بغداد ـ «القدس العربي»: عّبر وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، الإثنين، عن رفض بلاده الجهود الرامية لتحقيق هدنة في غزّة المحاصرة، مشيراً إلى أن العراق يدعم وقفاً شاملاً للحرب هناك، وتأسيس دولة فلسطينية، وفيما لفت إلى محاولات رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إقناع الفصائل الشيعية المسلحة بعدم ربط الأحداث الدائرة في القطاع بالقوات الأجنبية المتواجدة على الأراضي العراقية، أكد أن عملياتها لا تخدم الاستقرار في بلده.
سيناريوهات مختلفة
وفي كلمة له في افتتاح الاجتماع الرابع لـ«منتدى السلام والأمن في الشرق الأوسط» الذي تستضيفه الجامعة الأمريكية في مدينة دهوك في إقليم كردستان العراق، ذكر أن «هناك سيناريوهات مختلفة تدور في الحرب الحالية، في البدء فإن سياستنا في الحكومة العراقية العمل على تأسيس دولة فلسطينية، وطرح السوداني في محافل مختلفة، مسألة إعادة إعمار غزة».
وأضاف أن «هناك اتجاهات مختلفة في الساحة السياسية العراقية تتعلق في سياسة الأحزاب المختلفة. هناك اتجاهات تدعو إلى ربط تواجد التحالف والمستشارين في الساحة العراقية في الحرب مع غزة، وهناك اتجاهات أخرى ترى أن هذه المسألة عراقية، وتؤدي لمشاكل كثيرة في الواقع العراقي ومن ضمنها كردستان، لذا الحكومة العراقية تسعى جاهدة سواء مع الجوار العراقي أو الدول الإسلامية والأوروبية لتواصل مستمر مع صانعي القرار، وخاصة في واشنطن للتأثير والضغط على إسرائيل لوقف الحرب على غزة».
وأشار إلى أنه «من المعلوم أن بعض الدول تريد تحجيم رقعة الحرب، إسرائيل تسعى لذلك، وتحديدها مع غزة، وهذا توجه واشنطن، لكن هناك سياسات في المنطقة، تسعى لاستمرارية الحرب وليس توسيعها، أي اتخاذ حرب دائمة ولكن بدون توسيع، أي حرب استنزاف، وهذا الأمر سيؤثر على الداخل العراقي، وعلى العلاقات المكوناتية، لذا أن العمل لوقف الحرب سيستمر».
ولفت إلى أن «الحكومة العراقية برئاسة السوداني تسعى لإقناع الفصائل التي تؤمن بعدم ربط التواجد الأجنبي في العراق، والحرب على غزة، وأن بعض العمليات هي ليست بصالح الاستقرار في العراق، وليس بصالح الوضع الأمني، وهناك مخاطر كبيرة».
ورأى أن «إذا استمرت هذه العمليات، وكان هناك ضحايا، السؤال المطروح، ماذا يكون رد فعل الآخرين، وخاصة قوات التحالف، من الناحية العسكرية والأمنية؟، وستكون لها تبعات سياسية واقتصادية، نحن جميعا أمام تحديات».
في الأثناء، حذّر رئيس إقليم كردستان العراق، نيجيرفان بارزاني، من تداعيات توسّع الحرب في غزّة على المنطقة، معتبراً أن حلّ الدولتين هو الطريق الوحيد لإنهاء التوترات.
وذكر في كلمته في المنتدى، أن «التوترات الخطيرة في أوضاع المنطقة وضعت العالم بمواجهة معضلة كبيرة، وعلينا في العراق التصرف بمنتهى الحكمة والحذر في الظروف الحالية للمنطقة».
وبيّن أن «الحرب بين إسرائيل وحماس أثبتت أن الأمن العالمي مفهوم حقيقي له معنى، وأن تداعيات توسع نطاق حرب إسرائيل وحماس تجعل الأوضاع أشد خطراً» مضيفاً أن «علينا في العراق وإقليم كردستان أن نتعامل بحذر».
قال إن عمليات الفصائل لا تخدم الاستقرار في بلاده
وأفاد أن «تجدّد الحرب بين حماس وإسرائيل أثبت أن المشاكل لن تحل بتأجيلها وكتمها، وأن استخدام القوة والعنف لا يحل أي مشكلة، وأن السلام هو الطريق الصحيح، بينما الحرب تنمي فكرة الأخذ بالثأر والعنف والتدمير».
واعتبر أن «حل الدولتين كما ورد في القرارات الدولية، والذي يضمن حق الوجود والسلام للطرفين، هو الطريق الوحيد لانتهاء التوترات وإنهاء المشكلة» مؤكداً أنه «آن الأوان ليسعى العالم لإيقاف هذه الحرب وإنهاء قتل المدنيين وإفساد حياتهم، وإطلاق سراح الأسرى والرهائن المدنيين».
ولفت إلى أن «أمن واستقرار واقتصاد العالم مترابط والأحداث أينما وقعت تؤثر حسب مستوياتها على الأوضاع في العالم» مؤكداً أن «الحرب بين إسرائيل وحماس أثبتت مرة أخرى أن الأمن العالمي مفهوم حقيقي له معنى».
نداء للاستفاقة
ونوه إلى أنه «مهما كانت الذرائع لا ينبغي أن يتورط العراق في هذه الحرب لأن ذلك يلحق به ضرراً كبيراً» مشدداً على وجوب أن «يكون العراق مستقراً ليتقدم».
وزاد: «الآن هو وقت التفكير في حل مشاكل شعب العراق، وليس تحويل العراق إلى ميدان لحروب وتوترات المنطقة» مبيناً أن «تجدد الحرب بين حماس وإسرائيل، أثبت حقيقة أن المشاكل لن تحل بتأجيلها وكتمها، وأن استخدام القوة والعنف لا يحل لأي مشكلة، وأن السلام هو الطريق الصحيح».
في حين، عدّ رئيس حكومة اقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، في كلمة أن «القضيتين الفلسطينية والكردية تتطلبان نفس الحقوق والكرامة».
وقال: «كلنا رأينا مقاطع مصورة تفطر القلوب تظهر المدنيين الأبرياء والأطفال والمسنين ضحايا لحرب مدمرة أخرى» مشدداً على وجوب أن «تكون هذه المشاهد بمثابة نداء للاستفاقة».
واعتبر أن «العنف الذي نراه على هذا النطاق ليس حلاً على الإطلاق، ولن يحقق السلام، بل سيخلق دوامة لا نهاية لها من الدمار والكوارث» مؤكداً أهمية «ألّا نكتفي بإدانة الحروب والعنف، بل علينا أن نعمل من أجل إيجاد حلول سلمية للنزاعات والمشاكل العالقة قبل أن تتطور إلى مواجهات عسكرية».
وحثّ على ضرورة «ألا ننتظر ونترك المشاكل تتفاقم بينما بوسعنا حلها، قبل أن نفقد السيطرة على ذلك. يجب أن نتقبل اختلافات بعضنا البعض، وأن نتعلم العيش معاً باحترام، وعدم البحث عن حجج لرفض الآخر».
وذكر أيضاً أن «تجدد العنف في الشرق الأوسط روعنا جميعاً، لكن تفسير الصراعات المستمرة منذ عقود يمثل أيضاً مشكلة. على سبيل المثال، على مدى 30 عاماً، كان يُنظر إلى دعوة حل الدولتين للفلسطينيين والإسرائيليين على أنها نموذج عادل ومُلح» لافتاً إلى إن «الكرد طالبوا بنفس الحقوق والكرامة، ومع ذلك فقد جرى التخلي عن قضيتنا في أغلب الأحيان».
رئيس حكومة الإقليم تساءل قائلاً: «كيف يمكن التوفيق بين الدعم القوي لقضية عادلة والتزام الصمت المطبق تجاه قضية أخرى؟ لقد آن الأوان لاتخاذ ما هو أفضل. المشاكل المستعصية تتطلب إجابات جريئة، وبينما يبحث العالم عن سُبل لتحويل الأزمة الفلسطينية إلى حل طال انتظاره، أحثُ على اعتماد نهج جديد لكيفية تعايشنا، نحن الكردستانيين، مع جيراننا».
يأتي ذلك في أعقاب إطلاق زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الأحد، دعوة للعشائر العراقية كافة، إلى نهضة «الرجل الهمام» والوقوف مع الشعب الفلسطيني عموماً، وغزة على وجه الخصوص، بوجه العدوان الإسرائيلي.
وقال في «تدوينة» له: «كما تحرّر عراقنا الحبيب على يد عشائرنا العراقية العظيمة في ثورة العشرين العظيمة، وكانت لهم بصمة لم ولن تنسى عبر مر الأيام، فإني أتمنى على عشائرنا الحبيبة أن يصدح صوتها مدوياً وعالياً من أجل نصرة غزة».
وأضاف: «كلي ثقة بقبائلنا العراقية وعشائرنا الأصيلة وبقياداتها وأمرائها وشيوخ عشائرها ورؤساء أفخاذها بسادتها وشيوخها وبكل طوائفها وقومياتها أن تنهض نهضة (الرجل الهمام) ذي النخوة العالية المتعالية وبشعور بالمسؤولية الحقيقية أمام ما يجري مع إخوتنا في فلسطين عموماً وفي (غزة هاشم) خصوصاً، لتثبتوا للجميع أن العشائر العربية موحدة ومتكاتفة تجمعها الأخوة والمحبة».
وزاد: «كما أثبتم يا عشائر العراق أن (المكوار/ أحد أدوات القتال المحلّية) أقوى من (الطوب/ في إشارة إلى القذائف) فستكونون عوناً لإخوتكم في فلسطين لتثبتوا أن (دم الأطفال) أقوى من (الإرهاب الصهيوني)».