السلام لا يعني الاستسلام. ولا يعني ترك العدو، كل عدو، يستبيح الأرض والبحر والجوّ، وخصوصاً الكرامة. السلام يعني توفير بيئة سليمة ومستقرة للعيش. فلا كرامة للشعوب في ظل الحرب. مهما قال النازحون أمام الكاميرات وعلى الشاشات، فإن كرامتهم تبقى غير محفوظة في المدارس وفي الخيم، وحتى في منازل وأحياء انتقلوا إليها من دون حاجياتهم الأساسية.
السلام يعني التحلي بالواقعية في التفاوض. كل الحروب تنتهي إلى تسويات، فيها كثير من الشقاء للوصول إليها، لكن الدول تسعى إلى استقرار، لا إلى حروب تتكرّر كل عشرة أعوام، تليها اتفاقات وقتية، ويقضي الناس بين حرب وأخرى، يلملمون الأشلاء، ويعيدون إعمار بيوتهم ومؤسساتهم، والأهم يتداوون من جراحهم الجسدية والنفسية.
لبنان بحاجة إلى سلام مشرّف، يحفظ حقوقه وحدوده، وهذا السلام يتطلب قراراً وطنياً حقيقياً صادقاً مستقلاً لا يرتبط بحسابات الخارج ومصالحه.
وهذا السلام لا يتحقق بموافقة فريق أو أكثر على معاهدات تلغي أسس الدولة ومؤسساتها، إذ إن السيادة المنادى بها في كل حين، لا تكون بالاستئثار والتفرد بالقرار، ومصادرة قرار الدولة بالحرب والسلم، بل بمشاركة كل المكوّنات الوطنية في القرار، قرار وقف النار اليوم، بشروطه وبنوده، الذي يجب ألا يقتصر أيضاً على فريق، ويجب أن تُنشر بنود التفاوض ليطلع عليها اللبنانيون.
السلام الحقيقي بالعودة إلى منطق الدولة والمؤسسات، وخصوصاً قواعد الوفاق الوطني الذي ارتضاه الآباء المؤسسون للبنان، وبات مهدّداً.