ما أحدث ردّة فعل لدى الآخرين، “لم يكن هناك تنوع طائفي، ولي ابن صديق كان متفوقاً في الكفاءة، ولكنه رُفض في صف المبدعين حيث كان 95% منهم علويون وثلاثة سُنة ومسيحيان”، ويرى أن لحمص وضعها الخاص نتيجة الطائفية الحساسة وتزايد هجوم الريف العلوي على المدينة الذي يبدو أنه كان مقصوداً من قيادات سابقة. ويذكر أمثلةً تؤكّد اتهاماته عن عمليات شراء الأراضي في شرق حمص. وعند دخول هيئة تحرير الشام، اتصل به كثيرون من العلويين خائفين “معهم حقّ لأن القوى غير متجانسة وليست على السويّة نفسها من الوعي”، فطمأنهم طالما أن الثورة أعطتهم الأمان. لكنه يرى المشكلة في التلكؤ في تسليم السلاح رغم إعطائهم مهلة، وأن السلطة فتشت البيوت، ووجدت أسلحة وحصل عنف نتيجة الممانعة. وحصلت فوضى في الأحياء العلوية ومع خرّيجي السجون لإثبات أن الثورة غير قادرة على حماية أبنائها. ولكن خوف الطائفة في حمص انقلب، برأيه، إلى سكينةٍ، لأنهم اكتشفوا أن الأمان سيأتي من الدولة التي أقامت الحواجز في أحيائهم. وأن شخصياتٍ سنّية، وهو منها، أقامت حواراً وطنياً مع جميع الأطياف. وكانت الإدارة السياسية حكيمةً في التعامل مع الطائفة. وأرجع عمر هجرة العلويين من حمص إلى أسباب اقتصادية، لا سيما للمرتشين المطرودين الذين فقد بعضهم مليوني ليرة يوميا، وأن المسيحيين في حمص مرتاحون للتحوّل، ولكنهم حريصون على حرّياتهم الشخصية والدينية. ولا يرى أن الحجاب زاد في حمص، ولكن عدد النساء المحجّبات ارتفع مع القدوم من إدلب، ويؤكد خبر ارتداء علويات الحجاب “نتيجة عمليات خطف أكثرها مفتعل من النظام البائد والقوى المناوئة للثورة لتخويف الطائفة العلوية”.

الصورة
حي بابا عمر في حمص الذي تعرض لدمار هائل، 17/4/2025 (العربي الجديد)
حي بابا عمر في حمص الذي تعرض لدمار هائل، 17/4/2025 (العربي الجديد)
ويؤكّد علي أن حمص تمرض بسرعة وتتعافى بسرعة، وأن أي حكم إسلامي سيسقط، وأنه ليس ضد أو مع أحد، ويقول “في قريتي في جبال الساحل يعاني العلويون من فقر مدقع. ولو لم يتغرّب أبي لما تعلمنا”. لم تصل الكهرباء إلى القرية قبل 1986. ويصف الوضع البائس في قرية علوية في الماضي بالقول “لا عمل. كانت عند الشباب بقرتين وبضعة دجاجات وبرغل من الأرض يستخدم للمقايضة. حتى الشاي لم يكن موجوداً”. حين بدأ في التسعينيات النزوح إلى العاصمة، لم تتغيّر الأوضاع في القرية، ما كان يدفع الشبان إلى التطوّع في الجيش والمخابرات ليحصلوا على راتب وبيت. لكنهم بقوا فقراء مع هذا. قضى حزب البعث على الحرّيات، لو استثمروا أو شجعوا السياحة وبنوا الطرقات، كانت البلاد لتكون جنة ولما حدث هذا”.

المسيحيون بقوا في حمص فيما غادر علويون بسبب القلق وعدم اطمئنانهم للوضع

ولدت زوجة علي في حمص، وقالت إن كل شيء تغير فـ”الخوف موجود عند كل الناس من كل الطوائف”، وهي قلقة لا تستطيع السفر كالعادة إلى دمشق وإلى الساحل، “الخوف ممن لا يميزون”، فليس هناك فصل للسلطات ولا دولة حقيقية “لو حصل شيء، فإلى من نشتكي ونلجأ؟ فلا قضاء ولا قوانين من ستة أشهر”. وعن الهجرة، تقول “هرب أناسٌ أبرياء في شارعنا خوفاً إلى لبنان، بعضهم لا يجرؤ على الرجوع. يلحقوننا كطائفة بالنظام، كأننا نحن النظام”. وتذكر الأصدقاء من كل الطوائف في الحي الذين وقفوا معهم “نحن غرباء خارج حمص، قد نقوم بسياحة يوماً أو اثنين، ولكن حارتنا وجيراننا هنا”. ويقول علي إنه سُجن لأنه وصف “المجنون” بالديكتاتور. وعن سيطرة العلويين في مؤسّسات حمص، يرد “لا محافظ علوي ولا أمين فرع في السنوات العشر الأخيرة. على كل، جميعهم علويون أو سنة وجودهم وعدمه سواء، فالأوامر كانت تأتي من دمشق وكانوا يرسلون مرتزقة لا نعرف لمن ينتمون”. ويدعو علي إلى تأسيس أحزاب حتى لا تبقى الفوضى، ويقول إن الناس غير موالية ولا تريد إلا العيش والشغل.
وأعاد ارتداء فتيات علويات الحجاب إلى الخوف من الخطف وتجنّباً لخطورة الطريق، ولا سيما للطالبات الجامعيات. وبرأيه، يفكّر الجميع بالهجرة، ومن كل الطوائف، فلا شغل ولا آفاق، ويحتاج الشعب السوري إلى ملائكة تضبط وضعه “هيك بلدنا كل يوم رئيس”. ويعتقد أن لأحمد الشرع فرصة تاريخية. ولكن، إذا استحالت الحياة مع الإسلاميين، فليس هناك إلا التقسيم أو اللامركزية.
ويخالف الدكتور كريم ما يراه كثيرون من السنّة في حمص، ويقول إن الأب والابن (الأسد) استغلا العلويين. “يؤدّي العلويون الدرجات الأدنى من الوظائف، لأن التعلم في مناطقهم كان يتوقّف عند صف التاسع. كما أنهم كانوا يؤدّون الوظائف الخفية التي تقوم عليها أي مؤسّسة بسبب فقرهم الكبير، وأن السني كان يعتبر العلوي أدنى منه”، وأن الدولة تقوم على المؤسّسات وليس على الأمن الذي هو وجه من وجوهها فقط، ويقول “لو كانت الثورة يسارية لاختلف الأمر، ولكن الدين احتواها ويتهمها بعدم وجود أهداف لها لأن شعارها الأول والأخير كان (يلعن روحك يا حافظ). ومن السنة من علقوا على مذابح العلويين بـ(يستاهلوا)”، ويمتدح من خلال عمله في مشافي حمص التزام العلويين في وظائفهم، ويقول أن حافظ الأسد الريفي استعان بالسنة وجعل، مع نائبه عبد الحليم خدام، العلويين أساس النظام، وساعده تجّار الشام وهم الطبقة السنية التي ازدهرت. ويتساءل: “ما هي مكتسبات العلويين من التوظيف؟ بيت متواضع في حي الزهراء”. وينتقد السياسة الصحية للمسؤولين الجدد التي ترحب بالاستثمارات الخاصة على حساب القطاع العام، فللقضاء على الفساد يقضون على القطاع الحكومي. ويرى أن مع العلويين حقّ بالخوف بعدما كشفت المحاولة الانقلابية ردّ فعل السنة. ومقابل هجوم الدكتور على السنة ونياتهم تجاه العلويين في حمص، عبّرت زوجته عن فرحتها بسقوط النظام الذي قتل ابنها في المعتقل، وقال “كانت هناك سطوة علوية وتفضيل لهم في مؤسّسات حمص وكانوا يصعبون علينا الأمور”!
هذه هي حمص، في طيبتها وتعقيدها بين رغبات بمصالحة وشعور بغبن لم يستكن بعد. المدينة التي تفاجئك دائما. وفيما أنت تتجوّل في أطلال حي الخالدية المدمّر يظهر المدعو “بوتشي” متنزهاً على خطى صاحبته سعيداً من دون أن تزعجه سيارة أو “دومري”.

الجهود، يقوم بها الدكتور نبيل الذي أسس جمعية للمجتمع المدني في حمص تجمع كل الأقليات. رغم أن مشكلة تعترضه مع بعض السّنة الذين لا يودّون حقاً الاجتماع مع علويين بسبب “رهاب الفترة الماضية”! ويقول “لا يوجد أحد غير متأذ من النظام السابق”، لكن الناس لا تقدر بأنه نظام أسدي وليس “علويّ”. هذا مع أن بعضهم كان معتقلاً مع علويين معارضين، ولكن تطغى نظرة سيئة إلى العلويين ولا يمكن التخلص منها إلا بالحوار، وتعلم أدبياته عبر مؤسّسات المجتمع المدني، فالناس تنظر إلى الآخر إما كعدو أو صديق، وهذا فكرٌ متعصبٌ، لا سيما في حمص، حيث نسبة عالية من العلويين، ولا يمكن تجاهلهم، ويجب العيش معهم ولا حلّ آخر. عملية شديدة الصعوبة، فالسني لا يقتنع بسهولة “قتلوا أطفالنا…”. في المقابل، يتعجب الدكتور من أن العلوي، أيضاً، لا يرى سوى قتل السنة لهم في الساحل. ويعلق “صحيحٌ أن النظام رهن العلويين لصالحه، لكنهم منحازون قليلا لطائفتهم، ومهما كانت أهمية المسؤول السني فالفعالية كانت للعلوي”. ويخلص إلى القول “نحن مرضى بالطائفية”، ويرفض كلام كل جهة بمظلوميّتها، فقد تضرّر الجميع، و”الجراح بحاجة لوقتٍ لتندمل والعدالة الانتقالية تتم على مهل ولا محاكمات إلى الآن، وحمص جرحُها كبير لا يلتئم إلا بالحوار”.
ويجد جهاد أن الحياة عادت إلى شارع الحضارة (أغلبية علوية)، بعد وجود الأمن العام، وهو ما طمأن الناس، وينتقد كثرة “النقّ والتضخيم”، لا سيما على وسائل التواصل، فكأنهم “لا يريدون أن يستقر الوضع”. وعن الهجرة من حمص، يذكر أن من أراد الهجرة هاجر من قبل، ولا يعتقد أن ذلك ازداد اليوم، والمسيحيون بقوا في حمص فيما غادر علويون بسبب القلق وعدم اطمئنانهم للوضع، ويصف حديث الغرب عن مسيحيي الشرق بالمتاجرة بهم. ويرفض جهاد تقديمه مسيحياً “كلنا سوريون”. وعن التغييرات في حمص منذ السقوط، يقول “اللباس المحتشم لمَ لا؟ فالجسد ليس مشاعاً”، وحالياً هناك محلٌّ واحدٌ مفتوح لبيع الكحول بعد أن كانت ثلاثة. والناس يريدون دولة على مزاجهم فيما علينا تحمّل بعضنا بعضاً وألا نتشنج للظواهر السلبية، ففي حمص حساسية خاصة “عرفوا اللعب عليها”، ومن لديه موقفٌ من ملّة لديه موقفٌ من كل الملل. ويصف الحالة المعيشية بالسوء، وأن البلاد تحتاج سنتين على الأقل لتنهض.
وعن فصل مؤسّسة الكهرباء في حمص 900 موظف، أغلبهم من الطائفة العلوية، يخبرنا مهّند بأن “هؤلاء من ذوي الشهداء بعد 2011 أو من الفاسدين”، ولاختيارهم أجروا استقراء للآراء في المؤسّسة، وطلبوا معلومات “لمصلحة البلد”، وكان رئيسها المباشر أحد الساقطين، وهو يعرف عديدين منهم. ويكشف كمّ الفساد والرشاوى عند جباية الفواتير من الشركات وتواطؤ مع بعض المعامل الخاصة لتغذيتها عبر كابلات مطمورة، يأخذون مقابلها شهرياتٍ ضخمة تصل إلى ملايين الليرات، وحين يكتشفها عامل يعرضون عليه الرشاوى، وكانت “الإكراميات”، كما دعاها، تجري سراً. ولن يتحقق العدل بدون رواتب جيدة. وعن إجراءات جديدة في المدينة، قال إن مجالس الإنشاد الصوفي للصلاة على الرسول أوقفت عبر أوامر شفوية. وصحيحٌ أن بعضها كان يبدأ بالدعاء للرئيس، ولكن “هل كنا نستطيع عدم الدعاء له؟”.

google newsتابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News
دلالات

Continue Reading

Previous: ساطع نورالدين المبعوث الأميركي الذي يحيّر اللبنانيين جميعاً…..…المصدر:صفحة الكاتب
Next: ممدوح المهيني انقلاب ماسك على ترمب………المصدر: الشرق الاوسط

قصص ذات الصلة

  • مقالات رأي

هل نحن أمام إسلاميين حقاً؟ عن طبيعة نظام الحكم الحالي في سوريا حسام جزماتي..المصدر :الجمهورية.نت

khalil المحرر يوليو 8, 2025
  • مقالات رأي

نساء يُقتلن باسم “الوطن”: هل تحولت “العودة إلى سوريا” إلى تهديد؟…المصدر : موقع درج….عدي العبدالله -صحافي وكاتب سوري

khalil المحرر يوليو 8, 2025
  • مقالات رأي

حرائق الأحراج: كارثة تتعلّق بالبقاء…المصدر : موقع درج…ايلي كلداني – ناشط في مجال التنمية المحلية لبنان

khalil المحرر يوليو 8, 2025

Recent Posts

  • هل نحن أمام إسلاميين حقاً؟ عن طبيعة نظام الحكم الحالي في سوريا حسام جزماتي..المصدر :الجمهورية.نت
  • ما السبب في تعطيل الاتفاق بين أربيل وبغداد؟ المصدر :رووداو دیجیتال
  • نساء يُقتلن باسم “الوطن”: هل تحولت “العودة إلى سوريا” إلى تهديد؟…المصدر : موقع درج….عدي العبدالله -صحافي وكاتب سوري
  • حرائق الأحراج: كارثة تتعلّق بالبقاء…المصدر : موقع درج…ايلي كلداني – ناشط في مجال التنمية المحلية لبنان
  • هل يعود شبح 2006 إلى عراقٍ لم يتجاوز سؤال: سُنّيٌّ أم شيعيّ؟…المصدر : موقع درج…أيوب سعد – صحافي عراقي

Recent Comments

لا توجد تعليقات للعرض.

Archives

  • يوليو 2025
  • يونيو 2025
  • مايو 2025
  • أبريل 2025
  • مارس 2025
  • فبراير 2025
  • يناير 2025
  • ديسمبر 2024
  • نوفمبر 2024
  • أكتوبر 2024
  • سبتمبر 2024
  • أغسطس 2024
  • يوليو 2024
  • يونيو 2024
  • مايو 2024
  • أبريل 2024
  • مارس 2024
  • فبراير 2024
  • يناير 2024
  • ديسمبر 2023
  • نوفمبر 2023
  • أكتوبر 2023

Categories

  • أدب وفن
  • افتتاحية
  • الأخبار
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • حوارات
  • دراسات وبحوث
  • مقالات رأي
  • منوعات

أحدث المقالات

  • هل نحن أمام إسلاميين حقاً؟ عن طبيعة نظام الحكم الحالي في سوريا حسام جزماتي..المصدر :الجمهورية.نت
  • ما السبب في تعطيل الاتفاق بين أربيل وبغداد؟ المصدر :رووداو دیجیتال
  • نساء يُقتلن باسم “الوطن”: هل تحولت “العودة إلى سوريا” إلى تهديد؟…المصدر : موقع درج….عدي العبدالله -صحافي وكاتب سوري
  • حرائق الأحراج: كارثة تتعلّق بالبقاء…المصدر : موقع درج…ايلي كلداني – ناشط في مجال التنمية المحلية لبنان
  • هل يعود شبح 2006 إلى عراقٍ لم يتجاوز سؤال: سُنّيٌّ أم شيعيّ؟…المصدر : موقع درج…أيوب سعد – صحافي عراقي

تصنيفات

أدب وفن افتتاحية الأخبار المجتمع المدني الملف الكوردي حوارات دراسات وبحوث مقالات رأي منوعات

منشورات سابقة

  • مقالات رأي

هل نحن أمام إسلاميين حقاً؟ عن طبيعة نظام الحكم الحالي في سوريا حسام جزماتي..المصدر :الجمهورية.نت

khalil المحرر يوليو 8, 2025
  • الأخبار

ما السبب في تعطيل الاتفاق بين أربيل وبغداد؟ المصدر :رووداو دیجیتال

khalil المحرر يوليو 8, 2025
  • مقالات رأي

نساء يُقتلن باسم “الوطن”: هل تحولت “العودة إلى سوريا” إلى تهديد؟…المصدر : موقع درج….عدي العبدالله -صحافي وكاتب سوري

khalil المحرر يوليو 8, 2025
  • مقالات رأي

حرائق الأحراج: كارثة تتعلّق بالبقاء…المصدر : موقع درج…ايلي كلداني – ناشط في مجال التنمية المحلية لبنان

khalil المحرر يوليو 8, 2025

اتصل بنا

  • Facebook
  • Instagram
  • Twitter
  • Youtube
  • Pinterest
  • Linkedin
  • الأرشيف
Copyright © All rights reserved. | MoreNews by AF themes.