تعدّ المقارنة من أبسط وأولى مناهج المعرفة. والمقارنة هنا هي بين العنصرية الفارسية والعنصرية الطورانية التركية، اللتان تتجليان في مواقف وسلوك قادة البلدين. وسبق لي أن نوّهت أنه بسبب القرابة التاريخية والثقافية، وحتى اللغوية، بين الكرد والفرس، كانت العنصرية الفارسية اتجاه الكردي عنصرية سياسية وليست ثقافية او اجتماعية، على العكس من ذلك كان الفارسي في وعيه الجمعي يوقّر على الدوام شريكه الكردي ويعتد به، بخلاف التركي المحتقن بالعنصرية والكراهية وانعدام الثقة بالذات. بالطبع لا تفاضل بين استبداد وآخر، بين نظام عنصري وآخر، إلا أن ثقافة كل نظام وعمقه الحضاري، تنعكس نوعاً ما في نمط استبداده وعنصريته، وهذا ما ظهر بوضوح أثناء الزيارة الأخيرة للرئيس التركي أردوغان للعراق وكردستان، والزيارة التي نشهدها الآن للرئيس الإيراني مسعود بزشكيان. فالأول، ورغم هالة الاستقبال المفرطة التي استقبل بها في أربيل لم يبدي أيّ احترام للثقافة أو العلم الكردي أثناء استقباله، وكان بادياً عليه مقدار الغطرسة والحنق، الذين لم يتمكن من اخفائها اتجاه المكان ورموزه. واقع الحال أن بزشكيان، حتى قبل أن يصل إلى أربيل، وهو في بغداد فاجأ المراسل الكردي، الذي سأله بالفارسية، وراح يتحدث ويجيب باللغة الكردية، معبراً عن سروره وتوقه لزيارة كردستان. الفارق هنا يعكس أزمة الثقة الذاتية بالهوية بين الإيرانيين والترك، بين ثقافة تاريخية عريقة وأصيلة، وثقافة طارئة وسطحية تريد أن أن تسطو على المكان وتطبعه بطابعها السطحي. أيّاً كان موقفي اتجاه سياسات النظام الإيراني، إلا أن الحقيقة هي أن أسوأ عنصري فارسي هو أنبل بما لايقاس من أيّ أممي طوراني في وعيه اتجاه الهوية والتاريخ الكرديين. فهل سيستقبل قادة الإقليم بزشكيان بنفس المهابة والحفاوة، التي سبق وأن استقبلوا بها رجب طيب أردوغان؟