Skip to content

السفينة

alsafina.net

Primary Menu
  • الرئيسية
  • الأخبار
  • افتتاحية
  • حوارات
  • أدب وفن
  • مقالات رأي
  • منوعات
  • دراسات وبحوث
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • الأرشيف
  • Home
  • Ahmad Nazir Atassi……مشكلة بناء الدولة في سوريا – الاقلية والاغلبية……المصدر صفحات الفبس بوك
  • مقالات رأي

Ahmad Nazir Atassi……مشكلة بناء الدولة في سوريا – الاقلية والاغلبية……المصدر صفحات الفبس بوك

khalil المحرر نوفمبر 25, 2024

بما اننا قادمون على تغييرات قد تؤدي الى تشكيل دولة سورية جديدة، اسمحوا لي ان اتكلم عن موضوع لن يفتحه احد. وقد يتهمني البعض بالسطحية والطائفية وتأجيج الفتن والنعرات، لكن لا بد ان اذكره ولو مرة. واعني مشكلة العلاقة بين ما يسمونه الاغلبية والاقلية.
اولا- لا مفر من اغلبية واقلية
الغرب لا يعترف بوجود الاقليات في بلدانه ولا يراها الا في بلداننا. لكن هذا غير صحيح. اي مجتمع سيكون فيه اقليات. اي مجتمع سينقسم الى مجموعات متنافسة لان المنظومة تقوم على الاختلاف، ولان الهرمية تعني تمايز توزيع السلطة والثروة. قد تكون هناك طبقات سياسية، او فئات اقتصادية، او طوائف دينية، او عروق واثنيات. ولو تساوى الجميع سينقسم المجتمع حسب الطول ولون العيون. واي مجتمع، مهما كان متطورا (وفق اي مقياس) او عادلا، فستكون لديه مشكلة في التعامل مع الاقليات (ايا كان تعريفها). المنظومة لا يمكن ان تقوم على المساواة الكاملة في كل شيء. وليس هذا تبريرا، فانا اؤيد النضال من اجل المساواة والعدل، لكنه اقرار بحقيقة. وبالطبع مع وجود سوء تعامل مع الاقليات فستكون هناك مظلومية واتهامات وغضب ومطالب. المجتمع القابل للتطور والتأقلم هو ذلك المجتمع الذي يحن ادارة الصراع، وليس هو الذي يحل المشكلة، لانه لا حل لها. الاقلية والاغلبية هي من الثنائيات التي تساعدنا في فهم المجتمع ومؤسساته وديناميكيته.
ثانيا- طبيعة مشكلة الاقليات في سوريا اليوم
اذن ليس حسن التحليل في ان نقر بوجود ذلك الصراع وكأننا اكتشفنا حقيقة مفجعة، وان نأخذ موقفا مع او ضد حسب مبادئ لا تتغير، وانما حسن التحليل ان نفهم اطراف الصراع وحدته وآلياته وتأثيره على تطور المنظومة ككل وكيف تتعامل معه المنظومة والاتجاهات التي يمكن ان يسير فيها. وهذا هو هدف هذا المنشور.
منذ صعود الاستعمار الغربي في القرن التاسع عشر وهو يعتمد على موضوعي القومية والعلمانية في تدخله. لماذا؟ لان هذين هما المكونان الايديولوجيان الرئيسان في الدول الغربية الحديثة. يتكلمون عن الحداثة، لكنها مفهوم فلسفي. اما المفاهيم العملية التي وصلت الينا فهي القومية والعلمانية. اننا نشغل وقتنا في التفلسف والتحليل حول هذين المفهومين، لكننا ننسى انهما من فروض الامبريالية الغربية. هذان المفهومان يحددان الاطار العام الذي نناقش ضمنه تأسيس الدولة. وهو الاطار الذي سيناقشنا الغرب من خلاله في كل مرة يتدخل لاعادة تأسيس الدولة. واننا اليوم نواجه مرة اخرى اعادة تأسيس الدولة في سوريا، ومرة اخرى الغرب لاعب اساسي في هذا التأسيس، لا بل هو يحدد معالم السردية والنقاش.
القومية في اوروبا ساهمت في تكريس الدولة الليبرالية. كنت دائما اتساءل عن العلاقة بين القومية والليبرالية. وقد وجدت ان الدولة الليبرالية البرلمانية الديمقراطية لا تستطيع الوجود دون القومية. ان الاخيرة تلعب دور الدين الذي يعطي القداسة للدولة. الاله كان يشرعن الدولة الملكية. والقومية تشرعن الدولة الليبرالية (حكم الشعب والارادة العامة). العلمانية ايضا ضرورية في الدولة الليبرالية، فالدين الجديد القومي هو دين علماني يعاكس تماما دينية الدولة الملكية. الدولة الغربية الحديثة فشلت في حل معضلتي الاقليات القومية والدينية (خاصة اليهودية). هذا الفشل نقله الغرب الينا كمدخل للتدخل: تحويل كل طرف في التفاوض من اجل صياغة الدولة الى عميل لجهة خارجية. ولا اقول هنا ان الاقليات القومية او الدينية فقط مرتهنون للخارج، بل الجميع، الاغلبية والاقليات. ليس لدينا دولة وطنية وكلنا عملاء لامبراطوريات خارجية. الدولة الحديثة نفسها جاءت بقرار غربي وعلى دبابات غربية حتى ولو كانت حركات تحرر.
ثالثا- تاريخ المشكلة
لو استمعت مثلا الى المظلومية المسيحية، لصادفت احداث ١٨٦٠ كنقطة بداية للمظلومية. كنت اتساءل دائما. لماذا سردية المظلومية تقول مسلمين سنة يضطهدون مسيحيين في حين ان المجزرة وقعت تحت الحكم العثماني وغالبا بتواطؤ منه. لم نشهد في سوريا اية مجزرة من هذا النوع لا قبل ذلك التاريخ ولا بعده. اذا نظرنا الى تركيا مثلا فسنجد ان المجازر بحق الاقليات كانت ممارسة تكررت منذ ذلك الوقت وحتى وقت قريب. اذن لا بد من سوابق. ولو اتفقنا بان اي مجتمع قادر على ارتكاب مجازر اذا توفرت شروط معينة، فاننا سنجد انه حتى عام ١٨٦٠ لم تكن الشروط متوفرة. توفرا في لبنان، وتكررت في لبنان. لكن ليس في سوريا. اذن لماذا هذه الاهمية الكبيرة لاحداث عام ١٨٦٠؟ ولماذا يتم محاسبة السنة في سوريا على اشياء اقترفها العثمانيون
منذ احداث ١٨٦٠ والاقليات الدينية في شرق المتوسط تعيش تحت مظلة الحماية الغربية وتحت مظلة الثقافة الغربية: تعلموا في مدارس الارساليات، تحدثوا اللغات الاوروبية، عملوا كوكلاء للصناعة الغربية، اعتنقوا الافكار الدينية الغربية، هاجروا الى الغرب، نادوا بأفكار انفصالية وحقوق ثقافية متخيلة، طلبوا الحماية الغربية، قبلوا بالوصفة الطائفية السياسية الغربية، اصبحوا ضحايا لمجازر حقيقية ومتخيلة، اعادوا كتابة التاريخ لنسف آخر ١٤٠٠ سنة من التاريخ (مع ان قومية كاملة مثل فرنسا او المانيا عمرها اقل من ألف سنة)، وطرحوا وشجعوا ايديولوجيات سياسية غربية. فاذا حكمنا بالنتائج لقلنا ان اكبر مستفيد من احداث ١٨٦٠ هو الغرب. لكن لا احد يتهم الغرب. الكل يتكلم عم المظلومية. بالنسبة لي من هنا تنبع اهمية ما جرى. انه الحدث الذي بدأ سردية الطائفية والعلمانية. لا يهم ان كان العثمانيون مذنبين لم لا، المهم ان يتم اتهام السنة كأغلبية وان يتم اختراع المسألة الطائفية كمدخل للغرب.
ثالثا-بناء الدولة في اطار مشكلة الاقليات
ليس عندي حل لهذه المعضلة التي يعرفها الجميع وينكرها الجميع. كل طرف يزعم انه وطني ويخدم الوطن ويمثل الوطن. لكن لا يوجد اي طرف في الحقيقة لديه القوة العسكرية والادارية والمادية ليجعل مثل هذه الادعاء حقيقة. منذ ١٥ سنة كان يمكن ان احاجج ان الاسد، باعتباره مالك الدولة، هو الوطني الوحيد (محاججة نظرية بحتة). لكن اليوم حتى الاسد لا يملك الدولة، وهو مرتهن مثله مثل غيره لعدة اطراف. وهذا بالضبط ما يجعل المفاوضات اليوم ممكنة. ليس هناك غالب وليس هناك قوي، والكل مرتهن. تماما كما كان الوضع في لبنان ايام اتفاق الطائف الذي انهى الحرب الاهلية. اننا ندفع ثمن غبائنا، لكن هذا الكلام فات اوانه.
هل يمكن اليوم تجاوز مشكلة الصراع بين الاغلبية والاقليات في سوريا عند التفكير في اعادة صياغة الدولة. لا، لا يمكن. يقول لي كثيرون، انت تتحدث عن المشكلة وكأن سوريا مثل لبنان، كلها اقليات. السنة هم الاغلبية بنسبة ٨٥ بالمائة، وبالتالي لسنا فسيفساء والدولة يجب ان تعبر عن الاغلبية. لو كان هذا صحيحا لما عانينا من الاسد لخمسين سنة. هناك فرق بين تصوراتنا وبين الواقع. انظر الى الواقع، هي قيام دولة تمثل السنة ممكن. الجواب لا. اذن لا تناقشني بالمنطق. صار لنا قرابة قرنين، منذ ١٨٦٠، ونحن نناقش مسألة تأسيس الدولة من منظور اقليات-اغلبية ودين-علمانية، رغم تفاهة المفهومين ومنشئهما الغربي. لذلك لا يمكن تجاوز هذا التاريخ، لقد صار جزءا منا.
اذا لا يمكن تجاوز المشكلة، فكيف يمكن التعامل معها؟ لا يوجد حل سحري، لكن هناك مبدأ اساسي يجب وضعه بين اعيننا: يجب ان تكون الدولة قادرة على الحياة بقواها الذاتية، الاستدامة. فاذا ارتهن الجميع للخارج فان الدولة تصبح مخترقة الى درجة يصعب ضمان استدامتها الا بجهود قوى خارجية. وهذا يعني ازمة متكررة. تماما مثل لبنان. ان شرق المتوسط يعيش في الوقت المستقطع بين حربين اهليتين او بين ازمتي وجود. حتى تستمر اية منظومة سياسية يجب ان تكون قادرة على منع التدخل والاختراق والانشقاق والانفصال.
في الحقيقة فان الصراع بين الاغلبية والاقلية قد يقوي الدولة ويزيد من حصانتها تجاه التدخل والارتهان. من اجل هذا لا بد من المرونة في تعريف الاغلبية والاقلية. هذا يعني انه يجب ان يكون من الممكن للمواطن ام ينتقل من هذا المعسكر الى ذاك. فيوما يكون اغلبية ويوما اخر يكون اقلية. هذا يعني ان الحد الفاصل بين الاغلبية والاقلية يجب ان يكون متغيرا، وهذا هو تعريف الانقسام السياسي. اي ان يكون الانقسام حسب الموضوع. ان الدولة تيتخذ آلاف القرارات، واهمها التشريعية. وبالتالي فكل يوم يكون هناك موضوع جديد يرسم حدود الانقسام. وحتى لو انقسم المجتمع حسب الايديولوجيا او حسب التوجه العام (محافظ، محب للتغيير)، فانه من الممكن تغيير الرأي. لكن ان يكون الانقسام حسب الطائفة او القومية او العرق، فهذا طامة كبرى، لان حدود الانقسام لا تتغير. وهذه هي بالتحديد مشكلتنا. اننا نقرر الاختلاف السياسي حسب الانتماء الطائفي او القومي. سيقول البعض ان هذه اختلافات موجودة في كل مجتمع. نعم، لكن ليس من الضرورة ان تحكم الاختلافات السياسية.
على من تقع اذن مهمة تخفيف حدة الاختلافات الصلبة ونقلها الى اختلافات سياسية مرنة؟ هذا ما اسميه ادارة الاختلاف او التعامل مع الاختلاف. وهو واجب، اذا وعى الانسان تأثيره على استدامة الدولة واستقرارها وحمايتها من التدخل. واعتقد انه يقع على عاتق كل المواطنين مهما كانت قوميتهم او انتماؤهم الطائفي، سواءا كانت قوميتهم او طائفتهم اقلية او اكثرية.
رابعا – امثلة من سوريا
لنأخذ مثالا عن اغلبية واقليات. السنة في سوريا يعتبرون انفسهم اغلبية. وبعضهم ينقل هذا الواقع العددي الى المجال السياسي كنا في حالة الاخوان وكل ما يسمى بالاسلاموية او الاسلام السياسي. هؤلاء يصرون على امتلاكهم للارض والدولة باعتبارهم الاغلبية العددية. وهذا النوع من الاحزاب يصورون انفسهم ممثلين لكل السنة ويطالبون بالكلمة العليا في تحديد الدستور وشكل الدولة وحجم الحصص ويدفعون باتجاه دولة تمثلهم وتدعم ثقافتهم ودينهم. هذا الموديل افضل ما يقال فيه انه قروسطي حيث الدين يتطابق مع تعريف المواطنة وحيث الدولة لا تعرف من المواطنة الا حماية دين الاغلبية. انه موديل الغلبة. وهو الموديل الشائع في كتب الشريعة الاسلامية باعتبار الشريعة كانت ايديولوجيا ذلك النوع من الحكم. بالطبع هؤلاء لا يعترفون بمفهوم سيادة الشعب والرأي العام والانتخاب. الدولة عندهم تمثل الاله حيث تتطابق الشريعة الاسلامية مع شريعة الله. بالنسبة لهؤلاء، الاقليات هم بالتحديد الاقليات الدينية، ويعتبرونهم ضيوفا او محميين تحت مفهوم ذمة الله ورسوله. وحسب ما رأينا في الحرب السورية فهؤلاء يعتمدون دوما على اموال ودعم خارجيين (خليجي او ايراني او جهادي او تركي).
لم يستطع اي فصيل من هؤلاء ان يضمن تمويل شعبي يضمن الاستدامة ومنع التدخل. لا بل لجؤوا الى ممارسات ديكتاتورية لا تختلف في شيء عن ممارسات الاسد. ولم يحظ اي فصيل منهم بدعم دولي. كل ما فعلوه هو ان اصبحوا جزءا من مشاريع امبراطورية اكبر من سوريا مثل المشروع السعودي او الجهادي او القطري او التركي او الايراني. وفي الحقيقة فان السنة في سوريا لا يشكلون طائفة. لا يوجد تمثيل واحد لهم ولو انقسموا فانهم سينقسمون الى مجموعات دينية (اخوان وسلفية وصوفيا) وسياسية (قوميين عرب واكراد وتركمان و يسار ضمن احزاب وفصائل مختلفة) واقتصادية (تجار وحرفيين وفلاحين) ومناطقية (ريف ومدينة وعشائر ومناطق). يتذمر البعض ان السنة ليسوا طائفة كما بقية الطوائف ويرون الحل في تطييف السنة، لكني اعتقد ان هذا مستحيل. الخطاب الديني يدغدغ احلام كثيرين لكنه ليس الاقوى.
اذا فرض الغرب المحاصصة الطائفية في سوريا اليوم فانه لن يعتمد تمثيلا موحدا للسنة لان تطييف السنة في طائفة واحدة يعني سيطرتهم على الدولة باعتبارهم اغلبية عددية وبالتالي ينتفي التدخل الذي هو اساس المشروع الغربي في سوريا. اعتقد ان الانقسام الذي سيفرضه الغرب سيقوم على العشائرية والمناطقية والطائفية: الجزيرة تحالف كردي عشائري، حلب سني عربي تركماني، حمص والساحل تحالف سني علوي، درعا والسويداء تحالف سني درزي عشائري، دمشق عاصمة جامعة مثل بيروت.
الاقلية المسيحية. لا يتصرف كل المسيحيين في سوريا كطائفة او كطوائف، رغم ان الكنيسة تحتل مكانة مرموقة وقيادية عند كثيرين. اثناء الحرب نظر كثيرون من المسيحيين الى دولة الاسد كممثل وحامي مما جعلهم يظهرون بمظهر الطائفة. لا يزال الغرب يعتبر نفسه حاميا للمسيحيين (وحتى روسيا ايضا). ولا تزال الكنيسة المسيحية ورعاياها تعتبر الغرب حليفا لا يمكن التخلي عنه. قد يحتج كثيرون، لكني اعتقد في النهاية انهم سيقبلون بسبب سياسة التخويف. منذ عام ١٨٦٠ وفرنسا تنمي الاحساس المسيحي بالخوف الى درجة ان المسيحي يعتبر نفسه مواطنا من الدرجة الثانية حتى ولو ثبت له العكس. لا احد يعرف بالتفضيل ما حدث عام ١٨٦٠، ولا احد سيعرف وذلك حتى يبقى الخوف قائما. واعود الى التذكير انه لم يتم فهم تلك الاحداث على انها حكومة تركية مسلمة تجاه رعايا عرب مسيحيين، وانما طائفة سنية محلية تجاه طائفة مسيحية محلية. اذا نسي المسيحيون فان الكنيسة ستذكرهم (سردية الاحداث مضبوطة بالكامل من قبل الكنيسة والغرب)، واذا نسيت الكنيسة فان فرنسا ستذكرها.
وحتى في التجمعات غير الطائفية مثل المجلس الوطني او الائتلاف او الجماعات المسماة ديمقراطية فان المسيحيين (او مسيحيين) يطالبون دائما بحصة مسيحية ويهددون بالغرب. اود ان اذكر هؤلاء ان هذا خيار ممكن باعتبار ان الجميع مرتهنين لقوى خارجية، لكن اذا تم تطييف سوريا واصبح هناك طائفة سنية هي الاغلبية، فان الاقلية الدينية سيتم النظر اليها حتما على انها عميلة للخارج وخطر على استقرار الدولة. وهذا بالطبع تكريس للطائفية التي يتذمر منها الجميع. اذا اردت التخلص من الطائفية فيجب ان تكون اول من يتخلى عن الطائفة كتجمع سياسي محاصص. لكن اذا اردت ان تكرس الطائفية تلعب دور الضحية المظلومة، فأنت على الطريق الصحيح. هناك ملاحظة يجب ان اذكرها هنا، وهي انه من الصعب ان تصبح الاغلبية الساحقة طائفة في نظر اعضائها لانهم دائما سيعتبرون انفسهم الامة والدولة، وبالتالي سيعتبرون الطائفية حركة اقليات دينية. وباعتقادي فان المستفيدين من الطائفية هم الاقليات الدينية لانهم في الحالة السورية يحصلون على صوت اكبر من حجمهم بكثير.
انصح باعادة النظر باحداث عام ١٨٦٠ وفهمها ضمن سياقها العثماني وليس ضمن السياق السوري. انها حادثة مفجعة يجب على الجميع ان يفهموها لكي ينسوها (بناء الدولة يكون دالما مبنيا على نسيان انتقائي). وانه من الخطأ بناء هوية على اساسها. اذا كنت من احفاد الضحايا اذكر اسم اجدادك وطالب باعادة الاعتبار اليهم ولا تتلطى وراء الكنيسة او الطائفة وتنسب المظلومية الى نفسك. وانصح باعادة النظر بسردية الاضطهاد السنة، لانه لم يكن يوما قانونا للدولة السورية الا في عهد الاسد الذي نعرف انه عهد طائفي بامتياز.
بالنسبة للعلويين، فانهم كانوا عصبية الحكم سواءا وعوا ذلك ام غاب عنهم. انها عصبية الجيش على طريقة العصور الوسطى، استخدمهم الملك كجنود دون ان يجعلهم متعلمين او اغنياء. ان مصيرهم اصبح مرتبطا بوجود الاسد ولذلك يجب عليهم الابتعاد عنه وعن تاريخه وافعاله قدر الامكان. في حال تم فرض المحاصصة في سوريا فان التمثيل العلوي سيكون صعبا. لكن هناك عدة مرشحين: الاسد نفسه، ابناء المسؤولين القدماء، المشيخة القديمة الضعيفة، ضباط الاجهزة الامنية، او مهنيين مثقفين وهؤلاء ايضا ضعفاء. في الحالة العلوية توجد ايضا مظلومية قديمة على النمط المسيحي، حكايا اضطهاد دعم الاسد انتشارها حتى صارت جزءا من المخيلة الشعبية العلوية. وهناك مظلومية جديدة هي مظلومية الحرب الاخيرة التي دعمها النظام ايضا. واعتقد ان هذه المظلومية اصبحت اقوى من المظلوميات القديمة. لكن وكما في الحالة المسيحية فان هذه المظلومية، فانها سلاح ذو حدين كلما تم الامعان في استخدامها كلما تقوت الطائفية. ولا انصح بالمطالبة بضمانات لان السنة اولا ليس لديهم تمثيل واحد يمكن ان يمنح مثل هذه الضمانات، ولان العلويون يمتلكون سلاحا قويا مهيمنا يجعل من الضمانات كلاما لا طائل منه، ولأنه لا احد يمكن ان يمنع الثارات الفردية من الطرفين.
الدروز بالنسبة لي كتلة غامضة. توجد قيادة موحدة واحساس قوي جدا بالانتماء الطائفي، مما يجعل الدروز، الى جانب علويي الدولة، طائفة بامتياز. هذا الواقع يتعارض مع الخطاب الوطني الجامع الذي يعتمده الدروز. اتفهم هذا الخطاب، واعتبره خطوة براغماتية ذكية، لكني لا اهتم بحقيقته لان جميع السوريين يعتمدون مثل هذا الخطاب، الذي ظهر في النهاية انه كلام يخالف الافعال. ان وجود طائفة (مجموعة دينية ذات قيادة سياسية) يجعل اي كلام عن الوطنية مجرد خطاب حسن نية لا اكثر. لكن الطابع العشائري لحوران بشكل عام يجعلني اضم الدروز الى المكون العشائري في سوريا اكثر منه الى المكون الطائفي. وهنا لا بد لي من القول بان العشائرية تشابه الطائفية في لا وطنيتها. اية هوية تتحول الى تجمع سياسي هي بالتعريف الحديث الدولة حركة لاوطنية لانها تضع مصالح التجمع فوق مصالح الدولة.
اما الفئات الاخرى التي تزعم ان لها قومية مختلفة مثل الاكراد والسريان والاشوريين والتركمان والشركس. فهؤلاء لا ارى كيف يمكن ان تكون هناك دولة مستدامة وموحدة مع وجودهم. لا افهم لماذا يريدون الانضمام الى دولة سوريا. يبدو لي دائما انهم مضطرون وليسوا مختارين. هؤلاء ايضا لديهم مظلومية يزعمون ان تاريخها يعود الى ١٤٠٠ سنة. لا افهم لماذا ١٤٠٠ سنة وليس ٢٠٠٠ سنة او ٢٣٠٠ سنة او ٢٧٠٠ سنة. لماذا التركيز على بداية الامبراطورية العربية وليس الرومانية او الاغريقية او الفارسية او الاشورية. هذا الكره للعربية والاسلام يجمعهم ويعطيهم في نظرهم شرعية اصيلة. لكن الاصالة دائما محدودة بالزمن، انها خيار. اننا نختار متى اصبحنا آراميين او اشوريين او سريانا او عربا او اغريق او رومان او اكراد او اتراكا او عثمانيين او فرنسيين او سوريين. يزعمون ان الوطن واللغة اصيلان ثابتان لا يتغيران. وهذا خطأ فادح.
الاكراد جماعات من زاغروس، والعرب جماعات من الصحراء واطرافها وقبلهم الاراميون، والسريان جماعات من طور عابدين تكلموا الارامية، الاشوريين جماعات من نواحي الموصل، لا احد يعرف متى تمايزت لغاتهم. ولا احد يعرف متى تكلم بعضهم الارامية وبعضهم العربية وبعضهم الكردية. كلهم يزعمون انهم احفاد امبراطوريات متخيلة يبحثون عن اسرة مالكة لينتسبوا اليها. يهاجرون الى اوروبا وامريكا ليصبحوا مواطنين في تلك الامبراطوريات لكن كره العربية والاسلام يعطيهم هويتهم. هؤلاء دائما موجودون وفي كل عصر. تعتبرهم الامبراطورية القائمة اعداءا لها وهم يعتبرون انفسهم ايضا اعداءا لها. لا اعرف اذا كنت اتعاطف معهم. انا مؤرخ وافضل الامبراطورية على اية دولية صغيرة تزعم الاصالة. احب ان اتكلم لغة الامبراطورية وادين بدينها وانتمي الى قانونها وثقافتها لانها ثقافة كوزموبوليتانية جامعة بعكس تلك الثقافة الريفية المحلية الجبلية المنعزلة التي تكره الجميع. انا اؤمن بالامبراطورية واعتبر الارض لها اذا كانت تحكمها بشكل جيد (دون تعريف هنا، لكن له علاقة بالقانون والمؤسسات). فاذا طالبوا بارض فاني ارى من واجب الامبراطورية محاربتهم واعتبارهم انفصاليين مرتهنين للخارج (وهم كذلك كما كانت حالة العرب في الامبراطورية العثمانية). لا يمكن ان تكتب دستورا لدولة يعترف بقوميات وثقافات هي في صلبها انفصالية لا تقبل بالدولة كمؤسسة جامعة.
خامسا – ما هي الدولة
لا اؤمن بوطن وامة وثقافة ولغة واصالة، انا اؤمن بالدولة (الدولة تسبق القومية وتنتجها). الدولة هي الكيان الذي يجب ان يكون الولاء السياسي له وحده لضمان استدامته وصلابته. يجب ان نبجل الدولة حتى يكون لدينا وطن وامة وبلد وثقافة. الدولة الحديثة هي الاله غير الميتافيزيقي (الدنيوي العلماني) الذي يجب ان يقدسه الجميع (سأعود لهذا الطرح). ان في العشائرية والطائفية والقومية عرق انفصالي معادي للدولة الموحدة. ولذلك فان اية دولة ناشئة تقوم على مثل هذه المبادئ هي دولة محكوم عليها بالفشل. بالطبع هذا لا يمنع احدا من التمسك بهذه المطالب لانهم يعرفون ان مكاسبهم ومكانتهم كأمراء طوائف مستمدة من هذه المطالب. واقول ما اقوله ليس لفضح احد او اقناع احد. اقوله لاؤكد لهم ان الخطة الغربية ستفشل بعد عشرين او ثلاثين عاما وسنعود الى الحرب. واذا اعتقد البعض ان المواد فوق الدستورية ستضمن لهم الامان والبقاء، فهذا ما تصوره لهم انفسهم فقط، مثل هذه المواد تناقض فكرة الدولة نفسها.
هذا لا يعني انني لن اتفاوض على المحاصصة والفدرالية والطائفية اذا اجبرنا عليها. فاذا كان لا بد من المحاصصة والفيدرالية والطائفية، فلنحاول انشاء مؤسسات لامركزية قوية تكون بديلا عن الدولة في المستقبل عندما تنشب الحرب مرة اخرى، وهي ستنشب، لان مثل هذه الدولة تبقى فقط بقوة خارجية (مثل لبنان واسرائيل).

Continue Reading

Previous: ترمب… “جائزة نوبل” والسلام البعيد إبراهيم حميدي…..…المصدر: المجلة
Next: عودة ترمب والعلاقات الإيرانية-الأميركية… تحدٍ متجدد على القيادة الإيرانية أن تحاول الموازنة بين طموحاتها والحاجة إلى تجنب الاستفزاز …مجيد رفيع زاده…..…المصدر: المجلة

قصص ذات الصلة

  • مقالات رأي

مؤشرات على الانسحاب الأميركي الشامل من سوريا….كارولين روز..المصدر: المجلة

khalil المحرر يونيو 9, 2025
  • مقالات رأي

مسار الجلجلة في لبنان …..غازي العريضي……المصدر:المدن

khalil المحرر يونيو 9, 2025
  • مقالات رأي

الدُّستور وازدواجيَّة المعايير! ……زياد الصائغ……..المصدر:المدن

khalil المحرر يونيو 9, 2025

Recent Posts

  • مؤشرات على الانسحاب الأميركي الشامل من سوريا….كارولين روز..المصدر: المجلة
  • الإدارة الذاتية ودمشق تتفقان على إجراء الامتحانات الوزراية بـ 6 مدن في روجآفا…المصدر:رووداو ديجيتال
  • مسار الجلجلة في لبنان …..غازي العريضي……المصدر:المدن
  • الدُّستور وازدواجيَّة المعايير! ……زياد الصائغ……..المصدر:المدن
  • عن أدب الناجين من المسالخ البشرية السورية…. عمر كوش…….المصدر:ضفة ثالثة

Recent Comments

لا توجد تعليقات للعرض.

Archives

  • يونيو 2025
  • مايو 2025
  • أبريل 2025
  • مارس 2025
  • فبراير 2025
  • يناير 2025
  • ديسمبر 2024
  • نوفمبر 2024
  • أكتوبر 2024
  • سبتمبر 2024
  • أغسطس 2024
  • يوليو 2024
  • يونيو 2024
  • مايو 2024
  • أبريل 2024
  • مارس 2024
  • فبراير 2024
  • يناير 2024
  • ديسمبر 2023
  • نوفمبر 2023
  • أكتوبر 2023

Categories

  • أدب وفن
  • افتتاحية
  • الأخبار
  • المجتمع المدني
  • الملف الكوردي
  • حوارات
  • دراسات وبحوث
  • مقالات رأي
  • منوعات

أحدث المقالات

  • مؤشرات على الانسحاب الأميركي الشامل من سوريا….كارولين روز..المصدر: المجلة
  • الإدارة الذاتية ودمشق تتفقان على إجراء الامتحانات الوزراية بـ 6 مدن في روجآفا…المصدر:رووداو ديجيتال
  • مسار الجلجلة في لبنان …..غازي العريضي……المصدر:المدن
  • الدُّستور وازدواجيَّة المعايير! ……زياد الصائغ……..المصدر:المدن
  • عن أدب الناجين من المسالخ البشرية السورية…. عمر كوش…….المصدر:ضفة ثالثة

تصنيفات

أدب وفن افتتاحية الأخبار المجتمع المدني الملف الكوردي حوارات دراسات وبحوث مقالات رأي منوعات

منشورات سابقة

  • مقالات رأي

مؤشرات على الانسحاب الأميركي الشامل من سوريا….كارولين روز..المصدر: المجلة

khalil المحرر يونيو 9, 2025
  • الأخبار

الإدارة الذاتية ودمشق تتفقان على إجراء الامتحانات الوزراية بـ 6 مدن في روجآفا…المصدر:رووداو ديجيتال

khalil المحرر يونيو 9, 2025
  • مقالات رأي

مسار الجلجلة في لبنان …..غازي العريضي……المصدر:المدن

khalil المحرر يونيو 9, 2025
  • مقالات رأي

الدُّستور وازدواجيَّة المعايير! ……زياد الصائغ……..المصدر:المدن

khalil المحرر يونيو 9, 2025

اتصل بنا

  • Facebook
  • Instagram
  • Twitter
  • Youtube
  • Pinterest
  • Linkedin
  • الأرشيف
Copyright © All rights reserved. | MoreNews by AF themes.