“رووداو جزء أساسي” في إنتاج فيلم “إخفاء صدام حسين” الذي استغرق 12 عاماً، وفق مخرجه هلكوت مصطفى، الذي أشار إلى أنه يهدف من إنتاج الفيلم إلى أن “يعرف العالم نهاية الأشخاص الذي يتمتعون بسلطة كبيرة ويسيئون استخدامها”.
في مقابلة مع برنامج “دياسبورا” على شاشة رووداو، تحدث هلكوت مصطفى عن الصعوبات التي واجهها ككوردي للحافظ على التوازن في سرد القصة الحقيقية للحفرة الذي اختبأ فيها صدام حسين، مبيّاً أنه أمضى عامين في البحث عن الشخص الذي قام بإنشائها.
يذكر أن العرض الأول للفيلم الوثائقي قُدم في مهرجان أمستردام الدولي للأفلام الوثائقية “إدفا”، أحد أهم ثلاثة مهرجانات للأفلام الوثائقية بالعالم.
حول التحديات والعقبات التي واجهها، لفت إلى أن “أكبر عقبة تمثلت في داعش التي احتلت المنطقة في 2014. لقد توقف المشروع بطريقة ما. كانت هناك عقبة أخرى وهي رغبتي في إبعاد الجانب المادي عن المشروع، بحيث نتمكن من أن نجعل سبب إنتاجه معنوياً ولكشف الحقائق، وأن نمنح الفرصة لرجل عراقي” ليسرد القصة.
وتعد شبكة رووداو الإعلامية أحد الشركاء الرئيسيين في انتاج الفيلم الوثائقي، وتحتفظ بحقوق نشره في إقليم كوردستان والعراق.
أدناه نص مقابلة رووداو مع مخرج فيلم “إخفاء صدام حسين”، هلكوت مصطفى:
رووداو: كوردي يخرج فيلماً عن أصعب أيام حياة صدام حسين، لكنه يحّكم ضميره ويتعامل بتوازن مع القصة، ولم يسمح لمشاعره بالتأثير على عمله. ربما الحافظ على هذا التوازن تسبب لك بضغط نفسي هائل. نود أن نبدأ من هنا..
هلكوت مصطفى: فيما يتعلق بفيلم “إخفاء صدام حسين” كان مهماً جداً بالنسبة لي الكشف عن حقيقة الحفرة، وما وراء قصتها. بحثت سنتين عن علاء، الشخص الذي قام بإنشائها وأخفى صدام نفسه فيها. صحيفة واشنطن بوست ذكرت اسم علاء لأول مرة عام 2012، وكان مهماً بالنسبة لي أن أبحث عن علاء. تمكنت من الحصول على رقم هاتف رئيس عشيرته عبر وسائل إعلام، وبذلك تمكنت من العثور عليه واللقاء به. ما كان مهماً بالنسبة لي هو معرفة ما حدث خلال الفترة التي كان صدام يعيش خلالها في الحفرة، وما الذي كان يقوم به، وأن يعرف العالم نهاية الأشخاص الذي يتمتعون بسلطة كبيرة ويسيئون استخدامها. هناك تمكنت من الحافظ على توازني، وأن أسرد كمخرج للفيلم القصة الحقيقة والكاملة كما هي. أعتقد أن كل البشر لديهم الحق في معرفة قصة تلك الحفرة.
رووداو: لكن، ألم يكن من الصعب عليك ككوردي القيام بذلك؟
هلكوت مصطفى: كان صعباً للغاية، لأن القصة كانت صعبة جداً. شخص واحد فقط بإمكانه سرد قصة تلك الحفرة، وهو من قام بإنشائها، وذلك الشخص لم يكن راغباً بالتكلم.
رووداو: ما هو أكبر عقبة واجهتها خلال إنتاج الفيلم؟
هلكوت مصطفى: أكبر عقبة تمثلت في داعش التي احتلت المنطقة في 2014. لقد توقف المشروع بطريقة ما. كانت هناك عقبة أخرى وهي رغبتي في إبعاد الجانب المادي عن المشروع، بحيث نتمكن من أن نجعل سبب إنتاجه معنوياً ولكشف الحقائق، وأن نمنح الفرصة لرجل عراقي، لأن شَرطي كمخرج كان منح ذلك الرجل فرصة أن يصنع فيلماً كما يرغب هو، وليس وفق رؤية أوروبية وأميركية، بحيث نؤثر على طريقة سرد القصة. أن يجلس رجل عربي يرتدي العقال، ويسرد قصة إخفاء صدام حسين.
رووداو: يظهر (علاء) بسيطاً في الفيلم، لكنه ذكي جداً ودقيق. كيف رأيت شخصيته؟
هلكوت مصطفى: لفت ذلك انتباهي كثيراً. هولاء الأشخاص لديهم علاقة روحية جداً مع الطبيعة وقريبون منها، وأكثر ذكاء مما يتوقعه المرء. تعلمت الكثير من تلك القصة، والكثير من علاء. تعلمت الكثير من خلال وجهة نظر رجل ريفي، لأن علاء له تجربة في الصيد وأشعر بأنها تجربة تتعلق بالإخفاء، وكان ذلك شرط صدام الذي سألهم في اليوم الأول: أي من أشقائكم صياد، فقالوا: علاء، فطالبهم باحضاره.
رووداو: كيف تحققتم من أن علاء صادق؟
هلكوت مصطفى: سؤال ملفت جداً. قمنا بإنشاء تقويم علّقناه على الحائط من 22-4-2003 إلى 13 كانون الأول (منذ ذلك العام). كان يتضمن كل ما حدث خلال الايام الـ 235 تلك وما كتبه الإعلام العراقي والأميركي والعالم أجمع في هذا الصدد. مثلاً، في 3 تموز يظهر بول بريمر على الشاشات، وفي 7 تموز يزوره كل من عدي وقصي، وفي 22 تموز قتل كلاهما. كنا نعلم ما يحدث في العراق يومياً. التقويم ذاك ساعدنا كثيراً. كنا نعرف ما الذي يحدث في العراق وفي داخل المزرعة يوماً بيوم، ومَن التقى بمن في المرزعة. في النهاية لا يحتاج المرء إلى كل هذه المعلومات، لأن صعوبة الحياة لكل البشر هي العثور على قصتك، وقصتي ليست قصة صدام، ولا العثور على علاء، بل قصة العثور على تلك الحفرة.
رووداو: عربي سُني لازال يقول الرئيس صدام حسين، ويحبه ومعجب به، ينكر معرفته بكونه ديكتاتوراً، لكنه يتحدث لمخرج كوردي. كيف وافق على ذلك؟
هلكوت مصطفى: أعتقد بأن هناك وجهين للمسألة، إحداهما بإمكان علاء نفسه الإجابة عليها، والأخرى شعرت بها عندما التقيت علاء. لأكن صادقاً، كان يفترض بأننا نتحدث إلى ابن عمه، ولم تمض 5 دقائق حتى كشف عن هويته وقال أنا علاء. شعرت بأنه كان يخشى اللقاء بيننا في وقت كنا نسعى الى ذلك اللقاء وجلوسنا معاً منذ عامين. في البداية لم يقل علاء شيئاً. عندما التقينا ثانية في إحدى الدول كنا معاً لأربعة أيام تشاجرنا خلال 3 منها حول الطريقة التي نسرد فيها قصة صدام. من وجهة نظري أنا ذات العقلية الاسكندنافية، لا يوجد شيء جيد وسيء، ولا احتمل سماع الأوصاف الجيدة والسيئة التي تطلق على القادة. لا يحتاج ذلك إلى سرد بالنسبة لي. كنت أحاول اقناع علاء أنه من المهم أن يعرف البشر القصة الحقيقة للحفرة، بدل أن نقوم نحن بوصفها، لأن الفيلم لا يتعلق بوصف صدام بالجيد أو السيء، بل بسرد الحقائق. وكان علاء بحاجة إلى ثقة بشأن الطريقة التي يتم فيها اظهار صدام. قلت له: عليك أن تقوم بأمر واحد وليس أمرين؟ قال: ما هو؟ قلت: لا تسرد أي شي، وإذا قمت بذلك عليك أن تعرف بأنك مسؤول أمام العالم كله بشأن ما تسرده. أعتقد بأن قدرتي على التحمل أثرت عليه، لأنني انشغلت بالفيلم لمدة 10-12 عاماً، فيما بحثت عن علاء لمدة عامين.
رووداو: 14 عاماً لصنع فيلم وثائقي تتطلب صبراً كبيراً. إذاً، هل يمكننا القول إن ما تم إنتاجه هو حصلية نتاج تفكيرك أنت وعلاء؟
هلكوت مصطفى: يمكننا قول ذلك. لكن أمراً كان مهماً بالنسبة لي، أغلب المشاريع التي شاهدناها حول حرب العراق أو صدام، تطرح مشكلة ما إذا كان ما حدث في 2003 احتلالاً للعراق أم تحريره، والقصص سردت من خلال رؤية أميركية وأوروبية. إذاً، لماذا لا نمنح رجلاً عراقياً أنشأ الحفرة بنفسه لنسمع ما يقوله؟ لأنه لو تخلت الإنسانية والسياسة عن هذا الجانب، لن يعرف أحد ماذا حدث. لكن طرحت عليه أسئلة نقدية: لماذا قمت بإيواء صدام؟ لماذا لم تقم ببيعه وتتسلم الـ 25 مليون دولار وترحل؟ كانت تلك أسئلة نقدية طرحتها عليه كمخرج. كما سألته: من التقى صدام؟ وماذا عرف؟ وماذا فعل؟
رووداو: ماذا كان دور رووداو في إنتاج الفيلم؟
هلكوت مصطفى: رووداو جزء أساسي في إنتاج هذا الفليم، كما شاركت قنوات عالمية في إنتاجه. رووداو فتحت لنا باباً جيداً في كوردستان والعراق كي نتمكن من العمل والتصوير، ووفرت راحة البال لفريق الإنتاج.