وقع صدام جديد بين تركيا والاتحاد الأوروبي، على خلفية التقرير السنوي لتقدمها في مفاوضات الانضمام، في حين تصاعدت أزمة اعتقال رئيس بلدية أسنيورت في إسطنبول، مع ضغوط من المعارضة للتوّجه إلى الانتخابات المبكرة.

ورفضت تركيا ما ورد في تقرير المفوضية الأوروبية حول تقدُّمها في المفاوضات، ضمن تقارير حزمة التوسع لـ10 دول، من بينها غرب البلقان وأوكرانيا وتركيا.

وقالت الخارجية التركية، في بيان، إن التقرير الأوروبي يعكس وجهات النظر غير القانونية والمتطرفة لليونان وقبرص، وأن ما ورد به بخصوص القضية القبرصية، يتعارض مع الواقع، ويتجاهل تماماً المخاوف المشروعة لتركيا وجمهورية شمال قبرص التركية.

وعبّر التقرير، الذي أعلنه مفوض شؤون التوسعة بالاتحاد الأوروبي، أوليفر فارهيلي، في مؤتمر صحافي مع الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية جوزيب بوريل، في بروكسل الأربعاء، عن ارتياح الاتحاد الأوروبي لحالة الاستقرار في شرق البحر المتوسط، لكنه رفض موقف تركيا من قبرص، وإصرارها على حل الدولتين في الجزيرة المنقسمة بين شطرين؛ شمالي تركي وجنوبي يوناني.

وأكدت الخارجية التركية أن حل القضية القبرصية لن يكون إلا بمشاركة شطري الجزيرة والدول الضامنة الثلاث (تركيا، اليونان، بريطانيا) والأمم المتحدة. كما رفضت الخارجية التركية ما ورد في التقرير بشأن السياسة والديناميات الداخلية لتركيا.

خلافات وإيجابيات
وكان التقرير قد جدّد مخاوف الاتحاد الأوروبي بشأن تراجع المعايير الديمقراطية وسيادة القانون واستقلال القضاء والحقوق الأساسية وحبس السياسيين والصحافيين ورؤساء البلديات في تركيا، وعدم امتثالها لقرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية، فضلاً عن عدم إحرازها تقدماً في مفاوضات الانضمام على مدى 5 سنوات.

وقالت الخارجية التركية: «إن التقرير يؤكد أن تركيا التزمت بمعايير الاتحاد الأوروبي في كثير من المجالات، من خلال مواءمة تشريعاتها مع معايير الاتحاد الأوروبي». وأضافت: «أنه من الممكن اتخاذ خطوات مشتركة في كثير من المجالات، من خلال إحياء جميع آليات الحوار الهيكلي المجمدة، مثل مجلس الشراكة واجتماعات الحوار رفيعة المستوى في المجالات الحيوية».

وزير الخارجية التركي هاكان فيدان خلال مشاركته في اجتماع غير وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي (الخارجية التركية)
وكان التقرير الأوروبي قد لفت إلى أن تركيا لعبت دوراً بنّاءً في شرق المتوسط، وحسّنت علاقاتها مع اليونان، وطوّرت تعاونها مع الاتحاد الأوروبي في القضايا التجارية.

وقالت الخارجية التركية: «إنه تماشياً مع نهجنا البنّاء المذكور في التقرير الأوروبي، ننتظر إزالة العقبات السياسية التي تعترض العلاقات مع الاتحاد الأوروبي».

وأضافت: «أن التحديات الإقليمية والعالمية الحالية تتطلب منظوراً جديداً للعلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي، وأن الجهود التي بذلها الاتحاد الأوروبي مؤخراً للتعاون مع تركيا كانت موضع ترحيب».

أزمة بلدية أسنيورت
بالتوازي، تصاعدت أزمة اعتقال رئيس بلدية أسنيورت في إسطنبول، أحمد أوزر، المنتمي إلى حزب «الشعب الجمهوري» بتهم تتعلق بالإرهاب والتواصل على مدى أكثر من 10 سنوات مع قيادات وأعضاء في حزب «العمال» الكردستاني، المصنف بوصفه منظمة إرهابية.

وطالب رئيس حزب «الشعب الجمهوري»، أوزغور أوزال، خلال مؤتمر جماهيري حاشد للحزب بمشاركة حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، المؤيد للأكراد، وممثلي المنظمات الحقوقية والمدنية أمام مبنى بلدية أسنيورت، مساء الخميس، بالتوّجه إلى الانتخابات الرئاسية والتشريعية في البلد على الفور، بعدما كان يدعو في السابق إلى إجرائها بشكل مبكر بعد عام ونصف العام.

أوزال طالب أمام تجمع في إسطنبول بالتوجه إلى الانتخابات على الفور (موقع حزب «الشعب الجمهوري»)
وقال أوزال مخاطباً الرئيس رجب طيب إردوغان: «إذا كانت لديكم الشجاعة، فلا تهربوا كما يهرب السكين من العظم، تعالوا وواجهونا، نحن مستعدون للانتخابات في أي وقت، دعونا نرَ إذا كنا جيدين أم سيئين». وأضاف: «خوفكم من خسارة الانتخابات هو سبب جهودكم وخططكم لمحاصرة إسطنبول وتركيا، بدءاً من أسنيورت»، متهماً إردوغان بالسعي لإشاعة الاستقطاب في البلاد مرة أخرى.

وهاجم أوزال المدعي العام في إسطنبول، أكين غورليك، الذي أصدر قراراً بحبس رئيس بلدية أسنيورت في سجن سليفري، شديد الحراسة في غرب إسطنبول، وردّ وزير العدل، يلماظ تونتش، عبر حسابه في «إكس»، بأن تهديد القضاء «أمر غير مقبول».
من جانبها، أكدت الرئيس المشارك لحزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، تولاي حاتم أوغلاري، في كلمة خلال التجمع، رفض حزبها تعيين الحكومة وصياً على بلدية أسنيورت، التي تعد من كبرى بلديات إسطنبول، قائلة: «إن هذا القرار هو انقلاب على الديمقراطية وإرادة الشعب».

وعَدّ رئيس بلدية إسطنبول، أكرم إمام أوغلو، في كلمة خلال التجمع، أن اعتقال رئيس بلدية أسنيورت استهدف الضغط على الأمة من أجل الفوز في الانتخابات المقبلة، مؤكداً أن إردوغان وحزبه والمتحالفين معه، لن يتمكنوا من ذلك، وسيبقون عالقين تحت هذه الممارسة «المشينة» التي نفذوها تحت ستار القانون.