شنّت العشائر العربية في سورية، ليل الخميس الجمعة، هجومًا مضادًا واسع النطاق على محافظة السويداء، جنوبي البلاد، غداة انسحاب القوات الحكومية وما أعقبه من عمليات انتقامية نفذتها الفصائل المسلحة، التابعة للشيخ حكمت الهجري الزعيم الرحي لطائفة الوحدرين الدورز، ضد السكان البدو في ريف المحافظة. وتمكن مقاتلون من العشائر السيطرة على عدة قرى في ريف السويداء، وسط أنباء عن توغلهم باتجاه مدينة السويداء نفسها، ما ينذر بتصعيد غير مسبوق في المنطقة.
وذكر ناشطون على وسائل التواصل الاجتماعي أنّ مقاتلي العشائر سيطروا على بلدة الصورة الكبرى وبلدة الثعلة ومطارها العسكري في ريف السويداء، بعد اشتباكات عنيفة مع الفصائل المسلحة. كما تمكن مقاتلو العشائر من دخول قرية المزرعة القريبة من مدينة السويداء. وأظهرت مقاطع فيديو متداولة سيطرة مقاتلي العشائر على قرية ليبين في ريف المحافظة.
من جهتها، أفادت مواقع مقربة من الفصائل المسلحة الدرزية في مدينة السويداء بأن “مجموعات مسلحة توغلت عصر الخميس في بعض القرى بريف السويداء الشمالي والغربي، بالتزامن مع انقطاع شبكات الإنترنت والهاتف في مناطق عدة، واستمرار انقطاع الكهرباء لليوم الرابع على التوالي، ما أدى إلى أزمة إنسانية متصاعدة في المحافظة، في ظل خروج مشفى السويداء الوطني عن الخدمة”.
وذكرت شبكة “السويداء 24” المحلية أن المجموعات المسلحة دخلت عبر الحواجز الحكومية من قرية الصورة الكبيرة على طريق دمشق–السويداء، المغلق منذ خمسة أيام بشكل كامل، ومجموعات أخرى توغلت من محور بلدة الثعلة في الريف الغربي بسيارات دفع رباعي ودراجات نارية، ونفذت قصفًا بقذائف الهاون. وأضافت الشبكة أن “المجموعات دخلت إلى بعض القرى المنكوبة من الأحداث الأخيرة وأضرمت النيران في ما تبقى من المنازل، وسط اندلاع اشتباكات في بعض المواقع بالريفين الغربي والشمالي”.
جانب من الأضرار إثر اشتباكات السويداء، 15 يوليو 2025 (فرانس برس)
تقارير عربية
العشائر العربية في السويداء: تاريخها وعلاقتها مع المكون الدرزي
وكانت عشرات العشائر العربية في سورية قد أعلنت، مساء أمس الخميس، النفير العام، وبدأت بالفعل بإرسال أرتال من مقاتليها نحو محافظة السويداء، في تصعيد ميداني غير مسبوق، وصفته القبائل بـ”الرد على المجازر والتهجير الذي طاول عشائر البدو صباح الخميس”، على يد فصائل مسلحة تابعة للشيخ حكمت الهجري، الزعيم الروحي لطائفة الموحدين الدروز.
وقالت مصادر محلية لـ”العربي الجديد”، إن آلاف المقاتلين من العشائر العربية، على شكل أرتال ضخمة، انطلقوا من مناطق متفرقة في سورية، ووصل قسم كبير منهم إلى الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والسويداء. وتزامن ذلك مع اندلاع اشتباكات عنيفة، بعد منتصف ليل الخميس، في منطقة المزرعة، غرب السويداء، بين مقاتلي العشائر وفصائل مسلحة. وفي غضون ذلك، شنت طائرات تابعة للاحتلال الإسرائيلي غارة جوية على محيط مدينة السويداء، في تطور يزيد تعقيد المشهد.
وكانت فصائل درزية مسلحة، تتلقى أوامرها من الشيخ الهجري، قد نفذت فجر الخميس سلسلة من الهجمات الدامية طاولت تسع مناطق مأهولة بعشائر البدو داخل محافظة السويداء. وأسفرت تلك الهجمات، بحسب مصادر محلية، عن مقتل عدد من المدنيين، بينهم نساء وأطفال، إضافة إلى حرق ونهب منازل وتهجير جماعي للسكان الذين فرّوا باتجاه محافظة درعا المجاورة.
وقالت الرئاسة السورية في بيان لها، ليل الخميس، إنّ القيادة السورية قررت، في إطار حرصها على تجنيب البلاد مزيدًا من التصعيد واستجابةً للوساطة الأميركية والعربية، سحب القوات العسكرية من السويداء إلى مواقعها لإتاحة الفرصة أمام جهود التهدئة في المحافظة. وأشارت الرئاسة إلى أن ما جرى لاحقًا شكل خرقًا واضحًا للتفاهمات، حيث باشرت “القوات الخارجة عن القانون” بتنفيذ عمليات عنف مروعة وثّقها العالم، شملت ارتكاب جرائم فادحة تتنافى كليًا مع التزامات الوساطة، وتهدد السلم الأهلي وتدفع نحو الفوضى والانهيار الأمني.
وأكد البيان أن الدولة السورية في الوقت الذي تدعو فيه جميع الأطراف إلى التهدئة وضبط النفس، تشدد على ضرورة فسح المجال أمام مؤسسات الدولة لبسط سيادتها وتطبيق القانون، مع التزامها الكامل بمحاسبة كل من تورّط في ارتكاب الجرائم وتجاوز القانون، أيًا كانت الجهة التي ينتمي إليها.
google newsتابع آخر أخبار العربي الجديد عبر Google News