رأى رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني، أن القوى السياسية في إقليم كوردستان أمام امتحان كبير، في ظل مشاركة 72% من الناخبين في الانتخابات التي جرت يوم العشرين من شهر تشرين الأول الجاري.
وبدأ نيجيرفان بارزاني الجلسة الأخيرة لملتقى ميري، اليوم الأربعاء (30 تشرين الأول 2024)، والتي حملت عنوان “إقلیم كوردستان العراق في منطقة مضطربة: الرؤی والتوجهات”، بالقول إن “الانتخابات كانت مهمة لإقليم كوردستان، والانتخابات هي مصدر الشرعية للسلطة في الإقليم”.
ولفت الى أن “تأجيل الانتخابات في الإقليم كان سيئاً للغاية، وبعد مساع كثيرة وجهود مع بغداد ومساعدة قدمتها بغداد كثيراً من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ورئيس مجلس القضاء فائق زيدان، ورئيس المحكمة الاتحادية جاسم العميري. كلهم ساعدونا، لذا من الضروري أن أشكر مفوضية الانتخابات التي مارست دورها بشكل مهني وبحياد”.
انتخابات كوردستان “ناجحة بكل المعايير”
وأكد أهمية الانتخابات “لأنها تمنح شرعية السلطة لمن يفوز في الانتخابات، وإقليم كوردستان في إطار العراق اختار هذا النموذج، والعراق أيضا نموذجاً ديمقراطياً، وحسم السلطة من خلال صناديق الاقتراع”، مضيفاً أن “الفائز الأكبر في هذه الانتخابات هو شعب كوردستان والعراق، وليس قليلاً أن يشارك 72% من الناخبين في الانتخابات”.
نيجيرفان بارزاني، أكمل حديثه عن الانتخابات البرلمانية، قائلاً: “كانت هناك مسائل صغيرة حدثت في الحملات الانتخابية وهذا وارد في كل بلدان العالم، لكن إذا ما قارنا هذه الانتخابات في الانتخابات السابقة، نرى أن العملية الديمقراطية في إقليم كوردستان تتطور بشكل صحيح، ولا أقول كل الأمور صحيحة وليس هناك مشاكل، ولكن في إطار عملية ديمقراطية أثبت شعب إقليم كوردستان أنه يستحق أن يوفر له أكثر من هذا، لذلك أنه شعب يستحق الشكر”.
وعي شعب كوردستان
وأردف: “تصوروا أن حزبين متنافسين في وقت واحد كانا يجرون حملاتهم الانتخابية دون أي مشاكل، هذا يدل على أن شعبنا بلغ من الوعي بحيث يرى أنه يجب أن يحل المشكلات بشكل ديمقراطي وهذا تطور كبير يجب أن أشكر كل شعب إقليم كوردستان عليه وعلى هذه الانتخابات لأنها كانت ناجحة بكل المعايير”.
رئيس اقليم كوردستان، لفت الى أن “شعب كوردستان نجحوا في هذه العملية وحتى المعارضة هم أيضا جزء من هذا الشعب، ومن القوى السياسية الموجودة اليوم في إقليم كوردستان، وهذا النجاح وهذه الانتخابات انتهت ولا يمكن أن نعيش في أجواء الانتخابات مرة أخرى”، مبيناً أنه “يجب أن نعمل معاً، لأن ما ينتظرنا أكثر بكثير مما مضى، والمعارضة تستطيع أن تلعب دورها في البرلمان”.
ورأى نيجيرفان بارزاني أن “وجود المعارضة أساس في أي نظام سياسي يستطيع أن يكون مساعداً لرقابة الحكومة ولأداء الحكومة، ونحن ننظر إلى المعارضة من هذا المنوال”، موضحاً أن “بعض هذه الأحزاب ستدخل في الحكومة وبعضها ستبقى في البرلمان كمعارضة، وهؤلاء ليسوا أعداء، فالموجودين في السلطة ليسوا أعداء لمن هم في المعارضة، والعكس صحيح، لذلك هنالك منافسة سياسية ولكن لسنا أعداء لبعضنا وهذا طبيعي”.
“القوى في كوردستان أمام امتحان كبير”
كما رأى رئيس اقليم كوردستان، أن “القوى السياسية في إقليم كوردستان كلها أمام امتحان كبير، في ظل مشاركة 72% من الناخبين شاركوا في الانتخابات”، عاداً ذلك “رسالة تقول لنا وإلى القوى السياسية اننا منحناكم هذه الثقة، لكن أنتم يجب أن تكونوا بمستوى هذه الثقة وما ننتظره منكم، والأحزاب السياسية يجب أن تدرك ذلك ولا يجب أن تعيش في أجواء الانتخابات لأنها انتهت”.
“تحدث كل منا، وسعى لإرضاء الناس في الحملات الانتخابية، والناس صوتوا لمن أرادوا من هذه الجهات، وهذا انتهى، وبالتالي البقاء في هذه الأجواء سوف يضر بنا، خصوصاً في ظل التغيرات الكبيرة التي تطرأ في المنطقة، لذا لا يمكن أن نتسبب في فقد الأمل لشعبنا”، وفقاً لرئيس اقليم كوردستان.
نيجيرفان بارزاني، لفت الى أن “شعب كوردستان نجحوا في هذه العملية وحتى المعارضة هم أيضا جزء من هذا الشعب، ومن القوى السياسية الموجودة اليوم في إقليم كوردستان، وهذا النجاح وهذه الانتخابات انتهت ولا يمكن أن نعيش في أجواء الانتخابات مرة أخرى”، مبيناً أنه “يجب أن نعمل معاً، لأن ما ينتظرنا أكثر بكثير مما مضى، والمعارضة تستطيع أن تلعب دورها في البرلمان”.
“انتخابات نزيهة”
بخصوص تشكيل حكومة اقليم كوردستان، قال نيجيرفان بارزاني: “لا أعلم كم ستستغرق العملية، لكن يجب أن نحاول في أقرب وقت ممكن تشكيل الحكومة، وأن تبدأ الجهات السياسية مفاوضاتها”، موضحاً أن “المفوضية أعلنت النتائج النهائية بشكل رسمي اليوم، وبعد ذلك هناك عمليات أخرى من طعون واعتراضات”.
“مع احترامنا لبعض القوى التي تتحدث عن وجود مشكلات، لكن هذه الانتخابات كانت من أنزه الانتخابات التي جرت في إقليم كوردستان، والآن حان الوقت بأن تذهب الأطراف السياسية لتجلس مع بعضها البعض برحابة صدر، وبعد ذلك يطلب رئيس الإقليم من البرلمان لكي يجتمع، وأرى أن الأحزاب السياسية بدأت مشاوراتها مع بعضها البعض”، وفقاً لرئيس اقليم كوردستان.
بشأن التحالفات المستقبلية للأحزاب، أوضح: “لا أعلم بخصوص التحالفات، لكن الأرقام واضحة، من حيث من يستطيع التحدث مع من، وهذه المقاعد هي أرقام ولا نملك غيرها، ووفق هذه الأرقام يجب أن تكون الحكومة متحالفة، ويجب على القوى الفائزة أن تفعل ذلك، لأن ليس هناك أي طرف حاز على مقاعد تكفي لتشكيل حكومة لوحده”.
وأكد نيجيرفان بارزاني أنه “يجب على القوى السياسية أن تذهب بتشكيل الحكومة على شكل ائتلافي، ويجب تشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن لأن شعب إقليم كوردستان بكل أطيافه ينتظر تشكيل هذه الحكومة، لأن هذا مهم للغاية لتمثيل ثقل كوردستان في بغداد”.
تأجيل الانتخابات عدة مرات
وأوضح رئيس اقليم كوردستان: “إذا ما نظرنا إلى عملية الانتخابات، يجب رؤية كم مرة تم تأجيل الانتخابات، وكان هناك من يقول إن الانتخابات لن تجري، ألم يكن كذلك؟ لأن الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني لن يسمحوا بذلك، لكن بالنتيجة الانتخابات جرت، وقالوا إذا جرت الانتخابات ستحدث مشكلة كبيرة، في حين كانت هناك حملات انتخابية ولم تحدث مشكلات”.
وأردف: “تركنا تلك المرحلة وانتهينا منها، وعن مرحلة الإدارتين قلت سابقاً لن ننقسم إلى إدارتين، بل سوف ننقسم إلى صفر إدارة. لا يمكن ذلك، لأن إقليم كوردستان لديه إطار قانوني، ووفق الدستور العراقي الذي صوت عليه قرابة 80% من الشعب العراقي تم تشكيل إقليم كوردستان ككيان سياسي في إطار العراق”.
مقتطف من حديث رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني خلال الملتقى
وقال نيجيرفان بارزاني إن “إجراءات تشكيل الحكومة واضحة وفق الدستور وكيف يجب أن تكون، وما أشرت إليه فيما يخص السقف، أرى أن هذا الوقت المناسب له، نحن أجرينا انتخابات ناجحة للغاية، ومنح الشرعية للمؤسسات لإقليم كوردستان اليوم في الداخل والخارج تغيرت، وأنا أرى أن هذه الانتخابات هي أهم انتخابات جرت في إقليم كوردستان منذ عام 1991، والآن هو الوقت المناسب بعد كل المشكلات التي حدثت من المحكمة الفدرالية وحتى إنهاء عمل البرلمان”.
وذكر: “الآن الوقت المناسب لإيجاد نموذج للغاية لحل المشكلات مع بغداد، لكن كيف يمكن حل هذه المشكلات؟ يكون من خلال تنظيم البيت من الداخل، بأن تكون لديك حكومة فاعلة وقوية، وبمعنى تستطيع أن تلبي مطالب الناس وهذا القصد من القوة، وأن تجد هذه الحكومة أرضية لحل المشكلات مع بغداد”.
“نضال الجيل السابق”
وخاطب رئيس اقليم كوردستان، الشباب بالقول: “إذا طرقنا أي باب في إقليم كوردستان فلديهم قصة يقصونها علينا، حول المعاناة والأنفال والاعتقالات وغيرها. شعب إقليم كوردستان عانى من هذا الموضوع وقدموا دماء وشهداء، لذلك يجب أن يعلم الشباب أن ما نتمتع به اليوم هو نتاج نضال الجيل السابق لكي نعيش نحن هذا اليوم”.
وأوضح أن “الوضع في العالم تغير، ليس فقط في إقليم كوردستان، حيث تمثل التربية مفتاحاً، ويمكن النظر إلى البلدان التي جعلت من التربية أولوية لها فهي تقدمت كثيراً لأن مفتاح أي تغيير في أي مجتمع يتمثل بالتربية، ولدينا أمثلة كثيرة وكوريا واحدة من تلك الأمثلة، فقد زرتها عدة مرات وسألت كيف تحقق هذا التقدم والتطور. قالوا إنهم بدأوا من التربية، علماً ليس لديهم نفط أو غاز ولا أي شيء، ولكن ركزوا على التربية في بلد كان فقيراً للغاية، ولكن الآن اصبحوا دولة متقدمة للغاية”.
ولفت الى أن على الشباب “ألا يفقدوا الأمل، ويجب قبل كل شيء أن يحبوا بلدهم، والتربية يجب أن تقوم بهذا الشكل لكي يحبوا بلدهم وأن يكونوا مستعدين كشباب في المشاركة في هذه العملية، وبكل الأحوال أن المستقبل ملك لهؤلاء الشباب، وأي شعب أو بلد استطاع أن يجذب شبابه إلى العملية السياسية سينجح”.
“لدينا شباب متمكنون للغاية، وأنا اتابع تعليم هؤلاء الشباب، وقد يكون بعضهم لا يمتلك الإمكانية المالية، ولكن هم لديهم قدرات وأنا أساعدهم شخصياً للحصول على المنح والزمالات للدراسة في الخارج، وأرى أن هناك فرصاً كبيرة في إقليم كوردستان ولدينا شباب أصحاب قدرات، لذلك أقول ركزوا على الدراسة وعلى أن تحبوا بلدكم وتجعلوه معمراً وأفضل، فأنتم أمل هذا الشعب، ومن يذهبون إلى بلدان أخرى ويعيشون هناك ويقولون ليس لدينا علاقة بهذا البلد فهذا أسوأ شيء لأي شعب، ويجب أن يشاركوا ويعرفوا حب الوطن قبل كل شيء وفوق كل شيء”، وفقاً لنيجيرفان بارزاني.
وتابع رئيس اقليم كوردستان: “عندما أقول هذا أقصد يجب تربيتهم بهذا الشكل، وممارسة هذا الدور في الجامعة، ويجب أن يحبوا بلدهم وأن تتقدم بلادهم وأن يدركوا مسألة التعايش السلمي، وهذه المسألة مهمة للغاية”.
وضرب رئيس اقليم كوردستان مثلاً على ذلك بالقول: “عندما أتى داعش عام 2014 كنت في دهوك، والناس فتحوا أبواب المساجد للنازحين من الإيزيديين، وكانت لوحة جميلة يجب ألا تخرب، لذلك يجب ألا يضمحل قبول الآخر الموجود في إقليم كوردستان والافتخار به، ونحن في الماضي افتخرنا بذلك وسنفتخر به في المستقبل”.
وبيّن: “عندما هدّم النظام البائد قرانا لم يسأل أي من هذه القرى مسيحية أو مسلمة أو إيزيدية أو شيعية أو سنية، وما عانيناه يجب أن يكون درساً للأجيال في المستقبل بتقبّل بعضها البعض وأن يتعايشوا، وحتى موضوع المواطنة ليس شرطاً أن تنتمي إلى حزب، بل يجب أن يتم احترام المواطنة مهما كان فكرهم السياسي”، معرباً عن أمله في أن “يجعل هؤلاء الشباب المسيرة مستمرة”.