حذر مهندسون في مجالات البيئة والزراعة بالإضافة لأطباء، من وقوع كارثة قد تضر بمنطقة شمال شرقي سوريا، على المدى البعيد عقب تسرب نفطي في مجرى نهرين رئيسيين، وسط مساعٍ للحد من انتشاره.
وأعلنت هيئة الزراعة والري التابعة للإدارة الذاتية الديمقراطية لإقليم شمال وشرق سوريا، في الـ 29 من كانون الثاني/ يناير الفائت، تشكيل لجان طوارئ بعد تسرب نفطي من أنابيب في منشآت رميلان وديرك، إلى نهري الرد وجقجق.
وتقول روفند عبدو، وهي مهندسة بيئية في الحسكة، إن تسرب هذه المخلفات النفطية إلى المياه سيشكل “كارثة بيئية لأن النفط يحوي مواد ثقيلة سامة لعناصر البيئة كلها من المياه والتربة والهواء”.
وتشير “عبدو”، في حديث لنورث برس، إلى أن تلوث هذه العناصر سيؤدي إلى اختلال التوازن البيئي في منطقة التلوث.
وبحسبالادارة الذاتية ، أن القصف التركي على الحقول النفطية الشهر الفائت، تسبب في تسرب المشتقات النفطية إلى نهر الرد قبل أن تمتد إلى نهرجقجق
وشنت تركيا عبر الطائرات والقذائف المدفعية، في الـ 12 من كانون الثاني/ يناير الماضي، عشرات الهجمات على مدى خمسة أيام متتالية على معظم مناطق شمال شرقي سوريا، أسفرت عن خروج قطاعات الطاقة والنفط والغاز والكهرباء عن الخدمة.
ولمنع تسرب المشتقات النفطية إلى نهر الخابور، عملت هيئة الزراعة والري على تشكيل حواجز عائمة من القصب على امتداد النهر الذي تلوث بطول 200 كم، وفق مسؤولين لـنورث برس.
وذكرت “عبدو” أن من تبعات هذه الكارثة “ستتأثر جودة المياه حيث تصبح غير صالحة لري المحاصيل الزراعية وأيضاً تؤدي إلى نفوق الأسماك وتأثر الثروة السمكية في الفترة القادمة”.
وأضافت: “حتى لو جفت مياه النهر خلال فصل الصيف، فإن التلوث النفطي يبقى لعدم تحلل المواد النفطية وبالتالي تشكيل عبء كبير على البيئة”.
وحذرت المهندسة البيئية، من أن هذه المخلفات النفطية تحوي مواد طيارة تقوم بتلويث الهواء، “وبالتالي التسبب بأمراض تنفسية. فأضرار هذه المخلفات ستكون على المدى القريب والبعيد”.
وتظهر صور التقطتها نورث برس، لنهر جقجق على أطراف وداخل مدينة الحسكة، بقعاً نفطية جارية مع مياه النهر ولا سيما بالقرب من التجمعات السكنية.
“تأثير سلبي”
إلى جانب البيئة، فلتلوث المياه آثار كبيرة على الزراعة، حيث تقدر المساحات الزراعية على ضفتي نهري جقجق والرد، بنحو 50 ألف هكتار، وفق ما قاله مكتب الموارد المائية بالإدارة الذاتية لـنورث برس.
ويقول آلدار حسن، وهو مهندس زراعي، إن للمخلفات النفطية تأثير سلبي على الزراعة وستقلل من إنتاج المحاصيل بنسبة حوالي ما بين 50 إلى 60 بالمئة.
ولفت إلى أنه إذا تشبعت التربة بهذه المخلفات “فسيؤثر على الزراعة وعلى المدى الطويل”.
ويشدد خبراء في مجال الزراعة، على أن التربة التي تتسرب إليها المشتقات النفطية، “لن ينبت فيها الزرع مجدداً مدى الحياة”.
وأشار “حسن”، لنورث برس، بأن وجود مساحات زراعية واسعة على ضفتي النهرين الملوثين وترجيح احتمالية تسرب هذه المخلفات إلى الآبار التي تسقى منها المحاصيل “سيشكل خطراً كبيراً على المجال الزراعي”.
أمراض
وعلى مدى السنوات الفائتة من الأزمة الراهنة في البلاد، تعاني مناطق شمال شرقي سوريا من مشاكل بيئية، وسط تأكيدات للإدارة الذاتية مراراً، بغياب الإمكانيات التي تحد من التلوث ولا سيما في مناطق النفطية التي تستخرج بطرق بدائية.
وبينما حذرت الإدارة الذاتية في صفحتها الرسمية على فيسبوك، من خطورة التسرب النفطي على البيئة والثروة الحيوانية والمزروعات في مناطقها، يخشى السكان القاطنون بالقرب من النهر من انتشار أمراض خطيرة.
ويقول عنتر سينو، وهو طبيب عام في مشفى الشعب بالحسكة، إن “التلوث الحاصل في النهر الحاوي على مواد معدنية ثقيلة وأملاح إلى المياه الجوفية التي يستخدمها السكان في الشرب، قد يؤدي إلى عديد من الأمراض الخطيرة كالسرطانات وأمراض الكلى والغدة وأمراض جلدية”.
ويوضح في حديث لنورث برس، أن المخلفات النفطية تحوي مواد تتطاير عبر الهواء واستنشاقها يؤدي إلى كثير من الأمراض التنفسية أيضاً كالتليفات الرئوية.
وبينما تعمل الإدارة الذاتية للحد من انتشار تلوث المياه، يحذر “سينو”، من أنه “إذا لم تتم إزالة هذا التلوث أو الحد منه، فإن ذلك يعني كارثة خارجة عن سيطرتنا”.