تتسارع التطورات في شرق سوريا بشكل ينذر باندلاع معركة واسعة النطاق، لاسيما بعد اشتداد المناكفات العسكرية والقصف المتبادل عبر الطائرات المسيرة أو الصواريخ الموجهة بين القوات الأميركية والفصائل المدعومة إيرانياً، التي زادت حدتها في الآونة الأخيرة بعد عملية طوفان الاقضى والقصف الإسرائيلي لقطاع غز
تدريبات مكثفة
وسمع دوي انفجارات عنيفة ومتلاحقة في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري في حقل العمر بريف دير الزور الشرقي بالقاعدة التي تعد أكبر قواعد التحالف الدولي ، وتبين أنها ناتجة من تدريبات تجريها القوات بالتزامن مع تدريبات أخرى في قاعدة تسمى “قسرك” بريف مدينة الحسكة بالاشتراك مع قوات سوريا الديمقراطية “قسد”.
وأكد المرصد السوري لحقوق الإنسان تنفيذ القواعد الأميركية تدريبات على الأراضي السورية بشكل مكثف بالتزامن مع تصاعد الهجمات بالمسيرات من جانب الفصائل الموالية لإيران، وأحصى المرصد السوري، ومقره في بريطانيا 15 هجوماً استهدف قواعد التحالف الدولي منذ الـ19 من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ثلاثة منها على قاعدة التنف وأربعة على حقل العمر النفطي وثلاثة على قاعدة كونيكو الغازي واستهداف واحد لقاعدة بمنطقة المالكية في الحسكة.
وتشير المعلومات الواردة إلى ارتفاع وتيرة التدريبات بشكل غير مسبوق بالاشتراك مع قوات سوريا الديمقراطية وبالذخيرة الحية، وترى أوساط مراقبة عزم واشنطن دخول معركة واسعة النطاق مع اشتداد الهجمات على قواعدها المتمركزة في شرق سوريا لمكافحة الإرهاب والفصائل المتشددة ومنها تنظيم “داعش” عام 2016 خصوصاً أنها تقود التحالف.
ويجزم الناشط السياسي والحقوقي أحمد الشيخ من دير الزور باعتماد الولايات المتحدة على تدريبات قتالية محددة ونمط معين من التدريبات العسكرية منذ أشهر عدة، لاسيما بعد تمدد المجموعات الموالية لإيران وتعمدها توجيه ضربات للقواعد المحيطة بآبار النفط.
وتختلف تدريبات الذخيرة الحية التي تجرى حالياً عن غيرها من التدريبات قبل حرب غزة سواء في التوقيت أو المكان الذي يدور ضمن مناطق نفوذ القواعد الأميركية، بحسب قول الشيخ، “لكنها بلا شك تفصح عن أسلوب تكتيكي دفاعي بالمقام الأول رداً على الهجمات”.
وأكد الناشط السياسي أن هذه التدريبات “هي الثانية في الأهمية بعد مشروع تكتيكي أنجزته أخيراً بالمنطقة (55) كيلومتر على المثلث الحدودي السوري – العراقي – الأردني بغية قطع طريق الفصائل الإيرانية الواصل شرق سوريا بجنوبها الذي يربط دمشق بطهران مروراً بالأراضي العراقية”، لافتاً إلى أنه “حال قطع هذا الطريق فمن الوارد أن تركز واشنطن على ضربه في المستقبل كونه الشريان الذي يغذي المجموعات الإيرانية”.
النفوذ على الأرض
وتسري تحذيرات عن قرب حرب شاملة في المنطقة محورها مناطق الفرات والجزيرة والبادية وشمال سوريا، وهذا ما يتوقعه الخبراء والمتابعون لشؤون المنطقة وهذ الجزء الشمالي والشمالي الشرقي ينتشر به أكثر القوى المتصارعة على النفوذ، منها التحالف الدولي الخاص بمحاربة “داعش” مع قوات سوريا الديمقراطية “قسد” وقوات الحرس الثوري الإيراني ومجموعات تتبع له من جنسيات عراقية وسورية ولبنانية، أما تركيا فتحكم السيطرة على أجزاء من الشمالي السوري.
ويبدي القاطنون من أهالي شرق سوريا بالغ التخوف من اشتعال الحرب لاسيما مع اندلاع مواجهات جديدة بين قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من التحالف الدولي ومجموعات مسلحة من العشائر العربية، وسط تحذيرات من الخسائر البشرية التي تسقط من المدنيين، إذ ذكرت أوساط أهلية بعد التواصل معها “وجود هجرة شبابية هرباً من تجنيدهم في الحرب المقبلة حال اندلاعها”.
هناك مخاوف من تصعيد النزاع بين إسرائيل و”حماس” وتصاعد التوترات في المنطقة وسط إجلاء واشنطن لموظفي سفارتها في بغداد وقنصليتها في أربيل وقلقها من احتمال استهداف الدبلوماسيين، إذ قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن “نحن قلقون إزاء احتمال أن يصعد وكلاء إيران هجماتهم ضد موفدينا وضد شعبنا”.
وبات مألوفاً أن الصراع الأميركي الإيراني في سوريا لا يأتي وجهاً لوجه بل من خلال أذرع طهران بالمنطقة عبر المجموعات التي تدعمها، إذ قال متحدث الأمن القومي الأميركي جون كيربي في تصريح صحافي “إيران تواصل دعم ’حماس‘ و’حزب الله‘ وترصد عن كثب الأحداث، نعلم أن هدفها هو الحفاظ على درجة معينة من الإنكار في هذا المجال لكننا لا نسمح لهم القيام بذلك”.
في المقابل وصف وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان إسرائيل بأنها قوة وكيلة للولايات المتحدة الأميركية في المنطقة، وأن طهران ليس لديها أية جماعة أو حرب بالوكالة، متابعاً قوله في لقاء تلفزيوني “إيران لم تكن على علم مسبق بالهجوم المميت الذي شنته ’حماس‘ على إسرائيل الشهر الماضي”.
في غضون ذلك يتوقع نائب الرئاسة المشتركة لإدارة العلاقات الخارجية بالإدارة الذاتية الكردية فنر كعيط امتداد ما وصفه بشرارة الحرب المستعرة في غزة إلى سوريا لاسيما مناطق الشمال والشرق، لافتاً الانتباه إلى القصف الإسرائيلي المتكرر لمناطق في الداخل السوري وخصوصاً المطارات، وسط ساحة صراعات دولية سواء التحالف الدولي أو الوجود الروسي وكذلك الإيراني والتركي.
ونوه كعيط في تصريحات صحافية إلى أن “قصف الفصائل الموالية لإيران قواعد التحالف الدولي ينذر بتوسع الصراع”، مشيراً إلى أن الهجمات المتلاحقة ستنعكس سلباً على أمن واستقرار شمال شرقي سوريا، موضحاً أنه على رغم أن “الحرب في سوريا قد لا تكون مباشرة بين الأطراف، لكن إيران ستحرك أذرعها لضرب استقرار المنطقة”.
وفي السياق حذرت وسائل إعلامية أميركية من احتمالات انخراط قوات الولايات المتحدة خارج سوريا في صراع إقليمي حال توسع نطاق الحرب بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية، إذ أشار موقع “أكسيوس” الأميركي إلى أن واشنطن تخاطر بتوريط 40 ألف جندي متمركزين في جميع أنحاء المنطقة.