انتخب أوزغور أوزال رئيساً لحزب الشعب الجمهوري بأغلبية 812 صوتاً في المؤتمر العام الثامن والثلاثين، الذي عقد بعد فشل الحزب في الانتخابات البرلمانية بتاريخ 14 أيار (مايو) والرئاسية في 28 أيار (مايو)، ما أدّى إلى تصاعد الأصوات المطالبة “بالتغيير”.
قيادي في الحزب منذ 8 سنوات
شغل أوزغور أوزال منصب نائب رئيس مجموعة حزب الشعب الجمهوري البرلمانية في الفترة من 24 حزيران (يونيو) 2015 حتى تاريخ انتخابه رئيساً للحزب.
وقد أعلن عن ترشحه لرئاسة حزب الشعب الجمهوري في 15 أيلول (سبتمبر)، “بوثيقة الموقف” التي أطلق عليها اسم “قرن التغيير، وتغيير القرن”، قائلاً إن “الخسارة في الانتخابات الأخيرة رغم الظروف المواتية لتحقيق الانتصار عبء ثقيل” على كاهل الحزب، ومحمّلاً كمال كليتشدار أوغلو وسياسات الحزب الحالية مسؤولية عدم النجاح في اقصاء حكومة العدالة والتنمية عن السلطة رغم الأخطاء الكثيرة التي ارتكبتها، حسب توصيفه.
ورفض أوزال خطّة كليتشدار أوغلو التي أدّت إلى وصول 38 نائباً من الأحزاب الأخرى المنضوية تحت مظّلة التحالف الانتخابي السداسي إلى البرلمان على حساب نواب حزب الشعب الجمهوري، مؤيّداً الأصوات العالية داخل الحزب وفي قاعدته الشعبية التي وصفت الخطوة بالهدية المجّانية للأحزاب المذكورة دون الحصول على أصوات اضافية من قواعدها الشعبية بالمقابل.
كما انتقد أوزال البروتوكول السري الذي وقّعه كليتشدار أوغلو قبيل الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية مع زعيم حزب النصر اليميني المتطرف أوميت أوزداغ، والذي أدّى حسب البعض إلى خسارة عشرات الآلاف من أصوات الكرد مقابل بضع آلاف الأصوات من اليمين التركي المتطرف.
ودعا أوزال إلى تعزيز الديمقراطية داخل الحزب وتغيير شامل في موظّفيه ولوائحه، قائلاً في كلمته أمام المؤتمر: “يقال إن ثمناً تم دفعه بعد خسارة الانتخابات الأخيرة، لكن هذا الثمن لم يدفعه كليتشدار أوغلو ولا أوزال، بل دفعه ناخبو حزب الشعب الجمهوري الذين تحطمت آمالهم”.
مجموعة المطالبين بالتغيير
وبعد أسابيع من الإعلان عن خسارة كليتشدار أوغلو للسباق الرئاسي، أعلن أوزال انضمامه إلى مجموعة المطالبين بالتغيير داخل حزب الشعب الجمهوري، والتي قادها رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو. وبرر أوزال “انقلابه” على كليتشدار أوغلو في حينه بالقول بأن مطالب التغيير في حزب الشعب الجمهوري جاءت من والده وأصدقائه وأصدقاء ابنته، “ثلاثة أجيال مختلفة تريد التغيير. هؤلاء الناس بحاجة إلى التغيير، لذلك اخترت اللعب في أي مركز في الفريق الفائز (المعارض) على أن أكون قيادياً في الفريق الخاسر”.
تمثّلت مطالب أوزال، المعروف بخطاباته الشعبوية، بعد خسارة كليتشدار أوغلو للانتخابات الرئاسية كمرشّح عن تحالف الأمة، باستقالته، وتمهيد الطريق للتغيير داخل الحزب، بما في ذلك نظام الحزب الأساسي.
انتقادات لأوزال
بالمقابل، واجه أوزال الكثير من الانتقادات التي تتركّز بالدرجة الأولى على مسؤوليّته المشتركة مع كليتشدار أوغلو في الخسائر والاخفاقات المذكورة، خاصة وأنه شغل منصب رئيس المجموعة البرلمانية للحزب لمدة 8 سنوات، أيّد خلالها جميع سياسات رئيس الحزب “حتى اللحظة الأخيرة”، وحصل منه على استثناء عن شرط عدم ترشح أي شخص لدورة برلمانية ثالثة بشكل متتالي، ليشغل مقعده لـ 5 دورات برلمانية متتالية.
وانتخب أوزال نائباً عن حزب الشعب الجمهوري في البرلمان التركي عن ولاية مانيسا في الانتخابات العامة الدورة 24 لعام 2011، وفي دورات 25 و26 و27 و28.
وفي كلمته من المنصة الرسمية للمؤتمر قبيل انطلاق العملية الانتخابية حيّا أوزال الزعيم المشترك السابق لحزب الشعوب الديمقراطي صلاح الدين دميرتاش، المحتجز في سجن أدرنة منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2016، والناشط عثمان كافالا، الذي حُكم عليه بالسجن المؤبد في “قضية جيزي”، ما جعله في مرمى استهداف الرئيس رجب طيب أردوغان الذي قال في خطاب جماهيري له في مسقط رأسه ريزي يوم الأحد “ودّع كمال (كليتشدار أوغلو) منصبه محيّياً الرئيس الإرهابي في أدرنة، وقال وداعا لكافالا. والشخص الذي فاز في المؤتمر أرسل التحيّات لصلاح الدين دميرتاش وكافالا. هل هناك فرق بينهما؟ هم ساروا جنباً إلى جنب مع المنظمات الإرهابية”.
أهم وعود أوزال
شدد أوزال خلال حملته الدعائية على بعض النقاط التي طرحها كوعود انتخابية من بينها “ضرورة احداث نقلة نوعية في السياسة التركية واتّباع نهج يرفض سياسات الهوية التي تقسّم المجتمع كما يفعله الرئيس أردوغان”.
وأعلن أوزيل أن زيارته الأولى بعد الفوز ستكون إلى هاتاي (لواء اسكندرون) وأنه “سيبقي هاتاي والمناطق التي شهدت كارثة الزلزال على جدول الأعمال في جميع الأوقات”.
ومن بين وعود أوزال أيضاً، رفد حزب الشعب الجمهوري بكوادر شابة، خاصة وأنه يعتبر من جيل القياديين الشباب داخل الحزب.
ويعرف أوزال بأشدّ المدافعين عن علمانية البلاد والمنتقدين لمظاهر الإسلام السياسي وفرضها على المجتمع التركي، وقد انتقد سابقاً السياسات التعليمية الحكومية بما يخصّ تشجيع المدارس الدينية على حساب التعليم الرسمي. وشدد في وعوده الانتخابية على أنه “وجوب التمسك بمبدأ العلمانية، وهي إحدى القيم التأسيسية للجمهورية، حتى النهاية”.
كما كرر أوزال مراراً وعوده بعدم “اعطاء مكان للمستشارين اليمينيين في الحزب”.
وكثيراً ما انتقد أوزال انعطاف حزب الشعب الجمهوري نحو اليمين، قائلاً في مقابلة مع صحيفة “بيرغون” إن “الخطر الأكبر على اليسار، وعلى السياسات الديموقراطية الاجتماعية، وعلى حقوق العمال، وعلى حرية تكوين الجمعيات هو خطر وجود زعيم بلا سياسة”.
وفي البث المباشر لقناة “فوكس تي في” 19 تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أكد أوزال أن عمالة 85 بالمئة من المجتمع يتم استغلالها قائلاً: “يحتاج حزب الشعب الجمهوري إلى رؤية معايير اليسار والديمقراطية الاجتماعية وأن يكون جريئاً”.
أما أكثر وعود أوزال أهمية فهي تعهّده بحل المشكلة الكردية، حسب ما ذكر في خطابه أمام المؤتمر الأول لحزب الشعب الجمهوري في ديار بكر في 6 تشرين الأول الماضي حينما قال: “السلام والأخوة والحرية هي الهدف (..) نرى ونعرف المشكلة الكردية، ضد هوية الأكراد، ولغتهم، وتعبيرهم عن أنفسهم، وضد كل أنواع التمييز، وضد كل أنواع الظلم الذي يعانون منه، ونعد بالسير على طريق حلّها دون جعلها مادة للاستغلال السياسي”.
ووصف أوزال سياسة الحكومة في تعيين رؤساء بلديات منتدبين من قبلها عوضاً عن المنتخبين من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي الموالي للكرد، “بالمعايير المزدوجة”، قائلاً: “نحن نرفض ديمقراطية الوصي، خنجر الوصي للديمقراطية”.
وفي أحد البرامج التي شارك فيها على قناة TV100، رد أوزال على سؤال “ما هي أولى تعليماتك إذا أصبحت رئيساً؟” بالقول: “سأطلب من الحزب عدم تعليق صوري”.
سيرة شخصية
ولد أوزال في مانيسا عام 1974، وهي مركز الولاية الرابعة عشرة من حيث عدد السكان في تركيا، والتي تحمل الاسم ذاته، وتقع غرب الأناضول، ووسط منطقة بحر إيجه، وتخرّج من كلية الصيدلة بجامعة إيجه.
في مقابلة مع إحدى الصحف التركية شرح الآثار التي تركتها سنوات دراسته في المدرسة الداخلية المجانية على تكوين شخصيّته، قائلاً: “تمنحك المدرسة الداخلية خبرات اضافية إلى جانب التعليم الذي تقدّمه. لقد تعلمت فيها مقولة يمكننا التعامل مع الأمر. بغض النظر عما يحدث، عليك التعامل معه! لقد تعرّضت للضرب كثيراً في المعارك الداخلية في المدرسة؛ من المعلّمين، ومن طلاب الصفوف الأكبر سناً، وفي أحد الأيام، أثناء احتدام النقاش في البرلمان قال لي أحدهم ألا تشعر بالخوف من مواجهة 300 رجل (نائب) فقلت له: أنظر يا أخي، لقد نشأت في مدرسة داخلية. تعلّمت ألا أقاتل هناك، ولكن ألا أخاف أيضاً من الضرب”.
شغل منصب أمين عام غرفة صيادلة مانيسا لفترة واحدة ورئيس للغرفة لفترتين، بالتزامن مع منصب المتحدث الرسمي ورئيس اتحاد الغرف الأكاديمية في مانيسا، كما كان عضواً في منظمات دولية مثل الاتحاد الصيدلاني الدولي، ومجموعة صيدلانيي الاتحاد الأوروبي، ومنتدى الصيادلة الأوروبي.
ظهرت قدرة أوزال التنظيمية، التي استغلّها لاحقاً في السياسة داخل صفوف حزب الشعب الجمهوري، خلال عمله في مجال الصيدلة. ناضل من أجل نشر وتقوية الصيدليات العامة وصيدليات التعاونيات على حساب سلاسل الصيدليات، وبذل جهداً من أجل تعبئة الصيادلة في الغرف والاتحادات الخاصة وتوحيد نضالهم من اجل الهدف المذكور.
دخل الحياة السياسية كمرشّح لرئاسة بلدية مانيسا عن حزب الشعب الجمهوري في 29 آذار (مارس) 2009، وفاز بها، ليترشح بعدها للانتخابات البرلمانية ممثلاً لولايته ضمن مقاعد الحزب.
شغل منصب نائب كليتشدار أوغلو في رئاسة مجموعة حزب الشعب الجمهوري البرلمانية منذ 24 حزيران (يونيو) 2015، قبل أن يصبح رئيسها في انتخابات حزيران (يونيو) 2023 الأخيرة، حين امتنع كليتشدار أوغلو عن الترشّح لعضوية البرلمان كونه مرشّحاً رئاسياً.
وخلال فترة وجوده في البرلمان التركي، شغل أوزال منصب عضو في لجنة الصحة والأسرة والعمل والشؤون الاجتماعية، ولجنة أبحاث التعدين في سوما، ولجنة المراقبة والتحقيق في السجون عن حزب الشعب الجمهوري، ولجنة أبحاث حزب الشعب الجمهوري حول مشاكل الجامعات والطلاب.
كانت المحطة الأخيرة في رحلة أوزال – الذي كان مهتماً بالماراثونات في شبابه – من مانيسا إلى أنقرة هو الظفر برئاسة أقدم الأحزاب التركية في الذكرى المئوية لتأسيسه.