لا تنتهي معاناة الناجين والناجيات من سجون النظام السوري  بمجرد الخروج من ظلام الزنازين إلى الحرية. هؤلاء يعيشون معاناة من نوع مختلف في المجتمع، ويحتاجون إلى مساحة آمنة، في وقت تعمل فيه جهات متخصصة على توثيق ما مروا به ومساندتهم، وخصوصاً ضحايا العنف الجنسي
وتؤكد مديرة منظمة “أمل للتعافي”، أمل النعسان، لـ “العربي الجديد” أنه “لا بد من احترام خيار الناجيات المتعلق بمسار العدالة النهائي من وجهة نظرهن. ولا بد من إدماج الناجين في تحديد آليات عمل المؤسسات المعنية بمساندتهم”.
من جهته، يتحدّث المدير الإقليمي في منظمة “صحفيون من أجل حقوق الإنسان”، تمام حازم، عن تبعات الصراع والعنف في سورية على المجتمع، ويقول لـ “العربي الجديد” إنه خلّف تفاصيل مؤلمة يواجهها المجتمع. يضيف أن “قضايا الاعتقال والعنف تظل في وجدان كثيرين، وتبقى طي الكتمان بسبب صعوبة الإفصاح عن مجريات ما واجهوه من ظروف صعبة، وينتظر كثيرون ممن تعرّضوا للظلم والعنف والجنسي  تحقيق العدالة والإنصاف”.
ويتحدّث حازم عن الملحق الخاص بسورية من البروتوكول الدولي للتحقيق في جرائم العنف الجنسي في حالات النزاع، الذي أقر يوم 14 نوفمبر/ تشرين الثاني، قائلاً إنه “خلاصة العمل مع الناجين والناجيات من خلال المؤسسات والخبراء. وفي الوقت الحالي، يجري العمل على جمع خبرات متراكمة على مدى عشرة أعوام مع الخبرات الدولية الموجودة، ووضعها بين يدي الموثقين لتكون خارطة طريق واضحة يُستند إليها. نضع خبراتنا وتجاربنا من خلال عملية التوثيق ونضعها بين يدي من يريد العمل في هذا المجال”.
يُتابع حازم: “بدأ العمل استناداً إلى أساسيات وضوابط صحيحة. العمل مع الناجين والناجيات هو فرصة أولى وأخيرة في حال فقدان الثقة. لذلك، الخطأ ممنوع. أهمية إطلاق الملحق تكمن في كونه خاصا بالسياق السوري، وتوحيد الخبرات. بعدها، سيكون هناك مناقشات مع المنظّمات العاملة في هذا المجال، والعمل على تحديد كل من يقوم بالانتهاك بكافة أنواعه، وكل من يمارس العنف الجنسي والتعذيب. الأبحاث هي لسورية المستقبل حتى لا تتكرر الانتهاكات”.
أما العاملة في منظمة “سينرجي” والمحققة الجنائية ستيفيني بربور، فتوضح لـ “العربي الجديد” أن “الملحق الصادر مهم لأي مؤسسة تُعنى بالعمل على المحاسبة في سورية. بعض المؤسسات التابعة للأمم المتحدة معنية بشكل أكثر بهذا الأمر. هذا الملحق يمكن أن يكون مفيداً لكافة المؤسسات المعنية بالحصول على المعلومات من الناجين والناجيات، وكيفية استخدامها في مجال المساءلة”.

أمّا التوصيات للعاملين في توثيق الشهادات، فهي عدم الاحتفاظ بها لأنفسهم ومشاركتها مع الجهات المعنية عندما تكون هناك موافقة من المعنيين والمعنيات. تضيف: “أهم المبادئ في الملحق هي عدم إلحاق الضرر بالناجيات. لذلك، فإن إحدى أهم النقاط هي تلبية الاحتياجات الأساسية. يجب أن نضمن أن الناجين في مكان آمن لإعطاء الشهادات والبيانات وهذا لا يقتصر على الخدمات الأساسية بل على دعم مهني وفي سبل العيش وتلبية الاحتياجات الأساسية لهم”.
وعن حساسية قضية العنف الجنسي، تقول بربور إن “موضوع العنف الجنسي حساس ليس فقط في المجتمع السوري بل في كل المجتمعات التي شهدت نزاعات، وتترك ندوباً عميقة جداً. ومن المهم توعية المجتمع كي لا تلاحق هذه الوصمة الناجين والناجيات. وهذا يفاقم المشاكل والصعوبات لدى الأفراد، ويُصبح من الصعب التعامل مع هذه المشاكل على مستوى العائلة والمجتمع”. تضيف أنّ “الخبر الجيد هو وجود منظمات تعمل على هذا الأمر، وترفع الوعي حول التعامل مع ضحايا العنف الجنسي”، آملة من المنظمات المعنية أن “تقرأ هذه التجربة وتتعلم منها القيام بعملها”.
ويقدّم الملحق، وفق الملخص التنفيذي، “معلومات وإرشادات وممارسات جيدة للذين يقومون بتوثيق حالات العنف الجنسي المرتبط بالنزاع والفظائع في سورية والتحقيق فيها” بعد 12 عاماً من النزاع، ولا يزال العنف الجنسي ضد فئات عمرية من الذكور والإناث أزمة تذكر بالفجوة الهائلة في الإفلات من العقاب على الجرائم الدولية التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع منذ عام 2011.