اعتاد الأهالي في محافظة اللاذقية على مشاهد اندلاع الحرائق المتكرّرة، كل عام، في أراضيهم وهم عاجزون عن إخمادها بأساليب بدائية، وسط إهمال مستمر من حكومة النظام السوري لقطاع الإطفاء.
وخلال أيام الأسبوع الفائت، اندلع حرائق عدّة أتت على مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في ريفي اللاذقية الشمالي والشمال الغربي، أغلبها في مناطق كسب والبدروسية والقرداحة.
وتعالت أصوات الأهالي بسبب الحرائق المتتالية، متهمين يسار الأسد الملقّب بـ”الحارث”، ابن عم رئيس النظام السوري بشار الأسد، بافتعالها، مشيرين إلى أنّه “الوحيد الذي يحتكر تجارة الحطب في سوريا”.
ثائر -من سكّان منطقة القرداحة في ريف اللاذقية- قال لـ موقع تلفزيون سوريا إنّ “مشهد الحرائق ليس جديداً علينا ولكن (حكم القوي على الضعيف)، متهماً ما أسماه “مافيا التحطيب” بحرق الأراضي، مع اقتراب دخول فصل الشتاء، وذلك للاستفادة منها وبيعها بأسعار خيالية حيث يتراوح طن الحطب هذا العام بين 7 و10 مليون ليرة سورية.
أمّا “أبو سامر فلاح” -من القرداحة أيضاً- فأضاف أنّ “حلقات مسلسل الحرائق ما تزال في بدايتها”، موضحاً أنّ “الحرائق تبدأ وتتزامن في مناطق متفرقة وصعبة الوصول بسبب التضاريس، مع بداية فصل الشتاء واشتداد سرعة الرياح، ثم تتأخر فرق الإطفاء والمساعدات بالوصول، ليصعب السيطرة عليها”.
وفي “الحلقة الثانية والأكثر سخافة” وفق وصف “أبو سامر”، يبدأ المسؤولون بالظهور على وسائل الإعلام والحديث عن البطولات في محاولة إخماد الحرائق المفتعلة، ومحاولتهم القبض على مجموعة أشخاص غير معروفين وتلبيسهم جريمة تلك الحرائق”.
وأضاف الرجل الستيني أنّه “في الحلقة الأخيرة يظهر الرجل البطل الذي يحاول مساعدة أصحاب الأراضي المحروقة واستصلاحها منهم بأسعار زهيدة وشروط مجحفة وبعض الأحيان بالقوة”.
وأشار إلى أنّ “يسار الأسد هو الوحيد الذي يملك رخص التحطيب ونقل الحطب بين المحافظات السوريّة، ومنع إعطاء أي رخصة ليست للتابعين له، مع وجود عقوبات لأي شخص يقطع الحطب أو ينقله”.
ولكن هذا العام كان الحريق الأضخم في تاريخ اللاذقية، حيث طلبت فرق الإطفاء مؤازرة من أفواج محافظات طرطوس وحماة وحمص وحلب والسويداء ودرعا ودمشق، للمساعدة في إخماد حرائق غابات منطقة كسب.
وبحسب المصادر، فقد جرى إخلاء قرية البدروسية، وتدخّلت الطائرات للمشاركة في إخماد النيران المستعرة بشدة، والتي تسبّبت بوفاة ووقوع إصابات وحالات اختناق كثيرة، كما أدّت إلى انقطاع أسلاك الكهرباء في المنطقة.
ومنذ مطلع العام الجاري وحتى نهاية تموز الماضي، تعرّضت محافظة اللاذقية لأكثر من 280 حريقاً، اندلع معظمها في الأراضي الزراعية في الريفين الشمالي والشمالي الغربي.
حرائق شبه سنوية وإهمال قطاع الإطفاء
تتزامن تصريحات مسؤولي النظام السوري عن وجود “فاعلين” لهذه الحرائق، مع إغفال الإشارة إلى إهمال قطاع الإطفاء، الذي يُعاني من نقص في الإمكانيات والتجهيزات اللازمة لمكافحة النيران.
وتتكرّر الحرائق كل عام في عدة محافظات سوريّة، أبرزها حمص واللاذقية وطرطوس، حيث تشتعل النيران في الغابات والأحراش، وتلتهم مساحات واسعة من الأراضي الزراعية والأحراج الطبيعية، كما تؤدّي إلى خسائر بشرية لا يمكن تعويضها، ومادية فادحة تشمل تدمير الممتلكات والمنازل.