Skip to content

السفينة

alsafina.net

Primary Menu
  • الرئيسية
  • الأخبار
  • افتتاحية
  • حوارات
  • أدب وفن
  • مقالات رأي
  • منوعات
  • دراسات وبحوث
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • الأرشيف
  • Home
  • في استدعاء الجنون وفي ارتباطه بالقدر والعالم والتاريخ .. فدوى العبود…المصدر :ضفة ثالثة
  • مقالات رأي

في استدعاء الجنون وفي ارتباطه بالقدر والعالم والتاريخ .. فدوى العبود…المصدر :ضفة ثالثة

khalil المحرر نوفمبر 12, 2024

تأمل ما يجري في العالم من أحداث، وآخرها انتخاب ترامب، يجعل استدعاء الجنون مبرّرًا وفي سياقه؛ وبعضنا يعتقد أن العالم اختار ما يليق به، وما هو على مقاسِه. فبعد أن انكشف ظهر الحريّة تبيّن أنها أقلّ ممّا يتطلّع له الخيال البشريّ. بتعبيرٍ آخر، “الحرية كانت أقلّ شأنًا ممّا حلمنا به”.
ولعل ما يعنينا هنا أن الجنون مرتبط بالقدر والعالم والتاريخ، فهو كالقدر لا رادّ لسلطته، وهو الحكمُ الوحيد الذي إن أطلقناه على إنسان عاقل أصابه كالسهم؛ فبمجرّد توجيه التهمة نحوه سيتقمّصها، وهذا ليس شيئًا مبشرًا، فوصف ترامب به يعني ولا شك أن الدور سيغريه، وسيرينا منه فنونًا تثيرُ العَجبْ!
هذا لا يمكن فصله عن العالم الذي ينولد به. قم بزيارة مصح وسترى أغلب قادة العالم متجسدين في هيئات المجانين الذين يمشون بطريقة عسكرية، ويصدرون الأوامر. وكما يوجد بين الأحياء مجنون صامت وآخر مِهذار، كذلك في المصح ثمة من يعتقد أنه جنرال ــ والطامة ليست هنا ــ بل في أولئك الذين يعتقدون أنه جنرال أيضًا، ويتبعون أوامره.
وهو لا ينفصل عن التاريخ، الذي وصفه الفيلسوف الألماني كارل ماركس بأنه “يعيد نفسه مرتين، المرة الأولى كمأساة، والمرة الثانية كمهزلة، أو ملهاة”، وهذا لا ينطبق على السياسة والاقتصاد فحسب، بل على جميع تجليّات التاريخ، وهذا أحدها، بل وأهمها؛ لأنه وإذا كان ــ باعتباره يقيم عند الحدود ــ قادرًا أن يرينا التمييزات الدقيقة بين الأبيض والأسود، فإنّ في إمكانه أن يرينا الحدود بين المأساة والملهاة. إذ كان حرًا ومسليًّا وفكاهيًّا، وفجأة تحوّل إلى أسىً مفتوح.
كنت قد أمضيت الفترة بين 2000 و2001 مرافقة لمريض في مشفى ابن رشد للأمراض النفسيّة، وهناك أقضي يومًا، أو اثنين، من كل أسبوع، بين هؤلاء الذين كان لسان حالهم يقول “أخذت من الجنون كل ما ينقصني من الحرية”. بل إنّ بعضهم كان مدركًا للحصانة التي منحهُ إيّاها الأخير، فراح يرتشف الحرية حتى أقصاها.
في المرة الأولى، وقفت أنتظر مدير المشفى أحمل بيدي ورقة للتوقيع، حين ظهر من باب جانبي رجل أنيق يرتدي بيجامة رياضية، ثم وعبر ثلاث جمل إخباريّة مقتضبة؛ عرفت أنّه المدير، وأن الشاي أسود ومرّ وبارد، وأن الموظفين والممرضين والأطباء أغبياء، ويجب احتجازهم عوض هؤلاء المساكين.
وقفت الممرضة باستعداد وهي تعتذر، ثم اندفع ممرضان نحو المدير، قيده أحدهما وحقنه الآخر؛ انتظرا لدقائق فأصبح كالطفل، يومها تعرفت إلى الجنرال الذي ليس جنرالًا، والمجنون الذي ليس مجنونًا، بل عائلته وجيرانه، وكل باعة الحي وسائقي السرافيس والسيارات، والعاشق الذي خانته حبيبته ويجب حبسها هي وليس هو! وقابلت رئيس البيت الأبيض شخصّيًا، وغريمه الذي يحمل في يده ريشة حمامة ستيتّية يلوح بها ويخبرني بفرح: أنه يريد دهن البيت الأبيض بالأسود.
لقد عايشت الجنون، بل وكثفت من زياراتي للمصح متجاهلة دروسي ومحاضراتي وسوء واقعي الذي كاد يجعلني زميلة لهم، وبما أن الألم، بحسب سيوران، يؤدي إلى الجنون، وبما أننا لا “نرى الأول، بل نرى الأخير فقط”، فقد كنت أتفاعل مع عالمهم، لنسيان عالمي، أصدفهم في الممرّات. فهذا يسألني عما إذا كنت المتقمّصة، أم الحقيقيّة؟ ولم يكن هذا السؤال ليضحكني؛ لولا أنه ذكّرني برجل أحبني وكان يردد أنت حقيقيّة. ولم أسأله يومها عن الحقيقي، لأنّه أطلق رأيًا مناقضًا بعد ذلك.
وذاك يخبرني عن الأصيص الذي يطير ويحطّ فوق رأس والده، وذلك يقول لي إن سريره مكهرب؛ ورابع يروي لي حكايات تتفوق على خيال ماركيز لو انتظم عقدها. في تلك الفترة، قرأت دون كيخوت، الذي أراد أن يسخر من عالمه بطريقته الخاصة وحواراته الطريفة مع صديقه وحامل سلاحه سانشو، وكم ضحكت من مشهده أمام الفندق حين يقابل عاهرتين يراهما نبيلتين، ويؤدي للقوّاد تحيّة النبلاء. كان يعجبني لأنه يصدق عالم الفروسية والنبالة، وفي هذا بالذات كان يكشف ثرفانتس عن عورة الفروسيّة عبر أهم المجانين الذين آمنوا بها.
الذين قابلتهم كانوا يؤمنون بالعدالة، والحقيقة، والتاريخ. وأنا أستمع لهم بينما أرى انفلات كواكب عيونهم من حقل الجاذبية، كانت قصصهم ساخرة، وتأويلاتهم واختراعات أذهانهم المريضة خفيفةً على القلب. ولأنه يجدر بك حين تتحدث عن الصخور أن تكون صخرة، وحين تخبرنا عن الزهور أن تفعل المثل، فقد كنت أحاول فهم هذا العالم من داخل لغته. ووصل بي الأمر حدّ أني صرت واحدًا منهم، لكني تماسكت حتى لا أسقط في غيابهم اللذيذ كليًّا.

“أحدهم يخبرني عن الأصيص الذي يطير ويحطّ فوق رأس والده، وذلك يقول لي أن سريره مكهرب؛ ورابع يروي لي حكايات تتفوق على خيال ماركيز لو انتظم عقدها”

 

في سنوات التدريس الأولى، كنت أتعمد التوجه قبل ساعة إلى عملي في حي الميدان الدمشقي لأقابل مجنونًا يعيش رفقة أمه العجوز. نجلس بينما يتناول إفطاره أمام بيته، حيث شهيته الدائمة للحديث، ويبدو أنه تعلم ما لم يستوعبه سيزيف ذاته.
لأنه، وفي الوقت الذي يحمل فيه أحدنا صخرته بينما يرتقي الجبل، ثم يراقبها وهي تتدحرج ليعاود الكرّة؛ فإن المجنون يقرّر التخلّص منها.

(Getty)

وفي تجربته المؤثّرة، والتي تزامنت مع العسف السياسيّ، تحدّث الكاتب العراقي خضير ميري الذي افتعل الجنون في كتابه “أيام الجنون والعسل” عن القصف الأميركي، وتحديدًا ليلة 9/ 2/ 1991، إذ قتلت أميركا من النزلاء في هذا الهجوم “400 مريض ماتوا خلال العدوان العسكري”.
يصف ميري ضرب مشفى الرشاد للأمراض النفسية والعقلية بالجنون الأسود للطيار مقابل الجنون البريء للمرضى “الجنون الأسود للطيار الأميركي يرتدي زيًا أميركيًّا، وماسورة بندقية، وقبعة ضيقة، وينتج الموتى والأشلاء، ويزرع الغياب في الأمكنة”.
لكن، وبعد انفلات الجنون الأسود، لم يعد جنون أولئك الأطفال الكبار أبيض اللون، فبعد 2011 فقد الضحك ــ الذي رأى أفلاطون قدرته على تخريب الوضع الراهن ــ قوته، فقد أصبح عاجزًا وهشًّا ومثيرًا للشفقة.
في ذروة الحرب السورية، وتحديدًا في 2012، تقابلت وصديقة أصابتها لوثة فقدان قريب لها. قالت مواسية: أخبروني أن بيتك تهدّم. بعد صمت ثقيل حاولت التجلّد فيه، سألتها عن صحّة قريبها الميت، ولتساعدني على تجاوز الإحراج سألتني: عما إذا استطعت أن أخرج الثلاّجة من البيت.
أجبتها نعم. “فسألت: قبل أم بعد تهدمه؟”.
منذ تلك اللحظة تدحرج المأساويّ.
ذات صباح، جلس رجل ستيني فوق إحدى بسطات الأحذية في منطقة كشكول، كان يسأل الناس عما إذا كانوا يريدون أحذية إيطالية، وكان يشير إلى الأعلى: الآن ستمر الطائرة وترمي لنا أحذية إيطالية وفرنسية. لدينا شحنة كبيرة ومتنوعة!
كان جاره على بعد أمتار يخبر المارّة أنهم أمام كائن فقد عائلته ومحلاته وعقله. وفي صباح آخر من صباحات المدينة، اقترب مني رجل يضع نظارة ويرتدي معطفًا طويلًا، وحذّرني بصوت مرتعش من الشرطة السريّة التي تحيط بنا. تراجعت، فطلب مني ألا أخاف. نزع النظارة، وشرح لي بأننا محاطون بعملاء (إف بي آي، وكائنات فضائية مقنّعة)، وأشار نحو الرصيف المقابل الذي يتقاسمه باعة دخان، وبسطات أحذية، وألعاب صينية، ابتعدت قدر الإمكان، وتركت مسافة أمان بيني وبينه، وركضت من دون أن ألتفت نحو مقهى الهافانا. عكّر احتسائي قهوتي رجلٌ اعتقد أني حبيبته التي ينتظرها منذ ثلاث ساعات. النادل همس وهو يتظاهر بمسح الطاولة: إنه مجرد مجنون فقد زوجته وأطفاله في الحرب. شربت فنجاني دفعة واحدة وخرجت. ربما سيظهر لي أحدهم وهو يجرّ أسماله ليخبرني أنه الملك لير! ثم يحدثني عن الندم ومعرفة الذات، لكن حدث ما هو أسوأ، فبدلًا من ذلك تلقيت موعظة دينية من سائق سيارة الأجرة، الذي شرح بأن العلاج في العودة إلى الله، كانت سيارته تبدو كمقام ديني!
من يدري، ربما، وفي لحظة يأس يفعل فعلة الإمبراطور ميلينيك الثاني الذي كان يأكل صفحات من التوراة كلما شعر باعتلال في صحته. وحين قرر الشفاء النهائي ابتلع فصلًا كاملًا من التوراة بعنوان “سفر الملوك”.
سأل الملك لير بناته: من منهن تحبه أكثر؟ اضطرهن إلى الكذب، وهذا هو الجنون. إنه سؤال عن الحقيقة يضطّر العالم إلى الكشف عنها، فنتصدع. كتب خضير ميري “الأمر يبدو ذاتيًا، والكتابة ليست أكثر من حدث ما يوفر لنا العالم فرصة الشهادة عليه”. وإذا كانت الفكاهة ــ تعكس تحولًا من الشعور بالعجز، أو النقص، إلى الشعور بالتفوق بحسب موريل ــ وقدرة على التحرر من أسر الأسى، فلماذا حدث العكس!
في القرى والبلدات، يحاول الشيوخ لجم الجنون انطلاقًا من جنون آخر يرى أن شيطانًا تلبّس الضحية. وإذا كان الجن ــ أولئك الذين انحدروا من صلب إبليس- لا يتورعون عن قول الحقيقة عبر فم المجنون فإن أطباء المصحات يكتفون بحقنة، أو صدمة كهربائية، لتنام الحقيقة.
مع حركة التاريخ، أو بالضدّ منها، فإن الجنون لا يأتي مرة كمأساة، وفي التالية كمهزلة، بل على العكس. وفي الوقت الراهن، لا شيوخ ولا مصحّات في إمكانها أن تعيد للجنون خفته وفكاهته ومرحه، لأن أثمن ما فيه وهو ــ حريته ــ قد ضاع منه. ربما ليس من حقنا أن نحكم على المجنون، ولا يحتاج لأن نتعاطف معه، بل أن نعرف نوعيّة العالم الذي يُبرِزه عبر محاكاته، عالم ينطبق عليه وصف أنطونان آرتو:
“إن عالما يأكل ما لا يؤكل، ليلًا نهارًا أكثر فأكثر.
ليأخذ نيّته السيّئة إلى مبتغاها
ليس له هنا بالذات إلاّ أن يخرس”(*).

هامش:
(*) العبارة الأخيرة من كتاب “فان غوخ منتحر المجتمع” ــ أنطونان آرتو، ترجمة عيسى مخلوف.

*كاتبة سورية.

شارك هذا المقال

Continue Reading

Previous: في محاولة فهم حماس (2/2) آن غاريسون…..المصدر :ضفة ثالثة
Next: بالأسماء… من اختار ترامب لتشكيل إدارته الجديدة؟ المصدر: أ ف ب – رويترز – النهار

قصص ذات الصلة

  • مقالات رأي

عراقجي في بيروت.. تغيير الخطاب أم الأسلوب؟ حسن فحص…….المصدر:أساس ميديا

khalil المحرر يونيو 7, 2025
  • مقالات رأي

حكاية رئيسين: الحريري الوسيط وعبيد المستشار (2/3)المصدر:أساس ميديا

khalil المحرر يونيو 7, 2025
  • مقالات رأي

وزير الخارجيّة السّوريّ يزور لبنان… أخيراً محمد قواص……..المصدر:اساس ميديا

khalil المحرر يونيو 7, 2025

Recent Posts

  • عراقجي في بيروت.. تغيير الخطاب أم الأسلوب؟ حسن فحص…….المصدر:أساس ميديا
  • حكاية رئيسين: الحريري الوسيط وعبيد المستشار (2/3)المصدر:أساس ميديا
  • وزير الخارجيّة السّوريّ يزور لبنان… أخيراً محمد قواص……..المصدر:اساس ميديا
  • إسرائيل تعلن الحرب على جوزف عون؟ جوزفين ديب……..المصدر:اساس نيديا
  • “أمّة” من متعدّدي الجنسيّات … هل لكلّ سوري وطنان؟…المصدر: موقع درج…..أحمد ابراهيم- صحافي فلسطيني سوري

Recent Comments

لا توجد تعليقات للعرض.

Archives

  • يونيو 2025
  • مايو 2025
  • أبريل 2025
  • مارس 2025
  • فبراير 2025
  • يناير 2025
  • ديسمبر 2024
  • نوفمبر 2024
  • أكتوبر 2024
  • سبتمبر 2024
  • أغسطس 2024
  • يوليو 2024
  • يونيو 2024
  • مايو 2024
  • أبريل 2024
  • مارس 2024
  • فبراير 2024
  • يناير 2024
  • ديسمبر 2023
  • نوفمبر 2023
  • أكتوبر 2023

Categories

  • أدب وفن
  • افتتاحية
  • الأخبار
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • حوارات
  • دراسات وبحوث
  • مقالات رأي
  • منوعات

أحدث المقالات

  • عراقجي في بيروت.. تغيير الخطاب أم الأسلوب؟ حسن فحص…….المصدر:أساس ميديا
  • حكاية رئيسين: الحريري الوسيط وعبيد المستشار (2/3)المصدر:أساس ميديا
  • وزير الخارجيّة السّوريّ يزور لبنان… أخيراً محمد قواص……..المصدر:اساس ميديا
  • إسرائيل تعلن الحرب على جوزف عون؟ جوزفين ديب……..المصدر:اساس نيديا
  • “أمّة” من متعدّدي الجنسيّات … هل لكلّ سوري وطنان؟…المصدر: موقع درج…..أحمد ابراهيم- صحافي فلسطيني سوري

تصنيفات

أدب وفن افتتاحية الأخبار المجتمع المدني الملف الكوردي حوارات دراسات وبحوث مقالات رأي منوعات

منشورات سابقة

  • مقالات رأي

عراقجي في بيروت.. تغيير الخطاب أم الأسلوب؟ حسن فحص…….المصدر:أساس ميديا

khalil المحرر يونيو 7, 2025
  • مقالات رأي

حكاية رئيسين: الحريري الوسيط وعبيد المستشار (2/3)المصدر:أساس ميديا

khalil المحرر يونيو 7, 2025
  • مقالات رأي

وزير الخارجيّة السّوريّ يزور لبنان… أخيراً محمد قواص……..المصدر:اساس ميديا

khalil المحرر يونيو 7, 2025
  • مقالات رأي

إسرائيل تعلن الحرب على جوزف عون؟ جوزفين ديب……..المصدر:اساس نيديا

khalil المحرر يونيو 7, 2025

اتصل بنا

  • Facebook
  • Instagram
  • Twitter
  • Youtube
  • Pinterest
  • Linkedin
  • الأرشيف
Copyright © All rights reserved. | MoreNews by AF themes.