قال الرئيس السابق للموساد أفرايم هليفي إن إسرائيل ستتعرض لضغوطات دولية كبيرة جداً لاستمرار وقف النار (أ ف ب)

اعتبر تقرير إسرائيلي أن رئيس حركة حماس  في غزة، يحيى السنوار، يخطط لتأخير استئناف العملية البرية بعد انتهاء تنفيذ صفقة الاسرى المتوقع أن تبدأ اليوم الخميس عند العاشرة صباحاً بالتوقيت المحلي والمخطط لها أن تستمر أربعة أيام يُطلق فيها سراح 52 امرأة وطفلاً إسرائيليين، على أن يفرج عن ثلاثة أسرى فلسطينيين من نساء وأطفال في السجون الإسرائيلية مقابل كل أسير إسرائيلي.

وتنص الصفقة وفق ما اتفق عليها الطرفان، على أنها ستُنفذ خلال أربعة أيام، وفي حال تمكنت “حماس” من تحديد أمكنة بقية النساء والأطفال المفقودين الذين يقال إنهم في حوزة فصائل أخرى في غزة، يتم تمديد أيام وقف النار للإفراج عنهم. وهذه واحدة من الشروط التي وضعتها “حماس” واعتبرتها إسرائيل خدعة من السنوار لتكون وسيلة لإطالة أيام وقف النار، وتجنيد المجتمع الدولي، إلى جانب أهمية استمرار وقف القصف والمعارك إزاء الوضع الإنساني الخطر الذي تشهده غزة، ومع هذا وافقت عليها.

ويضيف التقرير الإسرائيلي أن التقديرات تشير إلى أن عديداً من الدول العربية والدول الأوروبية ستستغل فترة وقف النار لإمداد جنوب قطاع غزة بمساعدات إنسانية حيث يعيش حوالى مليون فلسطيني أقسى وأخطر الأوضاع الإنسانية. وترى تل أبيب أن السنوار يخطط لتأخير استئناف المناورة البرية لدى انتهاء الهدنة. ونُقل عن مسؤول إسرائيلي قوله “ليس صدفة أن السنوار ينتظر صفقة الأسرى، فهو يريد زخماً. وهذه هي المصيدة. ومع مرور الوقت، سينشر صوراً أكثر لمدينة خيام، كي يصور جنوب القطاع على أنه منطقة منكوبة بأزمة إنسانية دولية. وهكذا سيمنع استمرار العملية البرية للجيش وتعمقها في جنوب غزة لتحقيق أهدافها”.

مصيدة عسل

وفيما أعرب أكثر من مسؤول عسكري ومن قيادة الجيش الإسرائيلي عن تحسبهم من إمكانية عدم استئناف العملية البرية بعد وقف النار، قال الرئيس السابق للموساد أفرايم هليفي، إن إسرائيل ستتعرض لضغوطات دولية كبيرة جداً، بما في ذلك من الولايات المتحدة، لاستمرار وقف النار. وأضاف “أجريت أحاديث مع شخصيات أميركية توافقني الرأي بأن هذه الصفقة ستكون خطوة من شأنها أن تعزز المسار نحو إنهاء الحرب”. وبحسب هليفي “إذا تم بعد انهاء الصفقة الأولى المضي قدماً في عملية التبادل هذه حتى نهايتها، سيكون من الصعب جداً تجديد العملية البرية، رغم أن رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو يقول إن الجيش سيجدد القتال حتى تنهار حماس، لكنني على يقين أنه سيكون هناك كثير من الضغوط الأميركية لإحداث ركود، وربما حتى إنهاء القتال، من دون أن تنهار حماس تماماً”.

من جهته، يرى الباحث العسكري، أمير بوحبوط، أنه “سيكون من الصعب أن يعود الجيش الإسرائيلي لتنفيذ عملياته بالزخم الذي عمل به منذ بدء العملية البرية في غزة. ويُتوقَع أن يواصل الجيش عملياته ولكن ضمن أهداف أقل زخماً لتكون عملية محدودة ولا يمكنها ضمان تحقيق هدف الحرب، ومثل هذه العملية لن تشكل ضغطاً على حماس، وربما هذا ينعكس أيضاً على صفقة أسرى ثانية بحيث لا تندفع حماس نحو تحرير أسرى إسرائيليين آخرين”.
واقترح بوحبوط على قيادة الجيش “تنفيذ عمليات تجعل يحيى السنوار يشعر بالضغط وأن مدرعات الجيش باتت قريبة منه”. وقال “يجب أن تصل الدبابات إلى محيط السنوار، وتحديداً إلى خان يونس، حيث مقرّه الرئيس، وإلا فإنه لن يصدق أن الجيش الإسرائيلي يعتزم نقل المناورة البرية إلى خان يونس”.

من ناحية ثانية، عكس بوحبوط إشكاليات عدة قد ترافق الجيش في مناورته البرية، وبتقديره فإن “التوقعات الأكبر هي أن تؤدي الضغوط السياسية إلى وقف عمليات الجيش. يكفي أن يرفض الأردن إخلاء المستشفى الأردني في القطاع، القريب من مستشفى الشفاء”. أضاف بوحبوط أن هذه “مصيدة عسل” يعدها السنوار للجيش الإسرائيلي ويبقى أن نرى كيف ستواجهها إسرائيل من الناحيتين السياسية والعسكرية”.

 

وقف النار والتحديات الصعبة

من جهته، رأى الرئيس السابق للدائرة الأمنية العسكرية في وزارة الأمن، عاموس جلعاد، أن “إسرائيل سبق ودفعت ثمناً باهظاً في هذه المعركة وعليها في المرحلة الحالية أن تكون أقل قلقاً مما سيقال عنها في العالم، بل عليها أن تفعل كل شيء كي تسهل طريقها، وأساساً في السياق الإنساني، لكن محظور عليها لاحقاً أيضاً أن تشيح عينيها عن الهدف المزدوج الذي وضعته لنفسها، القضاء على حماس وإعادة الأسرى”.
وبرأي جلعاد فإن “الاتفاق يطرح تحديات غير بسيطة أمام الجيش الإسرائيلي”. وقال “في الأسابيع الأخيرة راكمت القوات زخماً وقصفت غزة. هذا لم يُنفَذ من دون ثمن. لكن السيطرة الإسرائيلية كانت واضحة ووضعت حماس في موقع دوني واضح لدرجة التخوف من أن تفقد السيطرة تماماً على الأرض في شمالي وادي غزة، عملياً ما تبقى للجيش هو احتلال مخيم جباليا ولاحقاً أحياء أخرى مثل الشجاعية، التفاح والدرج، قبل أن يتمكن من توسيع العمليات جنوباً. في المقابل، سيتيح وقف النار لحماس جمع القوى، وتحسين قابلية الأنفاق والاستحكامات للاستخدام، وتحدي الجيش الإسرائيلي بشكل أفضل منذ اللحظة التي تُستكمَل فيها الصفقة”.
وبحسب التقييمات في الجيش الإسرائيلي، عشية المصادقة على صفقة الأسرى، أبدى مسؤولون قناعتهم بأن “الضغط العسكري دفع السنوار لأن يبدي مرونة ما في شروط الصفقة وفي توقيتها، وعلى رغم معارضة وتحفظ عديد من القياديين، فإن ما حسم في نهاية المعركة هي حملة احتجاج عائلات الأسرى”.

من جهته، اعتبر الرئيس السابق لمنطقة الجنوب في جهاز الشاباك (الأمن العام)، مئير بن شباط أن “تنفيذ الصفقة سيعيق تحقيق الهدف المركزي من حرب غزة وهو تصفية حماس”. وحذر بن شباط متخذي القرار والمؤسسة العسكري من أن تؤدي صفقة الأسرى إلى انتهاء الحرب من دون “إبادة قدرات حماس العسكري والقضاء على قادتها وعلى بنيتها التحتية كهدف أساسي للحرب”.

ووصل بن شباط إلى أبعد من ذلك حيث اعتبر أن “صفقة الأسرى عرقلت سير العمليات القتالية في غزة المستمرة حتى تدمير حماس، وتمثل تهديداً وجودياً لإسرائيل”.