يشخص السياسي الكوردي عدنان المفتي عن ان “اكثر المخاطر التي تهدد اقليم كوردستان اليوم هي استمرار الوضع الحالي”. موضحا بقوله “أعني الصراعات الداخلية والخلافات وهذه هي الضربة القاصمة التي ستدفع الاخرين بان يستاسدون علينا، وبدل المحكمة الاتحادية ستكون هناك جهات اخرى ايضا وكل واحد عنده منصة في السوشيال ميديا يكتب كل يوم علينا بما يؤجج الشعور العدائي العربي ضدنا واللغة العربية غنية بمفرداتها الهجومية، وعدم معالجة ظواهر الفساد وتوتر العلاقات مع بغداد”.

في الحلقة 27 من برنامجنا الحواري “ملفات عدنان المفتي” الذي يبث حصريا من خلال رووداو عربية يتحدث المفتي ، القيادي المعروف في الاتحاد الوطني الكوردستاني، عن علاقات حزبه مع ايران، وفيما اذا هو اعتقاد ام اتهام او حقيقة ان هذه العلاقات الوثيقة قد أثرت وتؤثر على قرارات الاتحاد الوطني، قائلا:”هي علاقات قديمة، وعندما تاسس الاتحاد الوطني، عام 1975، لم تكن هناك علاقات في زمن حكم شاه ايران”. منبها الى انه :”قبل الثورة الاسلامية وقيام الجمهورية الاسلامية الايرانية كانت لنا علاقات مع التنظيمات الايرانية الاسلامية وآية الله الخميني، عندما كان في النجف حيث بعث مام جلال برسالة له ورد عليه برسالة شفوية، وعندما غادر خميني الى باريس زاره وفد من الاتحاد يتكون من الدكتور فؤاد معصوم وعادل مراد وبعد قيام الجمهورية الاسلامية كانت هناك زيارات لكن لم تكن هذه العلاقات ايجابية دائما حيث صارت بيننا وبينهم مواقف سلبية واقتتال عندما شاركت قوات من الاتحاد الوطني والحزب الاشتراكي بالاقتتال الى جانب الحزب الديمقراطي الكوردستاني الايراني وكوملة ايران عام 1979 ضد القوات الايرانية..المهم ان العلاقات كانت ايجابية ثم تحولت الى سلبية وتوترات واقتتال، لكن منذ عام 1986 تطورت العلاقات..فالجغرافية دائما تلعب دور كبير في هذه العلاقات سواء مع تركيا او مع ايران”.

يوضح المفتي قائلا:”حاليا علاقات ايران مؤثرة ليس مع الاتحاد فقط بل توسعت مع بغداد وكذلك مع الحزب الديمقراطي الكوردستاني ايضا لكن بالتاكيد بدرجة اقل”. مضيفا:” ذات مرة سالني عضو في وفد اميركي في حديث منفرد في 2011 عن سبب تطور علاقاتنا مع ايران؟ قلت له ان وجودكم هنا مؤقت وساعدتم الشعب الكوردي كثيرا منذ عام 1991 عندما وفرتم الحماية لنا، لكنكم سوف ترحلون وتبقى ايران هنا”.

يؤكد المفتي:” سواء كان الاتحاد الوطني او الديمقراطي الكوردستاني يجب ان نجد حلول للتعاون مع ايران، عندنا حدود طويلة معها وعندنا شعبنا الكوردي اعدادهم في ايران اكثر ممن يعيشون في العراق وعندنا تواصل معهم، لهذا يجب ان تكون بيننا وبين ايران علاقات وتعتمد على موقف بغداد وحاليا هذه العلاقات جيدة”. مستدركا بقوله:” الاهم من علاقاتنا مع ايران هي علاقاتنا الداخلية في اقليم كوردستان، ينبغي ان نهتم اكثر بعلاقاتنا مع الحزب الديمقراطي وبقية القوى السياسية الكوردستانية، اكثر من اهتمامنا باية علاقات اخرى سواء كانت مع بغداد او مع الجيران، المهم ان ننطلق بعلاقات ايجابية وتخدم شعبنا الكوردي ومصالحه ونوحد رؤيتنا لمستقبلنا في مسائل كثيرة، في كل الاحوال تطوير هذه العلاقات هي المطلوبة”.

نسأله: لكن علاقاتكم مع ايران مؤثرة على قرارات الاتحاد الوطني وفي مرات عديدة يبرز الاصبع الايراني في هذه القرارات؟

يجيب قائلا: “ليست هناك علاقة غير مؤثرة، اي علاقة يقيمها اي حزب تؤثر بالتأكيد، العلاقة مع تركيا تؤثر وكذلك علاقتنا مع الـ (به كه كه) او علاقاتنا مع اميركا تؤثر على علاقاتنا مع ايران او مع اطراف أخرى..هكذا هي الامور..في هذه المرحلة صحيح ان ايران دورها كبير في العراق عموما حيث ينظرون لنا ضمن ستراتيجية ان يكون العراق دولة قريبة منهم وصديقة لهم واهتمامهم بهذا الجانب كبير ويتجاوز مسائل اخرى”.

نقول:مع انهم لا يدعمون قيام دولة كوردية؟ يرد قائلا:”لا احد يدعم اقامة دولة كوردية، ثبت هذا بعد الاستفتاء في 25 ايلول عام 2017 ، لا العراق ولا تركيا ولا ايران ولا اميركا ولا اوربا كلهم لم يدعمون استقلال اقليم كوردستان كدولة، رغم انهم في احاديثهم الجانبية معنا يؤكدون حقنا في تقرير مصيرنا. المهم ان نستفيد من هذه العلاقات لمصلحة شعبنا مثلما ايران تعمل من اجل مصالحها لكن يجب ان تكون مصالح شعبنا اهم وفوق كل شيء وكل العلاقات”.

ننبه الى:هل من مصالح الشعب الكوردي ان تقصف ايران اربيل وتقتل الابرياء وتهدم مشاريع اقتصادية مهمة؟، يرد بلهجة حاسمة:”بالتأكيد لا..هذه تؤثر سلبا على علاقة الشعب الكوردي ككل مع ايران، وكذلك مع تركيا التي هي الاخرى تقصف وتحتل مناطق من اقليم كوردستان، هي تسميها حرب ضد الارهاب لكنها تؤثر سلبا على مستقبل العراق لانها هجرت الكثير من السكان من مناطقهم الذين تركوا بيوتهم ومزارعهم، هذا غير مقبول نهائيا سواء من تركيا او ايران التي قصفت مناطق في اربيل وراح ضحية هذا القصف ابرياء”. مضيفا:” صحيح ان ايران تفضلت علينا وساعدتنا خلال قصف حلبجة وعمليات الانفال وفتحت حدودها امامنا في الهجرة المليونية لكن هذا لا يعني ان تقصف مدننا او تتدخل سلبيا في الشأن الداخلي العراقي وبضمنه اقليم كوردستان، وليس من مصالحها ان تساعد على زعزعة الوحدة الوطنية الكوردية وعلى عدم حل المشاكل مع بغداد وعلى حد صديقي الدكتور محمود عثمان، وهو سياسي كبير، حيث يقول بلهجة لا تخلو من السخرية ( بدلا من ان تتناقشون لحل مشاكلنا مع بغداد اذهبوا الى ايران وهي من ستحل المشاكل)، وهذا كلام واقعي ويعني ان لايران اليد الطولى في الوضع السياسي العراقي”.

اذا كان هذا الوضع مع ايران وتركيا، فماذا تتوقعون من الدول العربية، لو اعلنت غدا الدولة الكوردية هل تعتقد ان الدول العربية سوف تدعمها؟. يجيب:”دولة كوردستان وليست الدولة الكوردية..هذا حلم يتمناه كل كوردي، لكنني دائما اقول انه لو اعلنت هذه الدولة فمن مصلحتنا ان يدعمها اولا الشعب العربي في العراق اذا اردنا لهذ الدولة ان تنجح ويصير عندها كيان مقبول في المنطقة..لا نريد دولة يقف الجميع في حالة حرب معها، مثل اسرائيل، نحن نريد اقامة دولة على ارضنا ولم ولن نغتصب ارض احد..رغم كل شيء والمآخذ التي تحدثنا عنها فان المهم ان تكون بغداد اول دولة تعترف بدولتنا، واذا اعترفت بنا بغداد فالطريق يكون سالك امام اعتراف الدول العربية الاخرى خاصة الدول التي لها حاليا علاقات معنا، مثل دول الخليج العربي ومصر والاردن، ثم هذا سيؤثر على الدول الاخرى كواقع مثل ايران وتركيا”. يوضح:” ..هناك ثقافة في ايران، لا اتحدث عن النظام، في ايران انفتاح على الشعب الكوردي، هناك محافظة اسمها كوردستان وشوارع في طهران تحمل اسم كوردستان، ما عندهم عقدة وهذا مهم جدا..ارجع واقول ان بغداد هي المفتاح الاساسي وحتى هذا اليوم علينا مراجعة انفسنا وان نلتزم بهذا الدستور الذي صوتنا عليه من اجل تحقيق الشراكة الحقيقية وغير ذلك فان اسلوب لي الذراع لا ينفع وهذا ما برهنت عليه اكثر من 70 سنة من سياسة لي الاذرع ولم ينجح اي طرف، ويستاسدون علينا في حالات قوتهم”.

يشرح المفتي بتفصيل اكثر قائلا:”طبيعة البشر هكذا، عندما يكونوا خارج السلطة يتحدثون باسلوب لين وعندما يكونوا في السلطة يتغير اسلوبهم في التصرف، هذا الموضوع يحتاج الى فهم عميق للتاريخ وان يكونوا مؤمنين بالديمقراطية عند ذاك لا تؤثر عليهم السلطة كثيرا ولا يمارسون التصرفات التي كانوا ينتقدونها سابقا.. رغم ذلك فان بغداد اليوم بالتاكيد هي ليست بغداد ايام النظام السابق، مثلا من غير الممكن اليوم ان يحدث انقلاب عسكري في العراق، بسبب وجود مراكز قوى متعددة، مثل رئاسة الوزراء والبرلمان ورئاسة الجمهورية ورئاسة اقليم كوردستان وصحافة وانترنيت ووسائط التواصل الاجتماعي والميلشيات كل هذه مراكز قوى”.

نذكره بسؤالنا: وماذا عن الفساد الذي لا يقل خطورة عن الارهاب؟، يرد السياسي الكوردي عدنان المفتي قائلا:”عندما تغير النظام في 2003، كنت اتابع من خلال شاشات التلفزيون ما يجري في العراق من احداث وكنت اشاهد للمرة الاولى ظاهرة ما تسمى الفرهود(الحواسم) حيث الناس تهجم على الدوائر الحكومية والممتلكات العامة والخاصة وتسرقها ..كانت هذه صدمة واول خيبة امل وخوف وتراجعت بداخلي فرحة سقوط النظام ..لان لا يمكن بناء البلد بهكذا طريقة وشعب..حتى المتاحف تم الهجوم عليها وسرقتها، اين الشعور بالمسؤولية والروح الوطنية ..صحيح غابت السلطة لكن اين الشعور بالمسؤولية الفردية كمواطن.. اين هو الشعور بالمواطنة وبناء المستقبل؟ ثم انك ناضلت ضد الدكتاتورية والظلم واللاعدالة وفي اول فرصة صار يقترف الممارسات الخطيرة التي نعيش نتائجها اليوم”.