في تعليق على الأنباء التي أفادت بأن المحادثة التي جرت ليلة الاثنين – الثلاثاء، بين الرئيس الأميركي جو بايدن، ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، كانت قاسية ومشحونة ومتوترة، أطلق الدبلوماسي ديفيد فريدمان، السفير الأميركي السابق لدى إسرائيل والمقرّب من الرئيس السابق دونالد ترمب، تصريحات هجومية على إدارة بايدن، ووصف طريقة التعامل مع إسرائيل بالمقرفة، وعدّها مساندة لـ«حركة حماس».

وتكلم فريدمان للقناة 14 اليمينية الاستيطانية في تل أبيب، فقال: «لا يوجد أحد يهتم ويتابع تصريحات وممارسات بايدن في العالم بقدر ما يتابعه يحيى السنوار (زعيم حماس في غزة). فالمعروف أن (حماس) لا تستطيع هزم إسرائيل عسكرياً. لذلك تعلق آمالها على أميركا أن تمارس ضغوطاً وتجبر إسرائيل على وقف الحرب. وهذه أبشع رسالة يمكن لبايدن أن يرسلها إلى (حماس) في خضم المفاوضات».

 

وقال فريدمان إن سبب سياسة بايدن هذه يكمن في السياسات الحزبية «الصغيرة الضيقة»، موضحاً أن بايدن ينافق بذلك المصوّتين العرب في ميشيغان ومينيسوتا وغيرهما من الولايات التي يوجد فيها العرب والمسلمون.

وسئل فريدمان عما سيحصل إذا فاز ترمب في الانتخابات، وهل لديه تصور عن كيفية تصرفه في موضوع الحرب على غزة، فتهرب من الجواب المباشر، وقال: «الأمر الأول الذي سيفعله هو تغيير السياسة تجاه إيران، إذ إن بايدن جعل الأمة الإيرانية من أغنى الأمم في العالم. ولم ينفذ العقوبات عليها. بينما ترمب سوف يدير سياسة متشددة، وسيعود إلى توسيع اتفاقيات إبراهيم، وتشديد القبضة على الإرهاب».

 

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو سيرسل وفداً إلى واشنطن لمناقشة خطط رفح (أ.ف.ب)

 

وكانت مصادر سياسية في تل أبيب قد أكدت أن بايدن أجرى مكالمة هاتفية حادة مع نتنياهو للمرة الأولى منذ أكثر من شهر، آخر مرة تكلما كانت في 15 فبراير (شباط) الماضي. وبحسب (القناة 11) للتلفزيون الإسرائيلي فإن بايدن لم يحاول مسايرة نتنياهو أو تلطيف الأجواء المتوترة التي تفاقمت بينهما في الأيام الأخيرة. بل واصل التكلم إليه بلهجة حادة وتقديم طلبات. وقال له إنه يشعر بأنه (أي نتنياهو) يتعمد الدخول في صدام مع الإدارة الأميركية، ونصحه بألا يكرر تجارب الماضي في هذا الشأن؛ لأنه (أي بايدن) لن يمر على ذلك مرور الكرام.

وأضافت القناة 12 أن بايدن أبلغ نتنياهو أن أميركا تفضّل التخلي عن فكرة اجتياح رفح. فسأله نتنياهو: «هل تخليتم عن دعمنا في خطة تصفية (حماس)»؟ فأجاب الرئيس الأميركي: «بلى نحن نؤيدكم في تصفية قيادة (حماس)، ولكننا لا نؤيد أن يترافق الأمر مع قتل مدنيين في غزة أو تجويعهم». وأضاف: «أميركا لا تستطيع أن تدعم اجتياحاً لرفح، قبل أن ترى خطة تفصيلية عن أهدافها الدقيقة، وطرق تحقيقها، ومعرفة كيفية إخلاء رفح من السكان، وهل سيتم بالتهديد العسكري أو بطرق تضمن حياة الناس وكيفية إطعامهم. وقال له إنه يعتقد أنه لا توجد خطة جدية في هذا السبيل، وأنه يخشى أن تكون هناك محاولة لإفشال المفاوضات الجارية في الدوحة وفرض الاجتياح لرفح بالأمر الواقع».

 

 

وقد اتفقا على إرسال وفد إسرائيلي سياسي – أمني – استراتيجي يوضح الخطط الإسرائيلية في هذا الشأن. وطلب بايدن أن يكون الوفد الإسرائيلي إلى الدوحة إيجابياً، ويملك صلاحيات لإنجاح المفاوضات.

وقال نتنياهو، أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع بالكنيست (البرلمان)، اليوم الثلاثاء، أن الجيش الإسرائيلي سيدخل رفح في عملية برية، وأنه أبلغ الرئيس جو بايدن بذلك في مكالمتهما الهاتفية الاثنين. وقال نتنياهو: «هناك خلاف مع الأميركيين حول ضرورة دخول رفح. لا يتعلق الأمر بالحاجة إلى القضاء على حماس، بل بالحاجة إلى دخول رفح. ولا نرى سبيلاً للقضاء على حماس عسكرياً دون تدمير هذه الكتائب المتبقية. نحن مصممون على القيام بذلك»، بحسب صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».
وأضاف نتنياهو: «لقد أوضحت للرئيس في حديثنا، بأوضح الطرق، أننا مصممون على استكمال القضاء على هذه الكتائب الموجودة في رفح، ولا توجد طريقة للقيام بذلك إلا من خلال عملية برية». وتابع نتنياهو أنه وبايدن اتفقا على آلية للأميركيين لتبادل أفكارهم بشأن المساعدات الإنسانية وإجلاء المدنيين، وهو القلق الذي تشاركه
إسرائيل.

منع لقاءات مع باربرا ليف

وكان مسؤولون أميركيون في تل أبيب قد سربوا للإعلام أن نتنياهو منع مسؤولين إسرائيليين استخباراتيين اثنين رفيعي المستوى، من عقد اجتماع كان مقرراً مع مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، باربرا ليف، التي تزور إسرائيل حالياً، وذلك في غمرة توترات محتدمة بين تل أبيب وواشنطن بشأن أسلوب إدارة نتنياهو للحرب على غزة.

وقالت (القناة 12) إن نتنياهو أمر كلاً من رئيس المخابرات العامة (الشاباك)، رونين بار، ورئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (أمان)، أهرون حليوة، بإلغاء الاجتماعات المقررة لهما مع ليف، بوصف ذلك جزءا من الرد على الخلافات المتصاعدة بين الجانبين، والذي طفا على السطح خلال الفترة الأخيرة. وأفادت بأنه تم الاتفاق في نهاية المطاف على عقد الاجتماع الذي كان مقرراً بين رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية والمسؤولة الأميركية «بعد ساعات طويلة من التأخير والمماطلة»، في حين لا يزال لقاء رئيس الشاباك مع المسؤولة الأميركية ملغياً، في ظل عدم صدور توجيهات من نتنياهو تتيح عقد الاجتماع.

ونقلت (القناة 12) عن مصادر إسرائيلية مطلعة أن إلغاء الاجتماعات مع المسؤولة الأميركية جاء في سياق «محاولة من نتنياهو لبث رسائل للرئيس الأميركي وكبار المسؤولين في إدارته تعبّر عن رفضه لما يعده تدخلاً في الشؤون السياسية الداخلية في إسرائيل». وأفاد التقرير بأن المسؤولة الأميركية اجتمعت الاثنين بعدد من كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين في إسرائيل، لبحث تطورات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة المحاصر، وكذلك بحث ملفات تتعلق بالضفة الغربية، التي بدأت واشنطن تهتم بالعمليات الحربية العنيفة التي تمارسها إسرائيل هناك يومياً.

 

 

وفي واشنطن، قال مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان للصحافيين مساء الاثنين، بعد الاتصال الهاتفي بين بايدن ونتنياهو، إن «موقفنا هو… تنفيذ عملية برية كبيرة هناك (في رفح) سيكون خطأ». وأضاف سوليفان دون إسهاب: «الأهم هو أن الأهداف الرئيسية التي تريد إسرائيل تحقيقها في رفح يمكن بلوغها بوسائل أخرى». وأردف أن موفدين إسرائيليين سيصلون إلى واشنطن قريباً للاستماع إلى المخاوف الأميركية، و«وضع نهج بديل». وعبّر عضو مجلس الأمن الإسرائيلي، وزير الزراعة آفي ديختر، عن تشككه في إلغاء عملية اجتياح رفح. وقال ديختر لهيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان): «لا توجد وسيلة للقضاء على البنية التحتية الإرهابية والعسكرية لـ(حماس) و(الجهاد الإسلامي) في غزة، ومنها رفح، من خلال العمليات الجوية أو عمليات المراسلة أو من خلال أي بدائل أخرى». وتوقع أن تركز مداولات واشنطن على خطط نقل المدنيين.