تعترف اوساط سياسية عدة بان مسارعة فرنسا الى الدعوة الى مؤتمر من اجل دعم لبنان في الرابع والعشرين من الشهر الجاري كما مسارعة الدول العربية والخليجية الى تسيير جسور مساعدات اغاثية الى لبنان تبقي على الامل لدى اللبنانيين بان لبنان قد لا يكون وحيدا في نهاية الامر ولن يترك كذلك . والفراغ على مستوى السلطة التنفيذية والفراغ السياسي بالاضافة الى الازمة الاقتصادية القائمة منذ اعوام في لبنان تعوق جميعها قدرته على دعم السكان المدنيين المتضررين من الصراع المتصاعد، مع احتمال تفاقم الأعمال العدائية للوضع الاقتصادي الصعب في البلاد. فهناك بالنسبة الى هذه الاوساط شبكة امان تتلقف لبنان واللبنانيين تماما كما حصل بعد انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020 في الوقت الذي يبرر كثر الدعم الحالي والمقبل بعدم رغبة الدول الاقليمية او الاوروبية في رؤية هجرة كثيفة للبنانيين او النازحين السوريين او اللاجئين الفلسطينيين الموجودين في لبنان الى هذه الدول على غرار ما حصل على سبيل المثال بالنسبة الى عودة الوف السوريين الى بلادهم تحت وطأة الحرب او هرب عائلات من الطائفة الشيعية الى العراق وسوى ذلك . والهاجس المتعلق بابقاء النازحين حيث هم وعدم هجرتهم الى اوروبا في شكل خاص شكل ولا يزال عامل القلق الاساسي من توسع حرب غزة الى لبنان في الدرجة الاولى منذ ما بات يزيد على عام الى جانب المخاوف من ان يشكل تمدد الحرب الى الاراضي اللبنانية سببا مباشرا لتمدد الصراع على مستوى المنطقة . وحتى الان تم تجاوز هذين التحديين فلم يسمح يتجاوز الحرب حدود لبنان على رغم ان الضربات الاسرائيلية لمواقع ” حزب الله” او مخازنه او مواقع ايرانية في سوريا قائمة ولكنها استمرار لمقاربة اعتمدتها اسرائيل في الاعوام القليلة الماضية وعدم ارتباطها حصرا بتوسيع المواجهة من لبنان الى سوريا . كما انه تم تحديد هجرة لبنانية او من النازحين الى الخارج من خلال ضوابط عملانية في السفارات في شكل عام اما بذريعة تقليص طاقم عمل كل سفارة بحكم الدعوات التي وجهت الى رعايا كل الدول الاجنبية لمغادرة لبنان خلال الاشهر القليلة الماضية او بذرائع مختلفة انما ادت الى نتيجة تضاؤل قدرة الكثيرين على المغادرة في ما لو شاؤوا ذلك ، اللهم باستثناء حملة الجنسيات الاجنبية.
الخشية في ضوء التجارب السابقة لا سيما تجربة انفجار مرفأ بيروت باعتبارها الاكثر حداثة في تاريخ المآسي اللبنانية ، ان القوى السياسية التي جمعها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في قصر الصنوبر انذاك من اجل حل سياسي بنقاط عدة تخلت عن التزاماتها وتعنتت بعد هدوء عاصفة الانفجار ، يمكن ان تكرر الامر نفسه لا سيما ان المساعدات الاغاثية للنازحين قد تعفيها من مسؤوليتها او من الضغط اجل سياسي ينهض البلد . ولذلك ثمة قلق تبديه بعض هذه الاوساط ازاء احتمال الرسالة الخاطئة التي يمكن ان يشكلها ذلك في الوقت الذي يجب ان يستخدم الدعم ورقة مهمة للضغط تملكها الدول العربية وكذلك الغربية وعدم التساهل ازاء ذلك مطلقا. وهذا يسري في شكل خاص على المؤتمر الذي دعت اليه فرنسا ووجوب ان يكون مشروطا في الواقع ، وهذا ليس سرا او ضمنا ، من اجل اقفال الابواب امام التوظيف السياسي على الاقل والاستمرار في رفض الحلول . يقول مطلعون ان المؤشرات الايجابية التي تقدمها الدول العربية والخليجية من خلال تدفق مساعداتها الى بيروت، تفيد بانها على استعداد للمساعدة اذا كان هناك حل سياسي يمكن ان تتفق عليه القوى السياسية . وتاليا فان المساعدات الانقاذية الحالية لا تغني عن الضغط بمعنى انها توجه رسالة الى اهل السلطة في لبنان مفادها اعطونا حلا سياسيا من اجل الانخراط معكم لاحقا .
ويعني ذلك في الدرجة الاولى رئيسا للجمهورية وحكومة فاعلة وتعيينات في المراكز الاساسية من اجل ان يتفاعل العالم بجدية مع لبنان. وفي هذه النقطة بالذات ، يبدو ان هناك تحركا في الكواليس من اجل ذلك علما ان البعض يعول على المؤشر الذي يمكن ان تشكله مشاركة الطائفة الشيعية في القمة الروحية التي يعتزم انعقادها والبيان الختامي لا سيما ان عملا دؤوبا يتم على التعابير التي يمكن ان يوافق عليها الجميع من دون ان تظهر تنازلات كبيرة من الطائفة الشيعية التي يحرص اركانها على تظهير استمرار قوتها وعدم اهتزازها او تأثرها بالضربات القاصمة التي تلقاها ” حزب الله” او بتحميلها مسؤولية المساهمة في دمار البلد ، مخافة استضعافها علما ان اركانها لا يزالون يمتلكون القدرة على ابقاء التعطيل في المؤسسات الدستورية كما يملكون الفيتو على الاقل ازاء الاسماء المتداولة للرئاسة الاولى ، ان لم يكن اكثر من ذلك .