يرى سياسيون سوريون، أن حكومة دمشق، “متواطئة سراً” مع تركيا فيما دمرته الأخيرة من البنية التحتية في شمال شرقي سوريا خاصة منذ بداية العام الجاري.
ومع بداية العام 2024، فقدت الكهرباء والغاز والمحروقات وتوقف الحركة التجارية وارتفعت الأسعار، في شمال شرقي سوريا، بسبب القصف التركي بـ 122 ضربة استهدفت 89 موقعاً خلال النصف الأول من الشهر الفائت، 62 منها عن طريق المسيرات و22 بالطيران الحربي، جمعيها مرافق خدمية واقتصادية ومصادر الطاقة والنفط.
“اتهامات لـ دمشق”
استهداف سبل عيش السوريين وتدمير ما تبقى من البنية التحتية في شمال شرقي البلاد، رافقه صمت دولي، ومن حكومة دمشق التي يتواجد لها قوات عسكرية على كامل الشريط الحدود مع تركيا منذ عام 2019.
ويعتقد خبات محمد، وهو سياسي سوري، أن “الاستهدافات التركية تأتي في سياق سياسات مستمرة انتهجتها تركيا على طول عمر الأزمة السورية باحتلالها لمناطق واسعة من سوريا وانتهاكها المستمر للسيادة السورية، فضلاً عن عدائها المزمن لأي دور فاعل للكرد في رسم مستقبل بلادهم سوريا”.
ويتهم السياسي، تركيا بأنها “المعيق الأكبر لأي تحول ديمقراطي في سوريا”.
ويشير “محمد” إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يحاول تصدير ما يعانيه من أزمات داخلية (اقتصادية وسياسية)، إلى خارج حدود بلاده، محاولاً بذلك الحفاظ على أصوات ناخبيه بإيهامهم أن تركيا تخوض حرباً وجودية مع أعداء محتملين.
ويضيف لنورث برس أن “النظام السوري يتحمل كل ما آلت إليه الأمور في سوريا بتمسكه بالخيار العسكري للحفاظ على موقعه في السلطة”.
وتدرك دمشق أن أي مشروع إداري منافس لها أو يتفوق عليها في المناطق الخارجة عن سيطرتها “يشكل نواة حقيقية للتغيير. وأن أي استهداف يقوض من هذه الاحتمالية يصب في المحصلة في خدمة بقائها واستمرارها أو يضعف من إمكانات خصومها في حال أجبرت على التفاوض، وأنها تشترك مع تركيا بمخاوفها في هذا الملف”، بحسب “محمد”.
ويأسف السياسي على أن هذا السياق هو “الهدف الأبرز من مسار أستانا الذي تشترك فيه تركيا مع أهم داعمي النظام السوري، روسيا وإيران”.
ولم تقدم آخر جولة من اجتماع أستانا في العاصمة الكازاخستانية، جديداً، عن الاجتماعات السابقة، فجاء في البيان الختامي: “التأكيد على استقلال سوريا ووحدة وسلامة أراضيها، والتقارب بين أنقرة ودمشق”، وتطرق البيان إلى الوجود الأجنبي غير الشرعي على الأراضي السورية.
توزيع الأدوار
يقول كيلو عيسى، سياسي سوري، إن تركيا منذ دخولها إلى الأراضي السورية في العام 2016 بداية بمدينة جرابلس، “استطاعت أن تجعل من نفسها دولة ذات تأثير في الشأن السوري وهي من ساهمت في انعقاد اجتماعات أستانا”.
وتعتبر اجتماعات أستانا، “محاولة لتسليم سوريا إلى النظام السوري بشرط تركي وهو القضاء على الإدارة الذاتية”، وفقاً لـ”عيسى”.
ويضيف “عيسى” لنورث برس، أن إيران وروسيا وتركيا وزعت الأدوار فيما بينها، “طهران تلعب دور التأثير السياسي على الإدارة الذاتية بينما موسكو تعمل دور الوسيط بين شمال شرقي سوريا ودمشق، في حين تركيا أخذت دور التأثير العسكري على مناطق الإدارة الذاتية”.
وعن صمت دمشق حيال القصف التركي على البنية التحتية في شمال شرقي سوريا، يرى السياسي أن دمشق “متواطئة مع الهجمات التركية لأن لديها غاية بإضعاف الإدارة الذاتية ضمن مخطط أستانا لتوجيه الإدارة إلى دمشق”.
وفي تصريحه الأخير، قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: “الإدارة الذاتية انسحبت من المفاوضات مع دمشق فور إعلان الولايات المتحدة الأمريكية بقاء جزء من قواتها في وسوريا”.
ويشير “عيسى” إلى أن هذا التصريح يأتي “ضمن دور موسكو المخطط في أستانا”.
ويُطلب من تركيا “مهاجمة الكرد عسكرياً، ومن الروس أن يروجوا لانسحاب الإدارة الذاتية من المفاوضات مع دمشق، بينما يُطلب من إيران ترويج رواية بأن الأميركان لن يحموا شمال شرقي سوريا، والمستفيد الوحيد من هذه المعادلة هي دمشق”، بحسب “عيسى”.