تبدأ غداً الاثنين محاكمة الشيخ فاضل البديري، أستاذ الفقه والعقيدة وأصول الدين في الحوزة العلمية في مدينة النجف العراقية، بمجموعة تهم، من بينها دعم حزب البعث بالإضافة إلى جريمة إرهاب. وبالرغم من نفي الشيخ البديري وأسرته لهذه التهم، إلا أنه ما زال معتقلاً في مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، التي اقتيد إليها إثر اعتقاله في بغداد الأسبوع الماضي على يد قوة أمنية خاصة.
ويُحسب الشيخ البديري ضمن الزعامات الدينية الشيعية العربية التي اتخذت مواقف حادة من الفصائل الحليفة لإيران وهاجمتها. وكان دعا في وقتٍ سابق إلى تفكيك هذه الفصائل، بالإضافة إلى مواقفه الواضحة في الدفاع عن النشطاء والمتظاهرين، إذ أصدر فتوى تحرّم قتلهم أو الاعتداء عليهم، ووجه خطاباً للمرجع الأعلى لشيعة العراق السيد علي السيستاني طالبه فيه بتبني نفس الموقف، كما أنه يرفض نهج المحاصصة الطائفية المعمول به بين أحزاب السلطة في العراق. واستقطب الشيخ البديري خلال السنوات الماضية الآلاف من المقلدين والمتأثرين بطروحاته، خاصة من الشباب في محافظتي ذي قار والنجف.
وكانت وسائل إعلام عراقية قالت في وقت سابق إن اعتقال البديري جاء بسبب دعوى قضائية بشأن صك مزور، لكن عند وصوله إلى محافظة ذي قار أُبلغ بأنه متهم بالترويج لحزب البعث وقضايا متعلقة بالإرهاب، وسرعان ما شُكّل فريق من المحامين للدفاع عنه. وأصدر مركز الرافدين الدولي للعدالة وحقوق الإنسان، بياناً طالب فيه بإطلاق سراحه. وقال البيان: “إننا نرى في هذا الاعتقال انتهاكاً خطيراً لحقوق الإنسان وحرية التعبير، ونطالب السلطات العراقية، ممثلة برئيس الوزراء، بالإفراج الفوري عن الشيخ البديري وضمان سلامته وأمنه الشخصيين”. وحمّل البيان الحكومة العراقية “مسؤولية الحفاظ على حياة الشيخ فاضل البديري وسلامته الجسدية والنفسية”.
وتواصل “العربي الجديد”، عبر الهاتف، مع محمد البديري، نجل الشيخ البديري، الذي اعتبر أن ما يحدث مع والده “هو فعل مقصود، لإسكات مرجع ديني عراقي عربي، كونه لا يقبل بالأمور الخاطئة التي تضر بالعراق”، وأضاف أن “الغريب في كل ما يحدث أن والدي تم تكفيله قبل أيام من القاضي في محافظة ذي قار، لكن عادت قوة أمنية لاعتقاله مرة أخرى بتهمة جديدة، وهي الترويج لحزب البعث، وتزامن هذا الاعتقال مع سحب الحماية الخاصة بمكتب الشيخ في مدينة النجف. وبحسب معلوماتنا أن الشيخ معتقل من دون أي دعوى قضائية مرفوعة ضده”.
ومن جهته، قال الناشط العراقي عدي الزيدي لـ”العربي الجديد” إن “الفتاوى والمواقف والبيانات التي أصدرها الشيخ فاضل البديري، خلال الفترة الماضية، وأبرزها تجريم الطائفية وتحريم شتم الصحابة ورموز الطوائف الأخرى، وتحريم استهداف الناشطين والمتظاهرين، هي السبب وراء اعتقاله”، معتبراً أن الحديث الذي يدور “عن صكوك مزورة أو دعم للإرهاب والترويج للبعث اتهامات باطلة وغير صحيحة، بل إن للشيخ فاضل البديري أخاً كان قد أُعدم من نظام صدام حسين، فكيف يمكن له أن يروّج لحزب البعث؟”.
وأضاف الزيدي أن “الشيخ كان قد حضر إلى أحد المؤتمرات في بغداد، وجاءت إلى مقر إقامته في أحد فنادق مدينة الكاظمية قوة أمنية وأجبرته على المجيء معها بعد الاعتداء على أحد مرافقيه، وقد طلبوا منه نزع العمامة وأقدموا على تصويره واتهامه بالنصب والاحتيال من أجل تشويه سمعته”، مبيناً أن “القوة الأمنية نقلت الشيخ إلى محافظة ذي قار، وهناك احتُجِزَ بتهم جديدة، وهي دعم الإرهاب وحزب البعث”.
وبحسب مصادر “العربي الجديد” فإن يوم الغد الاثنين سيشهد أولى جلسات محاكمة الشيخ البديري مع استمرار المطالبات بالإفراج عنه. وأضافت المصادر أن “الشيخ البديري له مواقف حادة ضد المليشيات المدعومة من إيران، وكان قد تعرض إلى محاولة اغتيال ومضايقات كثيرة بسبب مواقفه في السنوات الأخيرة، والانطباع العام أن ما حدث له هو استهداف سياسي”، مشيرة إلى أن “القوة الأمنية والعسكرية المكلفة بمراقبته والتحفظ عليه هي جهاز مكافحة الإرهاب، رغم عدم وجود أي دليل على ارتكاب الشيخ ما يدعو إلى التحفظ عليه بهذا الشكل”، موضحة أن “أغلب الناشطين والمحتجين والأصوات المعارضة للفساد في العراق، يتم التعامل معهم بهذا الأسلوب، واتهامهم بالإرهاب والترويج لحزب البعث، وهي تهم جاهزة”.